أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد حلمى مقلد - استعراض للسياسات الزاعية فى مصر منذ 1952 .. والموقف منها















المزيد.....


استعراض للسياسات الزاعية فى مصر منذ 1952 .. والموقف منها


السيد حلمى مقلد

الحوار المتمدن-العدد: 7711 - 2023 / 8 / 22 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استعراض للسياسات الزاعية منذ 1952 والموقف منها


تنويه:
كاتب المقال هو أحد مكافحى قرية كمشيش.. كان مهندسا زراعيا ببنك التسليف الزراعي والتعاونى ( حاليا البنك الزراعى) ، وبسبب نشاطه السياسى تعرض لحظر إقامته بمحافظة المنوفية في يونيو 1971 بقرار من أنور السادات رئيس الجمهورية ( 1065/ 1971) وأبعد عن قريته إلي محافظة الفيوم ، ثم أبعد منها في عام 1972 إلي محافظة قنا وظل بها حتى صدورحكم القضاء في يونيو 1975 بعودته لمحافظة المنوفية.. وتعويضه عما أصابه من أضرار.

وهو أحدالمثقفين النابهين القلائل في الريف المصرى الذى كان يملك رؤية فكرية وسياسية عميقة في قضايا النضال الفلاحى المصرى.
هذا وقد شارك في النشاط السياسى بقريته منذ كان طالبا جامعيا (1966) وحتى وفاته في 21/9/2020. كما كانت له دراسات مبكرة عن محصول القصب( عام 1972 ) والإصلاح الزراعي والنضات الفلاحية.

والمقال المرفق هو الكلمة التى أسهم بهاالكاتب – السيد حلمى مقلد في مؤتمر ذكرى شهيد الفلاحين صلاح حسين التاسع والثلاثين في 30 إبريل 2005 .. والذى كان يمهد لتأسيس ( لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى / مصر ) لمقاومة الهجمة الوحشية لورثة كبار ملاك الأرض الإقطاعيين علي فلاحى الإصلاح الزراعى بمصر .. كما يتضح من تفاصيل الكلمة.

تمهيد:

منذ وقت طويل.. لم نلتق فى هذا الجو.. المشحون بصراعات وتفجرات عديدة... تقاطع فيها المحلى بالإقليمى بالعالمى، وتشابكت فيها المصالح وتداخلت- بدرجة غير مسبوقة- لكن والحق يقال لم تكن الأمور بهذه الدرجة من الوضوح والتحدد فى أى وقت سابق كما هى الآن.

لقد احتدم الاستقطاب العالمى- وألقى ليس بظلاله فقط- بل بقوانينه وربما بأوامره أيضا على الأوضاع الإقليمية... وشرع يلوح بقبضته الحديدية... وعيونه الحمراء الجاحظة للجميع.... بالانصياع والاستجابة وإلا....، "والعينة بينة.... والأمثلة.... ماثلة"، بينما على المستوى المحلى فإن هوامش التملص باتت تضيق أمام النظام المهتز... كلما مر الوقت، ولم يعد هناك مفر من الإجابة على السؤال: معنا أم لست معنا....؟
والخيار كالإجابة.... والإجابة كالخيار تماما... بطعم العلقم.

فمعنا... تلزم النظام بالجهر بذلك على الملأ.. والدخول فى ترتيبات تفض غشاء الحكمة المدعاة، والوطنية الخطابية.. والتسامح المزعوم.. وتمنع الوقوف فى مناطق وتخوم تحتمل هذا وذاك.. وتتضمن الشىء ونقيضه.

ولست معنا... ترف لايملكه أحد... وشرف لا يدعيه نظام ممن ترتعش أرجلهم قبل أن تصطك أسنانهم، باختصار إنعدمت مساحات المناورة... والتلكؤ... وأصبح البحر وراءهم.. والمصير المحتوم أمامهم.

وباتت هذه الصورة مكررة... فى كثير من بلدان العالم النامى أو المتخلف... بل إنها أصبحت داخل كل مجتمع بمثل ما هى داخل كل إقليم من أقاليم عالمنا المذكور... وصار على طبقات كل مجتمع.. وشرائحه وهيئاته السياسية وغيرها أن تجيب على ذات الأسئلة المطروحة على أنظمتها...من "الألفة العالمى" ومن مساعديه.. وصبيانه، بل وصار على كل فرد ومجموعة وتيار الإجابة عن: معنا.. أم لست معنا؟ وعلى الجميع أن يجيبوا وسريعًا... قبل أن يُترجم صمتهم أو ترددهم على نحو يجر عليهم ما لا يتحملون من أعباء وتبعات.

وعليكم أعرض تقريرًا سياسيًا لجانب محدد من جوانب الوضع الاقتصادى المصرى... هو الجانب الفلاحى.
أتمنى أن يكون إسهاما فى موضعه لما نحن مقدمون عليه من مهام لا تحتمل الهزل أو الإرجاء لذلك سوف أُقسم تقريرى إلى جزئين:

الأول: قراءة موجزة للفترة من 1952 حتى الآن فيما يتعلق بالسياسات الزراعية موزعة على 4 مراحل.

الثانى: أشكال وأساليب العمل.

 قراءة موجزه للسياسات الزراعية منذ عام 1952

الفترة الأولى : من عام 1952 حتى عام 1967:
اتسمت هذه الفترة بأنها مثلت فترة صعود الطبقة الحاكمة حيث تم إصدار قانون الإصلاح الزراعى رقم (178) لسنة 1952 تلاه القانون رقم (127) لسنة 1961 واللذين كانا جزءًا هامًا فى برنامج رسم السياسة الزراعية فى مصر. ذلك البرنامج الذى تضمن:
1- تحديد دورة زراعية إلزامية.
2- التجارة فى مستلزمات الإنتاج الزراعى (تقاوى – أسمدة - مبيدات).
3- تسويق الحاصلات الزراعية ممثلة فى التسويق التعاونى الذى حدد أسعارًا ملزمة لعدد من المحاصيل التقليدية الأساسية كالقطن والقمح والأرز وقصب السكر.
4- تقنين الضرائب وإصدار التشريعات الخاصة بالتعاون الزراعى وتنظيم دور الجمعيات الزراعية. وقد أدى هذا إلى نمو طبقة جديدة على أكتاف وتضحيات الفلاحين وعلى الفائض المستقطع من كدهم وعرقهم مستخدمة جزءًا من هذا الفائض فى بناء قاعدة صناعية تتضمن بعض وحدات الصناعة الثقيلة، كما اتبعت عددا من السياسات الوطنية المعادية للاستعمار ومساندة بعض حركات التحرر الوطنى.

هذا وقد تمثل قانون الاصلاح الزراعى فى محاور ثلاث:

 الاستيلاء على أرض كبار الملاك الإقطاعيين.
 تحديد القيمة الإيجارية للفدان.
 رسم الخطوط العامة للسياسات الزراعية والتسويقية.
والجدير بالذكر هو أن الاهتمام الأول لسلطة يوليو 52 كان مركزًا على رسم السياسة الزراعية والتسويقية أكثر من اهتمامها بالتطبيق الدقيق لقانون الاصلاح فيما يتعلق بالتهرب من تنفيذ القانون، وعلى سبيل المثال ظل الإقطاعى أحمد الفقى متهربًا من قانون الإصلاح الأول حتى عام 1960 رغم المعارك المسلحة التى دارت فوق أرض كمشيش بين الإقطاعين والفلاحين منذ سنة 1952 والتى سقط خلالها ثلاث شهداء عنتر وأبو زيد وصلاح حسين، ولأسباب متعددة لم يتم تطبيق قانون الإصلاح الزراعى تطبيقًا جذريًا بمعنى أنه تم تمليك جزء من الأرض المصادرة للفلاحين وتأجير جزء آخر، هذا بالإضافة إلى عمليات الاعتقال وتحديد الإقامة لعدد كبير من الفلاحين. ولم تتخذ السلطة إجراءات شديدة ضد الإقطاعين إلا منذ اغتيال الشهيد صلاح حسين سنة 1966.

وحيث كانت السياسة الزراعية فى خدمة التطور الرأسمالى عمومًا والصناعى بصفة خاصة فإن هذه السياسة بقدر ما ساهمت فى انتعاش طبقة الرأسمالية الزراعية بقدر ما حددت دخول الفلاحين الصغار لأنها (وكما سبق القول) سيطرت على المدخلات الزراعية (مستلزمات الانتاج ) وعلى العملية التسويقية بتحديد أسعار الحاصلات الزراعية التقليدية والتى ألزمت الفلاحين بتوريدها أو توريد أجزاء كبيرة منها للدولة، وقد أسهم ذلك فى عرقلة قدرة الفلاحين ( من 5 أفدنة فأقل) على تطوير أدوات إنتاجهم التى هى الأساس فى تطوير وسائل الإنتاج الفلاحى خصوصًا وأن المساحة التى يشغلها صغار الفلاحين وفقراؤهم كانت كبيرة... وكانت أعدادهم منسوبة إلى باقى الزراع أكبر.

ونظرًا لاحتفاظ كثير من العناصر ذات الصلات الوثيقة بالإقطاع بمواقعها فى الجهاز الإدارى للدولة بل ونفاذ الكثيرين منهم إلى مواقع سياسية وعلى سبيل المثال فى قريتنا رغم المعارك والشهداء والتضحيات كان الإقطاعى صلاح الفقى رئيسًا لهيئة التحرير والإقطاعى عبد الله الفقى رئيسًا للإتحاد القومى... فقد أسهم ذلك فى تهريب كثير من كبار الملاك لأموالهم وعقارتهم المنقولة و مواشيهم بل ومساحة كبيرة من أراضيهم خصوصًا وأن المادة رقم (4) من القانون الأول تيسر لهم التصرف فى الزيادة من الأراضى خلال 5 سنوات... إلخ.

الفترة الثانية: من حرب 1967 الى حرب 1973:

1- التلاعب فى قضية اغتيال الشهيد صلاح حسين وتبرئة الإقطاعيين من جرائمهم.
2- إلغاء الحراسات التى فرضت على ممتلكاتهم.
3- إبعاد قادة فلاحى كمشيش خارج محافظاتهم فى يونيو 1971.
4- صرف تعويضات طائلة للإقطاعيين منذ سنة 1971.
5- رفـع العـزل السـياسى عن آلاف الإقـطاعين والرأسماليين السابقين عام 1972.

وكانت هذه الإجراءات بذور تحول فى مسار السلطة ومؤشرًا على تغير توجهاتها السابقة وقد أعطت هذه المتغيرات الثقة لكبار الملاك السابقين. وعُرفت هذه الفترة بمرحلة التفاهم وبداية التوافق بين مصالح هؤلاء الذين تحولوا إلى رأسماليين زراعيين وبين مصالح الرأسمالية الكبيرة عمومًا.

وقد تمكنت فئات كثيرة من الطبقة الحاكمة من تشكيل نواه قطاع خاص جديد مختلف عن القطاع الخاص القديم... وكلما كان التفاهم يزداد بين هذه الطبقات كلما إزداد العداء للطبقات الفقيرة ومحاصرتها سياسيا واقتصاديا، والغريب أن يبدأ التفاهم فى ظل شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة حيث دشنت أخطر التغيرات فى الريف المصري، لقد وضعت البذور.. ونبتت.. وهى فى انتظار النمو... ثم الحصاد.

الفترة الثالثة : من 1973 حتى 1992 وتضمنت:

1- إصدار ورقة أكتوبر- وتدشين سياسة الانفتاح الاقتصادي.. وبالذات قانون 43 لسنة 1974 الخاص بالاستثمار.
2- إعادة النظر فى عدد من بنود قوانين الإصلاح الزاعى عام 1975
3- بداية تنفيذ قرارات الإفراج عن أراضى الإصلاح الزارعى الصادرة فى الفترة من 1952 وحتى 1969 لصالح كبار الملاك السابقين سنة 1976.
4- حل الاتحاد التعاونى وتوزيع ممتلكاته، وإلغاء الهيئة العامة للتعاون الزراعى والمؤسسة العامة للائتمان الزراعى سنة 1976.
5- إنشاء بنوك القرى بديلا عن بنك التنمية والائتمان الزراعى (1977) وإضفاء الصبغة التجارية عليه.
6- صدور قانون العلاقة بين المالك والمستأجر رقم 96 لسنة 1992.
7- رفع شعارات الخصخصة وبيع القطاع العام.

وكانت جملة هذه الإجراءات تتم تحت شعار السلام، وسبقت وصاحبت وتلت اتفاقية كامب ديفيد، ولا يخفى على أى متابع اشتراط الرأسمالية العالمية وبالذات الأمريكية إجراء التغييرات فى هيكل الاقتصاد المصرى لإتمام عملية السلام بين مصر وإسرائيل الذى يؤهل الرأسمال العالمى والرأسمال الزراعى المصرى للسيطرة على السوق المحلى.

واتسمت هذه الفترة بالتقارب الشديد بين الرأسمالية العالمية والطبقة الحاكمة والرأسمالية الزراعية المصرية وبناء عليه عقد المؤتمر الشهير فى وزارة الزراعة بالدقى وفيه أعلنت الحكومة المصرية جملة التزاماتها الاقتصادية فى المجال الزراعى وقد حضر المؤتمر كافة الهيئات والمنظمات الدولية والاتحاد الأوربى والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنظمة الجات وبعض هيئات الأمم المتحدة وكل الوزارات التى لها علاقة بالزراعة فى مصر فضلا عن الأحزاب السياسية وعندئذ أعلنت الدولة عن القرارات التالية:

 انتهاء دور الدولة فى جميع مراحل الإنتاج الزراعى (المدخلات – الدورة الزراعية – المخرجات – التسويق، وانتهجت سياسة من أجل التصدير وإعادة الاستيراد بأسعار أقل) وقد مثل هذا الإعلان من جانب الدولة الشرط الأساسى للشراكة بين الطبقة الحاكمة والرأسمالية الزراعية من جانب والرأسمال العالمى من جانب آخر تمهيدا لمرحلة قادمة ستكون أكثر تعقيدا من سابقتها.

الفترة الرابعة: من 1993 حتى الآن

حيث كان القانون 96 لسنة 1992 قد صدر على أن ينفذ خلال 5 سنوات تنتهى فى عام 1997 لتبدأ بعدها مرحلة طرد الفلاحين من أراضيهم.
• واتسمت هذه الفترة باستخدام العنف من جانب الدولة وملاك الأرض السابقين ضد الفلاحين واستخدمت فيها كافة الوسائل من طرد جماعى عن طريق القرارات الإدارية من بعض المحافظين استجابة لقرارات الإفراج عن الأراضى التى طالتـها قـوانين الإصلاح الزراعى، فضلا عن عملـيات طرد فردية باللجوء للقضاء، وتنفيذ أحكام قضائية إلى أعمال بلطجة يستخدمها كبار الملاك السابقين.

• التوقيع على اتفاقية الجات عام 1993 الذى يعنى حرية انتقال السلع والمنتجات والأموال والاستثمارات بدون قيود وتحويل العالم إلى قرية واحدة.


• التوقيع على اتفاقية الأيزو حيث منظمة الأيزو هى الفيصل فى عرض أى منتج فى السوق العالمى ومستقبلا فى السوق المحلى ومنها تتحكم الرأسمالية العالمية فى الإقتصاد المصرى وتفقده كل أسلحته فى مواجهة طوفان السلع والمنتجات العالمية بل ورؤوس الأموال طليقة الحركة.

لذلك تطرح الأسئلة التالية نفسها:
• ماذا سيفعل الاقتصاد المصرى فى مواجهة الرأسمالية العالمية؟.
• ما هى التركيبة الأساسية للحلف المالك وهل تعبر السلطة الحالية عن تمثيل حقيقى لذلك الحلف أم ستشهد السلطة تعديلات فى المدى المتوسط لتعكس بشكل حقيقى ميزان القوى داخل الحلف المالك؟؟
• ما هو الدور الذى ستلعبه السلطة الحاكمة فى مصر فى ظل نظام العولمة الحالى وهل سيشهد ذلك الدور تصاعدا فى ظل العلاقة الطيبة بين القاهرة وواشنطن أم سينقلب ذلك الدور ليختصر فى مهمة شيخ الغفر الذى يتلقى أوامره من العمدة فى واشنطون؟؟
• ما هو حجم الحركة الشعبية ودورها فى المرحلة القادمة؟؟

 أشكال وأساليب العمل.

الإجابة عن الأسئلة الأربعة السابقة ستعطى مؤشرا لاتجاه تلك الأشكال فالاقتصاد المصرى لا حول له ولا قوة حيث أنه يعيش فى جانب كبير منه على ريع قناة السويس والسياحة والبترول بعد أن تقلصت مصادر تحويلات المصريين العاملين فى الخارج مقارنة بعقدى السبعينات والثمانينات فضلا عن الركود الذى يطول الوحدات الإنتاجية الصناعية بل وجانبًا كبيرًا من الصناعات الصغيرة، بالإضافة إلى أن سياسة التصدير وإعادة الاستيراد بأسعار أقل قد جعلت الاكتفاء الذاتى من الغذاء وبالذات القمح فى مهب الريح وهذه كلها تمثل عوامل ضعف شديدة للإقتصاد المصرى خصوصا الزراعى الذى تهاوى فيه عنصره الرئيسى الخاص بزراعة وتصدير القطن (مساحة– ونوعية– ومردودا بالعملة الصعبة) والذى كان يشكل عصبًا هامًا فى الاقتصاد المصرى.

أما عن التركيبة الأساسية للحلف المالك – فقد شهدت فى الحقبة الثالثة والرابعة تغيرا لصالح رجال الأعمال النشيطين فى مجالات عديدة. ومطبخها الرئيسى هو لجنة السياسات بالحزب الوطنى الديمقراطى والتى تحتل مواقع جديدة كل يوم فى بنيان السلطة الحاكمة وأعتقد أن الدور المصرى فى علاقته بمسألة العولمة سيتخذ دور الشرطى التابع أكثر من دور الشريك التابع.

لكن دور الحركة الشعبية وحجمها خصوصا فى ظل التفجرات الشديدة التى تجتاح مواقع عديدة فى الريف المصرى هو الذى سيحدد إمكانية مواجهة العولمة وأثارها.

إن الهجمة الأخيرة لكبار ملاك الأرض السابقين وورثتهم هى ثمرة ما أسهمت به قرارات الإفراج عن الأراضى المصادرة بقانون الإصلاح الزراعى...مع القانون 96 لسنة 1992... حيث صدرت الأحكام القضائية تباعا.. وتأسست على قرارات إفراج مزورة وتلاعب فى المساحات) هذه الأحكام توالى تنفيذها... وكان الفيصل فى هذه الأحداث هو كيفية مواجهتها.
ففى كمشيش عام 2000 وفى حوض الثلاثين قام عدد من ورثة كبار الملاك السابقين بمحاولة تنفيذ قرار صادر لهم– على غير وجه حق– بالإفراج عن بعض الأراضى واستصداروا قرارا إداريًا تنفيذيًا– على غير وجه حق، أيضا، من محافظ المنوفية تصحبهم مجموعة من المرتزقة وقوات من الشرطة من ثلاث محافظات إلا أن المنتفعين تصدوا لهم ولم يمكنوهم من تنفيذ مهمة طرد الفلاحين.

وهنا نؤكد أن عدم التصدى لمثل هذه المحاولات يعد تهاونًا فى دعم قوة أساسية من قوى النضال (أى الفلاحين) ضد التبعية والديكتاتورية والفساد وإمساك بالعصى من المنتصف فى وقت يستدعى الشجاعة والوضوح وعدم التردد.... وهو فى التحليل الأخير...انتقاص من كفة ميزان الفقراء لصالح الحلف المالك الحاكم، كما تسببت هذه المواقف المترددة والمتخاذلة من البعض فى إشعارنا بأننا بمفردنا فى مواجهة جحافل الإقطاعيين المدعمين بأجهزة الدولةالبوليسية. رغم نداءاتنا المتكررة بالدعم والإغاثة.

إن ما يحوزه فقراء وصغار الفلاحين من أراضى... يستخدم فى سد رمقهم باقتصاد ذاتى منكفىء على نفسه لا يكاد يربطه بالسوق وشائج حقيقية لذلك فهو مقتطع من السوق الذى تتلمظ عليه الرأسمالية العالمية والتى تسعى بدأب وحمية لإخضاعه تماما لسيطرتها... فضلا عن أن الرأسمالية الزراعية ترى أن تلك الأراضى لا تستثمر استثمارًا مجزيًا... ولايستخدم فيها إلا القليل النادر من وسائل الإنتاج الزراعى الحديثة ( البذور المحسنة فقط )..... ومن ثم فهى ( أى الرأسمالية الزراعية) المؤهلة موضوعيًا للقيام بتلك المهمة...وعليه فهى تتلمظ كذلك عليها سواء باستئجارها أو بشرائها... أو بأى اسلوب آخر.

وهذا يعنى أن انتزاع تلك الأراضى هو الخطوة القادمة أو الآنية القادمة إن جاز التعبير.... وعلينا أن ندرك هول المعركة الآتية والتزاماتها. إن الفوارق فى ميزان القوى بين الفلاحين ومغتصبى أراضيهم من الحلف المالك الحاكم أو من أجزاء منه فوارق واسعة فى هذه اللحظة... ولكى يتم تعديل تلك الفوارق وتقليصها يجب أن يتشكل الفلاحون وينتظموا فى أشكال متعددة للمقاومة وهنا سيكون لكلمتهم وقع آخر على كل الآذان التى تسمعهم.

لذلك نسأل المترددين هل ستساعدوننا... وهل ستتحملون جانبًا من أعباء والتزامات هذه المعركة أم لا ؟

والإجابة عن هذا السؤال سوف تحدد:

• مم سيتكون معسكر الفلاحين؟ وما هى قدرتهم على المقاومة؟
• الشعارات التى سيتم رفعها، فضلا عن قطع الطريق على شعارات المزايدة والانهزامية.

إن تجربتنا فى كمشيش مع الإخوان المسلمين فى بداية الخمسينات جديرة بالتذكر. حيث إنهم ماطلوا وترددوا كثيرًا فى إمداد الفلاحين بالسلاح إبَّان احتدام المعارك المسلحة مع كبار الملاك الإقطاعيين... وبعدها قطعوا الشك باليقين ورفضوا ما طلبه صلاح حسين من سلاح.

لذلك فليس عسيرا على المترددين أن يدلّوا الفلاحين على طريقة لمواجهة أحكام قضائية بتسليم الأرض مدعومة بقوات الشرطة... هل سيدعمون الفلاحين أم يخشون الاتهام المرفوع دوما ضد المدافعين عن أوطانهم... وعن لقمة عيشهم...الإرهاب؟

إن أمامنا مهامًا ثقيلة وعديدة على رأسها التضامن مع الفلاحين وحقهم فى الاستمرار فى أراضيهم... ومنها مصير الأرض المستصلحة وكيفية استثمارها (تمليكًا أو تخصيصًا).... وبيع الأراضى للأجانب، ومياه الرى الملوثة بالمبيدات وفكرة بيعها للفلاحين، والمبيدات المسرطنة......إلخ.

ولذلك فإن اللجنة أو الشكل الذى سيتم تكوينه يلزمنا بتناول هذه المهام وبأن يتخذ من تجربة اللجنة الشعبية المصرية لدعم الانتفاضة عظة ومثلا لتجاوز خطايا أو أخطاء عديد من اللجان الورقية....خصوصًا ما يتعلق بالعضوية الشخصية فيها وليس التمثيلية.

وعليه فإننا ندعو كل الشرفاء... من البسطاء فلاحين وعمال... ومثقفين (محامين- صحفيين- مهنيين ) أن ينضموا إلى هذا التشكيل... بشرط أن يكونوا أعضاء فاعلين لا أعضاء شرفيين... فهل نستطيع أن نمهد طريقًا لنا جميعًا....
أيها الزملاء النظام الحاكم فى مأزق.... ونحن أيضا فى مأزق... لكن مأزقنا قابل للإنفراج.

لقد طال غيابكم الفعال عنا فهل تسمحون لنا أن نأمل فى عودتكم متحملين معنا مسؤلية المواجهة- وخصوصًا وأننا نتذكر جيدًا المقولة الشهيرة....
"عندما يسير جمعٌ من الناس فى اتجاه واحد يُصنع الطريق"

وشكرًا
30/4/2005 السيد حلمى مقلد



#السيد_حلمى_مقلد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استعراض للسياسات الزاعية فى مصر منذ 1952 .. والموقف منها


المزيد.....




- فيديو: إصابة 11 شخصاً من بينهم طفل في قصف على مدينة يبلغورود ...
- إسرائيل تهاجم شرق رفح ومحادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق
- بالفيديو..-القسام- تستهدف جرافة عسكرية وتقصف قوات إسرائيلية ...
- لوكاشينكو يطلب من قوات الأمن البيلاروسية ضمان سلامة القاضي ا ...
- السعودية.. أستاذ ينقذ طالبا من الاختناق بـ-نباهة وفطنة- ويثي ...
- -السلحفاة-.. ابتكار روسي جديد لاختراق دفاعات العدو (فيديو)
- فيديو بكاء وصراخ من داخل سجن يثير جدلا على مواقع التواصل..هل ...
- انطلاق مسيرة النصر بالسيارات في بيروت
- ألمانيا تعلن عزمها على شراء منظومات -هيمارس- الصاروخية لتسلي ...
- زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد حلمى مقلد - استعراض للسياسات الزاعية فى مصر منذ 1952 .. والموقف منها