أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسين علي صباح كاظم - التطرف أنواعه وأسبابه وآثاره















المزيد.....


التطرف أنواعه وأسبابه وآثاره


حسين علي صباح كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 7706 - 2023 / 8 / 17 - 22:34
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


وكما هو واضحٌ إن البشرية اليوم تعيش عصراً من الفوضى وتفكك للمجتمع ، وأن عالمنا اليوم يعيش في نكسة لا تليق بالإنسان الذي كرمه ربه ، وفضله على كثير من الخلق ، ومما خلق ، وسخر له نعمه ظاهرة وباطنة ، وشرعة الله له تشريعات وقوانين ، وتلك التشريعات جاءت شاملة لكل قضايا الحياة الإنسانية، سواء في محيط الفرد والأسرة، والمجتمع ، واتسمت هذه التشريعات بخصائص عدة ، أهمها: أنها توائم الفطرة ، ولا تعرف الإقليمية أو العنصرية ، وأن الناظر عن كثب للخطاب المتطرف عند اتباع الديانات منها سواء كانت سماوية او وضعية ، ولربما يستغرب من هذا الحجم الحاشد الطائفي والتعبئة السيكولوجية المستسقاة من الكلمة المقدسة ، في الكتب المقدسة لتلكَ الأديان ، من خلال تنظيمات متشددة تتولى تفكيك البنية الدينية للفئة المستهدفة، وإعادة تركيبها وفق مخطط متشدد وصارم له أهدافه وأنشطته ووسائله ومصادر تمويله ، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها تشويه الصورة الحقيقة لتلك الديانة لدى الاخر ، أن من سمات خطاب التطرف، كما يقول الدكتور (مجدي عبد المجيد ) " أنه يجدد أزمات التاريخ وجروحه ، بيد أنه يعجز عن إحياء روابط التعامل الدنيوي بمفهومه الإنساني، ويجبن عن قبول القواسم المشتركة سواء كانت معرفياً أوعقائدياً أوتشريعياً أوسلوكياً " .
وجاء مفهوم التطرف في أغلب المعاجم اللغة العربية بأن التطرف هو " وطَرَّفَ حَوْلَ الْقَوْمِ قاتَل عَلَى أَقصاهم وَنَاحِيَتِهِمْ ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ مُطَرِّفاً ، وتَطَرَّفَ عَلَيْهِمْ: أَغار" وأما أصطلاحاً : ليس من السهل تحديد مفهوم التطرف أصطلاحاً ، بعد كثرت التعريفات حول هذا المفهوم ، حيث يأتي التطرف في الأبحاث الغربية بمعنى ( الراديكالية ) ويقسم إلى راديكالية إيجابية وراديكالية سلبية ، فالأول: قد يكون مقبولاً وأن كان الفكر متطرفاً ، نظير الدفاع عن الافكار الايجابية وعلى سبيل المثال لا الحصر ، امثال الناشطون الذين حرصوا على إزالة الرق والعبودية ، والذين دافعوا عن حقوق الإنسان وحريته ، والآخر: التطرف بالمعنى السلبي ما يحمل في طياتها الدعوة الى الكراهية والعنف ضد الاخرين ، فيمكن القول أن التطرف هو ( وصف يستخدم للتعبير عن خروج الإنسان المتطرف أو المنحرف إلى ما يتجاوز المألوف أو المتفق عليه أو المتعارف عليه ) ، ويعرف
أيضاً بأنهُ ( أتخاذ الفرد موقفاً متشدداً يتسم بالقطعية في أستجاباته للمواقف الإجتماعية التي تهمه ، والموجودة في بيئته التي يعيش فيها ) .
كما يمكن وايضاً يفسر التطرف في أنه قد يتحول من مجرد فكر ، أو فكرة دينية عقائدية إلى سلوك ظاهري ، قد تنتج عنه سلوكاً عدوانياً ، مثل استخدام العنف violence ، كوسيلة لتحقيق المبادئ التي يؤمن بها كفكر متطرف ، أو قد يلجأ المتطرف إلى الإرهاب النفسي أو المادي أو الفكري ، ضد كل من يقف أمام الأفكار و المبادئ التي يؤمن بها الفكر المتطرف ، فالتطرف إذاً في هذا المعنى يكون ، هو الغلو في العقيدة أو الفكرة أو المذهب أو غيرها ، يختص به دين أو جماعة أو حزب .

سبق الكلام عن مفهوم التطرف ، الذي هو الخروج عن الأعتدال والوسطية والتعصب والتشدد إتجاه رأي أو فكرة أو عقيدة ، يجدر بنا أن نعرف ما هي أنواع التطرف ، وثمة هناك أنواع للتطرف أهمها :
1- التطرف الفكري : يعد التطرف الفكري بأنه تجاوز حدود الأعتدال والوسطية في الفكر الإنساني الذي قد يترتب عليه سلوكيات ضارة بالفرد والمجتمع ، في شتى مجالات الحياة ، سواءً كانت في المجالات السياسية أو الدينية أو الأقتصادية أو الإجتماعية أو الثقافية ، التي يعيشها صاحب الفكر المتطرف .
2- التطرف السياسي : التطرف السياسي هو انتهاج المتطرفين موقفاً سياسياً ، لا يقبلون أنصاره أي فرصة للحوار ، ولا يقبلون أي تلميح حول وجود أخطاء في فهمهم وتصورهم السياسي إزاء موقف محدد ، إذ يميلون للمبالغة والغلو لدرجة التعصب والتشدد والتمسك ، سواء كان هذا التمسك في الأفكار السياسية أو سلوكاً بالجملة ، ويشعرون بأنهم يمتلكون الحقيقة ، وأن حزبهم صاحب الفكر المخلص والصحيح .
3- التطرفا الإجتماعي : يعد التطرف الإجتماعي ، على أنه حالة من الجمود والأنغلاق العقلي وتعطيل القدرات الذهنية عن الأبداع والأبتكار ، أي يبدأ عقل الفرد بالركود والكسل العقلي ، وعدم الرغبة في التطور الذهني لدى المتطرف ، وعدم إيجاد الحلول لأبسط الأمور ، في ظل التغيير السريع الذي يحدث في العالم ، مما يؤثر سلباً على تطور المجتمع وأزدهارها ، وفي المحصلة النهائية ، نستنتج من أن التطرف الإجتماعي هو أنحراف الفرد عن الأعراف والسلوكيات الإجتماعية السائدة في المجمتع .
4- التطرف الديني : كما تبين لنا سابقاً ، هو الخروج عن الأعتدال والوسطية والغلو في دين معين أو معتقد معين ، و التنطع في أداء العبادات الشرعية ، أو مصادرة أجتهادات الآخرين في المسائل الجهادية ، أو تجاوز الحدود الشرعية في التعامل مع المخالف ، والتطرف الديني بهذا المعنى السابق ، يمكن القول بأن يكون اولاً : تطرفاً كلياً أعتقادياً ، أي مرتبط بالكليات الشريعة الإسلامية أو المسيحية أو اليهودية وغيرها من الأديان ، وثانياً : ما يكون تطرفاً عملياً ، أي أنه يتعلق ببعض الجزئيات ، أو بجزئية واحدة من أي شريعة سماوية كانت أم وضعية .

والجدير بالذكر ، والمقصود هنا في هذا المقال هو ( التطرف الديني ) الذي لهُ عدة دراجات ، أولها : تبني فهم خاص للدين ، لكن من دون أجبار الآخر عليه ، وثانيها : تبني فهم خاص للدين مع أعتقاد أن فهم الآخرين للدين خطأ لا يتحمل الصواب لكن من دون محاولة فرضه على المجتمع ، وثالثها : وهو تبني فهم خاص للدين لكن مع مهاجمة فهم الآخرين ، ومحاولة التبشير بفهمه ونشره في المجتمع ، حتى إذا كان هذا الفهم خاطئ ، ورابعها : تبني فهم خاص للدين مع العمل على فرضه على الآخرين بالعنف .
وهذا الأخير هو من أخطر دراجات التي يصل إليها المتطرف الديني ، وغالباً ما تنتهي هذه الدراجات ، إلى المرحلة الرابعة ، أي أن المتطرف في مراحلها الأولى تطرف بسيط ، غالباً ما ينتهي به إلى المرحلة الرابعة الأكثر تطرفاً وعنفاً وتشدداً .


أسباب التطرف :

القسم الأول : الأسباب العامة للتطرف : ومن الجدير بالملاحظة ، أن هنالك عدة أسباب للتطرف بشكل عام ، ويمكن أن تكون هذه الأسباب سبباً لكل أنواع التطرف سواء كانت فكرية ، أو أجتماعية ، أو دينية ، أو سياسية ، ومنها الآتي :

1-الأسباب النفسية : هنالك خلاف كبير بين الباحثين حول الإجابة عن السؤال التالي : هل التطرف المؤدي إلى العنف والإرهاب هو مرض نفسي لدى البعض ؟
والإجابة على هذا السؤال ، ثمة الكثير من الآراء حول الإجابة عنه ، فهناك رأياً ينفي أن يكون التطرف هو مرض نفسي ، وعلى العكس ما يؤكده البعض الآخر ، على أن التطرف له أرتباط وثيق ببعض الأمراض النفسية ، وأن الفرد المتطرف لديه سمات نفسية تجعله مستعداً لتبني الأفكار المتطرفة .
وما يؤيد الرأي الثاني ، بأن بعض أنواع التطرف هو ناتج عن أمراض نفسية ، وهذا ما توصلت إليه، الباحثة المتخصص في علم الاعصاب في جامعة أوكسفورد (كاثلين تايلور ) ، حيث تقول تايلور ( قد تكون أحدى المفآجات ، أن ترى الأشخاص الذين لديهم معتقدات معينة كأشخاص يمكن علاجهم ، ولن يتم وصف شخص اتجه نحو تطرف ديني أو فكري محدد، كمن يتبع خيارات فكرية أو عقائدية بمحض إرادته الحرة، بل كشخص يعاني من اضطرابات عقلية ، والدرسة التي تتبنى هذا الرأي ، أي الرأي القائل أن المتطرف مريض نفسي ، إلا أنه ليس مريضاً نفسياً بالمعنى الحرفي أو العلمي الدقيق للكلمة ، ولكن هناك الكثير من العوامل النفسية التي يمكن أن تقف خلف التطرف ، ولعل أهم هذه العوامل هي :
أ- عامل اليأس والأحباط : من العوامل النفسية الناتجان عن الفشل في تحقيق النجاح في الحياة ، هما عامل اليأس والأحباط ، ما قد يخلقان شخصاً عدائياً إتجاه المجتمع ، ولديه الاستعداد لممارسة العنف ضده ، لأنه يحمل المجتمع وأنظمته واقوانينه ومظاهر الفاسد فيه مسؤولية عن فشله ، إذ لا يحافظ على أمن وسلامة بلده ، لأنه يشعر بالإغتراب عنه ، وليس له القدرة في الأندماج فيه .

ب - عامل الفقر والحرمان : هنالك عدة مشاعر لدى اللإنسان قد تكون في بعض الأحيان عاملاً من عوامل التطرف ، إلى جانب الشعور بالنقص والفقر والحرمان ، فهناك الشعور بالمظلومية والأضطهاد والأهانة والإقصاء والرفض والغربة ، التي تسيطر على شخص أو جماعة أو أقلية أو جنس معين في المجتمع المحلي أو العالمي ، وهذه المشاعر السلبية تدفع بإتجاه السلوك المتطرف ، إلى الاعتقاد أنه ليس أمامها سوى العنف للحصول على حقوقها .

ج- جنون العظمة ( تضخم الذات ) : ومن العوامل التي تسيطر على الشخص المتطرف ، هي تلك التي تعرف بجنون العظمة ، أو الشعور بذاته بشكل مبالغ فيه ، حيث يشعر المتطرف بأنه يمتلك قدرات غير عادية ، تمكنه من تغيير العالم ، من خلال الدم والعنف ، كذلك أحتقار الذات يؤدي إلى أسباب مختلفة ، إلى خلق شخص عدواني وعنيف ، ومستعد للأنخراط في صفوف الجماعات المتطرفة الدينية أو غيرها ، وذلك حتى يشعر بالأهمية ، وتعويض الأحساس بالنقص والدونية . وثمة عوامل آخر لا يسعى المقام ذكرها هنا كلها .

2- الأسباب الإجتماعية : من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التطرف ، وهي الخلل في التنشئة الإجتماعية والأسرية ، وعدم قيام المؤسسات المعنية بذلك ، بدورها المنوط بها في هذا الشأن ، والإحباط الناتج عن المشكلات الإجتماعية والأسرية ، وتأخر سن الزواج ، وعدم وجود وسائل مناسبة يمكن من خلالها أمتصاص طاقات الشباب، إذ للمجتمع والأسرة ، دوراً محورياً في تغذية الأشخاص في التطرف ، خاصةً إذا كانت أسرته أو المجتمع ذو طابع ديني ، فهناك عوامل خاصة ترتبط بالممارسات والعلاقات الإجتماعية تؤدي إلى نمو حالة التطرف الديني خصوصاً في المجتمع وهم بين طبقتي الشباب والمراهقين ، بأعتبارهم الوقود الذي تستخدمه الجماعات المتطرفة لأحراق ( الأخضر واليابس ) الذي يقف في طريقها (1) ، ومن أهم هذه العوامل هي ( الأسرة - القرابة والصداقة - العامل السياسي - العامل الأقتصادي - الأعلام - التعليم )

القسم الثاني : الأسباب الخاصة للتطرف الديني : هناك الكثير من الأسباب التي تقف خلف هذا هكذا نوع من التطرف ، أهمها :

1-التأويل الخاطئ للدين : إذ تعد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التطرف الديني هي الفهم الخاطئ للدين أو لأحدى الشرائع ، سواء كانت تلك الشرائع سماوية أم وضعية ، وعدم المعرفة الصحيحة لها ، والفهم الظاهري للنصوص ، والأفتقاد لمرجعيات دينية موثوق بها ، وجمود الدراسات الفقهية ، وعدم قدرتها على مواكبة تطورات العصر ، وأستنادها إلى الأجتهادات القديمة ، وهذا كلها محاور مركزية مهمة يمكن أن تدفع بالشباب إلى التطرف إتجاه الدين المقابل ، أو الأديانة الأخرى .

2- النصوص الدينية : يعد الفهم الخاطئ للنصوص الديني ، من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التطرف العنيف والأرهاب في الأديان ، وتأتي هذه الأهمية لما تحوزه تلك النصوص من القداسة في قلوب مؤمنين هذا الدين أو ذاك ، وكذا بما تحمله تلك النصوص الدينية من تفسيرات وتأويلات مختلفة ، حيث تأتي تلك التفسيرات والتأويلات محمولة على نفسيات وعقليات من فسروها ، لتكون تفسيراتهم متأخذ مأخذ الإتباع ، حتى يتم الوصول إلى المراحلة الخطيرة التي يتوحد فيها النص الديني مع التفسير أو التأويل ، حتى يصير هذا التفسير جوهراً واحداً متحداً بين النص وبين من فسره، ليدعى بعد ذلك أن إرادته توحدت مع إرادة السماء المقدسة ، ومن هنا تبزغ صنمية قداسة الفرد ، وكأنها في صراع مع قداسة رب الأفراد ، الفرد الصمد ، وهذه القراءات الأحادية هي التي تؤدي إلى التطرف الديني ، لكونها قراءات تدعي احتكار الحقيقة لها وحدها (1) ، وتسوغ هذه الحقيقة إلى أستخدام العنف ما يراه صاحب هذه الحقيقة مخالفاً عن تلك الحقيقة التي يعتقد بها الآخر من وجهة نظره ، إذ يقتنع بأن غير المؤمنين بهذه الحقيقة ، من أي دين كان أو مذهب معين ، فهو يعتبر خارج عن دينها ، و يكفر ، ومن ثم وجب قتله ، وأستحلال دمائه
وبتالي يتحول الأمر إلى صراع المفاهيم الدينية ، التي أدت إلى إشعال نار الحروب والأضطهادات والمجازر البشرية بين أبناء الدين الواحد أو بين المغايرين في الدين والعقيدة والملة ، وكان خلف تلك الصراعات الدموية هي بسبب التمسك برأي من الآراء الأعتقاد به من جانب صاحب هذا الرأي ، إذ يعتقد أنه على حقيقة مطلقة ، وأنه على وفق مراد الله تعالى في مفهومه للدين ونصوصه المقدسة ، التي ينبغي على الدين الآخر أو الشريعة الأخرى إتباعه في التفسير والتأويل ، حسب المفهوم الذي توصل له بعقله المفرد ، ومن هنا يبدأ الصراع على إحتكار مرادات الله تعالى ومرادات الأنبياء والمرسلين في الفهم والوعي والإدراك بالتفسير والتأويل للنصوص المقدسة .

3- أنحدار وتلاشي القيم الأخلاقية : فمظاهر الرذيلة والمنكرات التي يشاهد الفرد في المجتمع و الشارع و المدرسة و الجامعة و الإعلام والصحافة والأسواق من ناحية ، والأستهزاء بالدين وتشويه صورته بالفساد ، كل ذلك من أسباب نشوء في المجتمع و الشارع و المدرسة و الجامعة و الإعلام والصحافة والأسواق من ناحية والأستهزاء بالدين وتشويه صورته بالفساد من ناحية آخرى ، كل ذلك من أسباب نشوء التطرف والإرهاب والتشدد ، وردة فعل قاسية ، وإن كانت غير مبررة إلاّ أننا نبحث في الأسباب يؤكد الدكتور عصام الجفري على أن ( تفشي المنكرات والكبائر منها دون أن يكون هناك إنكار أو محاولة جادة لتغيرها سبب رئيس لحدوث الفتن والحروب والقلاقل في البلاد ) ( العراق ) .

4- الصورة التقليدية الخاطئ المأخوذة عن الدين : أحد اسباب العنف والتطرف الديني ، هي الصورة التقليدية التي تبنى على موروث ذهني جاهز ، وهذه الصورة الخاطئ المرسومة عن الآخر ، غالباً تكون من خلال المعلومات الخاطئة عن تلك الديانة أو غيره.
فهذه أهم الأسباب التي تؤدي إلى نشوء التطرف الديني ، ومن الجدير ذكره ، يعزو الدكتور محمد عبد الكريم يوسف ، إلى أن ظهور التطرف الديني ، يعود جذوره إلى بدايات ظهور المسيحية ، ولم تنتهي إلى هذا اليوم ، وحتى بعد انتهاء الحروب الصليبة عام 1870 .

آثار التطرف : يعتبر التطرف حالة من الانغلاق العقلي والجمود الفكري وتعطيل القدرات العقلية عن الابتكار وايجاد الحلول للمشكلات المتغيرة في المجتمع
حيث أن أنتشار هذه الحالة مهدداً ليس لتطور المجتمع وتنميته فقط وانما لنقائه واستمراريته ومن خلال ملاحظة أعمال التطرف العنيف والإرهاب في المجتمع العالمي بشكل عام ، وفي المجتمع العراقي خاصةً ، لابد أن ندرك أن التطرف بكل أنواعه سبباً ونتجية في آن وأحد للتخلف والركود في المجتمع ، وأما التطرف الديني والذي هو من أشد انواع التطرف خطورةٍ على المجتمع ، إذ يعد أنتشاره ليس فقط التخلف وتوقف الأقدرات العقلية عن الأبتكار ، بل تنعكس آثاره الواضحة على تهديدا الأمن والسلم الأهلي ، إذ تتلخص آثار التطرف الديني فيما يلي :
1-التدهور في الإنتاج : وذلك لأن أهم عنصر في عملية الإنتاج هو الفرد العامل ، الذي لابد لكي يطور إنتاجه من أن تتطور قدراته العقلية ، بحيث يكون قادراً على الأبداع والأبتكار والتجديد ، فأذ كانت آفة التطرف تسيطرة على المجتمع والفرد ومعطلة لأفكاره الأبداعية ، عندها يصبح آثارها واضحة على الفرد وقدرته على الإنتاج ، فسوف يصبح العقل متمسكاً بالأساليب البالية العتيقة في الإنتاج ، وكذلك في تنظيم العمليات الإنتاجية ذاتها .

2- التدهر الثقافي والعلمي : إذ يعد التطرف بكل أشكاله أثراً في تدهور الثقافي والفكري والعلمي في المجتمع ، لأنه يقضي على كل ما هو جديد ومبدع معاكساً له على الساحة العلمية أو الثقافية ، إذ أنه يقتل التنوع في المجتمع .

3- التأخر عن الركب الحضاري : فالتطرف بأنواعه ، يعطل الطاقات الإنسانية كافة ويوخر الفرد ومجتمعه عن الركب الحضاري الذي نشهدهُ اليوم ، وذلك من خلال أستنزاف الطاقات الإنسانية في الصراعات والعداءات ، سواءً كانت تلك الصراعات سياسية أو دينية أو فكرية .

4- زرع الخوف والإرهاب : من آثار التطرف زرع الرعب والخوف في المجتمع ، حتى وأن أنتهاء التطرف في مكان ما ، تبقى آثاره إلتي خلفها في قلوب أهل ذلك المكان ، وذلك بسبب عبث المتطرفون بالوحدة الوطنية وزرع الفوضى وعدم الأستقرار ، وهذه تؤدي إلى توليد حالات عنف مماثلة أو مقاومة لهم في حال لم ينتهوا .

5- زرع الحقد والكراهية في المجتمع : بسبب التطرف الأعمى والحقد الذي يحمله الفرد المتطرف أو الجماعة المتطرفة على الآخر ، وبسبب الفهم السقيم والخاطئ المأخوذ عن الدين الآخر ، والأستبداد بالرأي وأنهم هم أصحاب الحقيقة فقط والمخالف لهم لا يستحق الحياة ، كل هذا العوامل تترتب عليها آثار الحقد والكراهية ونفوّر الآخر من المجتمع ، والتي تقود إلى سلسة لا متناهية من الحقد والكراهية والتعصب المضاد الذي يؤدي إلى صراعات مدمرة داخل المجتمع .

6- إشاعة الفتن والتفرق بين الناس : ومن آثار التطرف العنيف ، وهي خلق صراعات داخل المجتمع ، كالصراع المذاهب والأديان ، كصراع الفرق المسيحية والإسلامية ،وذلك من خلال إثارة الفتن الطائفية الدينية بين الناس وزعزت صفوفهم وتفرقتهم تحت المبدأ المشهور ( فرق تسد ) ، فحينما تسوّد الفتن والتفرقة بين أبناء المذاهب والأديان الذين يعيشون داخل مجتمع واحد ، فينتج عن تلك الآثار تحولاً في المجتمع ، من تحول فردي إلى تحول يتأخذ شكل تيار في المجتمع أو فرقة أو تنظيم أو ماشابه ذلك ، فيؤثر سلبياً على الفرد والمجتمع وهذا بتظليل الحقائق وضرب نسق القيم والمعاير ، إذ تتحول الفتنة في المجتمع ، وقد تكون فتنة دينية أو سايسية او ثقافية أو فكرية .

7- إضعاف الحكومة وتأثير على سياستها داخلية والخارجية : التطرف العنيف والإرهاب من آثارهِ التي يصعب زوالها ، التأثير على سياسية الحكومة داخلياً وخارجياً عن طريق الترهيب والإكراه ، وذلك لتصرف الحكومة نظرها عن الأعمال المتطرفة أتجاه الناس وعن غاياتهم المشؤومة ، وأن لم تسمح الحكومة فطريق الأغتيال والأختطاف الأقرب في التأثير على سلوك الحكومة وإرضاخها ، واما خارجياً تصبح الدولة ضعيفة بعين الدول الآخر ،وهذا الضعف يؤدي إلى أن يصبح البلد الذي تديرهُ هذه الحكومة حاضنة للتطرف و للإرهاب من كل أقطار العالم .



#حسين_علي_صباح_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطرف أنواعه وأسبابه وآثاره


المزيد.....




- طائرة شحن من طراز بوينغ تهبط بدون عجلات أمامية في اسطنبول.. ...
- يساهم في الأمن الغذائي.. لماذا أنشأت السعودية وحدة مختصة للا ...
- الإمارات تعلن وفاة الشيخ هزاع بن سلطان آل نهيان
- داخلية العراق توضح سبب قتل أب لعائلته بالكامل 12 فردا ثم انت ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عملية في حي الزيتون وسط غزة (فيديو ...
- روبرت كينيدي: دودة طفيلية أكلت جزءا من دماغي
- وفاة شيخ إماراتي من آل نهيان
- انطلاق العرض العسكري.. روسيا تحيي الذكرى الـ79 للنصر على الن ...
- إسرائيل تستهدف أحد الأبنية في ريف دمشق الليلة الماضية
- السلطات السعودية تعلن عقوبة من يضبط دون تصريح للحج


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسين علي صباح كاظم - التطرف أنواعه وأسبابه وآثاره