أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج1/ اللهجة العراقية ورواسب اللغات القديمة: مقدمات















المزيد.....

ج1/ اللهجة العراقية ورواسب اللغات القديمة: مقدمات


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 7675 - 2023 / 7 / 17 - 11:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كنت قد نشرت خلال شهر حزيران من العام الجاري مقالة بجزأين هي قراءة في كتاب "معجم المفردات المندائية في العامية العراقية" لمؤلفه قيس مغشغش السعدي. وقد ضمنتها استدراكاتي على العديد من الكلمات التي اعتبرها المؤلف كلمات مندائية دخلت في قوام معجمية اللهجة العراقية؛ وحين أكملت الاطلاع على الكتاب دهشت لكثرة تلك الكلمات العربية التي زجَّ بها المؤلف ضمن الكلمات المندائية أو ذات الأصول المندائية بطريقة لا علاقة لها بأي علم من علوم اللغة، وأقرب إلى ما يمكن أن نسميه التعسف التأثيلي "الإيتمولوجي" والعشوائية في الفقه لغوي "الفيلولوجي"، ولذلك قررت العودة إلى الكتاب مرة أخرى، ولكن هذه المرة بهدف آخر غير تقديم قراءة تعريفية به تعطيه حقه، بل لتأثيل هذه الكلمات ذات الجذر أو الاشتقاق العربي وترك الكلمات الأخرى والتي يُحتمل أنها تدخل فعلا ضمن ما سمّاها العلامة الراحل طه باقر رواسب لغوية من اللغات العراقية القديمة كالأكدية بلهجتيها البابلية والآشورية والآرامية وفرعها المندائي، وبهدف ضمني آخر هو تفكيك عملية القسر التأثيلي وإعادة الاعتبار إلى العلوم اللغوية واللهجوية وكشف التأويلات والتأثيلات العشوائية والرغبوية والتي قد لا تخلو من النزعة الأيديولوجية والذاتية المناهضة لعروبة اللهجة العراقية العربية العماد والمعجمية مقاربةً للحقيقة وإنصافاً للعلم ومنهجياته وأساليبه. وخلال هذه المراجعة التأثيلية لمفردات الكتاب المذكور ولعدد من المراجع في هذا الباب تطور نص مقالتي وأمسى على ماهو عليه الآن كبحث موسع في المعجم اللهجوي العراقي وفي مقترباته وعلاقاته باللغة العربية الأم واللغات الجزيرية "السامية" الشقيقة.
بكلمات أخرى؛ يمكنني القول إنني في قراءتي السريعة السابقة للصفحات الأولى من هذا الكتاب تفاءلت به أكثر مما ينبغي، ولكنني، ومع تقدمي واستغراقي في القراءة والاطلاع على المزيد من الصفحات والمفردات، وجدت أنني كنت على خطأ في تفاؤلي ذاك؛ فالكلمات في اللهجة العراقية ذات الأصل المندائي الأكيد لا تشكل إلا نسبة ضئيلة مما ورد فيه من كلمات، وهي نسبة طبيعية في لهجة تعيش منذ القدم وسط اختلاط وتنوع لغوي قل نظيره حيث سادت وبادت لغات عديدة في وادي الرافدين كاللغات الجزيرية "السامية" مثل الأكدية بلهجتيها البابلية والآشورية والأمورية والآرامية - وفروعها أو لهجاتها المندائية والنبطية والسريانية - وعاشت معها حديثاً، وجنباً إلى جنب لهجات لغوية غير جزيرية كاللهجات الكردية الثلاث، والتركمانية وغيرها.
المأمول إذن أن يستدرك المؤلف على كتابه في طبعة لاحقة ويتجنب هذه الهفوات والثغرات الوفيرة والفادحة أحياناً ويتمسك بالأسلوب المنهجي العلمي، ويزيد من اطلاعه على المعاجم العربية الفصيحة والمنشورات التخصصية ذات العلاقة للتأكد من وجود هذه الكلمة أو تلك في اللهجة العراقية وفي العربية الفصحى أو في اللغات الجزيرية الأخرى قبل أن يزج بها في معجمه للكلمات المندائية في اللهجة العراقية المعاصرة، وبهذا سيقدم كتابا مفيدا يضيء بشكل موضوعي وعلمي على المساهمة المندائية الجميلة في اللهجة العراقية دون مبالغات أو قسر.
إنَّ هذا النوع من الكلمات العربية الفصيحة يمثل الكثرة الكاثرة والغالبية الساحقة من كلمات اللهجة العراقية إلى جانب ما سماها العلامة طه باقر الرواسب من اللغات العراقية القديمة المنقرضة، بل أن هناك كلمات عربية فصحى منقرضة أو نادرة الاستعمال وممعجمة في المعاجم القديمة ولكنها ماتزال حية في اللهجة العراقية وقد ضربت عليها أمثلة عديدة في كتابي "الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام" ومنها مثلا: برطيل، مدردحة، أريحي، نازك، دحس، برطم، ملخ، دفر، أثرم، أجلح، ثخين، ثول، ثرب، خبن، دحس، أهدل وختل....إلخ، فهي كلماته الأليفة في لهجته العراقية المعاصرة، وفي الوقت ذاته مفردات مؤثلة الجذور والمشتقات في المعاجم العربية القديمة على الرغم من عدم وجودها أو ندرة استعمالها في اللغة العربية الوسيطة "الفصيحة" المعاصرة، وقد ذكرت توثيقاتها في كتابي.
خلاصة القول هي أنَّ العلاقة بين اللغة العربية الفصحى بلهجاتها المختلفة المعاصرة في العالم العربي واللغة المندائية واللغات الجزيرية الأخرى هي علاقة عضوية، جذورية واشتقاقية لأنها لغات شقيقة ومن عائلة لغوية واحدة. لذلك، ليس من الغريب أن نجد مفردات كثيرة بلفظها ومعناها في أكثر من لغة من هذه اللغات أو أنها توجد بقليل من التحريف اللفظي أو البعد في المعنى، أما اعتبار بعض الكلمات في اللهجة العراقية ذات الجذر العربي هي كلمات مندائية أو أكدية وأن هذه الكلمات في اللهجة العراقية جاءت منها فهو أمر غير علمي بتاتاً والأقرب الى المنهجية البحثية العلمية أن نعيد المفردات في أية لهجة في الدول العربية المعاصرة إلى جذرها العربي القريب، فإن لم نجده ووجدناه في لغة جزيرية أو غير جزيرة أخرى صحَّ عندنا القول بأنها من رواسب هذه اللغة القديمة أو تلك.
كما أنَّ كون المندائية فرعاً من الآرامية والتشابه بل والتطابق بين هاتين اللغتين يجعل من العسير علينا البتُّ في ما إذا كانت هذه المفردة أو تلك في اللهجة العراقية هي ذات أصل مندائي أو آرامي.
إن محاولة إخراج المعجم اللهجوي العراقي من حاضنته العربية وهي اللغة السائدة الأحدث في عصرنا وإرجاعها الى لغة منقرضة أو في طريق الانقراض عمل لا مغزى فيه ولا يمت بصلة للمنهجية العلمية ولا يخلو من النزعات الأيديولوجية السياسية التي لا علاقة لها بعلوم اللغة.
إذن، سأخصص هذا العرض للكلمات التي اعتبرها مؤلف الكتاب مندائية ووجدت أنها ليست كذلك بل هي كلمات عربية ممعجمة. وعلى أية حال فهذه مناسبة طيبة ليتعرف القارئ العراقي على الجذور العربية الفصيحة لمفردات لهجته إن لم يكن يعرفها من قبل.
اللهجة العراقية وعلاقتها بالعربية الفصحى
يربط العديد من الباحثين، كالشيخ محمد رضا الشبيبي في كتابه "معجم وأصول اللهجة العراقية"، بين ظهور وشيوع اللهجات وظاهرة الانتكاس الحضاري والتراجع المدني الذي أعقب سقوط الدول العربية الإسلامية وأهمها الدولة العباسية وعاصمتها بغداد، وهؤلاء يعتبرون اللهجة نقيصة ودليلا على الاستسلام الاجتماعي للمجتمعات العربية أمام الأجنبي، ويضيفون عاملا آخر إلى هذا العامل وهو اختلاط الشعوب غير العربية التي دخلت الإسلام بالعرب. والواقع فإن ظهور اللهجات أقدم كثيرا عصر ظهور الدول العربية الإسلامية، وهناك من يرى أن اللغة العربية الفصحى لم تكن في البداية إلا لهجة من لهجاتها القبلية ويحددونها بلهجة قريش. والحقيقية هي أن العلاقية بين اللغات واللهجات علاقة جدلية "ديالكتيكية" لا تخلو من التعقيد والغموض؛ فإذا صح أن هناك لغات تطورت عن لهجات وهناك الكثير من الشواهد والأدلة في ما يخص اللغة العربية ولهجاتها القبلية قبل الإسلام وفي سوح لغات أخرى غير العربية كاللغات اللاتينية التي تقترب معجمياً وقواعدياً من بعضها إلى درجة يمكن اعتبارها أقرب الى اللهجات التي استقلت عن بعضها بمورو الزمن والتطورات التاريخية، فيمكن - في المقابل- أن نرى بعض الصحة في النظرية التي ترى في أن ظهور اللهجات جاء لاحقاً لوجود لغة أم أصيلة وبسبب عوامل تاريخية واجتماعية وجغرافية ولسانية كما هي الحال في اللهجات العربية في البلدان المتباعدة في قارتي آسيا وأفريقيا. وهذا ما عنيتُهُ بالعلاقة الجدلية التطورية بين اللغات واللهجات. يتبع.



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تدافع إيران وأفغانستان عن حقوق شعبيهما في مياه هلمند وتس ...
- جولة في كتاب -معجم المفردات المندائية في العامية العراقية- ل ...
- رداً على تعقيب رئيس الوقف الشيعي على مقالتي -الفساد المقدس ف ...
- ماهي الزبائنية وما علاقتها بـ -منطق معاوية- والمحاصصة الطائف ...
- ج2/ ملفات الفساد -المقدس- في الأوقاف الدينية العراقية
- ملفات الفساد -المقدس- في الأوقاف الدينية العراقية / 1 من 2
- مع المعلم، قارئ الطين، طه باقر، في كتابه -من تراثنا اللغوي ا ...
- ج2/ كلمات أكدية ماتزال حية في العربية -الفصحى- وفي اللهجة ال ...
- هل كان الصراع العثماني الأوروبي دينيا فقط؟
- مع آلان باديو في كتابه -في مَدْحِ الحب-
- عن الكم والكيف في التأليف: كم كتاباً ألَّفَ العالمان طه باقر ...
- عن تجربتي في الفيسبوك ولغة ههههه!
- ليس الفرعون فرعوناً ولا النيل نيلاً ولا النمرود نمرودا
- اسم العراق عبر التاريخ: خذ الأصل ودع الترجمة
- النظام السياسي العراقي واللعب الحبلين
- النزعة الاستشراقية في مقولة «انتصار الحضارة الغربية النهائي»
- مُلا عثمان الموصلي: لماذا يبقى مجهولاً صاحب لحن -زوروني بالس ...
- الحرب على مناجم الذهب في السودان ودور دولة الإمارات
- هل السومريون شعب أم لغة وكيف اختلقهم كريمر؟ ج2
- ج1/هل السومريون شعب أم لغة، وما علاقتهم بالعبرانيين كما زعم ...


المزيد.....




- هل تفكر بشراء ساعتك الفاخرة الأولى؟ إليك ما قد تحتاج لمعرفته ...
- إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وهجوم على بيلغورود الروسية
- الجيش الروسي يحرر 4 بلدات جديدة في خاركوف ويقضي على 1500 عسك ...
- الخارجية الروسية: منفذو اعتداء بيلغورود سيعاقبون على جريمتهم ...
- وزيرة أوروبية تعرب عن صدمتها بعد رؤية معبر رفح مغلقا وتطالب ...
- تمديد حبس سائق حافلة بطرسبورغ الغارقة حتى الـ9 من يوليو على ...
- سلسلة من حوادث الغرق في 6 ولايات جزائرية راح ضحيتها 10 قتلى ...
- مسؤولون إسرائيليون يوجهون اتهامات إلى مصر بانتهاك -التفاهمات ...
- العراق يطلب إنهاء مهمة بعثة أممية لانتفاء الظروف التي تأسست ...
- كتالونيا تنتخب -إقليميا- بتطلعات طي الانفصال عن إسبانيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - ج1/ اللهجة العراقية ورواسب اللغات القديمة: مقدمات