أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - نبيل جعفر عبد الرضا - الأهمية الاقتصادية لمشروع طريق التنمية في العراق















المزيد.....


الأهمية الاقتصادية لمشروع طريق التنمية في العراق


نبيل جعفر عبد الرضا

الحوار المتمدن-العدد: 7652 - 2023 / 6 / 24 - 19:59
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


المقدمة
إن مشروع "طريق التنمية" الذي أعلنه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أواخر مايو/ أيار الماضي ، ليس مشروعاً جديداً . وتعد فكرة المشروع قديمة، إذ تعود إلى اتفاق بين السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1842-1918) والإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني (1859-1941) لإنجاز مشروع خط سكك حديدية "برلين – بغداد – البصرة .".
استطاعت المانيا عام 1899 الحصول على امتياز من السلطان عبد الحميد الثاني، وبموجبه أصبح بإمكانهم مد سكة حديد الأناضول من إسطنبول إلى مدينة الموصل (شمالي العراق) ومنها إلى بغداد والبصرة، كما كان مقررا أيضا أن ينتهي هذا الخط بالكويت . .
وقد وصلت السكة الحديدية إلى مدينة سامراء (جنوب بغداد) لكن العمل بها توقف عام 1914، بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918 ) .
وعاد المشروع الى الواجهة خلال السنواتٍ الماضيةٍ تحت مسمى "القناة الجافة"، وتداولته الحكومات العراقية السابقة بمستويات متباينة من الاهتمام، إلّا أنّه اكتسب مزيداً من الزخم إثر الشروع بمشروع بناء "ميناء الفاو الكبير"، الذي تُنفِّذه شركة ( دايو) الكورية الجنوبية.
ويهدف العراق من انشاء طريق التنمية إلى اختصار مدة السفر بين آسيا وأوروبا عبر تركيا فضلا عن رغبته في أن يصبح مركزا للعبور في المنطقة . فضلا عن تسيير التجارة بشكل اسراع واكر كفاءة ..

الفكرة الأساسية لطريق التنمية
كلفة المشروع : 17 مليار دولار
الايرادات المتوقعة : 4 مليارات دولار سنويا
طول المشروع : 1200 كم تقريبا . ويمتد من الفاو إلى الحدود العراقية التركية في منطقة فيشخابور ومن ثم الى اوربا عبر تركبا . ويضم خط سكك حديد مزدوج فضلا عن طريق بري
الطاقة المتوقعة للنقل في المرحلة الأولى : 3.5 ملايين حاوية سنوياً، و22 مليون طن بضائع فضلا عن خدمة قرابة 15 مليون مسافر سنويا.
تاريخ انجاز المشروع : سيتم إنجاز المرحلة الأولى عام 2028، فيما ستنجزالمرحلة الثانية عام 2038 والثالثة عام 2050، بالتزامن مع وصول ميناء الفاو إلى كامل طاقته الإنتاجية والاستيعابية بعد اكتمال تلك المراحل وستكون المشاريع المرتبطة به مكتملة
 تقوم الفكرة الأساسية للمشروع على ربط ميناء الفاو الكبير بشبكة من الطرق البرية والسكك الحديدية التي تمتد شمالاً على طول الجغرافيا العراقية لتصل إلى نقطة فيشخابور الحدودية مع تركيا، بحيث تكون هذه الشبكة قناةً تمر عبرها السلع والبضائع القادمة من آسيا إلى أوروبا وبالعكس. وعلى أساس أن تركيا ستكون الممر باتجاه أوروبا. وبحسب المسؤولين العراقيين، فإن الطريق سيوفر حوالي 15 يوم من المدة الزمنية لشحن البضائع بين شرق آسيا وشمال أوروبا.
 يبلغ طول الطريق السريع الذي سيربط بين جنوب العراق والحدود العراقية-التركية 1190 كم، بينما يبلغ طول السكك الحديدية المزمع إنشاؤها ضمن المشروع 1175 كم لتستوعب قطارات فائقة السرعة ( 300 كم بالساعة للمسافرين، و160 كم بالساعة للبضائع). وستمر خطوط النقل تلك بـ 12 محافظة عراقية تمتد من الجنوب إلى الشمال، مما سيُسهِم في تعزيز التجارة والاندماج المحليين. وتُقدِّر الحكومة العراقية أنّه سيكون بوسع الطريق نقل 3.5 مليون حاوية محملة بالبضائع (أي ما يعادل 22 مليون طن) سنوياً بحلول عام 2028، على أن تُرفَع الطاقة الاستيعابية تدريجياً لتصل إلى 7.5 مليون حاوية بحلول عام 2038. ويُخطَّط لأن تكون السكك الحديدية ثنائية المسار، بحيث يستوعب كل مسار 80-90 قطاراً يومياً يشتغل معظمها بالكهرباء.
 وبحسب المصادر الحكومية العراقية، فإنّ الأمر لن يقتصر على إقامة شبكة من الطرق البرية والسكك الحديدية، بل ستُنشئ مدنٌ صناعية ومنشآت خدمية على طول مسار الطريق الذي اُختير له أن يسير خارج مراكز المدن عبر الصحراء؛ أولاً، للاستفادة من سهولة التضاريس وغياب المناطق الوعرة وانتفاء الحاجة للأنفاق المكلفة؛ وثانياً، لتحفيز هجرة سكانية خارج المناطق الحضرية الواقعة على الأنهار بسبب ما سيُخلَق من فرص عمل مرتبطة بالمشروع. لذا، فإن حكومة السوداني تطرح "طريق التنمية" بوصفه مشروعاً تنموياً متعدد الأبعاد، ستكون له آثاراً كبيرةً في الواقع الاقتصادي العراقي، في حال نجاحه.
 اهداف المشروع
تَرمي الحكومة العراقية من طرح مشروع "طريق التنمية" تحقيق أمرين أساسيين :
الأول : البحث عن مصدر دخل إضافي للاقتصاد العراقي يُقلل من اعتماديته على النفط؛ من خلال تنويع الاقتصاد المحلي ، وخلق فرص عمل جديدة لتقليل حجم البطالة، خصوصاً في أوساط الشباب. تُقدِّر الحكومة العراقية عائدات المشروع في حال تنفيذه بأكثر من أربعة مليارات دولار سنوياً، وهو ما سيُوفِّر دخلاً إضافياً غير نفطي (تعتمد الميزانية الحكومية في العراق على عائدات النفط بنسبة 93%). وتتجاوز الرؤية الحكومية للمشروع المنفعة الاقتصادية المباشرة إلى اعتباره وسيلة مُجدية لإحداث تنمية اقتصادية شاملة في المحافظات والمناطق التي يمر بها الطريق، عبر ما سيخلقه من فرص وظيفية، ومن مشاريع ثانوية، وإسهام ذلك في تشجيع الهجرة خارج المدن وإنشاء مدن جديدة، وتنشيط القطاع الخاص وتقليل الطلب على التوظيف الحكومي.
الثاني : تعزيز الدور الجيو-اقتصادي للعراق، عبر استثمار موقعه الجغرافي بوصفه منطقة ربط بين الخليج وآسيا وأوروبا لتحقيق عوائد سياسية واقتصادية تُعزز مكانته الإقليمية. وهنا تكمُن جاذبية المشروع، باعتباره يقوم على فرضية إنتاج العائد الاقتصادي عبر الاستثمار في الموقع الجغرافي.
مع أن مشروع "طريق التنمية" قد لا ينتُج عنه الأثر الجيوسياسي والجيواقتصادي الكبير الذي تتحدث عنه الحكومة العراقية، على الأقل في السنوات القليلة المقبلة، لكنَّه قد يُسهِم فعلاً في تعزيز الدينامية الاقتصادية الداخلية التي تُعاني من استمكان السياسات الريعية والنشاط الطفيلي وغير المُنتِج

مطالب الدول الإقليمية
يعتمد المشروع بشكل أساسي على التعاون التركي، لأنّ تركيا ستُمثِّل نقطة الربط مع أوروبا، وهو ما يستدعي مستوىً عالياً من التنسيق بين البلدين، بما يشمل ربط شبكتي الطرق والسكك الحديدية بينهما، والاتفاق على معايير موحدة في تنظيمها. وبحسب المسؤولين العراقيين، فإن تركيا تدعم المشروع وتقوم بالتنسيق المكثف بشأنه مع الجانب العراقي. إن "دفع عجلة التعاون الاقتصادي الاستراتيجي بين العراق وتركيا من خلال مشروع طريق التنمية، سيرفع البلدين إلى دور ريادي متكامل في التجارة العالمية وخطوط نقل الطاقة . ومن خلال خطوط نقلها المتطورة، ستكون تركيا بوابة العراق إلى أوروبا، وبالتالي سيشكل البلدان جسرا بين أوروبا وآسيا . ويمكن لطريق التنمية ان يعزز إمكانات تركيا لتصدير الطاقة"، اذ يمكن لتركيا ان تنقل موارد الطاقة العراقية إلى الأسواق العالمية وتلعب دورا فاعلا في تجارة الطاقة العالمية
مع ذلك، لا يحتمل أن تُكيِّف تركيا أولوياتها مع الحاجة العراقية، وقد تكون لها اشتراطات أخرى تتعلق بالتهديد الأمني الذي يمثله حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وبتعزيز الصادرات التركية إلى العراق بما يضر بالهدف العراقي الرامي إلى الاستفادة من الطريق لتعزيز البنية الصناعية الداخلية والإنتاج والتجميع المحليين. ويُمكِن هنا النظر إلى استمرار تجميد تركيا لصادرات النفط من إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي، إثر القرار الصادر عن المحكمة التجارية الدولية الذي حكم لصالح بغداد بشأن تصدير إقليم كردستان النفط باتفاق منفرد مع تركيا، بوصفه نموذجاً للمشكلات التي يمكن أن تطرأ في ظل مشروع يتطلب تعاون البلدين.
ولا يقتصر الأمر على التحدي المتمثل بالتنسيق مع تركيا فقط، بل هناك أيضاً التحدي الإيراني. فطهران تضغط من أجل التعجيل بالربط السككي بين الشلامجة والبصرة في محاولة منها لتوسيع تجارتها عبر العراق، وتعزيز وضع العراق بوصفه ترانزيت للتجارة وعبور المسافرين ونقل البضائع من موانئها، وخصوصاً من ميناء الامام الخميني. الواقع على الجانب الإيراني من مياه الخليج العربي، مع ميناء اللاذقية السوري في البحر الأبيض المتوسط. اذ ان نحو 85% من حجم البضائع الأساسية التي تحتاجها ايران تدخل البلاد عبر ميناء الإمام الخميني ولهذا السبب، ثمة اعتقاد بأنّ إيران غير راغبة في نجاح مشروع ميناء الفاو الكبير، وتراهُ خطراً على موانئها. والمفارقة هنا، أنّ مجلس الوزراء العراقي وافق مؤخراً على التسريع بتفعيل الربط السككي بين البصرة والشلامجة، ووجّه بمعالجة العقبات التي تؤخر المشروع، فيما يبدو أنه خضوع للضغط الإيراني، أو قد يكون محاولة لتأمين عدم اعتراض إيران وحلفائها العراقيين على مشروع "طريق التنمية".
مع ذلك، يطرح هذا الأمر تساؤلاً عن إمكانية التوفيق بين المشروعين. وهنا، يمكن ملاحظة أنّه بينما تبدو بعض الأطراف المقربة من إيران داعمة لحكومة السوداني في مشروع "طريق التنمية"، فإنّ أطرافاً أخرى هاجمته واعتبرته محاولة لإفشال عملية ربط العراق بمبادرة "الحزام والطريق" الصينية، كما جاء في تصريحات أحد نواب "عصائب أهل الحق". والمرجح هنا أنّ هذه الأطراف غير متفقة حول موقف واحد، وأنّ بعضها سيؤجل حكمه إلى حين تقييم المنافع التي يتوقع أن يجنيها من المشروع.
والمعروف ان هناك ممرين لطرق الحرير، أحدهما بحري والآخر بري، والبحري يمتد من شمال الصين إلى أوروبا وأفريقيا عبر البحر الأحمر، والطريق الآخر يمتد من الصين إلى موانئ إيران الجنوبية التي تتمتع بموقع جيوستراتيجي مهم، ومنها تشحن البضائع، اما الطريق البري فيمتد من جنوب الصين إلى كازخستان ثم آسيا الوسطى ثم غرب إيران، ومن غرب إيران تتفرع ثلاثة طرق أحدهما يذهب إلى إسطنبول ثم إلى أوروبا والآخر إلى أذربيجان"، مبينا أن "الطريق الثالث هو الذي يهم العراق وهو الذي يربط إيران مع العراق وسوريا، وهو الطريق الوحيد الذي يربط بطريق الحرير، أو من خلال ميناء الفاو الكبير
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد كشف مؤتمر وزراء النقل عن تبايُن تصورات دول المنطقة وأجنداتها بخصوص المشروع. فوزير النقل السوري دعا إلى ربط الطريق بسورية بدلاً من تركيا، على أساس أنّها أقرب جغرافياً، وستوفِّر منفذاً بديلاً إلى المتوسط. فيما طرحت السعودية القيام بربط سككي بين العراق والسعودية، وبالتالي مساعدة العراق في الارتباط بموانئها على البحر الأحمر. من خلال بناء خط سكة حديد من خلال ربط حفر الباطن بالبصرة عن طريق سكة حديد تربط الرياض والقصيم داخل المملكة، وتربط الشرق بالغرب، وتمر بينبع وميناء الملك عبد الله ومدينة جدة والرياض والدمام والجبيل وراس الخير، هذا المشروع سيربط 10 مدن في السعودية تصل إلى البصرة دون الحاجة إلى إنشاء منفذ بشري وتكون محطة له في البصرة وحفر الباطن وجمارك بين الطرفين . وتدرس السعودية الربط السككي مع ايران عبر الكويت والبصرة اذ يمثل مشروع ميناء الفاو الكبير فرصة يصعب تجاهلها ولن تنجح الا بالشراكات الإقليمية والدولية

اهمية طريق التنمية
تكمن اهمية الاتفاق بين العراق وتركيا على الشروع ببناء مسار مزدوج يتضمن ممر بري وخط للسكك الحديدية يمتد من البصرة الى تركيا ضمن ما يسمى بالقناة الجافة بأنه سيحول العراق الى محطة نقل كبرى للدول الاوروبية بعد تركيا اذ ستعبر الشحنات التي تصل بحرا عبر ميناء الفاو الى تركيا واوربا من خلال القناة الجافة كما انها ستنقل السلع التركية والاوربية الى العراق ومنها الى ًدول الخليج وايران وسوريا والأردن . تعد القناة الجافة المشروع المكمل لميناء الفاو الكبير المتوقع ان تنجز المرحلة الأولى منه عام 2025 والذي من خلاله سينخفض زمن الرحلة البحرية للسفن المحملة بالبضائع التي تسير بسرعة 15 ميل في الساعة من ميناء شنغهاي الصيني الى ميناء روتردام نحو 33 يوم بحر في حين انها تستغرق 15 يوم فقط عندما تنقل البضائع من شنغهاي الى ميناء جوادر الباكستاني ثم الى ميناء الفاو الكبير ومنه عبر القناة الجافة الى موانئ البحر المتوسط في سوريا وتركيا ومنهما الى ميناء روتردام وهذا يعني ان النقل عبر العراق سيوفر تخفيض جوهري في كلفة نقل البضائع يصل الى اكثر من النصف . والمعروف ان هناك مشروع للربط التجاري بين الامارات وتركيا من خلال ايران اذ ستنقل البضائع من ميناء الشارقة الى ميناء بندر عباس الإيراني ومن ثم تبدأ السير براً إلى معبر بازرجان- جوربولاك الحدودي بين إيران وتركيا ومن ثم إلى ميناء الإسكندرون على ساحل البحر الأبيض المتوسط في تركيا. الأمر الذي من شأنه أن يختصر مدة الرحلة إلى 7 أيام مقارنة بمدة الطريق البحري التقليدي عبر قناة السويس الذي يستغرق نحو 20 يوماً مما سيخفض تكلفة الصادرات والواردات بسبب انخفاض مدة وتكلفة الشحن. وستجني ايران التعريفات الجمركية التي ستفرضها على مرور الشاحنات عبر أراضيها، فضلا عن مساهمتها في حركة التجارة البرية في المنطقة، لكن التوترات التي تشهدها المنطقة والخلافات التي تحدث بين دول الخليج وايران، إضافة إلى التوتر بين إيران وأمريكا وإسرائيل، تجعل من الاتفاق هشاً، مما حفز الامارات وتركيا بسبب ذلك ورغبة في تقليل ذلك الوقت من خلال استخدام العراق كمعبر للتجارة بينهما اذ يمكن اختصار الوقت إذا تم تنفيذ مشاريع السكك الحديدية والطرق البرية ضمن المسار المزدوج للقناة الجافة وفي هذه الحالة ستنقل البضائع من ميناء جبل علي الى ميناء الفاو الكبير ومنها ستنقل برا عبر القناة الجافة الى تركيا خاصة وان الأخيرة سيكون لها دور محوري في طريق الحرير لا سيما بعد فتح قناة إسطنبول المائية التي تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأسود. ومن ثم الاستفادة من شبكة النقل التركية في تدفق البضائع الى اوربا وسيعزز هذا الربط ميناء الفاو الكبير وموقع العراق على طريق الحرير .
.
إن إنشاء العراق لميناء حديث وبطاقات استيعابية كبيرة، كميناء الفاو الكبير، يعد ضرورة استراتيجية للعراق ، حيث ان ذلك سيرفع من طاقاته الاستيرادية والتصديرية وسيكون مفصل محوري في منظومة التنمية وتطوير المشاريع الإنتاجية بكافة أصنافها في العراق، ويمكن لهذا الميناء ان يكون بوابة لتصدير المنتجات العراقية للخارج، وبالمقابل فإن هذا الميناء الحديث يتطلب إنشاء شبكة واسعة من قنوات النقل البرية الحديثة والمرتبطة بمنشآته، من طرق وجسور وانفاق او شبكة سكك للنقل التجاري تتنا سب مع حجم عمليات الميناء وبطاقات تصميمية قابلة للزيادة، لضمان أفضل كفاءة ممكنة لعمليات نقل البضائع .
أن تمكن العراق من إنشاء مثل هذه المنظومة الحديثة للنقل وما يرتبط منها من صناعات، ستؤهله لان يكون لاعبا اقليميا في قطاع الصناعة والنقل ، فألى جانب أرتفاع قدرات العراق الإنتاجية والتصديرية والانفتاح على الاسواق الاقليمية والدولية، فإنه سيكون من الممكن استثمار هذه المنظومة كبوابة للدخول في شراكات اقتصادية اقليمية مع دول جوار العراق، تتعلق بإنشاء شبكة نقل إقليمية متعددة الوسائط تكون فيها الشبكة العراقية حلقة الوصل الرئيسية بين هذه الدول، لربط حركة التجارة البينية او جزء مهم منها ، وهذا ما قد يحقق عوائد مالية مجزية من خلال تعرفة العبور، ومع مرور الوقت ونجاح هذه الشبكة عملياتيا واقتصاديا ، فإن هذه الميزة ستصبح مصدر قوة للعراق ترفع من مكانته الاقتصادية والسياسية بين دول المنطقة . فضلا عن ذلك، فإن ميناء الفاو الكبير وشبكة النقل البري العراقية المرتبطة المرتبطة مع دول الجوار قد تساعد في جذب جزء من حركة نقل البضائع والمتجهة من شبه القاره الهندية ودول الخليج نحو دول أوروبا. وكما هو معروف في قطاع النقل، فإ ن هناك الكثير من أنواع السلع والبضائع ذات الحساسية العالية للوقت بمعنى ان هناك حاجه ملحة لنقل مثل هذه البضائع بأسرع وسيله ممكنة الى الدول المستوردة، لأسباب منها تتعلق بسرعة التلف، طلب طارئ في بلد الاستيراد، او شحنات خاصة ترتبط بحدث او موسم معين، ومن هذه البضائع على سبيل المثال، المنتجات الزراعية، منتجات الالبان ، الادوية، بعض الأجهزة والمعدات التخصصية، الشحنات المتعلقة بالدفاع والتسليح وغيرها. ففي مثل هذا النوع من الشحنات لن يكون سعر النقل ذو أولويه كبيرة، طالما ان عامل زمن الوصول هو الأهم ، لذلك فإنه من الممكن أن تكون الممرات البرية العراقية جاذبة لهذه الشحنات، لميزتها في تقديم أقصر الطرق البرية وأسرعها باتجاه أوروبا، وهذا الباب قد يحقق إيرادات عبور مجزية للاقتصاد العراقي، على شرط ان تكون هناك دراسات جدوى فنية، مالية، تسويقية تشير الى جدوى هذا المشروع وإمكانية نجاحه في اختراق الأسواق الخارجية وجذب الزبائن، مع توفر ضمانات ان العمل سيكون في ظل بيئة سياسية وأمنية واقتصادية مستقرة وذات أمان مستدام.
ان طريق التنمية يزيد من أهمية الممر الأوسط الذي يمتد من بكين الى لندن عبر الخليج العربي والذي يقع في قلب التجارة السنوية بأكثر من 600 مليار دولار اذ يعد هذا الممر بديلا عن الممر الشمالي الذي يمر عبر روسيا والذي تأثر بالحرب الروسية – الأوكرانية .وعلى وفق هذه المعطيات سيكون لطريق التنمية محط اهتمام الصين .
ان ميناء الفاو الكبير المرتبط بطريق التنمية يقدم نفسه بديلا أفضل لنقل الغاز القطري إلى أوروبا عبر الأراضي العراقية، وذلك نظرا لجدواه الاقتصادية بمسار أقصر
العقبات والتحديات التي تواجه طريق التنمية
أولا : المسارات البحرية الحالية المارة من خلال قناة السويس تقدم خدمة انسيابيه بكلفه منخفضه وبوسيله نقل رئيسية واحدة بين موانئ آسيا وأوروبا، في حين ان النقل من خلال العراق يتطلب التحول نحو النقل متعدد الوسائط وهذا يعني استخدام النقل البحري والنقل البري سواء بالسكك او الشاحنات لنقل الحاويات، وهنا سترتفع كلف النقل بشكل كبير، مما يجعل من هذه الخدمة مكلفة وغير تنافسية .
ثانيا : ان كلفة النقل البحري هي الأقل بين باقي وسائط النقل، يأتي بعدها من حيث الكلفة النقل السككي فالنقل بالشاحنات، لذلك فعندما تزيد حصة النقل البري عن الحد الاقتصادي المقبول، فإن خدمة النقل تتحول الى عملية مكلفة وغير تنافسية، وفي حالة النموذج العراقي، فإن عملية نقل الحاوية من اسيا الى اوربا من خلال الممرات البرية العراقية، سيرفع كثيرا من حصه الوسائط البرية والتي قد تصل الى نسبة 45 %من المسار الكلي للنقل، وهذا يعني فاتوره نقل أعلى من سعر نقل نفس الحاوية بحريا يمكن ان تتجاوز 35% عن سعر نقل نفس الحاوية وبشكل مباشر عن طريق قناة السويس نحو أوروبا
ثالثا : كمية الحاويات المتجهة من اسيا الى اوروبا ضخمة جدا في عام 2021 مثال تم نقل 2.21 مليون حاوية نمطية من الصين لوحدها الى أوروبا من خلال الشحن البحري وبالتالي الصعب ، نقل هذه الكميات الضخمة بوسيلة أخرى غير شحن البحري و باستخدام السفن الام العمالقة، لضمان افضل كفاءة ممكنه وبانسيابيه عالية . لضمان افضل كفاءة ممكنه وبانسيابيه
رابعا : تستخدم الصين الممرات البرية لنقل بعض أصناف البضائع التي تتطلب وصولا سريعا نحو أوروبا، ولا تحتاج للتحميل بحرا ثم تفريغ هذه الشحنات في العراق ليتم نقلها برا نحو أوروبا، فهذه العملية ستزيد من زمن الوصول وترفع الكلف الكلية للنقل .
خامسا : التقلبات والمشاكل السياسية او الاقتصادية او الأمنية بين الدول وداخلها قد تؤدي الى إغلاق للحدود وقطع ممرات النقل البري وبالتالي ستتسبب بخسارات كبيرة لشركات النقل وللزبائن، وهذا ما يجعل من مسارات النقل البرية الطويلة العابرة للدول ذات مستوى موثوقية أقل من النقل البحري .
سادسا : فيما يخص الجدوى، أُثيرَت شكوك حول قدرة هذا الطريق على استبدال أو حتى مُنافَسة الطرق التقليدية القائمة لمسار التجارة الدولية، وبشكل خاص قناة السويس، التي يمر منها معظم بواخر الشحن التي تشتغل بين آسيا وأوروبا. ويُقِرُّ ناصر الأسدي، مستشار رئيس الوزراء المعني بمتابعة المشروع وأحد أكثر المتحمسين له، بأنّ المشروع لا يمتلك الطاقة الاستيعابية لقناة السويس التي يقدر عدد الحاويات التي تعبرها بـ 88 مليون حاوية سنوياً (مقارنة بـ 3.5 مليون حاوية عبر الطريق المقترح). ولذلك تقترح دراسة الجدوى أنّ هدف المشروع أن يكون مُكمِّلاً للقناة، خصوصاً مع الزيادة المحتملة في التجارة الدولية قُدِّرَت بـ 10-15% بين آسيا وأوروبا، والتي قد لا تتمكن قناة السويس من استيعابها.
سابعا : ارتفاعُ أسعار التأمين بسبب مرور البضائع في منطقة تعاني من المشاكل الأمنية وعدم الاستقرار .
ثامنا : هناك تحديات مهمة قد تعترض تنفيذ طريق التنمية ، أبرزها الفساد السياسي والمالي المستشري في العراق، والذي يضع علامات استفهام حول الأجندة الخفية لأي مشروع بتكاليف كبيرة، وإمكانية أن يتحول المشروع إلى مصدرٍ لتمويل بعض الأحزاب والسياسيين المتنفذين وقطاع الأعمال الطفيلي في البلد.
تاسعا : يشمل التشكيكُ قدرةَ أجهزة الدولة العراقية المعروفة اليوم بعدم كفاءتها وتغلغل المصالح الحزبية فيها، على رعاية مشروع بهذا الحجم والإشراف عليه دون التسبب بإهدار أموال طائلة، وباحتمال فشل تنفيذ بعض أعماله الأساسية. يضاف إلى ذلك، أنّ الحكومة العراقية لم توضح بعد مصادر الأموال التي ستُنفَق على المشروع، وما إذا كانت قادرة على جذب استثمارات أجنبية كافية للمساهمة في تمويله. او ان المشروع سيمول من الموزنة العامة وخاصة في مرحلته الأولى التي تتطلب بناء و تملُّك البنى التحتية الأساسية من طرق وسكك حديد (مما يعني ميزانية مالية تقترب من 17 مليار دولار )، الأمر الذي يثير تساؤلات حول إمكانية توفير هذه المبالغ، ونوع التسويات والصفقات التي يتطلبها ذلك مع الأطراف السياسية بغية تمريرها.
عاشرا : أن المشروع سيتطلب تخصيصات كبيرة من الطاقة الكهربائية، خصوصاً أن القطارات المزمع تسييرها تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء (ما لم يُتراجَع عن ذلك لاحقاً)، فإنّ توفير هذه الطاقة سيكون في محل شك في ظل أزمة الكهرباء التي يواجهها البلد حالياً، رغم المشاريع الكبرى الأخرى التي نُفِّذَت في قطاع الكهرباء التي شابها فساد وهدر كبيرين.



#نبيل_جعفر_عبد_الرضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيكون العراق ممرا للغاز القطري المصدر الى اوربا ؟
- طريق التنمية - - مفتاح الربط التجاري بين آسيا واوربا
- الاقتراض في الموازنة الثلاثية
- كشف حساب المالية العامة في العراق
- اهمية الربط المزدوج بين العراق وتركيا
- كيف يؤثر انخفاض اسعار النفط على الموازنة العراقية ؟
- كيفية توزيع العائدات النفطية في الجولة الخامسة ؟
- التكاليف العشرة لتخفيض سعر الدولار مقابل الدينار العراقي
- الدولار بين السائل والمجيب
- الرعاية الاجتماعية في الحسابات المالية لشهر تشرين الاول 2022
- السعودية تتكلم صيني
- ماذا بعد تحديد السقف السعري للنفط الروسي ؟
- ملاحظات على المنهاج الحكومي للسيد السوداني
- النتائج المتوقعة من العودة الى سعر صرف الدينار القديم
- ماذا يحصل الفقير من العودة الى سعر الصرف القديم ؟
- صراع صيني – بريطاني على تحلية ماء البصرة
- هل سيتأثر العراق بقرارات اوبك بلس ؟؟
- التصدير جنوبا --- وضع مضطرب وتوقفات متكررة
- لماذا تراجع انتاج النفط في كردستان
- هل سيؤدي الانفاق النووي الى انهيار اسعار النفط ؟


المزيد.....




- منافسة -محتدمة- بين أب وابنته في احتساء مشروب وسط مباراة هوك ...
- بسبب السيول.. -تباطؤ حاد- بنشاط الأعمال غير النفطية في الإما ...
- روسيا بحلول عام 2030 ستكتفي ذاتيا بالكامل بالمواد الخام النا ...
- يبهر الجميع بمميزاتة الجديدة.. تحميل تحديث واتساب الذهبي 202 ...
- تنزيل احدث اصدار.. تحديث جديد من واتساب الذهبي 2024 يبهر الج ...
- WhatsApp Golden 2024 “واتس اب” مزايا وعيوب تطبيق واتساب الذه ...
- بدون حظر.. خطوات تحديث واتساب الذهبي 2024 وأهم مميزات التطبي ...
- مصادر: تركيا أوقفت بشكل كامل التبادل التجاري مع إسرائيل
- وزير الطرق الإيراني يتحدث عن فتح صفحة جديدة فى العلاقات الاق ...
- نجاح أول عملية زرع من جنين إلى آخر في إنتاج كلى -طبيعية-


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - نبيل جعفر عبد الرضا - الأهمية الاقتصادية لمشروع طريق التنمية في العراق