|
بيان منظمة البديل الشيوعي حول قانون الموازنة الحالية في العراق
منظمة البديل الشيوعي في العراق
الحوار المتمدن-العدد: 7649 - 2023 / 6 / 21 - 16:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد جولات من الصراعات والتجاذبات المتواصلة منذ اكثر من ثمانية اشهر بين احزاب وقوى النظام، تم التصويت على قانون الموازنة لثلاثة اعوام. وتضمنت النسخة النهائية لهذه الموازنة تسعة وسبعين مادة، تبين خطة وبرنامج النظام السياسي واستراتيجيته المالية والاقتصادية للأعوام 2023، 2024، 2025. وقد وصفت هذه الموازنة بانها الاكبر في تاريخ العراق اذ تقدر بـ (153) مليار دولار للسنة الواحدة. ان هذه الموازنة لا تخلو فقط من أي سياسة اقتصادية موجهة لحل المعضلات الأساسية لجماهير العمال والكادحين والمفقرين، بل مصممة لتعميق وتوسيع سيطرة راس المال والرأسمالية على حياتهم ومقدراتهم ومستقبلهم، ولإخضاعهم لمستلزمات تراكم وحركة راس المال وفساده الملازم له، مع ما ينجم عن ذلك من المزيد من الافقار وتردي أوضاعهم المعيشية. وهي بالتالي، ليست خطة اقتصادية غير منحازة طبقيا، ولا هي تفاصيل تكنيكية اقتصادية وأرقام، او حتى مجرد توزيع الغنائم فيما بين اطراف واجنحة النظام، انما هي قبل كل شيء السياسة الاقتصادية العامة المقررة للدولة بوصفها دولة تحمي مصالح راس المال والرأسمالية وتمثلها، وموازنة ذات محتوى طبقي برجوازي واضح، تخدم مصالح هذه الطبقة وترسخ سيطرتها على حياة ومصير الطبقة العاملة والجماهير الكادحة، وهي مرسومة وفق السياسة الاقتصادية لـ "الورقة البيضاء" وشروط المؤسسات البرجوازية العالمية من صندوق النقد والبنك الدوليين. كما انها تستهدف توطيد اركان نمط اقتصاد الرأسمالية الليبرالية الجديدة المبنية على افقار جماهير الشغيلة وتشديد اضطهادها الاقتصادي وحرمانها من مكتسباتها ومكتسبات الطبقة العاملة العالمية، في ميدان الرفاهية الاجتماعية والنضال الطبقي للعمال. ان اول ما يلفت الانتباه في هذه الموازنة هو حجم الاقتراض من الداخل والخارج فهنالك العديد من المواد والفقرات التي توضح ان العراق سيقترض من مختلف المؤسسات والبنوك الإقليمية والعالمية والتي تفرض شروطها وسياستها الاقتصادية على العراق، كما انها غالبا ما تكون قروض بفوائد عالية جدا، تؤثر، بالمحصلة النهائية، سلبا على معيشة المواطنين. كما ان حجم العجز في هذه الموازنة بحسب ما تم نشره بلغ 64 ترليون دينار عراقي وهذا الرقم يشكل اكثر من ثلث حجم الموازنة، ولم يُخبرنا مشرعو الموازنة كيف يمكن سد هذا العجز مع حجم المدينوية الهائل على البلاد والذي يقدر بـ 113 مليار دولار؟! ليس هذا فحسب بل ان هذه الموازنة ليس فيها اي مشروع يلمس من وراءه المواطنون فائدة جديرة بالذكر او يسهم في تحسين واقعهم المعاشي بشكل جدي، فهي تخلو من اية مشاريع خاصة بتطوير الخدمات الصحية والتعليمية الحكومية والخدمات العامة الأخرى من انشاء المستشفيات او الجامعات او بناء ما يكفي من المدارس. وتستمر موازنة الاعوام الثلاثة هذه بنفس السياسات للموازنات السابقة اذ تؤكد ان من حق الوزير او المحافظ فتح الاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع المختلفة، وهذه السياسة النيو ليبرالية التي تعفي الدولة من اية مسؤولية امام المجتمع وتجعل مستقبله رهينة بيد الشركات والقطاع الخاص، هي الجوهر الاساسي في سياسة النظام الاقتصادية، اذ تفتح الابواب على مصراعيها على الخصخصة، وتزداد خطورة الامر عندما نعلم ان هذه الخصخصة تمتد لتصل الى قطاعات استخراج النفط والغاز وقطاع المصارف والبنى التحتية الخدمية مثل محطات الكهرباء والموانئ والبنية التحتية لقطاع الاتصالات والنقل والمواصلات ليكون المجتمع باسره اسيرا بيد اصحاب رؤوس الاموال. ان رهن مستقبل اكثر من اربعين مليون انسان، بميزانية مرتبطة بسعر برميل النفط عند 70 دولارا، واغفال ما سيطرأ على هذا السعر من تغيير، هو تعبير عن نظام يعيش ازمة خانقة هدفه الحفاظ على بقائه، فهذا النظام المتأزم يبحث عن مصالحه ومصالح القوى المنضوية داخله، وعن جني المنافع والمليارات من مثل هكذا موازنات. وفي سابقة هي الأولى من نوعها يضع البرلمان نسبة 13 بالمئة من الموازنة للأعوام الثلاثة المقبلة من الايرادات غير النفطية والتفسير الوحيد لهذه الزيادة هو المزيد من الضرائب على المواطنين، وهذا ما تؤكده احدى فقراتها من عدم ترويج اية معاملة لاي مواطن اذا لم يقدم فواتير الماء والكهرباء وغيرها. هذا، وان الموازنة فرضت على كل عامل او عاملة من الجنسيات الأخرى ممن يعملون في العراق دفع مبلغ مليون ونصف مليون دينار عراقي سنويا من نتاج كدحهم للنظام، في حين ان النظام متخلي ليس فقط عن أية مسؤولية للدفاع عنهم وحمايتهم من الاضطهاد الوحشي الذي يعانون منه، وخاصة العاملات في الخدمة المنزلية، بل يمنع عليهم حرية التنظيم والنضال النقابي. ان حصة الاسد من التعيينات التي يتباهى بها اقطاب النظام هي من نصيب الاجهزة الامنية وهي الداخلية والدفاع والحشد الشعبي وكذلك من حصة الوقفين السني والشيعي، اذ تبلغ اعداد المعينين في هذه المؤسسات بأكثر من مائتي الف شخص، وهذه المؤسسات هي من تحمي النظام وتحافظ على بقائه. اما بقية المعينين فاغلبهم ممن مضى على خدمتهم، كعقود او كمحاضرين عاملين بالمجان، اكثر من خمس سنوات، ومع كل هذه التعيينات فهي لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من اعداد المعطلين في البلاد والتي تتجاوز بحسب بعض الاحصائيات 6 ملايين انسان. في مقابل احتكار النظام وبرلمانه لإقرار محتوى الموازنة، قام العمال والموظفون والشرائح الاجتماعية المختلفة، باحتجاجات لإدخال مطالبهم في التعيين وإيجاد فرص العمل لهم، وتنامت حركة العمال والموظفين الداعية لتعديل سلم الرواتب، كما وقام عمال الصناعة بالنضال ضد إعادة الهيكلة وتسريح العمال ومنع العمل النقابي في شركات قطاع الصناعة. في غضون ذلك استمرت نضالات العمال والموظفين وجماهير الشغيلة، ولو بشكل غير منظم، في إقليم كوردستان لإجبار سلطات الإقليم واحزابها على استرجاع الادخار الاجباري المقطوع من رواتب سنواتهم السابقة وتفعيل نظام العلاوة والترفيع، المتوقف منذ سنوات، باثر رجعي، ولتوفير الخدمات العامة الاجتماعية والصحية والتعليمية والاسكان الاجتماعي وغيرها من الخدمات الاخرى، وإلغاء الضرائب الإضافية المختلفة على المواطنين، وتخفيض أسعار النفط والبنزين، المرتفعة جدا، الى مستوى أسعارها على صعيد البلاد. غير ان هذه النضالات لم تتحول الى حركة احتجاجية جماهيرية مؤثرة، تفرض هذه المطالب كأولويات في إقرار الموازنة على صعيد العراق او الإقليم، وذلك لأسباب عدة، منها شدة الاساليب القمعية للسلطات هناك، وملاحقة ناشطي العمال ومنع العمل النقابي وغير ذلك، وكذلك بسبب الأوهام التي تروج لها الأحزاب الإسلامية وحزب الجيل الجديد بالعمل داخل البرلمان، ومساعيهم لإجهاض الطاقة الثورية للجماهير. غير ان الأوضاع الاقتصادية المزرية لجماهير الشغيلة في الإقليم وتنامي الاستقطاب الطبقي الواسع فيه وعدم استجابة الموازنة وسلطات الاقليم لحل أيا من معضلات هذه الجماهير الاقتصادية والاجتماعية والخدمية، ستفتح الأبواب امام دخول الإقليم في فترة من اشتداد الصراع الطبقي والاجتماعي واحتمالات اقدام الجماهير على العمل الثوري المباشر. ان الطبقة العاملة والجماهير الكادحة تناضل ضد النظام الرأسمالي وحماته من الأحزاب والتيارات البرجوازية الحاكمة في كل ميادين الصراع الطبقي على صعيد البلاد، بما فيها الصراع على ما تتركها هذه الموازنة من آثار على حياتها وعملها ونضالها، وهي في الوقت نفسه ستناضل من اجل فرض مطالبها الاقتصادية والاجتماعية على السلطات والرأسماليين وستجعل من كل تحسن يكسب في معيشتها ورفاهيتها عتبة لتقوية نضالها التحرري والثوري ضد مجمل هذا النظام وتياراته واحزابه. ان منظمة البديل الشيوعي في العراق جزء من هذا النضال الطبقي البروليتاري في جميع مراحل ومنعطفات هذا النضال.
#منظمة_البديل_الشيوعي_في_العراق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمناسبة الأول من أيار تطور النضال الطبقي للعمال، طريق تحرر ا
...
-
بمناسبة الثامن من آذار، تحرر المرأة مفتاح تحرر المجتمع من ال
...
-
قانون تنظيم المحتوى الرقمي تعزيز للدكتاتورية وتكميم للأفواه،
...
-
كل التعاطف والتضامن مع ضحايا الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا و
...
-
لا يمكن انهاء الفساد من قبل نظام مبني على الفساد، تدهور سعر
...
-
رسالة مواساة لذوي ضحايا الانفجار الغازي في السليمانية والذي
...
-
يجب إلغاء الأحكام الصادرة بحق الشابين عبد الله وصابر والإفرا
...
-
بمناسبة الذكرى الثالثة لانتفاضة أكتوبر
-
ندين الهجوم الوحشي لجمهورية إيران الإسلامية على المدنيين وقو
...
-
ندين بشدة الهجوم الوحشي الذي شنته قوات الأمن التابعة للاتحاد
...
-
يبقى قلب انتفاضة أكتوبر نابضا بالحياة رغم المساعي البائسة لق
...
-
كل التضامن مع النضال الثوري للمرأة والتحررين في ايران
-
الصف المستقل للجماهير الثورية عن صراع اجنحة النظام، الخطوة ا
...
-
ندين بشدة قمع الحريات السياسية والتظاهرات في اقليم كوردستان
-
استراتيجية الاطار والتيار للإجهاز على الثورة في الازمة السيا
...
-
الأوضاع السياسية الحالية في العراق وسياستنا، مقرر الاجتماع ا
...
-
ندين بشدة المجزرة الإرهابية لحكومة أوردوغان وجيشها بحق السيا
...
-
تفاقم ازمة أحزاب وتيارات النظام وضرورة استقلال قطب الثورة عن
...
-
انهاء نظام الثورة المضادة وبرلمانه، مرهون بتطور النضال الجما
...
-
البلاغ الختامي للاجتماع الموسع الثالث للجنة المركزية لمنظمة
...
المزيد.....
-
أمريكا: هل من مخاوف من تزوير الانتخابات؟
-
في مدينة جاكسون الأمريكية.. احتمالية الوفاة بإطلاق النار أكث
...
-
لبنان: إسرائيل مسحت معظم شوارع 37 بلدة ودمرت 40 ألف وحدة سكن
...
-
بأعين خبراء وسياسيين.. هذا ما يبحث عنه التونسيون في العلاقات
...
-
-سراب التصويت-.. هل يتكرر سيناريو 2020؟
-
فكر بها فرعون ومرت على كل العصور.. ما حكاية قناة السويس؟
-
تضرّعٌ وصلوات في الهند لأجل فوز كامالا هاريس ودونالد ترامب و
...
-
لافروف: روسيا تعتزم مواصلة العمل لحل المشكلة الفلسطينية
-
روسيا.. إعصار يضرب محج قلعة في شمال القوقاز (فيديو)
-
لافروف: روسيا تدرس مقترحات بشأن عبور السفن في البحر الأسود
المزيد.....
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
المزيد.....
|