أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فراس الجندي - النكروفيليا في الخطاب التيارات الإسلامية الجهاد والشهادة














المزيد.....

النكروفيليا في الخطاب التيارات الإسلامية الجهاد والشهادة


فراس الجندي

الحوار المتمدن-العدد: 7648 - 2023 / 6 / 20 - 00:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد أشار سيغموند فرويد إلى الجرح النرجسي الذي أصيب به الإنسان عندما كشف كوبرنيكوس أن الكرة الأرضية ليست هي مركز الكون ،وأن الأرض هي التي تدور حول الشمس، وليس الشمس هي التي تدور حول الأرض. هذا الجرح جعل الإنسان الغربي يعود إلى ذاته من أجل بناء حضارته والتي أصبح الغربي يراها مركز الكون. أما الإنسان في المجتمعات العربية الإسلامية مازال يعاني من الإذلال النرجسي الناتج عن الجرح الذي أحدثته الثورة المعرفية والعلمية في العالم. فبدلا أن يتجاوز إذلالاه النرجسي ويعود إلى فهم التغيرات التي طرأت في العالم، والعمل على بناء نهضة معرفية علمية تقوم على القطع المعرفي مع الماضي الذي يقوم على تكريس خطاب الخرافة والأسطورة وقتل العقل. لجأ الإنسان العربي في المجتمعات الإسلامية على تكريس خطاب يتعلق بالماضي ومعالجة أحداث سقيفة بني ساعدة، وأن العرب ليسوا بحاجة إلى المعرفة فلديهم القرآن، وصحيح بخاري، وكتابات السيد قطب، وحسن البنا، التي تغنيهم عن مصادر المعرفة الأخرى. وبالتالي أصبح العقل ذابلاً وتعطلت عملية التفكير، وأصبحت المدارس والجامعات مراكز للتلقين والحفظ بعيدة عما يسمى البحث العملي وسلوك إحكام العقل. وتحولت أجهزة الإعلام التي تخضع للسلطة السياسية وبإشرافها تدعم الخطابات الدينية وتخصص برامج يومية للشيوخ ورجال الدين ، من أجل تكريس منهج التلقين ونسف عملية استخدام العقل في تفسير الظواهر ،هذه الخطابات والنصوص التي يقدمها رجال الدين تهدف إلى جعل البشر عبارة عن قطيع يُساق للذبح في خدمة السلطة، أي كانت هذه السلطة سياسية أو دينية ، ويرتكز رجال الدين على نصوص تُعتبر مقدسة في نظر عامة البشر في صوغ خطاباتهم ،هذه الخطابات لا تخلو من أيديولوجيا غوغائية وظيفتها تحويل الناس إلى بسطاء في الطاقة العقلية ،كي تسيطر عليهم السلطة الدينية وتحولهم إلى أدوات في يدها ومشروعها السياسي. لذلك لم يكن غريبا أو مفاجئا في الزمن الحاضر أن يهرب رجال الدين الذين ساهموا في تكريس التخلف وإلغاء العقل في تفسير ما هو الجهاد وماذا تعني الشهادة. الجهاد في سبيل الله هذه العبارة تحمل دلالة على كيفية توظيف رجال الدين هذه العبارة في خدمة مصالحهم السياسية واعتبار أن الجهاد سنة وواجب على كل مسلم، ولكن لم يقل لنا رجال الدين الجهاد ضد من. وهل يحتاج الله إلى البشر في نشر تعاليمه وحمايته، وهل هناك خوف على دين الله إذا كان الله هو من أنزل الدين فلماذا يحتاج الله إلى البشر في نشر تعاليمه. إن الجهاد في حقيقة الأمر دعوة للكراهية وتحريض ضد الآخر، والحط من قيمة الآخر المختلف كونه غير مسلم، وبالتالي هذا الآخر هو كافر ويجب قتله، وهذا يستلزم حشد الطاقات البشرية من أجل الحرب ضد الآخر تحت ذريعة الجهاد في سبيل الله، وبالتالي تصبح الأيديولوجيا الإسلامية هي السائدة في العالم. وأن الجهاد والموت في سبيل الله هو شهادة، والشهيد يدخل الجنة ويحظى بالحوريات وأنهار العسل والسلوى. (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون) إن الشهادة والجهاد وحب الموت في سبيل الله يندرج ضمن إطار انحراف نفسي يسمى النكروفيليا وهو شكل من أشكال العنف المتقدمة. والنكروفيليا تعني حرفيا حب الموت أو الرغبة القاتلة بالتواجد مع جسد الميت. أن الشخصية النكروفيلية لها علاقة ارتباط بالشخصية السادية الشرجية التي تحدث عنها سيغموند فرويد. بينما يرى إريك فروم أن الشخصية النكروفيلي هو شخص منجذب نحو كل ما ليس حياً كل ما هو ميت، والشخص النكروفيلي هو شخص مفتون بالتدمير ورائحة الموت. فالنكروفيلي يعيش في الماضي ولا يجد له طريق في المستقبل، حيث المستقبل مجهول ومرتبط بالقدر، ويتغذون على ذاكرة الأحاسيس التي تتعلق بالماضي. (فروم.2011)
وهذا ما تؤكده كتابات وخطابات وأحاديث رجال الدين كل يوم، فهم دائما يسترجعون الماضي والحديث عن بطولات الصحابة والأحداث التي جرت في تلك الحقبة الزمنية، فالمسلم المعاصر يحيا بجسده في الحاضر وعقله وعواطفه في الماضي، هذه الذاكرة التي يعيش بها النكروفيلي لا يستطيع أن يتصالح مع الواقع ولا يستطع إيجاد حلول لمشاكله، وبالتالي يعود إلى سلطة السلف والتراث واعتماد نصوصهم بوصفها نصوص تتمتع بذات قدسية يحاول من خلالها إيجاد حل لمشكلة الاغتراب، ولكنه يغرق أكثر ويتستر على مشكلاته الواقعية. والنكروفيلي شخصية تلتزم بالقوانين وملتزم بالمعايير والأعراف الدينية، لأنه هو عبد الله وهو قربان يقدم على مذبح الله، هو لا يعيش من أجل الحياة، بل يعيش من أجل الموت، الموت هو الغاية التي ترضيه. والشخصية النكروفيلية تعشق القوة والسعي نحو امتلاك القوة ، هذه القوة هي التي تحول الآخر إلى جثة والقدرة على القتل، والنكروفيلي حين لا يقتل إنساناً يسعى إلى تجريده من حريته وتبخيسه وإذلاله كي يتمتع بمشاهدة الآخر ذليل يطلب الرحمة ،أن التماهي بالقوة والشخصيات التاريخية والأسطورية التي تتمتع بالقوة لها حضور في ذاكرة النكروفيلي مثلاّ عند المذهب الشيعي نجد قصص وروايات حول بطولات علي بن أبي طالب الخارقة الذي استطاع وحده خلع باب خبير، فالشخصية النكروفيلية شخصية تشق عبوديتها وتفاخر بقربها من السلطة ، فالنكروفيلي شخصية تقف موقف العداء من الحرية ،لأن الحرية هي إسقاط لصك العبودية. أن استغلال رجال الدين للدين ليس إلا عملية سياسية متفق عليها مع السلطة السياسية كي يبقى الناس في حالة من الجمود والتخلف وتكريس العنصرية ، وسوق الناس نحو الموت المجاني تحت شعارات واهية الدفاع عن الله وعن الدين.
المراجع:

فروم، أريك (2011) جوهر الإنسان، ترجمة سلام خيربك، دار الحوار للنشر



#فراس_الجندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجية العنف في خطاب السلفية الشيعية
- اضطراب الضلالة وحقيقة شعار لبيك يا حسين
- التثاقف ولاختلافات في الاتصال غير اللفظي
- قصيدة أنا العاشق
- الاحتراق النفسي عند اللاجئين السوريين في السويد
- قلق التثاقف عند المهاجرين السوريين
- التثاقف وقلق التثاقف عند المهاجرين السوريين
- الوطن ينتظرك


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية ترفض دعوى نيكاراغوا لاتخاذ تدابير ضد تصد ...
- نتنياهو لعائلات الرهائن: قواتنا ستدخل رفح بـ-صفقة أو دونها- ...
- -دون إعلان رسمي-.. هل غيّرت قيادة -حماس- مكان إقامتها من قطر ...
- تعليق الشرطة الإسرائيلية على تصفية السائح التركي الذي طعن عن ...
- محامون يوجهون رسالة إلى بايدن لحثه على وقف توريد الأسلحة لإس ...
- -هل تؤمن بالله-.. مشاهد من عملية الطعن في لندن واستبعاد علاق ...
- مدرعة M88A1 الأمريكية ??في معرض غنائم الجيش الروسي في موسكو ...
- كمائن القسام المفخخة تثير إعجاب المغردين
- شاهد.. شرطة لندن تعتقل رجلا نفذ هجوما بسيف
- انتقادات أممية لتوعد جامعة كولومبيا بفصل طلابها المناصرين لف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فراس الجندي - النكروفيليا في الخطاب التيارات الإسلامية الجهاد والشهادة