أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فراس الجندي - سيكولوجية العنف في خطاب السلفية الشيعية















المزيد.....

سيكولوجية العنف في خطاب السلفية الشيعية


فراس الجندي

الحوار المتمدن-العدد: 7622 - 2023 / 5 / 25 - 00:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن قيم العقل والعقلانية، قيم الانفتاح على الآخر، والرأي الآخر، قيم التحرر من الطاعة وعبادة الفرد، قيم الحرية قد أصبحت قيم غريبة ومنبوذة في مجتمعاتنا العربية، وحل محلها قيم الكراهية والعبودية والتخلف والتكفير، في الوقت ذاته نجد أن الفرد في هذه المجتمعات أصبح أكثر ميلاً للاغتراب وأكثر ميلاً نحو التدين نتيجة عجزه على مواجهة تحديات العصر، وبالتالي فالمؤمن المتشدد في إيمانه ينسب قواه الذاتية إلى قوى خارج نفسه ويسلمها مصيره. إن خطاب المطلقية التي تمثلها السلفية الشيعية يجعل الفرد في حالة اغتراب وعجز مطلق، وبالتالي يصبح الفرد المؤمن بخطاب المطلقية عصابياً نتيجة القلق والشعور بعدم الراحة والخوف من العقاب، وخاصة إذا كان الفرد مُغرباً بفعل السطات السياسية والدينية، التي جعلت هذا الإنسان عاجزاً تجاه ثورة المعرفة والتطور التي يحدث في العالم ، هذه النصوص والفتاوى التي يؤمن بها الفرد المنطوي تحت راية السلفية الشيعية تجعله في حالة عصابية لأنه يدرك أن العالم يتقدم وأن المسافة بين عالمه المتخلف تزداد وبين العالم الخارجي ، نتيجة استبداد السلطة الدينية التي تقوم بقمع وتكفير كل من يخالف عقيدتها، أو يتجرأ على نقد النصوص التي كتبها شيوخ المذهب الشيعي، فقط على الرعية اتباع التعليمات والالتزام بالفتاوى التي ُيفتيها شيوخ المذهب السلفية الشيعية. هذه النصوص ليست إلا قنابل حارقة تهدف إلى حرق وتمزيق الهوية الوطنية. لذلك وجب علينا إخضاع هذه النصوص لمنهج التحليل النفسي الذي يفسر لنا الجذور النفسية لكتابة هكذا نصوص وفتاوى.
يعتبر سيغموند فرويد أن الدين عبارة عن "وهم" في كتبه مستقبل وهم حيث يقول : أن الدين خطر لأنه يميل إلى تقديس مؤسسات إنسانية سيئة تحالف معها على مر التاريخ ،وفضلا عن ذلك فإن ما يقوم به الدين من تعليم الناس الاعتقاد في وهم وتحريم التفكير النقدي يجعله مسؤولاً عما أصاب العقل من املاق(فرويد) وبالتالي نجد هناك اختلاف بين العبادة الدينية والعصاب، فالعصاب يمثل الإشباع المكتسب فالمريض المصاب بالتثبيت العصابي للأب يعيش في حضارة تمارس عبادة السلف على نحو عام بوصفها ديناً ،هذا ما نلمسه في كتاب( الكافي) للشيخ محمد علي يعقوب الكليني الذي يقول : حين قضى الحسين بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن والجنة والنار وما حل ربنا وما يرى ولا يرى بكى على الحسين إلا ثلاث أهل البصرة وأهل الشام وآل عثمان".(ص،574) ,
في هذا النص نجد كيف استطاع الكليني تحويل شخصية الحسين بن علي إلى إله جديد وخلق دين جديد، فالرسول محمد صلى عليه الله وملائكته، بينما الحسين بكت عليه كل ما هو موجود وغير موجود بهذا المعنى تفوقت مكانة الحسين على مكانة الرسول محمد. وهذا يشدنا إلى أدلة أكثر إقناعاً إلى حوادث الجنون واضطراب الضلالة، أي أن يتمكن شخص مثل الكليني أيا كانت لا معقولية نصوصه أن يؤمن به ملايين البشر من المذهب الإثنى عشري ويعتقدون بهذا الكلام بأن الأرض بكت والسماء والجنة والنار بكت على مقتل الحسين ، هذه الأفكار تقودنا إلى رؤية هامة تتعلق بوظيفة الدين ،كيف الإنسان ينتكس بسهولة إلى شكل أكثر بدائية من أشكال الدين ويبدأ بتقديس النصوص المرتبطة بالخرافة والأسطورة ،أي أن الدين الإسلامي قد انهزم أمام سلطان النص الدنيوي للشيخ الكليني ،لأن سلطة هذا النص انتهكت المثل الأعلى الديني وهو الاعتقاد بعبادة الاله الواحد ، حيث تحول الحسين إلى إله جديد وفق النص الشيعي، والعنصر الجوهري في هذا النص أن الفضيلة في مدح الحسين هي الطاعة والخطيئة الكبرى هي العصيان . أما الشكل الأكثر أهمية في هذا النص هو العنف الارتكاسي، حيث يقول الشيخ الكليني أن ثلاث لم يبك على الحسين هم أهل البصرة وأهل الشام وآل عثمان، أي شرعنة العنف ضد كل من لم يبك الحسين عبر استخدام العنف. ويعتبر إريك فروم "إن العنف الارتكاسي يرتكز بالإحساس بالتهديد، وبالتالي العنف الارتكاسي يكون ناتجاً غالباً على الواقع." فالسلفية الشيعة ترفض الواقع المحيط بها، بسبب اختلاف عقائدها الدينية التي تنص على الإيمان بالإمام الغائب، واتهام الكثير من أصحاب النبي محمد بالردة والخيانة، وجاء التشيع الصفوي ليعزز الاتجاه لدى السلفية الشيعية لدرجة أن مؤسس الدولة الصفوية أمر بسبب الخلفاء في تبريز جهاراً. (الجابري،304). هذه الكتب المنتشرة بين الأوساط الشيعية والتي تهدف إلى تأسيس الشعبوية الشيعية التي أدخلوها الصفويين أضرت وشوهت المذهب الشيعي. ومن هذه الكتب كتاب (نفيح المقال) للشيخ عبد الله المقاماني المطبوع بالنجف، في فصل باب الفوائد يقول المقاماني:" وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حُكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل فرد لم يكِ إثنى عشرياً." (ص،208) هنا المقاماني يُكفر كل فرد مسلم لأنه لا ينتمي للمذهب الإثنى عشري، واعتبار المذهب الاثنى عشري هو المذهب الصحيح وبقية المذاهب يجري الحكم عليها بالكفر. هذا الكلام يسعى إلى خلق ما يسمى مرحلة التمييز، التي هي نتاج مراحل التعصب، ومرحلة التمييز هي القدرة التي يكتسبها الطفل للتمييز بين أفراد جماعته وأفراد الجماعات الأخرى نتيجة التعزيز التفاضلي. ويقول الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتابه (تهذيب الأحكام) المطبوع بطهران: "خذ مال الناصب حيث ما أوجدته وأدفع إلينا خمسه". (ص،122) والناصب هو من ناصب العداء لأهل البيت حسب رؤية السلفية الشيعية هذه الفتوى تقودنا إلى المرتكز الشرعي التي استندت عليها المليشيات المنطوية تحت راية ولاية الفقيه عند دخولها المناطق والمدن وسرقة ونهب البيوت في سورية. أما (كتاب الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة) للشيخ يوسف البحراني، والكتاب هو مجموعة فتاوى تسترشد بها السلفية الشيعية. يقول البحراني في فتواه: " من الُحكم بكفر الناصب ونجاسته وجواز أخذ ماله وقتله."(ص،323)
هذه الفتوى هي دعوة صريحة لقتل الإنسان لأخيه الإنسان، دعوة صريحة أيضاَ لتمزيق الهوية الوطنية وضرب مفهوم المواطنة، هذه الفتوى ليست إلا نتاج عقلية مرضية، ولا تختلف هذه الفتوى عن فتاوى السلفية السنية، هذه حرب الجميع ضد الجميع، أي نسف العقد الاجتماعي والمساواة بين البشر إن العدوانية التي تفوح رائحتها من هذه الفتوى لسيت إلا استجابة ذاتية لعدوانية ارتكاسيه، الهدف منها أقناع أنصار السلفية الشيعية بأنهم مهددون بخطر، وبالتالي دعوتهم للدفاع عن أنفسهم. إن العدوانية والعنف المرتبط بالعنف الارتكاسي الناتج عن مشكلة التكيف مع الواقع، ويدرك صاحب هذه الفتوى أنه من الصعب إقناع ملايين الناس أن حياتهم بخطر وأن الطرف الآخر سيقوم بالهجوم عليهم وقتلهم، وبالتالي لا بد من دعوتهم للدفاع عن أنفسهم وإقناعهم بالاعتماد على التبعية العاطفية لقادتهم الدينيين ،وعند وجود هذه التبعية يقبل الفرد أي شيء يُقدم له، من خلال ممارسة القوة أحياناً، وإقناع الناس بوجود تهديد حقيقي وبالتالي يشعر الناس بأنهم مهددون، ومن أجل الدفاع عن أنفسهم يمارسون القتل والتدمير ،نتيجة أوهام اضطهادية وارتيابية تشكلت عند الناس بفضل الفتاوى التي ترسخت في أذهانهم منذ الصغر. أن هذا الشكل من العنف الارتكاسي يتجه بفضل الفتاوى والنصوص الدينية نحو العنف الانتقامي والذي يعد خطوة خطيرة نحو قتل الإنسان لأخيه الإنسان لمجرد الاختلاف بالدين وأو المذهب أو بعدم الالتزام بهذه النصوص والفتاوى، فالعنف الانتقامي لا يتمتع بوظيفة الدفاع عن النفس حسب رأي إريك فروم، بل يتمتع بالحل السحري اللاعقلاني لما قد تم بالواقع. (فروم،29)
فالعنف الانتقامي يتغذى على نصوص وفتاوى رجال الدين ،إذ أنه بغياب الانتقام تنهار منظومة تقدير الذات عن رجال السلفية الشيعية وكذلك تصبح الذات بلا معنى وتتشتت الهوية وتصبح الهوية مهددة بالانهيار، لذلك يقوم رجال الدين، ورجال السلفية بتغذية العنف الانتقامي عبر التذكير بهزيمة الحسين بمعركته مع يزيد بن معاوية والذي أدى مقتله على يد جيش يزيد بن معاوية ،هذه الهزيمة يستغلها رجال الدين لتعزيز أحاسيس الانتقام وأحاسيس العنصرية وشرعنة الكراهية ضد الآخر ،لأن العنف الانتقامي يتغذى على الماضي والأساطير بواسطة استبيان اسقاطي متعلق بالعلاقة بين الأحاسيس الانتقامية والفقر الثقافي والاقتصادي للناس المنطوية تحت راية الفقيه، لذلك يلجأ رجال الدين في السلفية الشيعية إلى تغذية أفرادهم والمؤمنين بنصوصهم بالنرجسية لأنهم هم الفئة الباقية من الإسلام الصحيح والملتزمة بالشريعة وبعودة المهدي المنتظر الذي سيخلص البشرية من الآلام ويُعيد الإسلام إلى عهده الأول. هذه النرجسية التي تتمتع بها الجماعة السلفية الشيعية تهدف إلى تحطيم الإيمان بالعقل والخير، لأن النرجسية مرتبطة عندهم بالعنف الانتقامي، لذلك لا بد من تحطيم الإيمان بالعقل وتحطيم سلوك إحكام العقل وإحلال النصوص المرتبطة بالخرافة والأساطير وتقديسها، على أنها نصوص مقدسة كُتبت من قبل أشخاص درسوا الفقه الشيعي وينتسبوا إلى آل البيت ، لذلك لا بد من تحطيم العقل من خلال غرس مفهوم خيبة الأمل بمقتل الحسين والبكاء عليه كل عام وإجراء مراسم العزاء ، هذه المراسم ليست إلا شكل من أشكال العنف الذي يصب في خدمة الحياة سواء بشكل واقعي أم شكل سحري. ولأن السفلية الشيعية عاجزة عن قبول الواقع وعاجزة عن مواكبة التطور والتقدم العلمي، ومحصور عقلها بالماضي وإنتاجه كل عام بمراسم العزاء الحسيني، وطقوس اللطم والضرب، هذه الطقوس ليست إلا شكل من أشكال العنف التعويضي الناتج عن العجز المطلق في العقلية التي تستند إلى نصوص لها علاقة بالخرافة، فالإنسان الذي لا يستطيع الخلق يقوم بالتدمير والذي يقوم بالتدمير يكون متعطش للدم، وجوهر التعطش للدم على حسب تعبير فلوبير إنه الانتشاء بالحياة في شكلها الأكثر قدماً. لذلك وجب علينا التصدي لهذه الخرافات وهذه النصوص عبر إخضاع هذه الفتاوى والنصوص لمنهج علم النفس وسلطة العقل.

المراجع:
الطوسي، أبو جعفر (1982) تهذيب الأحكام، الطبعة الرابعة ، النجف ، العراق
المقاماني، عبدالله (1984) نفيح المقال ، الطبعة الثانية، النجف
الكليني، محمد يعقوب(1990)الكافي، الطبعة الثالثة، النجف
البحراني، يوسف مجهول العام ، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة فتاوى، النجف، العراق
- فروم (2011) جوهر الإنسان الطبعة الأولى، دار الحوار للنشر ، سوريا



#فراس_الجندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اضطراب الضلالة وحقيقة شعار لبيك يا حسين
- التثاقف ولاختلافات في الاتصال غير اللفظي
- قصيدة أنا العاشق
- الاحتراق النفسي عند اللاجئين السوريين في السويد
- قلق التثاقف عند المهاجرين السوريين
- التثاقف وقلق التثاقف عند المهاجرين السوريين
- الوطن ينتظرك


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فراس الجندي - سيكولوجية العنف في خطاب السلفية الشيعية