أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - مجدي الجزيري.. رحلة طويلة من الإبداع والدفاع عن التنوير















المزيد.....

مجدي الجزيري.. رحلة طويلة من الإبداع والدفاع عن التنوير


فهد المضحكي

الحوار المتمدن-العدد: 7631 - 2023 / 6 / 3 - 12:12
المحور: سيرة ذاتية
    


يقف الباحث في ميدان الفكر بين طريقين: الطريق الأول يشده إلى القديم المألوف، أما الطريق الثاني فيدفعه إلى الجديد وريادة المجهول، وشغف التأمل والبحث والغد المأمول. وقد آثر الدكتور مجدي الجزيري السير في الطريق الثاني وهو طريق صعب ملئ بالمتاعب والعثرات. في عدد من مجلة «الفكر المعاصر» الذي تضمن ملفا خاصا عن فكر الجزيري أستاذ الفلسفة بآداب طنطا، يقول د. محمد محيى الدين أحمد، لم يكن سير الجزيري في الطريق الصعب بدافع من أي مصلحة أو نفع أو وظيفة يتعيش بها، بل لقد استطاع أن يقدم فكرًا جديدًا يتحرر من ظلال التقليد، محلقًا في فضاء الفلسفة العريض، فهو يميل إلى القفز على الثوابت القديمة والأنماط التقليدية، ليفتح آفاقًا جديدة أمام الفكر المعاصر بأسئلته وقضاياه وإشكاليات المتشعبة ومقولاته ومفاهيمه. وقد ظل الجزيري في موقفه الفكري كاتبًا ملتزمًا، مهمومًا بقضايا وطنه ومجتمعه، حريصًا على تقدمه، حرصًا يتعالى على الذاتية ويتجاوز كل الرؤى الضيقة والنفعية والانتهازية.

ولد «الجزيري» في محافظة سوهاج عام 1943، ثم سافر إلى القاهرة ليستقر بها، وحصل على بكلوريوس إدارة الأعمال من جامعة القاهرة 1964 ثم عمل موظفًا بالتعليم العالي، بعدها حصل على الماجستير عن أطروحته العلمية «فلسفة الفن عند أرنست كاسيرو» ثم حصل على الدكتوراه بعنوان «الحرية والحضارة عند نيوكيلا بيرد يائيف»، عمل مدرسًا للفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب بطنطا وفي عام 1995 حصل على درجة الأستاذية. نال «الجزيري» العديد من الجوائز والأوسمة منها جائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة، حاضر في العديد من الجامعات المصريه ودولة الإمارات العربية المتحدة. له عدد من المؤلفات، منها «اللاهوت والسياسة عند سبينوزا ومارتن بوير» وكتاب «دراسات في علم الجمال» و كتاب «بين الأسطورة والتكنولوجيا» و«إيديولوجيا إقصاء الآخر في الفكر الغربي المعاصر عند صمويل هنتجنتن وبرنارد لويسمعونك»و «الدين والدولة والحضارة عند بوركهارت» وكتاب «نقد التنوير عند هيردر». عاش الجزيري رحلة طويلة من الإبداع المتدفق، تميز أسلوبه بالإيجاز والعمق، لينتهي إلى رؤية فلسفية خاصة، ومتماسكة، تجمع بين الفلسفة والأدب والسياسة والتاريخ والفن، رؤية يصعب تفتيتها، وتنصهر معًا في صعيد واحد. ما يميز الجزيري لم يسع يوما إلى شهرة فارغة أو منصب زائل، بل كان يرى أن الأستاذية الحقة الجديرة بهذا الاسم هي التي تتجاوز كل هذه الأعراض الزائلة، فعطاء الأستاذ هو الذي يبقى، وغرسه هو الذي يدوم ويؤتي ثمره ولو بعد حين.

إن أزمة مجتمعاتنا العربية - كما رأى الجزيري في أكثر من مناسبة ومجال ومؤلف - تتبدى كامنة في الازدواجية، ففي مجال الأخلاق - على سبيل المثال - نجد هناك فائضًا في منسوب الأخلاق النظرية، وتدني منسوب الأخلاق العملية المتمثلة في سلوكنا اليومي. وبالنسبة لمجال الفكر والوعي، تتمثل هذه الازدواجية في الكثير من الشعارات البراقة ورفع رايه التنوير، بينما نجد هولاء على مستوى الواقع، وفي علاقتهم بالآخرين لا نجد لهم أي علاقة بالتنوير، وهذا ما يؤكد عليه الجزيري حين يرى أننا كثيرًا ما نتكلم عن التنوير في كتبنا وأبحاثنا، ونتغنى به في المحافل العلمية والمؤتمرات، لكننا نفتقد إلى التنوير في الحياة العملية والممارسات الفعلية. أيضًا من الرؤى الثرية التي قال بها الجزيري أن التنوير ليس مرتبطًا بحقبة تاريخية معينة، وليس حكرًا على حضارة أو ثقافة بعينها، ففي الحضارة اليونانية كان هناك اتجاه تنويري، كذلك كانت هناك محاولات تنويرية في فلسفة العصور وما تلاها من مدارس في العصر الحديث، وإذا كنا نجد أفكارًا تنويرية في الفلسفة الإسلامية، نجد كذلك محاولات تنويرية في الفكر المسيحي واليهودي. تذهب بعض الأراء الأكاديمية ومن بينها رأي د. محمد يحيى فراج إلى أن الجزيري من المفكرين الذين أقترن اسمهم بالبحث في «الاتجاه الإنساني والدفاع عنه،فإنه لا سبيل إلى فهم الإنسان عنده إلا إلى عمله، وحاجته، ووضعه المادي، وإطاره الحضاري، وشتى مشروعاته، مع ما يقترن بها من رموز ومعان وقيم.. الخ. إن الاتجاه الإنساني قد يتحول في رأي الجزيري إلى اتجاه غير إنساني، حين ينادي بأن الإنسان هو وحده السيد المطلق في الكون، وحين يطيح بجوهره الروحي. لكن ما عسى أن يكون جدوى الاتجاه الإنساني عند الجزيري، إن لم يكن طريقا لمحبة الحياة، حيث عمق حبه لهذا الاتجاه بالبحث المنهجي، والدرس الاكاديمي لتاريخه ومذاهبه ومدارسه الفكرية، بداية من عصوره الكلاسيكية الأولى إلى ما وصلنا إليه في عالمنا المعاصر. بيد أن شغله الشاغل يكمن في ربط الفلسفة الإنسانية بالمجتمع وقضاياه الاجتماعية والسياسية والثقافية، وأن تكون مرآة يتطلع من خلالها إلى معنى الخير والحرية والجمال والحقيقة.

فإذا كان كما أوضح الكاتب والروائي وأستاذ العلوم السياسية د. عمار علي حسن،أن اللغة كمدخل فلسفي عند الجزيري، فإن جهده أي» الجزيري «في تحليل جوانب من الفلسفة، ونقده مشروعات فلاسفة عرب وغربيين، والانفعال الخلاق مع قضايا فكرية واجتماعية وسياسية، يستحق الالتفات والاحتفاء، هو في كل هذا لم يكن يضرب بلا نهج ولا هدى، إنما وفق نسق متماسك، جعله يرى الأمور بعمق، ويفككها بوعي، ويعيد تركيبها بفهم،ويستنتج خلاصتها بهمة وإخلاص. فالجزيري يمتلك عقلاً نقديًا رائقًا، يجعله مجبولاً على رفض التلفيق والتناقض، وقادرًا على التقاطه، وتعيينه، وتبيان مثالبه، كما فعل في تعقبه لمشروع حسن حنفي، باعتباره أكثر المشروعات الفلسفية المصريه غزارة وإثارة للجدل ورغبة في اختراق الكثير من المسكوت عنه. وهذا العقل النقدي، كما يتبين لنا، جعل من الجزيري يعمل في سبيل مواجهة الجوانب السلبية للوعي الأسطوري، باعتباره أخطر ما يواجه أي أمة، لأنه يرميها في مستنقع التخلف والركود الثقافي والعلمي والحضاري والاجتماعي والسياسي، ويحول بينها وبين التنوير. وهذه الرؤية النقدية التي يتسم بها تصور الجزيري امتدت إلى شرح وتحليل الدور الذي تمارسه اللغة في فهم الواقع، ومن ثم الارتقاء به، أوتطويره، وهو في هذا يبدو متأثرا بفلسفة الفيلسوف الألماني إرنست كاسيرر، التي تقوم على أن اللغة مفتاح قوي لفهم كل شيء، الموضوعي والذاتي.

وتأسيسًا على ذلك، يرى أن هناك عدة اتجاهات في فهم اللغة وتوظيفها، الأول يتعامل معها كعلم في حد ذاتها، والثاني يعتبرها أداة أدبية في مختلف تشكيلاتها البليغة، بما دفع البعض إلى القول إن الأدب هو تشكيل جمالي للغة، والثالث يعتبرها وسيلة للتواصل حتى في العلوم الطبيعية والرياضية، ثم يقول: «إذا الفلسفة باعتبارها نظرة عقلية فاحصة للعديد من القضايا وموضوعات اهتمامنا فإنها لايمكن بطبيعة الحال أن تتجاهل موضوع اللغة، وإذا كانت الفلسفة قد اتجهت إلى العلم فقدمت فلسفة العلم، واتجهت إلى التاريخ وقدمت فلسفة التاريخ، واتجهت إلى الفن وقدمت فلسفة الفن، فإن اتجاهها إلى اللغة، لايمكن أن يكون اهتماما هامشيا عرضيا، بل هو اهتمام أصيل جوهري، وليس هناك ظاهرة أكثر من ارتبطا بوجودنا الإنساني من ظاهرة اللغة، فنحن جميعًا نتكلم قبل أنصبح علماء وفلاسفة». يحلل الجزيري الصراع بين النزعتين الاسمية والإنسانية أو الاجتماعية في حقل اللغة، إذ ترى الأولى أن اللغة مجرد صورة للعالم، لأنها تعطي المقابل للكلمات والأشياء والموضوعات، وبذلك فلا مجال للبعد الإنساني والتفاعل الاجتماعي في تحديد المعنى. أما الثانية فترى أن الكلمات ليست هي التي تحدد معنى الأشياء، وإنماء البشر أنفسهم هم الذين يفعلون هذا عبر الكلمات، ومن هنا فإن العبارة لا تمثل العالم إنما البشر حين ينطقون العبارات، وبالتالي فالبشر هم الذين يصنعون اللغة، ولا تصنعهم اللغة.



#فهد_المضحكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن العلاقة بين الثقافة والتعليم
- متغيرات وصراعات عالمية أفرزتها الحرب الروسية الأوكرانية
- السيد إمام.. الناقد والمترجم التنويري
- الجنوب العالمي يبتعد عن الغرب
- السودان بين صراع العسكر والأطماع الخارجية
- ماكرون.. هل يكسر طوق الهيمنة الأمريكية على القرار الأوروبي؟
- واقع الجامعات العربية
- المفكر الموسوعي عبدالغفار مكاوي
- عشرون عامًا على الغزو الأمريكي للعراق
- عار الجوع
- السياسة الخارجية لإدارة بايدن
- الحنين للماضي وأبعاده السياسية
- محمد غلاب.. الفيلسوف الأزهري
- حديث عن الإصلاح
- بلاد العرب والفقر المدقع
- ماذا قالت كبرى الصحف الأمريكية عن أزمة الوثائق السرية؟
- التفكير العلمي
- أفكار كيسنجر بين المفاوضات والتصعيد!
- الإخوان وثورة يوليو
- لماذا التوجه الأمريكي نحو أفريقيا؟


المزيد.....




- بايدن لـCNN: ترامب لا يعترف بالديمقراطية ولن يتقبل الهزيمة ف ...
- البنتاغون: أمريكا ستبدأ بإرسال المساعدات لغزة عبر الرصيف الع ...
- البيت الأبيض: عملية عسكرية كبرى في رفح ستُقوي موقف -حماس- في ...
- رئيس الوزراء البولندي يعترف بوجود قوات تابعة للناتو في أوكرا ...
- إسرائيل تسحب وفدها من مفاوضات القاهرة لوقف النار مع حماس ومس ...
- بالفيديو.. -سرايا القدس- تستهدف جنودا من الجيش الإسرائيلي مت ...
- مشاركة النائب رشيد حموني في برنامج مع ” الرمضاني” مساء يوم ا ...
- -محض خيال-.. تركيا تنفي تخفيف الحظر التجاري مع إسرائيل
- RT تستطلع وضع المستشفى الكويتي برفح
- رئيس الوزراء: سلوفينيا ستعترف بالدولة الفلسطينية بحلول منتصف ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فهد المضحكي - مجدي الجزيري.. رحلة طويلة من الإبداع والدفاع عن التنوير