|
الظاهرة الاوردكانية
منير جبر المعموري
الحوار المتمدن-العدد: 7627 - 2023 / 5 / 30 - 14:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما سقطت الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الثانية ارادت دول الحلفاء بغضا بالدولة العثمانية ووقوفها الى جانب المانيا ودول المحور الى تقسيمها وانهاء وجودها نهائيا وازالة اي اثر للدولة العثمانية ودخل كمال اتاتورك حرب الاستقلال من اجل انقاذ مايمكن انقاذه من الدولة العثمانية فوافقت دول الحلفاء على سلغ جميع المستعمرات العثمانية ومنها البلاد العربية وارمينيا وغيرها والابقاء على الدولة التركية بخريطتها الحالية. هذا الامر لم يكن مجانا الحلفاء اشترطوا على اتاتورك ان ينهي كل اثر عثماني واسلامي للدولة العثمانية وتبني النظام العلماني كايديولوجية للنظام السياسي الجديد لتركيا وفرضوا عليه حتى تغير اللغة كتابة الى الحروف الاتينية بدل العربية وغيرها من الاشتراطات العلمانية المتطرفة والقاسية جدا وافق اتاتورك مقابل وجود تركي مشوه لذا ولدت تركيا في ظل علمانية لاوجود لانموذجها في كل انحاء العالم الديمقراطي عدا العلمانية في الانظمة الدكتاتورية ككوريا الشمالية والصين . علمانية متطرفة لشعب مسلم يؤمن طيلة اكثر من ستمائة عام بخليفة ونظام اسلامي وامبراطوري وامير مؤمنين . أشبه ولادة علمانية تركيا بولادة ديمقراطية العراق المشوه بعد عام 2003 . لذلك بقي النظام السياسي التركي مع تبنيه النظام الديمقراطي والتدوال السلمي للسلطة مشوها غير قادر على النهوض بتركيا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وامنيا وعمرانيا ورافقته تحديات داخلية وخارجية كبيرة ولمدة سبعون عاما حتى مجيئ الظاهرة الاوردكانية التي تمثلت بحزب العدالة والتنمية ذو التوجه الاسلامي الذي بدء من المجالس المحلية يعمل بالاتجاه الصحيح الى ان استطاع وبسبب عمليات الاعمار والمشاريع المحلية في اسطنبول والمدن الاخرى التي من خلالها استطاع الحزب ان يدك حصون ومعاقل العلمانية ويستقطب الاتراك الى جانبه مع التوجه الاسلامي النقيض للعلمانية المعمرة . وعمل اوردكان منذ توليه عمدة اسطنبول بسياسة حزب متوازنة ملفته للنظر لم يقوم الحزب بفرض ايديولجيته دفعة واحدة وانما فرض ايديولجيته الجديدة من خلال العمل الواقعي الذي لامسته الجماهير في المجالس المحلية قبل المبادى والتنظير وبعدها بدء خطوة خطوة الى ان استلم اوردكان السلطة استطاع وبفترة زمنية ان يعمل المستحيل سواء على المستوى السياسي بنقل تركيا الى مصاف الدول المتقدمة عمرانيا واقتصاديا وسياسيا وصناعيا وانتشال الواقع التركي المتردي بالجانب الخدماتي . استطاع اوردكان التقلبل من حدة العلمانية المتطرفه رويدا رويدا دون شعارات مزيفه دون صدام دون صراخ كل ما يتقدم خطوة بالتقدم الاقتصادي والخدماتي والعمراني يتقدم خطوة باتجاه انهاء حالة متطرفه من العلمانية المشددة حتى استطاع على سبيل المثال ان يصدر امرا للمحجبات بدخول الجامعات بعد ان كانت حكرا على السافرات فقط وان يسمح للاذان ان يرفع باللغة العربية في بعض الولايات بعد ان كان يرفع باللغة التركية والذي دفع عدنان مندرس رئيس وزراء تركيا حياته اعداما بتهمة خيانة العلمانية عندما حاول اصدار امرا برفع الاذان بالعربية في ستينات القرن الماضي. واستطاع اوردكان ان يقلل من حدة الجيش وولائه للعلمانية اكثر من ولائه لتركيا نفسها بعد ان سحب البساط من تحت اقدام قيادات الجيش العلمانية بهدوء وتروي بعد ان فهم ان العقدة الرئيسية تكمن في الجيش نفسه . الى ان اصبح اوردكان ظاهرة سياسية ملفته للنظر، وازن بين توجه حزبه الاسلامي وبين توجهات الدولة العلمانية دون احتكاك يذكر وحافظ على عملية التدوال السلمي للسلطة وحافظ على الحريات العامة بشكل ملفت للنظر دون المساس بها اطلاقا الى ان جعل الكثير من الاتراك والتركيات تتخلى طوعا عن كثير من المفاهيم العلمانية والاتجاه نحو حياة مدنية محافظة. على مدى عشرون عاما واجه التحديات الخارجية والداخلية واستطاع الصمود . لديه بعض الاخفاقات بالجانب الاقتصادي في السنوات الاخيرة بسبب ازدياد نسبة التضخم وهبوط مستوى قيمة الليرة بسبب التدخلات الخارجية والتي واجهها بكل حزم وحاول معارضوه استغلالها ضده في الانتخابات الاخيرة ولكن تدخل دول الغرب وتصريحاتهم المثيرة للجدل بهذا الخصوص حول الموضوع لصالحه انتخابيا عندما رفض الشعب التركي التدخل الاجنبي بالاقتصاد التركي واصطفوا وطنيا وقوميا الى جانب اوردكان استطاع اوردكان وبذكاء احياء الموروث الوطني والقومي لدى الاتراك لذا كنا نتوقع فوزه وبجدارة .
#منير_جبر_المعموري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقارنة بين نهر النيل وبين دجلة والفرات
-
سعر صرف الدينار العراقي
-
الخليج العربي او خليج البصرة
-
روسيا بين ضرورات الجغرافيه ومررات التارخ وبين ازمة كورونا وا
...
-
روسيا بين ضرورات الجغرافيا ومرارات التاريخ وبين جائحة كورونا
...
-
كيف تصبح الأدلوجية ديناً
المزيد.....
-
-جيل كامل قد ضاع-.. وزارة الصحة الفلسطينية: ثلث ضحايا حرب غز
...
-
لافروف يعلق على تصريح فيتسو حول مهاجمة بروكسل بالصواريخ
-
حزب الله يستهدف قاعدتي الكرمل و-7200- جنوب مدينة حيفا بالصوا
...
-
مقتل 7 أشخاص وإصابة 11 آخرين في حصيلة أولية للهجوم الإسرائيل
...
-
بي بي سي تعود لمقابلة أشخاص أجرت معهم لقاءات في بداية حرب غز
...
-
ارتفاع هائل في -وفيات الإناث المشبوهة- في تركيا.. السياسة ف
...
-
مع اقتراب الإعصار -ميلتون-.. بايدن يرجئ زيارته إلى ألمانيا
-
قتلى ومصابون في استهداف إسرائيلي جديدة للعاصمة السورية (صور+
...
-
عام على طوفان الأقصى..حماس تتحدى إسرائيل
-
الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على نفق قصير يمتد من لبنان إلى
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|