انتخابات 2023: تركيا تبحث عن رئيس

وحيد انعام الكاكائي
باحث في العلاقات الدولية
()

الحوار المتمدن-العدد: 7616 - 2023 / 5 / 19 - 00:45
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

بعد إسدال الستار عن نتائج الانتخابات التركية 2023، وعدم تمكن أي من المرشحين تخطي عتبة 50% من الاصوات، أردوغان 49.51%، كمال كيليجدار أوغلو 44.88%، سنان أوغان 5.17%. تتجه الأنظار نحو جولة الإعادة "الغير مسبوقة" يوم 28 أيار بين أردوغان وكيليجدار اوغلو لحسم منصب الرئاسة.
بيضة القبان...
يوصف بـــــ "بيضة القبان" او "صانع الملوك"، هو سنان اوغان (القومي المتطرف) الذي باستطاعته حسم الجولة الثانية لأروغان او لكمال كيليجدار. بمعنى، رغم انه مرشح الرئاسة الأضعف- حصل على 5.17 % من الأصوات- الا انه قد يحسم كفة الميزان بين المرشحين في جولة الإعادة يوم 28 أيار القادم. وهذا يعتمد على حجم التنازلات التي سيقدمه له المتنافسين على الرئاسة.
توازن صعب!!
حصل كيليجدار أوغلو على دعم قوي من حزب الشعوب الديمقراطي الكوردي (خاض الانتخابات البرلمانية باسم حزب اليسار الأخضر خوفا من حظر حزب الشعوب)، مما ساعده على الفوز بأغلبية كبيرة في المدن الكوردية (كوردستان الشمالية) مثل ديار بكر ووان. لكن كمال كليتشدار أوغلو امام معادلة صعبة، بسبب "شروط" سنان أوغلو، اذ صرح بانه لا يمكن أن يدعم كمال كليتشدار في جولة الإعادة، إلا إذا وافق الاخير على عدم تقديم تنازلات لحزب الشعوب الديمقراطي الكوردي، هذا خيار مستحيل بالنسبة لكيليجدار أوغلو، الذي لا يتخلى عن 9% من اصوات الناخبين، لكي يحصل على 5% من أصوات سنان اوغان.
رغم ذلك، هناك تقارب بين أوغان وكيليجدار أوغلو فيما يتعلق بملف اللاجئين- تم استخدام هذا الملف كدعاية انتخابية من قبل الساسة الاتراك- أكثر وضوحا، حيث كرر الأخير مرارا تعهده بترحيل السوريين إلى بلادهم في غضون عامين من توليه الرئاسة.
في المعسكر المقابل، يختلف سنان أوغان مع أردوغان بملف اللاجئين، موقف حزب العدالة والتنمية كان مع العمل على إعادة اللاجئين السوريين طوعا إلى بلادهم بعد أن تتوفر الظروف الملائمة لذلك، ما قد يستغرق وقتا طويلا. في حين يطالب أوغان بإعادتهم فورا.
في هذا السياق، من الصعوبة ان يقبل رئيس حزب الحركة القومية "دولت بهجلي" التحالف بين أردوغان وسنان اوغان، لان الأخير كان في الحركة القومية وانشق عنها عام 2017، عندما قررت التحالف مع حزب العدالة والتنمية، بمعنى ادق، داخل تحالف أردوغان هناك من لا يريد التحالف مع سنان اوغان.

جغرافية التصويت
من خلال قراءة خريطة الدعم التصويتي في الانتخابات التركية، نلاحظ ان هناك تباين مكاني واضح في مناطق الدعم لكلا المرشحين. اذ أظهرت نتائج الانتخابات ان أكبر مناطق الدعم للمرشح كمال كيليجدار هي المدن الكبرى انقرة وإسطنبول والمناطق الساحلية الواقعة غرب البلاد – بحر ايجة والبحر المتوسط- وهي مناطق نشطة ومستدامة اقتصاديا (السياحة وخدمات الشركات) دعمت حزب الشعب الجمهوري لغرض انتعاش الاقتصاد مرة أخرى. وهي بالتأكيد اغنى من مناطق ساحل البحر الأسود أو وسط الأناضول التي تعد مناطق نفوذ قوية لأروغان.
في المقابل، شكلت مدن وسط الاناضول "المحافظة" والتي تتسم بالطابع الريفي والتصويت التقليدي، مناطق دعم مهمة لأردوغان، بفضل "نظام المحسوبية" الذي وضعه أردوغان في السنوات الأخيرة، حيث تعيش ملايين الأسر في هذه المناطق على الإعانات الحكومية، إذا خسر أردوغان، فهم يخشون عدم تلقي هذه المساعدات بعد الآن.
كما أظهرت نتائج الانتخابات صعود التيار القومي "المتطرف" من خلال الأصوات التي حصل عليها أردوغان وتحالفه، في المقابل تصاعد نوعي كبير في المد اليميني القومي في تحالف كمال كليتشدار. زيادة شعبية اليمين المتطرق في كلا المعسكرين يرجع لأسباب من أبرزها اللاجئين السوريين (3.7 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا)، ومعاداة الغرب.

نلاحظ مما سبق، ان الخريطة الانتخابية التركية لعام 2023، شهدت تراجع اعداد المصوتين لحزب العدالة والتنمية – فَقدَ 7% من اصواته بالبرلمان في 5 سنوات. رغم ذلك احتفظ بالأغلبية في البرلمان من خلال تحالف مع القوميين المتطرفين، بمعنى بات من الصعب تغيير النظام الرئاسي الى برلماني.
كما اتسمت التحالفات بغلبة الطابع القومي على الطابع الإسلامي والعلماني، ولهذا تداعيات كبيرة على الية تشكيل الحكومة، والتعامل مع الأقليات، وكذلك قضية اللاجئين التي تعد ملف شائك بين تركيا ودول الاتحاد الأوربي.

تزامنا مع العملية الانتخابية، لامست الليرة مستويات منخفضة جديدة مقابل الدولار وتراجعت الأسهم في بورصة إسطنبول بنحو 6.4%، بعد إدراك أن عصر الاقتصاد غير التقليدي لأردوغان قد لا ينتهي، وسوف نشاهد المزيد من الانخفاض في قيمة الليرة قبل الجولة الثانية، وهذا يصب في صالح المعارضة.
من الصعوبة بنتيجة الجولة الثانية، رغم ان اردوغان له الأفضلية بالفوز، الا انه من الصعب للغاية تجاوز عقبة كمال كليتجدار اوغلو، الذي بات رقماً صعباً في مواجهة أردوغان.

#وحيد_انعام_الكاكائي (هاشتاغ)       #          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات