أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة - روضة مرقس مخول - تاريخ عمل عاملات النسيج الفلسطينيات في إسرائيل 1970-2010: تضحية، نضال وعطاء















المزيد.....

تاريخ عمل عاملات النسيج الفلسطينيات في إسرائيل 1970-2010: تضحية، نضال وعطاء


روضة مرقس مخول

الحوار المتمدن-العدد: 7603 - 2023 / 5 / 6 - 12:34
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة
    


في عام 1971 فُتح فرعٌ لمصنع "غيبور" للخياطة والنسيج في قرية يركا الجليلية ومعه ولدت فرص عمل لمئات من النساء من يركا وأبو سنان وكفرياسيف وغيرها من القرى العربية القريبة. كتبت مجلة "الغد" الصادرة عن اتحاد الشبيبة الشيوعية بتقريرها بالعدد الرابع للعام :1973 "في بلادنا تنمو وتتضخم وتسيطر الاخطبوطات الرأسمالية بسرعةٍ فائقة، فالحكومة ترعاها والهستدروت (نقابة العمال) في جيبها". وأضافت: "هنالك واحد من هذه الأخطبوطات السعيدة، واسمه "غيبور" انتفخ وتضخم خلال سنوات فمد أذرعته الى كل ناحية في بلادنا. عشرات وعشرات ملايين الليرات ينهبها سنوياً من جهد العاملات والعال وتسمى أرباحاً". وأشارت الغد يومها الى ظاهرة فتح المشاغل بالقرى العربية لاستغلال أيدي العمل الكثيرة والرخيصة. ففي مصنع "غيبور الذي تمت اقامته مع ضجة إعلامية حكومية يومها حول "تطوير القرية العربية والدرزية"، كان اكثر من ثلث عدد العاملات تحت سن الثامنة عشرة، ومعدل الأجر لا يصل إلى نصف حد الأجر الأدنى كما كشفت الغد، وأما المصنع فقد أقيم في قرية كانت يد المصادرة قد صادرت مساحات واسعة من أراضيها. وقد روت الرفيقتان نبيهة مرقس وعبلة عموري حول وضع الاستغلال البشع التي تعرضت له عاملات النسيج في يركا ودير حنا والبعنة وغيرها، وحول دور صحافة الحزب الشيوعي وشبيبته ومنشورات حركة النساء الديموقراطيات بنشر أخبار المشاغل والمصانع وعرض صورة الأوضاع هناك والتناقضات بين العاملات وأصحاب المصانع والشركات الكبرى التي فتحت مصانعها في فرانا العربية.

وقد حدثتني الرفيقات بأن أعضاء الحزب من نساء ورجال واظبوا على التواصل مع العاملات عن طريق لقائهم المباشر معهن أثناء خروجهن من المصنع بنهاية الدوام، وكانوا يوزعون المناشير والمواد التوعوية للعاملات بينما يلاحق أحد مديري العمل العاملات ويضربهن اذا تناولن المنشور.

وكانت مجلة "الغد" تتابع، على سبيل المثال، وضع العاملات في مصنع "غيبور" في يركا، وتكشف التجاوزات القانونية بالأجور وظروف العمل في هذا المصنع بواسطة تحقيقات صحفية قام بها مراسلوها مع العاملات أو مع معارفهن. وجدير بالذكر أن بعض رفيقات الشبيبة الشيوعية والحزب عملن بالمصنع، وهؤلاء أوصلن لمجلة الغد وللرفاق والرفيقات المسؤولات عن العمل النقابي معلومات حول ظروف العمل والتجاوزات من نهب لقوت العاملات، استغلالهن، وجني الأرباح من جهودهن. استمرت الغد بتغطية أخبار العاملات لعدة سنوات، فكشفت أن الاستغلال في المصنع هذا وغيره كان من خلال تصنيف العمل الى خمسة مجالات رئيسية ولكل مجال كان صاحب المصنع يحدد المقطوعية (نورما)، وكان على العاملات، وعددهن مئتين، أن يصلن مثلا الى انتاج 43 الف زوجاً من الجوارب يوميا! وكان على كل عاملة بمجال فحص الجودة أن تصل الى مقطوعية 1260 وحتى 1700 قطعة وهذا حسب المجال. وروت الرفيقة نبيهة أن العاملات كُنّ يخبرنها بأن ساعات عملهن كانت تتجاوز عدد الساعات القانوني، أي ثمانية ساعات يوميا، وذلك لأجل الوصول الى المقطوعية الملقاة عليهن. كانت تضطر العاملات الى البقاء ساعة أو أكثر خاصة وأن التعب كان ينهكهن، خاصة بالأذرع التي يجب رفعها للأعلى أثناء مرحلة فحص الجودة، وأثناء عملية الخياطة والتصليح أو فحص الجودة بسرعة بهدف الوصول الى المقطوعية المطلوبة. واما السوط الذي كان مسلطاً على ظهورهنّ فكان الخصم. فقد كانت إدارة المصنع تستنزف اكثر ما يمكن من جهد العاملات فاستعملت اسلوب خصم ساعات العمل اذا لم تصل العاملة الى المقطوعية التي حددها المصنع. وكتبت "الغد" "كان الاستغلال ينهش العاملات الصغيرات سناً فهؤلاء عملن ثماني ساعات بدل سبع، ولم يحظين بيوم استراحة إضافي كما كان ينص عليه القانون. قيادة الهستدروت كانت قيادة معراخية، تتآمر حسب ما كشفت الغد مع إدارة المصنع وهذا ما عمق استغلال العاملات واستمرار وضعهن المزري".

اما في العدد الأول من مجلة "الغد" للعام 1972 فقد نشرت مقابلة مع النقابي الشيوعي الرفيق المرحوم جمال موسى، سكرتير منطقة عكا الحزبية، وعضو اللجنة التنفيذية للهستدروت حول قضية العاملة شفيقة خطيب من كفرياسيف والتي كانت تعمل في مصنع "الاناقة" للملابس في كفرياسيف. فقد كانت العاملة قد اوصلت للرفيق جمال صورة عن استغلال العاملات بالمصنع فكانت العاملة مثلا تعمل الأشهر الثلاثة الأولى، ثماني ساعات يومياً، بدون أجر، إذ كانت حجة صاحب المصنع أن العاملة تتدرب. بالإضافة، لم تحصل العاملات على الأجر مقابل أيام عطلة حددتها الهستدروت كالأول من أيار والاستقلال، ولم تُدفع عنهن رسوم التقاعد. وقام الرفيق جمال موسى بمراسلة السكرتير العام لنقابة العمال الهستدروت بخصوص هذه الأمور، فما كان من المصنع إلا وطرد العاملة شفيقة خطيب رغم كونها "عاملة نشيطة وذات خبرة وأقدمية" حسب ما أورد تقرير الغد. طالب النقابي جمال موسى بإعادة شفيقة إلى العمل، وإقامة لجنة تمثل العاملات، وتنظيم العمل حسب شروط العمل الهستدروتية والمتعارف عليها" (ص 15).

ساعدت رفيقات الحزب الشيوعي قيادات المناطق الحزبية بجمع ونقل قصص وتجارب الاستغلال الطبقي في المشاغل. وكان وعيهن الطبقي والتثقيف الفكري الذي حصلن عليه في فروع الحزب محركاً لهن. وحسب رواية الرفيقة عبلة العموري التي عملت في مصنع غيبور فقد جهزت رفيقات فرع كفرياسيف العاملات بالمصنع مقالاً أو تقريراً لمجلة "الغد"، قامت بكتابته وصياغته الرفيقة سعدة صالح سعد، بعنوان "غيبور والضمير لا يتفقان" وهذا بعد أن حرضنّ العاملات حول الأجر المنخفض والمقطوعية العالية التي كانت مطلوبة منهن. وكانت إدارة المصنع قد انتظرت فرصة سانحة للانتقام من الرفيقات ففصلتهن ومعهن الرفيقة بدور خطيب على إثر اضراب يوم الأرض الأول. حاول صاحب المصنع أن يُرجع الرفيقة عبلة لوحدها عن طريق الضغط على أحد اقربائها، فأخبرته: أنا لا أعود بدون رفيقاتي. وما يُلفت برواية الرفيقة عبلة هو تضحية رفيقات الحزب والإخلاص التام للطبقة العاملة والحزب، فقد تبرعت الرفيقات المفصولات بأتعابهن (رسوم التعويض عن الفصل من العمل) لصندوق أقيم لأجل الدفاع عن المفصولين من عملهن بسبب يوم الأرض وهذا بعد أن توجهت اليهن لجنة منطقة عكا للحزب الشيوعي ووافقن بكل حماس.

وفي التقرير الثاني في نفس العدد من مجلة "الغد" (1972)، تابعت المجلة موضوع استغلال العاملات الفلسطينيات وظروف عملهن في منطقة المركز والمثلث. هذا التقرير، وهو بعنوان "الدرس الأول في مدرسة النضال الطبقي" (ص. 21)، والذي أجرته مراسلة المجلة ليئورا بارنير عن استغلال العاملات العربيات في مصنع "غيبور" للجوارب في هرتسليا ومصانع أخرى في المدن اليهودية في منطقة المركز والمثلث اعتمد على معلومات وشهادات من العاملات أنفسهن، ومن بينهن تحرير مصاروة (16 عاماً)، وآمنة عزام (15 سنة ونصف) وجميلة أبو راس (17 عاماً). وكشفت الغد عن ظروف عمل غير إنسانية عانت منها العاملات مثل مقطوعية 1350 زوج جوارب في اليوم، تصليح منتج غير سليم على حساب وقت العاملة، أجر متدنٍ، إساءة معاملة مثل التعرض للتعنيف والتوبيخ والصراخ والتهديد، التمييز بين العاملات ومحاولة شق وحدتهن وغيرها. وكانت العاملات المقربات للحزب الشيوعي واعيات طبقياً ونظمن إضرابات ونجحن بها. فمن خلال أقوال العاملة جميلة أبو راس نعرف أنها وزميلاتها قررن الإضراب بعد أن لاحظ مدير مصنع "غيبور نتانيا" أن مستوى انتاجهن للجوارب قد تحسن وزاد ولكي لا يدفع للعاملات الهبة الشهرية على زيادة الإنتاج، قام المصنع برفع حجم الإنتاج الى 1620 زوجاً من الجوارب. أضربت العاملات العربيات واليهوديات وطالبن بحقهن.

كما يبدو من الاخبار التي نقلتها جريدة "الاتحاد" الحيفاوية بالسنوات ما بين 1975 و 1985، بقيت الأمور كما هي وأوضاع عاملات النسيج الفلسطينيات في إسرائيل زادت سوءاً مع ازدياد استيراد الملابس من الخارج، لكن حتى منتصف الثمانينات لم تكن موجة فصل العاملات قد ظهرت كما حدث في منتصف التسعينات ، إذ وصلت ذروتها وسأتطرق اليها لاحقاً. ففي عدد العشرين من أيار 1985، نشرت الجريدة فحوى مقابلة مراسل الاتحاد مع رفيقة حزب شيوعي من أبو سنان تعمل في مصنع "غيبور معلوت". ومن المقابلة نستشف أن الأمور ما زالت على حالها من خلال مقابلة اجراها مراسل "الاتحاد" مع عاملة، عضو حزب وجبهة من فرع أبوسنان وتعمل في مصنع "غيبور" في معلوت، ومع ذلك فموقعها كمسؤولة في المصنع منحها تحسين التعامل مع العاملات. وامتازت الفترة من منتصف الثمانينات وحتى نهاية التسعينات بارتفاع الوعي النقابي وانتخاب لجان عمال وإعلان الإضرابات في مصانع النسيج، بالأساس في شمال البلاد خاصة في سلسلة مصانع تفرون، على سبيل المثال اضراب لمدة 13 يوم شهر شباط 1986 في تفرون سخنين، إضرابات العاملات الفلسطينيات في مصنع "لودجيا" في دير حنا بقيادة الرفيقات والجبهويات وبدعم كتلة الجبهة في نقابة العمال ومرافقة وإرشاد رفاق الحزب الشيوعي الناشطين نقابياً في منطقة البطوف والناصرة، انتخاب لجنة عمال في مصنع "تفرون" الطيبة في تموز 1986 (الاتحاد 22 تموز 1986) بعد أن كانت العاملات في نفس المصنع قد أعلنّ الإضراب عن العمل قبل أسبوع من ذلك.

نفهم من وتيرة العمل النقابي والنضال العمالي أن العاملات كُن منظمات وواعيات لحقوقهن، وبالإضافة إلى هذا حصلنَ على دعم وإرشاد نقابي من كتلة الجبهة في نقابة العمال -الهستدروت، وعلى التضامن الشعبي، حيث نرى ذلك بالاجتماعات الشعبية والشعارات التي رُفعت في مسيرات ومظاهرات الأول من أيار، ودعوة العاملات لإلقاء كلمة في الاجتماعات الشعبية والمهرجانات مثل أول أيار في الناصرة وفي سخنين وكفرياسيف والطيبة وغيرها. في 19 تشرين أول 1992، نشرت الاتحاد أن عاملات مصنع لودجيا في دير حنا يواصلن الإضراب، وقد برزت بقيادة الإضراب العاملتين عطاف خطيب ووجيهة سالم. وفي العدد الذي خصص لتغطية مهرجانات احياء يوم العمال العالمي في البلاد للعام 1995، نقرأ أن مرشح الجبهة لرئاسة مجلس عمال الشاغور، "انتقد الهستدروت على موقفها التخاذلي" و"أسهب عن الهجمة على حقوق العاملين وظروف عمل العاملات العربيات" (الاتحاد 2 أيار 1995). كما وزارت وفود تضامنية العاملات المضربات امام المصنع، مثل وفد عن مجلس ديرحنا وجبهتها الدمقراطية، ووفد عن حركة النساء الدمقراطيات وكتلة «القائمة المشتركة» ضم ردينة جرايسي سكرتيرة مجلس «نعمت» في الناصرة ونبيهة مرقس، ووفد عن الحزب الشيوعي في منطقة البطوف ضم الرفاق توفيق كناعنة وعمر سعدي والنقابي الشيوعي ماجد ابو يونس. وتحدث في العاملات السيد حمید غنايم الذي أكد وقوف الهستدروت مع الاضراب حتی النهاية مع امكانية التوجه الى محكمة العمل. وتحدثت ردينة جرايسي عن الجور الواقع على عمال وعاملات فرع النسيج. بينما تطرق النقابي الشيوعي ماجد ابو يونس، عضو مجلس عمال سخنين الى اهمية الموقف نضالي موحد للعمال والعاملات في المصنع (الاتحاد 15 أيار 1995).

جدير بالذكر أن أوضاع عاملات النسيج العربيات نوقشت بلجان الكنيست وبهيئته العامة، ومن أرشيف الجلسات المختلفة نستشف أن نضال العاملات والتضامن معهن، والنشر حول الإضرابات تُرجم إلى استجوابات من أعضاء كنيست من مختلف الأحزاب، وإلى جلسات لجان تم بنهايتها رفع قضايا مصانع ومشاغل النسيج لجدول أعمال الكنيست (على سبيل المثال، جلسة رقم301 ، 18 كانون ثاني 1995، وجلسة رقم 499 للجنة الاقتصادية، 2002).

لم ينحصر الاهتمام بنضال العاملات الفلسطينيات بفرع النسيج الإسرائيلي أو متابعة شؤونهن بالمستوى الإعلامي والشعبي المحلي، بل تعدى ذلك ووصلت صورة أحوالهن إلى المستوى الدولي. ونعلم هذا أيضاً من صحافة الحزب الشيوعي، التي أعتبرها مصدراً تاريخياً هاماً للغاية، وأكاد أقول الوحيد الذي روى وأرخ لحكايتهن من وجهة نظر طبقية نقدية ومناهضة لسياسة الاقتصاد الرأسمالي، لبحث حالة عاملات النسيج الفلسطينيات داخل الخط الأخضر. ومن "الاتحاد" نعرف عن تقرير حول أوضاع النساء العربيات في إسرائيل تم رفعه الى الأمم المتحدة، وكُشف فيهِ "ان عاملات النسيج العربيات بشكلٍ خاص تعانين من التمييز ويحصلن على معدل أجر يساوي نصف معدل الاجر بين اليهوديات" (الاتحاد 20 حزيران 1997، ص.5). وكان وضع العاملات والعمال بفرع النسيج يعكس أزمة عميقة نتجت عن فتح الأسواق الإسرائيلية للاستيراد الحُر، إذ ارتفعت قيمة الواردات في الربع الأول من العام 2001 بنسبة 127 % وقيمته المالية بلغت ثلاث وتسعين مليون شيكل (الإتحاد 7 أيار، 2001). انعكس الأمر جلياً في موجات إغلاق المصانع والمشاغل وفصل العاملات والعمال، ليس فقط الفلسطينيين، بل أيضا في جنوب البلاد، في ما كان يسمى "مدن التطوير" كمدينة يروحام وكريات جات وغيرها. فقد تم فصل اكثر من ألفي عاملة وعامل في فرع النسيج وأغلق أكثر من 35 مصنعاً بالعام 1996 (الإتحاد تشرين أول 1996)، مثل مصنع "كيتان" في بيسان والذي كان من المصانع الكبرى في المنطقة وهو بمثابة شریان بيسان الاقتصادي، إذ عمل فيه في أوج انتاجه نحو 1500 عامل، حسبما نقرأ في الرسالة المستعجلة التي بعثتها عضو الكنيست الشيوعية تمار غوجانسكي بتاريخ 9 تشرين اول 1996 إلى كل من وزيري المالية والتجارة والصناعة دان مريدور، اناتولي شيرانسکی وإلى رئيس لجنة العمل والرفاه البرلمانية، مكسيم ليفي، في اعقاب فصل العمال (الاتحاد 10 تشرين أول 1996). وثم أغلق مصنع "ديمونا تكستيل" في جنوب البلاد، وبعده مشغل "دلتا" في شفاعمرو في آذار 1997، وتظاهر الجبهويون في المدينة ضد إغلاقه و"ضد رمي عاملاته لسوق البطالة، وطالبَ النقابي الشيوعي بنيامين غونين رئيسَ الهستدروت بطرح قضية المصنع على جدول أعمال اللجنة التنفيذية. أما سنوات ال-2000 فقد بدأت بموجة أكثر حدةً فقد أغلقَ مصنع "کیتان طنغو- لیفایس " في يركا وفصلت جميع العاملات فيه وعددهن (80) في شهر كانون أول 2000، ثم تلاه اغلاق مصنع "دلتا" في حرفيش في بداية شهر آب 2001 وتم فصل ستين عاملة منه، بعد أن كان المصنع فصل مئة وأربعين عاملة منه قبل ذلك بأشهر (الاتحاد 17 اب 2001)، وأغلق مصنع "بجير" في كريات غات وتم فصل كل عماله.

وفي هذه الفترة، وصلت نسبة البطالة في يركا الى 35% وعدد العاطلين عن العمل وصل 2500 معظمهم من النساء، بعد أن أغلقت ستة مشاغل للخياطة وفصل 1500 عاملة (راحيل هننغ، صحيفة غلوبوس 16 أيار 2000).

استمر تدهور فرع النسيج بالبلاد بسنوات الألفين، وفي الفترة ما بين 2002 وحتى 2010 أغلقت تقريباً كل المصانع الكبيرة، وبقيت المشاغل الصغيرة (عدد عاملاتها يتراوح ما بين 25 الى 50) تعمل بالأساس لسد حاجة وزارة الأمن الاسرائيلية، ولم يتعدّ أجر العاملة أكثر من حد الأجر الأدنى، وهو يعتبر تحسناً كبيرا، رغم محدوديته ورغم إبقاء العاملة في خانة الفقر وبمستوى معيشي منخفض جدا، مقارنةً مع ما حصلت عليه العاملات بسنوات السبعين والثمانين.

ختامًا، لقد عانت عاملات النسيج الفلسطينيات ولعشرات السنين من الاستغلال الوحشي في ظل سياسات إسرائيل الاقتصادية، ولكنهن ناضلن بقوة، ولم يكنّ وحدهن في الخندق، بل حصلنَ على الدعم والتضامن والإرشاد والمرافقة النقابية من نشطاء الحزب الشيوعي والجبهة وحركة النساء وتم توسيع التضامن معهن من خلال رفيقات ورفاق تواصلوا معهن بواسطة زيارات فعلية للحقل، أي للمشاغل والمصانع وأيضا للبيوت. وقامت صحافة الحزب بدورِ طليعي وهام بنشر قضايا العمل والعمال وبنشر المقالات عن كل ما يتعلق بهم وبظروف عملهم. يهمني كباحثة أن أدعو وأحث الطالبات والطلاب الجامعيين لاستغلال أرشيف الصحافة الشيوعية لكتابة مقالات عامة وأكاديمية ورسائل جامعية في التاريخ الاقتصادي الفلسطيني بالعقود التي تلت النكبة وهو مجال مهمل لدرجة كبيرة بالبحث العلمي، ولجمع التاريخ الشفوي من عاملات لا تزلن ذاكرات وشاهدات على فترة ذهبت ولن تعد هي فترة ازدهار فرع النسيج بالبلاد، فرعٌ قام وتطور معظمه بفضل سواعد نساء فلسطينيات شابات، في بلدٍ كانت تصدر النسيج الفلسطيني الفاخر من قرية في جنوبها، ألا وهي "المجدل"، قضاء غزّة، بلد الـ 800 نول، عاصمة النسيج الفلسطيني فيها قبل النكبة.

(ملاحظة: أعلاه ملخص لمقال لي بنفس العنوان مُعَد للنشر في مجلة علمية)



#روضة_مرقس_مخول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تاريخ عمل عاملات النسيج الفلسطينيات في إسرائيل 1970-2010: تض ...


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي2023: دور وأهمية التضامن والتحالف الأممي للطبقة العاملة - روضة مرقس مخول - تاريخ عمل عاملات النسيج الفلسطينيات في إسرائيل 1970-2010: تضحية، نضال وعطاء