أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي أسعد وطفة - أيديولوجية الاستبداد ورمزياته














المزيد.....

أيديولوجية الاستبداد ورمزياته


علي أسعد وطفة
(Ali Assad Watfa)


الحوار المتمدن-العدد: 7592 - 2023 / 4 / 25 - 12:37
المحور: المجتمع المدني
    


(إن الطاغية القوي لن يبقى قويا إلى الأبد ما لم يحول سلطته إلى حق وطاعته إلى واجب).. جان جاك روسو

ازدهرت أيديولوجيا الاستبداد السياسي مع الاستقلال الوطني وهيمنة النخب العسكرية على السلطة في أغلب البلدان العربية. وتمخضت سلطة النخب العسكرية في صورة ديكتاتوريات ستالينية نازية الطبع في توجهاتها وممارساتها، ومن ثم اتخذت كل نخبة عسكرية حاكمة طاغية لها يحكم شعبه بالحديد والنار والقبضة الأمنية القاضية.

وقد أدرك الطغاة في أن الطاغية القوي لا يبقى قويا إلى الأبد ما لم يحول سلطته إلى حق وطاعته إلى واجب كما يقول جان جاك روسو، ومن هذا المنطلق ولدت الحاجة إلى تكوين أيديولوجيا استبدادية جديدة اعتمدت الرموز والتابو وفلسفة المقدس في فرض هيمنة الطاغية وإكسابه المشروعية السياسية المطلوبة. وقد برهنت الأيام على فعالية كبيرة لهذه الأيديولوجيا وقدرتها على تطويع الشعب وإكراهه على الخضوع المستمر لإرادة الطغيان والاستبداد السياسي.

ولم تقف الأنظمة الاستبدادية عند حدود ممارسة القوة الأمنية بل رسخت استبدادا أيديولوجيا وفكريا وثقافيا من أجل ترسيخ قوى الإكراه والاستبداد في شخص الطاغية. فجمعت بين قوة مادية طاغية وقوة رمزية ثقافية في ممارسة الهيمنة والتسلط السياسي بلا حدود أو قيود.

اعتمد الطغاة منذ القدم نسقا من التصورات الأيديولوجية الطبقية القومية والوطنية لتكريس مشروعيتهم السياسية مثل الدفاع عن الأمة والوطن ومصالح الطبقات الكادحة وتحقيق الوحدة الوطنية ودرء المخاطر عن الأمة ومقاومة الاستعمار ومقارعة التآمر الخارجي وهي القضايا التي تأخذ وقعا سياسيا وأخلاقيا في نفوس الجماهير وشكلت هذه التصورات الأيديولوجية الركائز الأساسية للطغيان والاستبداد السياسي في العالم العربي، كما شكلت منطلق الممارسات التسلطية القائمة على قهر الشعوب واستلابها.

ومن أجل هذه الغاية يبدأ الاستبداد السياسي بإنشاء نسق من الرموز المجردة والحسية التي تمارس وظيفة الهيمنة السيكولوجية الرمزية على المقهورين . فمن أجل المحافظة على قوة التأثير السياسي في نفوس الجماهير العربية عمل الطغاة العرب على صوغ شعارات سياسية وإيديولوجية يدور قسم كبير منها حول شخص الطاغية مثل: القائد الرمز ، القائد الخالد ، القائد الأبدي ، القائد المناضل. وتأخذ هذه الشعارات صورة شعارات وطنية وقومية مثل : شعارات الوحدة العربية، شعارات التقدم، شعارات نضال الطبقات العاملة، شعارات العدالة، شعارات الحرية، شعارات الديمقراطية، شعارات ضد الصهيونية، شعارات المعركة من أجل المصير، شعارات الأمة الواحدة والرسالة الخالدة ، وشكلت هذه الشعارات طاقة فكرية وسيكولوجية هائلة وظفت في خداع الجماهير العربية وإخضاعها واستلابها لإرادة الطغاة وهيمنتهم. وهذه الشعارات تأخذ طابع رموز سياسية تمارس دورا نفسيا وسيكولوجيا قادر على تجنيد الشعب وإخضاع أفراد لإرادة السلطة تحت ضغط نفسي وأخلاقي ووطني تصعب مقاومته.

ويأخذ الشكل الثاني للرموز في عملية تمجيد الطاغية صورة حسية من الأشكال والصور والتماثيل التي ترمز إلى القائد ومثالها : صور الزعيم التي تنتشر في كل مكان في المكاتب الرسمية في المنازل على الجدران في المظاهرات حتى أصبحت الصورة جزءاً أساسيا في أي مشهد من مشاهد الحياة العامة والسياسية والفنية في دوائر الدولة جميعها ، وهذا يشمل حتى المشاهد التمثيلية التي تتجلى في الدراما والكوميديا والأعمال الفنية والشعرية . فالصورة صورة الطاغية التي تتجلى بأحجام وأشكال وصيغ متنوعة تصبح جزءا من الحياة اليومية وهي توظف في إضفاء هالة من القداسة والتعظيم على شخص الزعيم والطاغية .

ومما لا شك فيه أن مقاومة هذه الأيديولوجيا بأبعادها الرمزية لا يمكن أن تكون إلا بنسق مقاوم من الرمزيات الأيديولوجية والتربوية المضادة التي يمكنها أن تعتمد أدوات النقد والكشف والتحليل والرصد واعادة الاعتبار إلى العقل الإنساني وتنمية الروح النقدية عند المواطن الإنسان . وهي نمط استراتيجي تربوي يمكن أن يعتمد في إسقاط ايديولوجيا الاستبداد برمزياتها ومنطلقاتها وتصوراتها المهينة للإنسان.



#علي_أسعد_وطفة (هاشتاغ)       Ali_Assad_Watfa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هزائم التنوير!!
- السفاهة في الوسط الأكاديمي: باع ضميرا فأصبح وزيرا !
- التباهي بالألقاب بين أساتذة الجامعة : هَوَسُ التَّفْخِيم وال ...
- لماذا يخافون فرويد ويخشونه !! ؟؟ النقد ليس تكفيرا وشتماً .
- الدور الاستلابي للتلقين في الجامعات العربية: التلقين بوصفه أ ...
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
- الاستلاب الرمزي للمرأة العربية
- الانكسار الرمزي للهوية
- العنف الديني المعاصرمن منظور سوسيولوجي
- مأزق كانط الأخلاقي
- الوجه العنصري المظلم في الفلسفة الكانطية: مأزق كانط الأخلاقي
- المرتكزات السوسيولوجية للظواهر السيكولوجية عند فيكوتسكي: هل ...
- الماركسية الانعكاسية : ماكس فيبر ضدّ ماركس
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ...
- هل كان كانط مسيحيا مؤمناَ؟ اللاهوت الأخلاقي في الفلسفة الكان ...
- الوليمة الطوطمية في سيكولوجية فرويد: الأساس الرمزي الأوديبي ...
- النزعة البرغماتية في فلسفة التربية عند جون ديوي : رؤية تحليل ...
- التربية الخلاقة للطفولة استراتيجية حضارية للوجود
- عبد الله عموش - الوظيفة الاستلابية للعنف الرمزي في منظور الد ...
- المدرسة: حضور إنساني أم احتضار رأسمالي؟


المزيد.....




- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي أسعد وطفة - أيديولوجية الاستبداد ورمزياته