أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بودهان - خرافة اكتساب وإتقان العربية بالسليقة قبل الإسلام (1/2)















المزيد.....



خرافة اكتساب وإتقان العربية بالسليقة قبل الإسلام (1/2)


محمد بودهان

الحوار المتمدن-العدد: 7551 - 2023 / 3 / 15 - 16:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اللغة العربية لغة فاتنة ومحيّرة في نفس الوقت، ومن عدة أوجه. فهي الوحيدة، من بين أخواتها الساميات، من آرامية وسريانية وعبرية، تمتلك خاصية الإعراب الملازم لها، والذي ينتج عنه أنه لا يمكن استعمال العربية بشكل سليم، نطقا وكتابة، إلا بمعرفة العلامات الإعرابية المناسبة. وقد نقضي سنين طويلة في دراسة النحو والإعراب، في التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي، دون أن نُفلح في استعمال العربية بلا لحن أو خطأ. لكن، في المقابل، درجنا على الاعتقاد الراسخ أن عرب الجاهلية كانوا يتقنون الاستعمال الشفوي للعربية بشكل نموذجي، سليم وفصيح، والتي ـ حسب هذا الاعتقاد ـ اكتسبوها بالسليقة والفطرة، ودون أن يتعلّموا قواعدها كما نفعل نحن، لغياب الكتابة والمدرسة عندهم في ذلك الوقت. فهل يستقيم الاكتساب السليقي للعربية مع طبيعتها الإعرابية، أم أن عرب الجاهلية كانوا يتحدثون لغة عربية أخرى غير هذه العربية الإعرابية التي نعرفها نحن؟ وإذا كان هذا واردا، أفلا تكون هذه العربية الإعرابية من صنع النحاة بعد الإسلام، ليحاكوا بها لغة القرآن، التي كانت تمثّل، بلغتها الإعرابية الجديدة، إعجازا حقيقيا تحدّى به القرآنُ العرب؟
هذه جملة من الأسئلة والقضايا التي سأناقشها في هذا الموضوع.
اللغة بين الاكتساب والتعلّم:
من المعلوم أن الاستعمال الشفوي، أي الكلام، هو الأول والأصل في اللغة، قبل استعمالها الكتابي. وهذا صحيح سواء بالنسبة لتاريخ البشرية phylogenèse أو تاريخ الأفراد ontogénèse: فاللغة المنطوقة ظهرت منذ بضع مئات آلاف السنين (Encyclopédie Universalis, langues et langage)، في حين أن الكتابة ظاهرة حديثة نشأت منذ أقل من 6000 سنة فقط. وكذلك يبدأ الفرد باكتساب اللغة المنطوقة منذ ولادته ويصبح قادرا على التواصل بها في السنة الرابعة من عمره. وبعد ذلك يتعلّم، بالنسبة للغات ذات الاستعمال الكتابي، الكتابةَ عن طريق المدرسة أو ما يقوم مقامها. ولا تزال توجد، إلى اليوم، المئات من اللغات واللهجات متداولةً دون أن تعرف الكتابة بعدُ. واكتساب اللغة يكون تلقائيا ولاشعوريا، كما يحصل للطفل عندما يكتسب اللغة الأمّ داخل الأسرة. أما تعلّمها فهو، تماما مثل تعلّم كتابتها، عمل إرادي ومقصود، وقسري في الغالب (المدرسة مثلا).
ومن المعلوم كذلك أن الشخص عندما يكتسب اللغة الأمّ، يصبح متمكّنا من الحديث بها بشكل طبيعي، سليم ومفهوم، دون أن يكون بالضرورة واعيا أو عارفا بالقواعد النحوية التي تجعل كلامه سليما ومفهوما، كما نلاحظ ذلك عند الأطفال قبل التحاقهم بالمدرسة، وعند الأميين الذين يتحدثون لغتهم التي اكتسبوها منذ صغرهم كلغة أمّ. وغني عن البيان أن هذه القواعد النحوية، التي يجهلها هؤلاء الأطفال والأمّيون، ليست غائبة عن اللغة أو اللهجة التي يتحدثونها، بل ـ وإلا لما أمكن لهم التواصل بها ـ هي حاضرة دائما، ولكن بشكل خفي، لا يدركه مستعملو تلك اللغة من غير المتعلّمين الذين درسوا نحوها وقواعدها.
خرافة اكتساب وإتقان العربية بالسليقة قبل الإسلام:
هذا هو حال اللغات الطبيعية (اللغات الأمّ) التي تُكتسب بالسليقة، ولا يكشِف عن نحوِها وقواعدِها إلا الدارسون لخصائص هذه اللغات، من متخصّصين ولسانيين...، أو من تعلّموا في المدرسة كتابتَها وقواعدَها ممن يتحدّثونها، بالنسبة إلى اللغات التي ارتقت إلى مستوى الاستعمال الكتابي. وسيكون من المسلَّم به أن العربية لا تشذّ عن هذا المسار الطبيعي لجميع اللغات، مما يعني أنها ظلت لغة متداولة شفويا، يكتسبها ويتحدّثها أصحابها بالسليقة، وبشكل سليم ومفهوم، وذلك قبل تقعيدها، في فترة لاحقة، ووضع القواعد النحوية والتركيبية والصرفية المستخلصة من استعمالها الشفوي.
ولما بدأ هذه التقعيد، من النصف الثاني للقرن الأول الهجري حتى القرن الرابع، كان مشاهير النحاة، أمثال الأصمعي وحماد الراوية والكسائي...، كما تقول كتب التراث، يلجؤون إلى أعراب البادية ليأخذوا عنهم اللغة العربية كما اكتسبوها بالسليقة، وكما يتحدّثونها بالفطرة، وفي شكلها الطبيعي، النقي والسليم الفصيح، وقبل أن تُفسدها عجمة أو تخالطها اللهجات الدخيلة لسكان الحضر. وتقدّم لنا المناظرة الشهيرة، التي جرت ببغداد بين سيبويه (148 هـ - 180 هـ) والكسائي (119 هـ - 189 هـ)، وتُعرف بـ"المسألة الزنبورية" (تتعلق بلدغة الزنبور)، شهادةً جد معبّرة عن هذا اللجوء المزعوم إلى كلام الأعراب للاستشهاد به على ما هو صواب، اكتُسب بالسليقة، يُعتدّ به، وما هو خطأ ينبغي تركه واستبعاده. وخلاصة القصّة أنه بعد أن تمسّك كل من المتناظريْن بصواب رأيه وخطّأ رأي مناظره، اتفقا على استقدامَ مجموعة من الأعراب للاحتكام إليهم لمعرفة الأصحّ والأصوب نطقا (ما يخصّ العلامات الإعرابية المناسبة) ولغة، بناء على ما اعتادوا استعماله في كلامهم من تعابير مماثلة لتلك التي ناقشها المتناظران، باعتبار كلامهم هو الأصوبَ والأفصح لاكتسابهم له بالفطرة والسليقة. والأكيد، رغم تواتر هذه القصة في كتب القدماء، أن طريقة حسم الخلاف بين المتناظريْن بالاحتكام إلى كلام الأعراب ليس إلا إخراجا مسرحيا الهدف منه هو الإقناع أن الكلام المحكي للأعراب الأميين (يجهلون القراءة والكتابة) كان هو المرجع المعتمد في جمع العربية وتدوينها وتقعيدها. وهو ما استخلص منه الراحل محمد عابد الجابري أن الأعرابي، ابن الصحراء والبادية، هو صانع عالم الإنسان العربي، لأنه نقل إليه لغته التي نقل عبرها إليه كذلك نمط تفكيره البدوي، ونظرته إلى العالم وإلى الطبيعة وإلى الأشياء وإلى نفسه وإلى الآخرين...
هذا الاعتقاد بأن العرب كانوا، قبل الإسلام، يكتسبون العربية، وباختلاف لهجاتها، بالسليقة ويتحدّثونها بشكل سليم ومفهوم، ومطابق لقواعدها النحوية التي كانوا يجهلونها، ظل حقيقة بديهية لا تُناقش، رسّخها القدماء، وأقرّها المحدثون، وصدّقها المستشرقون. لماذا حقيقة بديهية؟ لأن هذا ما يحصل لجميع اللغات الطبيعية عندما يكتسبها مستعملوها بشكل تلقائي ولاشعوري كلغة أمّ منذ صغرهم، ويتحدّثونها بشكل سليم يراعي قواعدها النحوية والصرفية والتركيبية رغم جهلهم لهذه القواعد، كما هو حال الأميين الذين يتحدّثون الإسبانية أو الفرنسية أو الإنجليزية أو الأمازيغية أو الدارجة...، بشكل صحيح وسليم، نحوا وتركيبا وصرفا، دون أن يعرفوا شيئا عن القواعد النحوية والتركيبية والصرفية لهذه اللغات. وقياسا على هذه اللغات الطبيعية، يسري على العربية ما يسري عليها بخصوص اكتسابها واستعمالها الشفوي بشكل سليم لا يخالف قواعدها النحوية والتركيبية والصرفية، وذلك حتى قبل معرفة هذه القواعد.
لكن، "لا قياس مع وجود الفارق"، كما ينصّ المبدأ الأصولي المشهور. والفارق، هنا، بين العربية واللغات الطبيعية، كبير جدا يجعل مثل هذا القياس فاسدا ويعطي، بالتالي، نتائج فاسدة ومغلوطة، وتصبح معه بديهية اكتساب الأعرابي للعربية بالفطرة والسليقة في الجاهلية، مجرد خرافة تدحضها الخاصية الجوهرية للعربية، والتي تتنافى مع الاكتساب السليقي لها.
الإعراب في اللغة العربية:
هذه الخاصية الجوهرية للعربية، وهي ما يشكّل الفارق الكبير بينها وبين اللغات الطبيعية، تتجلّى في كون لغة الضاد، وعكس الإسبانية أو الفرنسية أو الإنجليزية أو الأمازيغية أو الدارجة...، وغيرها من اللغات الحية الأخرى، لغة مُعرَبة، أي يحكمها الإعراب، وليست مبنية. ويمكن تعريف الإعراب باختصار بأنه تغيّر في حركة (رفع ونصب وكسر وجزم وتنوين يتبع الحركات الثلاث الأولى) الحرف الأخير للكلمة حسب وظيفتها النحوية (فاعل، مفعول، خبر، مضاف إليه...، مضارع مجزوم...إلخ) في الكلام أو الجملة، وذلك عندما تأتي اسما أو فعل مضارع مسبوق بأدوات عاملة. أما البناء، الذي هو غياب للإعراب، فيتمثّل في بقاء الحركة الأخيرة للكلمة على حال واحدة كيفما كانت وظيفتها النحوية في الجملة، كما في الإسبانية والفرنسية والإنجليزية والأمازيغية والدارجة...
والإعراب، في العربية المدرسية (التي لا بدّ لاكتسابها من تعلّمها في المدرسة أو ما يقوم مقامها) التي نعرفها وندرُسها وندرّسها، ليس خاصية ثانوية أو عرضية، كما قد نجد ذلك في بعض اللغات الأخرى، بل هو شيء جوهري فيها، يشكّل طبيعتَها وروحَها وماهيتَها. ويوضّح الدكتور جميل علوش هذا الدور الجوهري للإعراب في العربية بقوله: «الإعراب ظاهرة بارزة من ظواهر اللغة العربية، بل هو إحدى خصائصها الفريدة المتميزة. وهو مقترن بالعربية اقترانا لا مجال فيه لانفصال أو بينونة. وأكثر من ذلك أنه لا سبيل للحديث عن العربية دون الحديث عن الإعراب. فالإعراب هو عنوان العربية بل هو روحها وجوهرها. ومن غير الممكن أن يتصدى أحد لدراسة العربية بعيداً عن الإعراب ودلالاته وأحكامه وعلاماته». (الدكتور جميل علوش، "الإعراب والبناء، دراسة في نظرية النحو العربي"، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى 1997، صفحة 15).
الإعراب ليس عنصرا أصليا في العربية:
وأين المشكل إذا كانت العربية لغة إعراب وليست لغة بناء؟ المشكل هو أن الإعراب، بشكله الملازم للعربية كجزء من طبيعتها، يجعل هذه اللغة غير قابلة للاكتساب والاستعمال الشفوي بالسليقة، وبشكل سليم لا لحن فيه قد يلتبس معه المعنى والفهم، ودون تعلّم لقواعدها النحوية، كما قيل لنا عن الأعراب الذين اُتّخِذ كلامُهم نموذجا للكلام العربي الصحيح، السليم والفصيح، ومرجعا منه استخلصت هذه القواعد النحوية إبان تقعيد اللغة العربية.
لماذا لا يمكن اكتساب العربية، في شكلها الإعرابي هذا، بالسليقة، حسب ما هو شائع كمعطى بديهي، كما سبق أن أوضحت؟
1ـ لأن الإعراب، كما هو مطبّق في العربية المدرسية التي نعرفها، ليس ظاهرة طبيعية تابعة للغة طبيعية. فالعلامات الإعرابية، أي حركات أواخر الأسماء، ليست، بسبب تغيّرها، عناصر أصلية في هذه الأسماء، حسب ما تواضع عليه أصحاب اللغة المعنية من نطقهم لتلك الأسماء بمكوّناتها الصوتية التي تتشكّل من حروف صامتة consonnes، وأخرى صائتة voyelles (الحركات) تابعة للأولى. فكلمة "طَرِيق"، كمثال، رغم أن ثلاثة صوامت consonnes تدخل في تكوينها، إلا أن الصوائت voyelles (الحركات) التابعة لهذه الصوامت، لا يدخل منها في تكوين نفس الكلمة إلا اثنان: فتحة الطاء وكسرة الراء مع المدّ الطويل (رِيـ). أمّا الحركة الأخيرة للقاف، فلأنها متغيّرة، فهي ليست من المكوّنات الأصلية لكلمة "طريق". فإذا اعتبرناها أصلية مثل الحركتين الأولى والثانية والمدّ الطويل، فستكون لدينا سبع نسخ من كلمة "طريق": طريقْ، طريقُ، طريقَ، طريقِ، طريقٌ، طريقًا، طريقٍ. وهذا خُلْف بتعبير المناطقة. فالإعراب لم يولد إذن مع العربية كجزء أصلي فيها، بل أُضيف إليها في مرحلة لاحقة. فهو، من هذه الناحية، يشبه خطّ الكتابةَ: فإذا كان لا يُكتسب بالسليقة لأنه ليس جزءا من اللغات الطبيعية، وإنما هو شيء استُحدِث وأُضيف إلى اللغة لغرض استعمالها الكتابي، فكذلك العلامات الإعرابية ليست جزءا من عربية طبيعية، وإنما هي شيء استُحدِث وأُضيف إليها، كما سنشرح ذلك في الفقرة الخاصة بكيفية نشأة العربية الإعرابية. وبهذه الإضافة ستفقد العربية صفة اللغة الطبيعية وتتحوّل إلى لغة "مصنوعة" في جزئها الإعرابي. وليس صدفة أن هذه العربية الإعرابية، أو "المصنوعة"، تربطها علاقة تكوينية بالكتابة: نشأت بها ومعها، ولم يسبق أن كانت متداولة شفويا، في شكلها الإعرابي، قبل كتابتها.
ومما يؤكّد، كذلك، أن الإعراب ليس عنصرا أصليا وطبيعيا في العربية، هو أنه يخصّها وحدها من دون أخواتها الساميات، كالآرامية والسريانية (هما في الأصل لغة واحدة) والعبرية، كما أوضح ذلك بتفصيل الدكتور ابراهيم أنيس في كتابه: "من أسرار اللغة " (طبع ونشر مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الثالثة 1966، صفحة 199 وما بعدها)، مع تبيانه أن ما قد يُؤوّل على أنه نصْب لأواخر بعض الكلمات في العبرية لا يعني الإعراب ولا علاقة له بوظيفته كما هو ممارَس في العربية.
معرفة الوظائف النحوية تتنافى مع الاكتساب السليقي للغة:
2ـ ثم، وهذا هو الأهمّ، لأن الإعراب الملازم للعربية يجعل نطق الحركة الأخيرة للاسم أو الفعل المضارع، فتحا أو ضمّا أو كسرا أو سكونا أو تنوينا، حسب وظيفتهما النحوية في سياق الكلام، مشروطا بمعرفة هذه الوظيفة. والحال أن هذه المعرفة ليست شرطا في اللغة الطبيعية. والدليل على ذلك أن الطفل أو الأمي يستعملان لغتهما الطبيعة وهما يجهلان الوظائف النحوية لما يستعملانه من كلمات في حديثهما. فتغيّر حركات أواخر الكلمات، أسماء وأفعالا مضارعة، حسب وظائفها النحوية في العربية، يجعل إذن اكتساب هذه اللغة بشكل تلقائي ولاشعوري، وبالسليقة، أمرا مستحيلا، لأن هذه المعرفة تحتاج إلى تعلّم القواعد التي تحكم تلك الوظائف. وهو ما لا يتوفّر للطفل الذي يكتسب لغته الأمّ داخل الأسرة، ولا لأي أعرابي في الجاهلية ـ الذي قيل لنا بأنه كان نموذجا في الفصاحة والنطق السليم بالعربية ـ لأنه يجهل هذه الوظائف التي لم يتعلّمها.
نعم قد نفهم ونقبل، استنادا إلى الآليات التي يكتسب بها الأطفال اللغة الأمّ، أن الطفل قد يكتسب، داخل أسرته، تلقائيا ولاشعوريا، بالسماع والقياس (قياس كلامه على أمثلة سبق أن سمعها واستدمجها ضمن رصيده اللغوي) والممارسة التدريجية للكلام بالتفاعل مع المحيطين به ومع نظرائه من الأطفال، الاستعمالَ والنطق الصحيحين لجمل من قبيل: "ضرَب زيدٌ محمدًا..."، "نشكر زيدًا..."، "زيدٌ مريضٌ..."، "إن زيدا مريضٌ..."، "لم يحضرْ زيد..."، دون معرفة بالوظائف النحوية للكلمات التي يستعملها في مثل هذه العبارات. وبالسماع دائما والقياس والتفاعل والممارسة يعمّم النطق، وهو يتقدّم في السنّ، بنفس الحركات لأواخر الألفاظ إلى تعابير مماثلة في بنائها وتركيبها للنوع الأول من الجمل، سيستعملها في كلامه، مثل: "نواجه الخصمَ..."، "الجوّ حارٌّ..."، "إن السماءَ ممطرةٌ..."، "الأطفال يلعبون...". إلى هنا قد يبدو الاكتساب التلقائي واللاشعوري للغة (اللغة الأمّ)، مع نطق العلامات الإعرابية بشكل صحيح وسليم، أمرا ممكنا، بل عاديا. لكن الطفل، وهو يكتسب بالتدريج اللغة الأمّ منذ صغره، أو الأعرابي الأمّي الراشد الذي سبق أن كان في وضع ذلك الطفل، لا يمكنهما ـ رغم قدرتهما مبدئيا على إنتاج جمل جديدة لم يسبق أن استعملاها من قبلُ وفهم جمل جديدة لم يسمعاها من قبلُ كما تُتيح ذلك خاصيةُ الإنتاجية (القدرة اللامحدودة على استعمال اللغة لإنتاج جمل جديدة) التي تميّز اللغات الطبيعية ـ أن يستوعبا كل أشكال التعبير التي سيضطران إلى استعمالها في تواصلهما اليومي في حياتهما، وبعلامات إعرابها المناسبة. فالمشكل إذن ليس في اللغة في حدّ ذاتها أو في اكتسابها السليقي، بل لإن الاستعمال اللغوي السليم لهذه اللغة مشروط بضبط علامات إعرابها المناسبة لكونها لغة مُعربة، وهو ما لا يُكتسب بالسليقة بل يستلزم تعلّم القواعد النحوية التي تحكم هذه العلامات.
فإذا كان أعرابي الجاهلية، الذي اكتسب العربية بالسليقة كلغة أمّ وهو طفل، سينطق، بشكل نحوي صحيح، وبالتعميم والقياس، عبارة: "صدّ الجيشُ هجوما..."، قياسا على: "ضرب زيدٌ محمّدًا..."، و"نرعى الغنمَ..." قياسا على "نشكر زيدًا..."، فكيف سينطق العلامات الإعرابية الصحيحة لهاتين العبارتين: "نشتري الحلْويات..."، "واجه خصمه زيد..."؟ وليس هذان التعبيران من النوازل الافتراضية للنحاة، بل هما موجودان في العربية قبل تقعيدها، مما يعني أنهما كانا جزءا من العربية التي افتُرِض أنها كانت تُكتسب بالسليقة. فقد جاء في الشعر المنسوب إلى عمرو بن كلثوم: «بأَنا نـورد الـراياتِ بيضـاً *** ونصـدرهن حمرا قد روينا». وجاء في الشعر المنسوب إلى طرفة بن العبد: «يشقّ حابَ الماء حيزومُها بها *** كما قسم التربَ المفايلُ باليد». وإذا كان الشاعر الأول قد عرف كيف يكسِر الحرف الأخير لكلمة "رايات" (هكذا نقلها الرواة مكسورة) رغم أن القياس على عبارة: "نشكر زيدًا..." توجب نصبَها لأنها تؤدّي نفس الوظيفة النحوية (المفعول به)؛ وإذا كان الثاني قد عرف كيف يقدّم المفعول به عن الفاعل دون أن يخطئ في العلامات الإعرابية، فذلك دليل على أنهما اكتسبا ذلك بالسليقة، وليس أنهما درسا القواعد النحوية في المدرسة كما نفعل نحن اليوم. وهو ما تكرّره أطروحة "السليقة" الشائعة كحقيقة مسلّم بها، والتي تؤكّد أن شعراء الجاهلية نظموا أشعارهم ومعلقاتهم، ذات العربية الفصيحة، والسليمة نحوا ولغة، انطلاقا من عربيتهم الفطرية التي اكتسبوها بالسليقة ككل الأعراب، وأصبحوا يتقنونها بنفس السليقة، ويستعملونها بشكل سليم، نحوا وتركيبا وصرفا ومعجما، كما يشهد على ذلك شعر المعلقات... لكن إذا تأملنا هذين البيتين لعمرو بن كلثوم ولطرفة بن العبد، وتركنا جانبا خرافة "السليقة" التي تمنع مثل هذا التأمل، مع استحضار طبيعة العربية كلغة إعرابية، فسنخلص إلى أن الشاعر الأول لا يمكن إلا أن يكون عارفا بأحكام جمع المؤنّث السالم عندما يأتي مفعولا به، والثاني عارفا بالوظيفة النحوية لكلمتي: "حبابَ" و"التربَ"، التي تجعل منهما مفعولا به مقدَّما، ثم لكلمتي "حيزومُها" و"المفايلُ"، التي تجعل منهما فاعلا مؤخَّرا.
ولا يصحّ الاعتراض بأنه لا يجوز الاحتكام إلى الشعر لأن في لغته غير قليل من الصنعة التي تبتعد عن اللغة الفطرية. إذا كان هذا صحيحا، وهو كذلك، فمن أين استمدّ هؤلاء الشعراء تلك الصنعة في الأشكال النحوية التي تظهر في العلامات الإعرابية الصحيحة في أشعارهم؟
ـ إما أنهم تعلّموها حتى تمكّنوا من استعمالها. وهنا نخرج عن "السليقة"، فنكون أمام التعلّم الذي يكون بوعي وقصد وجهد، عكس الاكتساب بالسليقة.
ـ وإما أنهم اكتسبوا كل ذلك بالسليقة، كما تقول الأطروحة الشائعة. وهو ما يتنافى مع آليات اكتساب اللغة عند الطفل لكون اللغة إعرابية، علما أن المفترض في هؤلاء الشعراء أنهم اكتسبوا لغتهم داخل الأسرة وهم أطفال.
وتجدر الإشارة إلى أن استحضارنا للسماع كإحدى الآليات التي يكتسب بها الطفل اللغة الأمّ داخل الأسرة، هو على سبيل المقارنة والتوضيح فقط. أما الحقيقة فهي أنه لا يوجد من سيسمع منهم الطفل العربي في الجاهلية كلاما عربيا مُعربا، لأن ما يصدق عليه من استحالة اكتسابه للعربية الإعرابية، يصدق على الذين كانوا مثله، وعنهم يُفترض أنه أخذ العربية الإعرابية بالسماع.
تهافت خرافة "السليقة":
وقد نورد أمثلة لا عدّ لها تقوّض خرافة "السليقة" في اكتساب واستعمال عرب الجاهلة لعربية إعرابية بشكل سليم ومفهوم، وبلا لحن ولا خطأ. فهل من المعقول أن نقبل ونصدّق أن من يجهل الوظيفةَ النحوية لكلمتي "راكبا" و"راكب" سينطق إحدى العبارتين، بدل الأخرى، بشكل صحيح وسليم ومفهوم: "جاء راكبا" و"جاء راكبٌ"؟ وهل يستطيع أن يعلّل لماذا اختار النصب أو الرفع إن لم يكن يعرف أن الاختيار الأول هو بسبب أن الوظيفة النحوية للكلمة جاءت حالا، والاختيار الثاني هو بسبب أنها جاءت فاعلا؟ وكيف سينطق، بشكل صحيح حسب سياق الكلام، العلامات الإعرابية لهاتين العبارتين: "نحن العربَ كرماء"، "نحن عربٌ كرماء" إن لم يكن عارفا أن "عرب" في الجملة الأولى منصوبة على الاختصاص وفي الثانية مرفوعة لأنها خبر؟ كيف سيميّز بين نطق: "هذا سارقُ نقودي" بلا تنوين، و"هذا سارقٌ نقودي" بالتنوين؟ ولماذا سيقول: "تسعة عشر رجلا"، "تسع عشرة امرأة"، "وصل الرجل التسع عشر"، وصلت المرأة التاسعة عشرة، وليس: "تسع عشر رجلا"، "تسعة عشرة امرأة"، "وصل الرجل التاسع عشرة، "وصلت المرأة التاسعة عشر"، إن لم يكن عارفا بقواعد العدد والمعدود؟
أما تصريف الأفعال، الذي هو شرط لإتقان اللغة واستعمالها، فيجب الاعتراف بأنه، باستثناء الفعل المضارع، سهل الاكتساب بالسماع والقياس والتفاعل والممارسة...، رغم كثرة الضمائر وأنواع الفعل (ثلاثي، رباعي، خماسي، سداسي؛ ثم الصحيح والمعتلّ...). لماذا؟ لأن الصيغ الصرفية (الجمع المذكّر المخاطب، المثنّى المؤنث الغائب، المفرد المؤنث الغائب...إلخ...) لغير المضارع، قارّة تبقى على حال واحدة، مما يسهل معه اكتسابها بالسماع والقياس والتفاعل والممارسة. وهذا ما لا يسري على الفعل المضارع عندما تدخل عيه الأدوات العاملة للجزم أو النصب. فهذه الأدوات لا تسمح باستعمال الفعل المضارع الذي تدخل عليه، وبشكل صحيح وسليم، بناء فقط على السماع والقياس والممارسة كجزء من آليات الاكتساب التلقائي واللاشعوري للغة الأمّ، مثل تلك الجمل البسيطة التي استشهدنا بها أعلاه ("ضرَب زيدٌ محمدًا"، "نشكر زيداً"، "زيد مريضٌ"، "إن زيدا مريضٌ"، "لم يحضرْ زيد..."). وما يمنع ذلك هو كونها متعدّدة (أكثر من أداة واحدة للجزم وكذلك للنصب). يضاف إلى ذلك أن وظائفها النحوية، التي على أساسها تعمل عملها (جزم ونصب المضارع)، هي نفسها متعدّدة في الغالب. فمثلا أداة "لا" قد تكون ناهية فتجزم المضارع وقد تكون نافية فلا عمل لها... وحرف "الفاء" قد تكون وظيفته، عندما يدخل على المضارع، العطف، أو التفسير، أو رابطة لجواب الشرط، أو السببية... والنتيجة أنه من المستبعد جدّا أن ينجح المتكلّم في استعمال فعل المضارع بشكل سليم في كل التعابير التي تدخل فيها عليه هذه الأدوات العاملة، بناء فقط على الاكتساب التلقائي، ودون أن يكون عارفا بأحكام هذه العوامل. ومن هنا قد نجزم أن هذا البيت المنسوب إلى امرئ القيس: «فقلت له لا تبك عينك إنما *** نحاول ملكا أو نموت فنعذرَ»، لا يمكن أن يقوله إلا من يعرف أحكام فاء السببية التي بموجبها نصب فعل "فنعذرَ".
قد يردّ أصحاب خرافة السليقة بأن كل هذه الحالات، من حركات أواخر الكلمات التي تتغيّر حسب الوظائف النحوية لهذه الكلمات، أو من إضافة حرف أو حذفه كما في العدد والمعدود، أو من تغيير في صيغة تصريف المضارع عندما تدخل عليه أدوات عاملة، أو من حذف نون الأفعال الخمسة عندما تدخل عليها نفس الأدوات...، يمكن ضبطها بالسماع والقياس، ليصبح، مع الممارسة، استعمالها من طرف المتكلّمين استعمالا صحيحا وسليما، مطابقا لقواعدها النحوية التي لا يدركها هؤلاء المتكلّمون. لكن إذا عرفنا ـ وهذا مثال فقط ـ العدد الضخم للأدوات العاملة لكل من الاسم والفعل، والعدد الأكبر لأحكامها وعملها، والعدد الهائل لقواعد العدد والمعدود، والعدد اللامحدود لأشكال الجمل والقول...، فسيتكوّن لدينا اليقين بأنه من المستحيل أن سيستوعب الأعرابي، ولو منذ ولادته حتى بلوغه السبعين من عمره، كل ما ترتّبه هذه الأدوات والأحكام والقواعد والأشكال من تغييرات على حركات أواخر الألفاظ، حتى يكون كلامه صحيحا وسليما ومفهوما، مطابقا للقواعد النحوية التي تحكم هذا الكلام دون أن يكون عارفا بها ومدركا لها. نعم ربما قد ينجح في ذلك إذا افترضنا أنه كان يلجأ إلى تسجيل ما يسمع (وحتى هنا سيطرح السؤال: من أين جاءت صحة ما كان يسمع ما دام أن ما يسري عليه يسري على من يُفترض أنه كان يسمع منهم؟) من كلام تختلف حركات أواخر كلماته عما يعرفه، ليقيس عليه عندما يستعمل تعابير مماثلة. لكن بغض النظر أنه لا يمكن حصر كل أشكال التعابير التي تختلف حسب المواقف والسياقات، فإن اللجوء إلى التسجيل (على افتراض معرفة الكتابة) سيُخرجنا من الاكتساب السليقي واللاشعوري للغة إلى التعلّم الذي يكون عن وعي وقصد وإرادة.
نريد بهذا الاستدلال أن نبيّن أن الاعتقاد السائد أن الأعرابي كان يكتسب العربية ويتقنها بالسليقة هو مجرد خرافة. ويكفي، لتفنيد هذه الخرافة، التذكير بأن هناك من يدرس العربية، نحوا وصرفا وتركيبا ومعجما، في المرحلة الابتدائية والثانوية والجامعية، وقد يحصل فيها على درجة دكتوراه، ومع ذلك تجده يلحن عندما يتكلّمها أو أيقرأها إن لم يكن النص مشكولا. إذا كان الأمر كذلك بالنسبة إلى مثل هؤلاء الذين قضوا ردَحا من الزمن في تعلّم ودراسة العربية، فما بالك بأعرابي لا يعرف الكتابة ولا المدرسة، أن يكتسب ما فشل فيه مثقّف دكتور، وبالسليقة وبدون جهد ولا تحضير ولا تعب ولا سهر... وهل يُعقل أن سيبويه، شيخ النحويين بلا منازع، كان يقول، كما يُنسب إليه ذلك: "أموت وفي نفسي شيء من حتّى"، قاصدا بذلك أنه سيموت دون أن يلمّ بكل أحكام أداة "حتى" وعملها على الاسم والفعل عندما تدخل عليهما، ومع ذلك نصدّق أن الأعرابي كان متمكّنا من كل ذلك، ويعرف بالسليقة كل أحوال "حتى" كما يتجلّى ذلك في نطقه الصحيح المفترض للعلامات الإعرابية لكل ما يأتي بعدها من اسم أو فعل؟
الخلاصة أن العربية، لكونها لغة إعرابية، كما شرحنا، فإن الحديث الشفوي بها يتطلّب، حتى يكون ذلك الحديث سليما من حيث العلامات الإعرابية، ما يتطلّبه نفس ذلك الحديث عندما يكون نصّا مكتوبا لا يمكن أن يقرأه بشكل سليم، من حيث علاماته الإعرابية، إلا من كان عارفا بالوظائف النحوية لكلمات ذلك النصّ. مما يجعل من العربية، كلغة إعرابية، لغة تُتعلّم بالضرورة، وعن وعي وإرادة كما تُتعلّم كتابتها وقراءتها، ولا تُكتسب تلقائيا ولاشعوريا.
اللهجات العربية كانت بلا إعراب قبل الإسلام:
(يُتبع)



#محمد_بودهان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عائشة الشنّا، امرأة بملايين الرجال
- اللغة والهوية بين الودغيري وكاتب ياسين
- التضليل السياسي والإعلامي في حرب أوكرانيا
- عبثية توظيف مساعدين اجتماعيين في الأمازيغية
- عقدة اللسان عند المغاربة
- حسن بنعقية والعلاقة الصوفية بالأمازيغية
- المعنى الجديد لشعار: -إفريقيا للأفارقة-
- عندما يشكّل التعريب خطرا على مصالح المغرب
- الهويات المقتولة
- الفرنسية كناشرة للعروبة ومناهضة للأمازيغية
- مأزق الأمازيغية
- لماذا لا يمكن للإسلام السياسي أن ينجح بالمغرب؟
- هل تراجعَ إسلام المغاربة بإسقاطهم للحزب الإسلامي؟
- الأمازيغية في خطاب 20 غشت 2021
- من المخاطَب بدسترة الأمازيغية؟
- هل يكفي قانون 55.19 لتحسين أداء الإدارة لصالح المرتفق؟
- الوحدة في التنوّع أم التنوّع في الوحدة؟
- خدعة مفهوم -المشترَك-
- المخيال العروبي والأمازيغوفوبي
- بين -تامازيغت- و-تامغرابيت-


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بودهان - خرافة اكتساب وإتقان العربية بالسليقة قبل الإسلام (1/2)