|
الازاحة الجيلية هل هي إقصائية ام تكاملية؟
عبد المنعم الحيدري
الحوار المتمدن-العدد: 7536 - 2023 / 2 / 28 - 22:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أطلق البعض ممن يعملون في مجال الساحة السياسية العراقية مصطلح (الازاحة الجيلية) ، وهذه المصطلحات الغربية حتى وإن كانت لدى الغربيين لكن تطبق بشرطها وشروطها ، الا إنها حينما تصل لأهل الشرق يساء فهمها وحتى استعمالها ، فمثلاً : الديمقراطية في الغرب ليس هي كما عندنا في الشرق ( انا هنا ليس مبهورا بثقافة الغرب وسياساتهم ) , لكنني اتناول الأمر بموضوعية حتى يتبين للقارئ الكريم اصل الموضوع وان تصله الصورة واضحة ، والأحزاب السياسية ، ليس كما عندنا ، حيث الأحزاب في الغرب تمنح الفرصة لمن هو أقدر على القيادة ، بينما عندنا في الشرق تمنح الفرصة للأخوة والاقارب وبمحسوبية ومنسوبية فلطالما رأينا رؤساء أحزاب وحركات سياسية عربية وحتى عراقية يهيئون إخوتهم وإبنائهم ويمنحوهم مناصب حزبية مهمة في داخل حزبهم ، وكأن الأمر وراثي ملكي ، وليس سياسي ، فحينما يتوفى رئيس الحزب او الحركة او يقتل ، نجد أنه مباشرة يحل محله أخوه او إبنه ، ليصبح رئيسا للحزب خلفا للرئيس السابق ، وفي وقت ينادي فيه علماء السياسة ان الأحزاب لا تدوم الا بضخ دماء جديدة من أجل عدم وقوع الأحزاب والحركات السياسية بفخ الإنسداد الفكري والتاريخي مستقبلاً ، يذهب بعض القادة السياسيين للعمل بهذه الفكرة ، وهي عملية ضخ الدماء الشابة واحتواء الطاقات وتعتبر خطوة إيجابية ، لكن نرى انها سرعان ما تصطدم بعدم الانسجام بين الأجيال السابقة والاجيال اللاحقة ، وهذا ما يحدث في العراق لتيارات وحركات وإحزاب سياسية عراقية ، حيث يندفعون فورا الى ان الإنفصال عن الحزب القديم ، والسبب هي ان كل من الجيل السابق والجيل اللاحق ، كلاهما يفكر بطريقة الإقصاء ، فالجيل القديم يرى ان الجيل الجديد يهدد وجوده وهو يريد الحفاظ على ما هو قائم ، بينما ينظر الجيل الجديد الى ان الجيل القديم هو ذو (أفكار خشبية) ، لا تصلح للعمل السياسي ، ويسعى الى تغيير ما هو قائم ، ولكن لم يلتفت الإثنين معا الى ان ذهاب الجيل القديم امر لابد منه ، وبالتالي لابد من تسليم الراية ، ولم يلتفت الجيل الجديد انه سيتسلم الراية ويحتاج الى التأني ، وان قليل من الصبر مع الجيل السابق سيمنحهم الخبرة والحنكة والصبر والإستفادة من تاريخ طويل بالعمل السياسي ، فيأخذون ما يتوائم معهم ، ويتركوا ما يروه (أفكار خشبية) . أن التاريخ يصلح ان يكون فكراً إستراتيجيا،يستفيد منه الشباب الطامح للقيادة ، ومن لم يطلع على التاريخ فالاولى به ان لا يعمل في مجال السياسة ، وان لا يتناولها مطلقا. اليوم هناك بعض من قادة الإطار الطامحين يسعوون لتطبيق سياسة الازاحة الجيلية على مستوى القادة ( مع ان هذا المكان المعنوي ليس محل تطبيقها ) ، ويريد هذا البعض ( لعدم إدراكه معاني وإبعاد هذا المصطلح السياسي في متى وإين وكيف ) ، ان يزيح الجيل الأول لقادة الإطار تحت ذرائع شتى ، واقول : ان تطبيق هذه السياسة (الازاحة الجيلية) ، من دون التعاون والتكامل ، بين الأجيال على مستوى داخلي لحركة ما او لحزب ما ، فإنه من المؤكد ، ستفشل وقد فشلت في مكان ما عند تطبيقها ، لماذا؟. لان القائمين على تطبيقها اعتمدوا إسلوب الفكر الاقصائي ، مع انهم ارادوا تطبيقها في تنظيم سياسي واحد ، فما بالك لو استخدمت هذه الإزاحة لجيل القادة الأول في الإطار ؟. مع إن لكل منهم حزب او حركة ولهم جمهورهم الخاص بهم ، فهنا يكون الأمر أكثر استحالة وبالنتيجة يكون الفشل هو ثمرة صاحب المشروع ، وإن كنتم تعتقدون ان نظرية الازاحة الجيلية ، هي نظرية فطرية ومن السُنن الإلهية ، ولابد من وقوعها ؟. فعليكم تطبيقها ، كما هي وفق أسس تعاونية تكاملية ، وليأخذ كل ذي حظ حظه في هذه الحياة ، وتخلصوا من النزعة الدكتاتورية ، فليس الطغاة والجبابرة ولا اللقيط الهدام عنكم ببعيد . وفي الختام اقول : فلتكن أدواتكم صالحة ، ولتكن وسيلتكم شريفة ، وليكن هدفكم مشروع ، ولا تكونوا مصداقا لما جاء به ميكافيلي ، يوم قال الغاية تبرر الوسيلة ، وإعلموا ان التنافس امر مشروع وأن الصراع نهايته الحرب وإن التعاون نهايته النجاح ، لذلك طبقوا إزاحتكم الجيلية على أحزابكم وحركاتكم ، وفق الأسس الصحيحة ثم لكل حادث حديث .
#عبد_المنعم_الحيدري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الازاحة الجيلية هل هي إقصائية ام تكاملية؟
المزيد.....
-
رد -ساخر- من بايدن على اتهام ترامب بأنه وراء إدانته في قضية
...
-
أوباما يوضح -أهمية- المقترح الذي أعلنه بايدن لوقف القتال في
...
-
شرطة نيويورك تعتقل نشطاء خلال مظاهرة رافضة للعدوان على غزة
-
فيديو لـ-توليد السحب في السعودية-.. ما حقيقته؟
-
-سنتكوم- تؤكد تدمير أربع مسيّرات تابعة للحوثيين
-
فرنسا تمنع شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض للسلاح.. وغان
...
-
ماذا يعني دخول ترامب السجن لجهاز الخدمة السرية؟
-
السياسة الأميركية واحتجاجات الجامعات
-
الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن
-
فيديو لمتظاهر مؤيد للفلسطينيين يحتج في مباراة بطريقة -غريبة-
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|