أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - استقلالية الكاتب -2















المزيد.....

استقلالية الكاتب -2


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 7532 - 2023 / 2 / 24 - 10:57
المحور: الادب والفن
    


مقاربة من مفهوم الاستقلالية:
يساور مفهوم أو مصطلح- الاستقلالية- أو- الحيادية- أو اتخاذ المسافة الواحدة من طرفين، أو حتى المهنية، الكثير من اللبس، فإنها، وبمرادفاتها المذكورة، أو غير المذكورة، باتت تطرح على نطاق واسع، إزاء التناقضات اليومية التي تفرّخ، وتتكاثر، وتتسيد مشهد الواقع، أمام أعيننا، ككتاب، على نحو خاص، وإن كان الكاتب النزيه سيلتزم بسمة الصدق أثناء تناوله لأية قضية، وإبداء الموقف اللازم، بعيداً عن الزيف والتزوير، وذلك بعد معاينة ما يعرض أمامه، و الإمعان فيه، و تقليب وجوه القضية- أية كانت- كاملة، من دون أي انحياز إلى طرف ما، وهو ما يجب ألا يوقعنا في شِراك الخطر الأعظم الذي يداهمنا، إذ إن- جمالية- كتلة سرطان ما في جسد يجب ألا تغفلنا، عن الحديث عن المصير الذي يهدّد المريض المبتلي، فللاستقلالية فضاء خاص، و يمكن تبنيها ضمن شروط محددة، كأن يكون ذلك في حضرة طرفين، أو أطراف متوازية، ضمن منظومة محددة، ومن هنا، فلا يمكن أن نكون محايدين تجاه نار تنشب في المنزل، ولا عدو يصوب بندقيته إلى أحد الأبرياء في دارنا، أو حتى من حولنا، باعتبارنا، غير مستهدفين!

مؤكد، أن اتخاذ الموقف الصائب يكبِّد صاحبه خسارات فادحة، من قبل من ديدنُهم مقاومة الحقيقة، باعتبار وجودهم مستهدفاً، ليُصنَّف ذو الموقف الصائب، ضمن فئة الندرة، لأنه عبر موقفه الصارم، إنما يبدو في موقع- الخصم- بل العدو، من قبل أعداء الحقيقة، ناهيك عن وجود مزيفين، متسترين، برداء الحقيقة، في الطرف الآخر. الطرف الذي يصنف هو نفسه من ضمنه، إلا إن- خطابه- رغم ما تواجهه من كوابح ومصاعب هو الذي يسجّل له البقاء، فيما إذا استطاع إجلاءه، والمرافعة عنه!

في محاولة التوغل في الصميم:
يواجه الكاتب، صاحب الموقف المبدئي، بين حين وآخر، بعض من يحاول التفذلك، والتلاعب الإنشائي بالعبارات والمصطلحات، أو حتى نتيجة النقل الببغاوي للمقولات الجاهزة، من خلال ممارسة الوصاية عليه، في لحظة الاختلاف البيِّن في الرأي، عبر اللجوء إلى المقولة المكرَّرة، أن على الكاتب أن يكون- مستقلاً- عما يجري حوله، وهي مقولة صائبة، لأول وهلة، إلا إنِّها كثيراً ما تستخدم خارج إطارها، وخلافاً لجوهرها، إذ ينظر إليها من قبل مثل هذا الوصي، من خلال مجرَّد زاوية واحدة، بعد أن يغضَّ النظر هنا وهناك عما يراه، وأن ينتج مادة كتابية ترضي الأطراف كلها، لنكون في التالي أمام إشكال كبير، هو أنه:

لا سبيل أمام إرضاء الجلاد والضحية أو القاتل والضحية، في آن واحد، إلا عبر السكوت، أو تدبيج خطاب تلفيقي توفيقي، كلاعب سيرك، يسير على الحبال!
الكتابة، في حقيقتها امتحان الكاتب، وحريته وسجنه، منجاته وحياته، سقوطه أو إباؤه، وهي في صميمها تعبير عن موقف حياتي إزاء الثنائيات التي تتمُّ: الجمال أو القبح. الخير أو الشر، ولا حياد، لا استقلالية إزاء اتخاذ الموقف من قضيتين متضادتين، إلا في" دماغ" أو عقل من يسعى لإجراء توازنات هدفها الرئيس المنفعة المستجلبة للكاتب، ومن يناصره، وإن راح يسوق، ويمنح هذا التلفيق بعداً جماعياً: قومياً، أو إنسانياً، أو سوى ذلك. ومؤكد، أن من بين هؤلاء الأوصياء من يحرص على مصلحة الكاتب، أو من يحاول الوقوف إلى جانبه لإنقاذه من سطوة خطر معنوي، أو حقيقي على حياته، إلا إنه حتى في هذه الحالة فإن موقف الناصح، ليس إلا نتاج رؤية تلفيقية مزيفة، تهادن الواقع، وتناصر القوي في مواجهة الضعيف.
وللأسف، فإن أنصار هذه النظرة طالما شكلوا، ويشكلون كابحاً، أمام الرؤية الصائبة، والموقف المطلوب، في أية محطة، أو مرحلة، إلى الدرجة التي أصبحت هذه التوفيقية عبارة عن منهج لديهم: يهادنون الظالم و"يهدهدون" المظلوم طالبين منه السكوت، وبات صعباً على كثيرين منهم التخلص من هذه الآفة السلوكية، حتى وإن غدوا في مأمن من كل خطر، أو بعيدين عن ساحة الصراع، من دون أن يكلفوا ذواتهم، بمحاولة تجاوز ما هم عليه، والنظر إلى الأمور بعين دقيقة، فاحصة، منصفة، و لو أن من بينهم من يقول لك: أجل، ما تقوله صحيح، إلا إن الضرورة تقتضي كذا وكذا.
أجل، إن مثل هذه الضرورات ينظر إليها، من قبل بعضنا، إزاء خطر أكبر داهم، ومن بين ذلك إن كان لك ثمة جارٌ يدأب على التجاوزات بحقك، وتعرضت وإياه لخطر أعظم يهدد وجودكما، فإنه لمن اللزام عليك أن تقف معه، لعله يتخذ العبرة مما تم، إن كان ممن يحتكمون إلى العقل، إلا إن ديمومة تقبل المذلَّة من هذا المتجبر- أياً كان- في زمن السلم كما هو الحال في زمن الحرب- تدفعه إلى مفاقمة ظلمه ليتحول إلى طاغية- إن لم يكن طاغية أصلاً- وإن كان من يمارس الظلم، في حدِّه الأدنى سيمارسه في حدوده العظمى، أنى توافرت الظروف، إذ ليس هناك ظالم مقنن الأذى، كما إن من يسعى لإعدام أحد- معنوياً- بسبب خلاف أو رأي، لاسيما إن كان من عداد النخب السياسية، الثقافية، ولا يوفر طريقة لإلحاق الأذى بمن يختلف معه، فهو مجرم في قرارته، باعتبار أن هذا الأخير يعمل بوضوح، متجرِّداً من كل ما هو إنساني، بينما هو يعمل مقنَّعاً، بملامح إنسانية، وربما ما فوق إنسانية- ملائكية- بيد أنه يحمل فيروس الفتك بالآخر في دمه، ويمكن التدقيق في هذا الاستطراد في وقفة أخرى خاصة، لأنني أشير هنا إلى: المجرم، لا إلى من هو مكره على مجاراته، ومسايرته، أو الصمت، في مواجهته، نتيجة ظرف ما، لأن لكل طرف تقويمه الخاص!
وكمثال، عن موضوعة الحيادية، أو الاستقلالية، تجاه المحيط هو أنني أرى أن الطبيب- وأعود هنا إلى مثال استهللت به المقال- لا يمكنه أن يكون حيادياً، أو مستقلاً، تجاه: كتلة سرطان في جسد مريض، إنما عليه أن يستعين بمبضعه لبتره، وأن طبيب الأشعة عليه أن يضع- الصورة الشعاعية- كما هي، وبصدق بين يدي هذا المريض قبل ذلك، من دون مواربة، وإلا فإنه، والطبيب الذي يهادن الكتلة- يعينان بؤرة السرطان على الاندياح والإجهاز على حياة هذا الإنسان!
ومن هنا، نجد، أن بعض هؤلاء الذين لا يجرؤون على إبداء آرائهم، نتيجة خوف من بطش مستبد ما، أو نتيجة حرصهم على منفعة ما يتشدَّقون بتمسكهم بشعار، أو خيار الاستقلالية الذي يتحول إلى ذريعة، أو مطية، للتهرُّب من مجابهة المتجبر، أو الظالم.

عود على بدء:
أجل، إن الاستقلالية جدّ مهمة، ومطلوبة، ضمن شروط محددة، بيد أنها ليست قانوناً، أو قاعدة، صالحة للتعميم، أمام كل ما نواجهه، فالحياد المخبري، أثناء مزاولة البحث العلمي أمر بدهي، بيد أن الاستقلالية لا تصلح لأن تكون كمامة أفواه، تمنعنا عن أداء واجبنا التنويري- كشريحة أو نخبة لايزال هناك من يعول علينا على نحو مباشر- إذ إن المتجبر- عادة- يسعى لتأصيل، وتكريس ضرورة استقلالية الكاتب، بعد أن ضمن لذاته جيشاً من الذين يرافعون عنه، أفراداً، أو حتى من هم محسوبون على النخب الثقافية، ويهمهم إسكات من يلجأ إلى- نقدهم- ضمن شروط النقد. ضمن إطار دواع عديدة، من بينها: الاستقلالية التي لا يطلبونها ممن يرافعون عنهم، وهم- بهذا- يكرِّسون إلغاء النقد- النقد الفعلي، لا الكيدية المغلفة بقشور النقد، سواء أكان ذلك عن غباء وجهل، أو عن لؤم ومهارة!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منكوبو عفرين يطلبون خيماً لامخيمات!
- بلطجات السوشيال ميديا: وفرض ثقافة الابتذال
- سيكولوجيا الاستذئاب الافتراضي: إيذاء القريب والخذلان أمام ال ...
- اكتمال دورة الكوارث: عندما قال الزلزال: ها أنا!
- صناعة التاريخ بعد فوات الأوان عن إدعاءات السيد محمد خليل أيو ...
- مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر تصدر ثلاثة مجلدات لأعما ...
- عبد الرزاق بوكبة يكتب بعنوان-الشاعر الكردي إبراهيم اليوسف يص ...
- ثلاثة مجلدات تختصر أربعين سنة من قصائد الشاعر إبراهيم اليوسف
- .. إبراهيم يوسف: روايتي أطلقت أسئلتها الاستفزازية حول العالم ...
- صلاح رسول: سنة على الغياب!
- في انتفاضة جينا أميني: حين يكون الدم ديناً في رقابنا ما الذي ...
- كردستان الشرقية وانتفاضة- جينا أميني-
- معلومة للتاريخ....... طيب تيزيني ومشروع مجلة فكرية أجهضته ال ...
- سنديانة سري كانيي «رأس العين» في المناضل الشيوعي أحمد رمضان
- موقع جدلية يحاور إبراهيم اليوسف
- سادن الحكمة الجميل: في وداع الكاتب محمد سيد حسين1
- سادن الحكمة الجميل: في وداع الكاتب محمد سيد حسين
- بعد حرب العشر سنوات:هل التعايش بين السوريين لايزال ممكنا؟
- الإبداع الكردي في سوريا ومعادلة الرقابة على النشر
- تلويحة حارس دجلة الأخير في غيابة أحد أعمدة ديركا حمكو إلى مح ...


المزيد.....




- مصر.. وفاة الفنان بهاء الخطيب خلال مباراة والعثور على -تيك ت ...
- فيلم -درويش-.. سينما مصرية تغازل الماضي بصريا وتتعثّر دراميا ...
- شهدت سينما السيارات شعبية كبيرة خلال جائحة كورونا ولكن هل يز ...
- ثقافة الحوار واختلاف وجهات النظر
- جمعية البستان سلوان تنفذ مسابقة س/ج الثقافية الشبابية
- مهرجان الجونة 2025 يكشف عن قائمة أفلامه العالمية في برنامجه ...
- بيت المدى يحتفي بمئوية نزار سليم .. الرسام والقاص وأبرز روا ...
- الرواية الملوَّثة التي تسيطر على الغرب
- تركيا تعتمد برنامجا شاملا لتعليم اللغة التركية للطلاب الأجان ...
- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - استقلالية الكاتب -2