أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد يعقوب ابكر - من القبيلة الى الدّولة .... منْ أين يبدأ الطّريق (4-5) القبيلة سوق السياسة السوداء















المزيد.....

من القبيلة الى الدّولة .... منْ أين يبدأ الطّريق (4-5) القبيلة سوق السياسة السوداء


احمد يعقوب ابكر
قاص وناقد

(Ahmed Yagoub)


الحوار المتمدن-العدد: 7513 - 2023 / 2 / 5 - 19:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعلّ دراسة بِنى السّلطة في المُجتمع الرأسمالي الصناعي يتطلّب بشكل عام ؛ دراسة علاقات الانتاج والصراع الطبقي. تختلف مجتمعاتنا حين تُطرح مسائل بِنى السّلطة فيها؛ فهي دراسة لعلاقات القرابة وكيفية انتقال السّلطة من نصاب رئاسة الى نصاب رئاسة آخر بحسب ابن خلدون.
لايطمح مقالنا هذا؛ في دراسة سوسيولوجية معمّقة لعلاقات القرابة في القبيلة، كإطاررسمي لها ومفهومها وكينونتها وتأثيراتها على علاقات السلطة وأبنيتها وصوغ خطابها، انما سيعتمد على المقاربة لمحاولة فهم خطاب القبيلة وخطاب الدولة وكيف وظفت الدولة القبيلة في خطابها واستغلّ زعماء القبائل هذا التوظيف لمكاسب وامتيازات على حساب مفهوم المواطنة والذي هو جوهر مؤسسات وبناء الدولة الحديثة.
فالقبيلة في تكوينها تنظيم مغلق؛ يستقبل الأفراد لكنه لا يقبل خروجهم منها ؛مما يعني أنها في نشأتها وفي تكوينها لا تستطيع أن تستوعب إلا شكلا واحداً ونوعاً واحداً من الأعضاء وحتى إن اعتبرناها دولة مصغرة؛ فطبيعة قراراتها لا يمكن أن تسري على أناس خارج نظامها العرفي والمكاني فقراراتها تمس الأفراد المنتمين إليها ولا تسري على أفراد خارج نطاقها الإثني والمكاني. وإذ اعتبرنا عامل القوة والإكراه اللذان كانت تستعملهما القبيلة في وقت سابق لبسط نفوذها وحكمها وقد اتفقت القبائل على هذه الأساليب؛ ففي الوقت الحاضر لا يولد هذا الخيار إلا الحقد السياسي والعنف والذي يطال المؤسسات الدستورية والسياسية وحتى الأفراد في كثير من الأحيان الذين يصبحون ضحايا لقبائلهم.
في تعريف حديث عرّفت القبيلة على انها" جماعة من الناس ينتمون حقيقة أو وهماً الى أصل مشترك" ويميز القبيلة وحدة اللغة والثقافة المشتركة لدى جميع افرادها ؛ بالاضافة لرابطة الدم والنسب وهو عامل تجانس اساسي يضاف اليه الموقع الجغرافي بحدود المعلومة. اكثر ما يميز القبيلة هو ذوبان الفرد في الجماعة والجماعة في الفرد وهنالك دائماً ميلاً قوياً الى الاستقلال وعدم الخضوع لسلطة الدولة والميل الى الحرية المطلقة داخل هذا الفضاء المغلق وهو ما يمكن التدليل عليه بأن كلمة زعيم القبيلة داخل هذا الفضاء اقوى من كل مؤسسات الدولة.
داخل هذا الاطار المذكور آنفاً؛ ينشأ خطاب القبيلة وفق عناصر رئيسية ؛ تتمثل في توفيرها للعصبية، وتمثل عقلية عامة تحكم جميع اشكال العلاقات السياسية من خلال تخصيب الذاكرة الجماعية للمجموعة؛وفي خطابها هذا تتصف القبيلة ببساطة السلطة السياسية داخلها وسهولة الاتصال السياسي بين زعيم القبيلة وافرادها وهنالك الولاء المطلق للقبيلة. يصف علم الاجتماع السياسي القبيلة كمفهوم إقصائي بامتياز ولا يمكن الانضمام إليها في أي وقت وإنما ننضم إليها مجبرين ومكرهين منذ ولادتنا ولا نملك الاختيار في ذلك مما يجعلك أمام خيارين لا ثالث لهما إما الالتزام والانصياع للقبيلة وقراراتها أو أن تتبرأ منك وتصبح منفيا خارجها وهو ما يعني الاستبداد المطلق القبلي في منظور علم الاجتماع السياسي.
تبني القبيلة خطابها في فضائها المغلق على اسس إعلاء مقام ال «أنا» وانتقاص قيمة «الآخر» وهو خطاب يفضي في محصلته النهائية إلى تكريس صيغ مديح الذات وهجاء الآخرين بلا مواربة. ولم تستطيع النصوص الدينية المقدسة المؤثرة عادة في الوجدان في تحجيم هذا الخطاب ؛ بل انّ خطابها الموغل في ابراز الأنا قد تجاوز النص الديني في قوله ( إنا جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) وهو مايفسر قدرة القبيلة على ابادتها لمجموعات أخرى دون أي وازع سوى خطابها .
خطاب القبيلة المبني على مديح الذات واعلاء شانها وهجاء الآخر هو خطاب يؤرخ له؛ حينما كانت القبيلة تكتلا بشرياً صغيراً قائماً بذاته. يرى في تكتله القدرة على مقاومة التكتلات الأخرى التي تشكل خطراً عليه، فكان لا بد من العمل على بث الشعور بالتفوق، والعمل في الوقت نفسه على تعزيز نصوص العلو والتفوق وتضخيمها ومقاومة نصوص المساواة وتهميشها. لكنه صار فيها بعد خطاب الخصومة و العداوة الذي يجعل القبيلة تقف دائماً في موقف الخصم من كل قبيلة مجاورة لها أو بعيدة عنها، بل يجعلها في موقف الخصومة أيضا مع بعض الطارئين عليها الذين لا يستحقون الانتماء الكامل لدمها الصافي النقي؛ وفي المحصلة فان خطاب القبيلة هو خطاب ابعاد ونفي لكل ما سواها.
إزاء هذا الواقع ؛ ثمة أسئلة تطرح هل تأسس خطاب الدولة لخيار الولاء للوطن بدل الولاء للقبيلة؟ أم ان الدولة عن طريق ممارساتها وتدخلاتها، في إعادة تشكيل البنيات والتصورات التقليدية ساهمت في سيادة الخطاب القبلي ؟ هل ما زالت القبيلة حاضرة كإطار اجتماعي وسياسي في بلادنا؟ وهل تأتَّى الانتقال، من سجل القبيلة إلى سجل الدولة؟ أم أن عُسْر الانتقال يجعل من الدولة الحديثة مجرد بنيات قبلية في نسختها المنقحة؟
يعلن الخطاب الرسمي للدولة في تمثّلاته، وفي كل الاوقات أنه ينتصر للديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات، بما يفيد بأن القبيلة لا وجود لها في التدبير السياسي للوقائع والأشياء، لكن ما أن تحل الانتخابات حتى تلوح القبيلة كقيم ضابطة للمجال والمخيال والإنسان. ذلك أن إعلان موت القبيلة بشكل رسمي، ليس كافياً بالمرة لاستخراج رسم وفاتها كممارسات وعلاقات وتمثلات.
إنتهى زمن القبيلة حين أُعلنت المؤسسات التي على اساسها تشكلت الدولة الحديثة حدث هذا في بلاد أخرى وليست بلادنا ؛ التي تعيش حداثة دون تحديث؛ لكن وطن القبيلة ظهر متخذاً اشكالاً وصيغاً شتى فهناك الدعوات المتواترة إلى تسييد الأصل القبلي، وتقديم الولاء للقبيلة على الولاء للوطن، فالدولة التي تصرح بكونها مع الأساس الترابي، هي ذاتها التي تعيد إنتاج القبلية، وتؤسس لاستمراريتها، وهو ما نلاحظه خلال التقسيم الانتخابي الذي ينبني على اعتبارات عشائرية بالدرجة الأولى، وكذا في ما يلي الانتخابات من تعيين واستوزار، مُراعٍ للانتماءات والسلط التقليدية للادارات الاهلية ويمكن رؤية ذلك حتى في هيكلة الاحزاب السياسية ، بما يجعل التعيينات مجرد ترضيات وتسويات بين القبائل المتناحرة. وهو ما يجعل الدولة مجبرة على التعامل مع أسس التقليد، وفي إطار مؤسسات عصرية حديثة . فالقبيلة ستتوارى كمؤسسة تنظيمية، ومن دون أن تغيب كبنية موجهة ومحددة للتصورات والممارسات والقيم في الدولة.
إن كل الممارسات الانتخابية ساعدت على إحياء الانتماءات التقليدية، فالتصويت يكون في الغالب الأعم لفائدة "ولد القبيلة" و "ابن العم"، وليس لبرنامج الحزب وخَطِّه الإيديولوجي، وهو ما يجعل من الممارسة السياسية غير متحررة من ظلال القبيلة، ومستندة في تدبيرها اليومي إلى التقليد والشخصنة، ما يجعل من كل حديث عن دولة المؤسسات مجرد شعارات فارغة معدة للاستهلاك السياسي.
يتبع...........

مراجع:
العشيرة والدولة في بلاد المسلمين – ترجمة رياض الكحال، المركز العربي للابحاث ودراسة السياسا 2019.
محمد ابو هنطش- علم الاجتماع السياسي ؛ قضايا العنف والحرب والسلام – دار البداية 2016

مارفن هاريس- التحريم والتقديس ؛ نشوء الدول والثقافات – المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات 2020.
عبدالرحيم العطري- من القبيلة الى الدولة الانتقال العسير – موقع TRT عربي على الانترنت.
د. محمد ربيع - الأنا والآخر من خطاب القبيلة إلى الخطاب الديني- صحيفة الرياض



#احمد_يعقوب_ابكر (هاشتاغ)       Ahmed_Yagoub#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من القبيلة الى الدولة .... من أين يبدأ الطريق (3-5)تنازع اله ...
- من القبيلة إلى الدولة... من أين يبدأ الطريق (2-5)وجهة نظر سو ...
- من القبيلة إلى الدولة... من أين يبدأ الطريق (1-5)
- النّظرية النّسوية من المركز الى الهامش بيل هوكس -الرجال: رفا ...
- History wont repeat itself التّاريخ لن يُعيد نفسه*
- (المركز والهامش) وموقعه من النظرية النسوية مقاربات في نسوية ...
- النظرية النسوية من المركز الى الهامش- الرجال: رفاق في النضال
- مأزق الانتقال هل من مجال لتسوية تأريخية؟
- مخاض الانتقال وبناء الكتلة الانتقالية
- اوهام المؤامرة في الخطاب السياسي السوداني
- أمراض السياسة السودانية- الاستبداد وصعود الإنتهازيين
- أمراض السياسة السودانية- الاقصاء (2)
- أمراض السياسة السودانية- التخوين
- الاثنية كوعي طبقي
- ذاكرة المدينة الشاحبة
- حفريات في ذاكرة إمرأة
- ثًلاثُونَ عَاماً من عُمري قدْ مَضَيْن - سِيرة التّشظّي، القل ...
- عام على غروب شم الصوفي
- عامٌ على غروب شمس الصّوفيُّ
- تأملات حول المنفى ( إحياء لذكرى أنثى ضائعة)


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد يعقوب ابكر - من القبيلة الى الدّولة .... منْ أين يبدأ الطّريق (4-5) القبيلة سوق السياسة السوداء