أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند عبد الجواد راهي - صناعة الجهل و اصرار الاعلام المتحزب بالترويج للسلبية















المزيد.....

صناعة الجهل و اصرار الاعلام المتحزب بالترويج للسلبية


مهند عبد الجواد راهي
اكاديمي و باحث في الاعلام و القانون

(Muhannad Rahi)


الحوار المتمدن-العدد: 7511 - 2023 / 2 / 3 - 22:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د. مهند عبد الجواد راهي العبودي
باحث في الاعلام و القانون
مع التطور المتسارع لدول العالم المتقدّم وهي تسابق الزمن لتعيش نهضة علميّة غير مسبوقة، بواسطة الدراسات والتخصّصات المتعدّدة، وباتت الجامعات والمعاهد الرصينة تتبارى لتقديم مختلف البرامج البحثية و نشر البحوث المتقدمة لتواجه التحديات المستقبلية و رسم خارطة طريق ممنهجة لاعلاء الأمم و شعوبها. وفي المقابل، وأمام كلّ هذا الوهج الثقافي والعلمي، نلمس حالةً من الجهل تخيّم فوق ربوع بلدانا وتضرب أطنابها بين مفاصل المجتمع، في زمن أصبح الأثير فيه مفتوحاً وناقلاً للعلوم والمعارف، وتحوَّل العالم إلى قرية صغيرة.
هذا التباين بين المشهدين يدعو إلى التوقف والتأمل قليلاً، لنجد أن الدول التي صنعت المعارف و العلوم المتنوعة بلغت اعلى حد من الفهم الإنساني والتحكم على ادارته من بعد، كون العقل البشري هو صندوق للعلم و الثقافة وبنك المعرفة ، فإذا ما أدخلت معلومات وحذفت أخرى، واستمرّت هذه العمليّة لفترة معيّنة، فإنّ هذه العقول ستكون تحت السيطر، و هي اعلى مراحل ما يسمى بغسيل الادمغة و يقصد به تحويل الفرد عن اتجاهاته وقيمه وأنماطه السلوكية وقناعاته، وتبنيه لقيم أخرى جديدة تفرض عليه من قبل جهة ما سواء كانت فرداً أو مجموعة أو مؤسسة أو دولة. ويندرج مصطلح غسل الدماغ تحت مسميات مختلفة تحمل المفهوم نفسه مثل: إعادة التقويم، وبناء الأفكار، والتحويل والتحرير المذهبي الفكري، والإقناع الخفي، والتلقين المذهبي، وتغيير الاتجاهات ).
لقد ساعد الاعلام ارقمي في صناعة الوهم و التجهيل ، و جعل مريديه فريسة للمصالح القوية التي ترغب في نشر الجهل عمدًا. كونه أداة خطيرة من خلالها تتمّ ايجاد كيانات إعلامية موجّهة، تتبنّى لغة خطاب واحد ومتكرّر لترسيخ الفكرة المراد نشرها في الأذهان، فهو بمثابة مشروع جهات ذات نفوذ يعتمد على استخدام رموز مهمّة في المجتمع للاستفادة من شعبيّتهم في ذلك ومثالها التفاهات المحسوبة على المجتمع العراقي و امتداده التأريخي التي تنشر و تحقق انتشارات متسارعة على مواقع التواصل الاجتماعي . وكذلك النخبة السياسية المصطنعة، حيت يتم تكوين كيانات سياسية تابعة ولها ولاء تام، تقوم بالتأصيل السياسي والتشريعي لما تريده تلك الجهات ذات النفوذ القوي لتكون الذراع السياسية في معركتها ضد معارضيها. وفي صور أخرى يتم استخدام مجموعة من ( رجال متزيفين بالدين) الذين تتم صناعتهم واستقطابهم، هدفهم الأساسي تطويع بعض النصوص الدينية وجعلها حجّة ودليلاً لتبرير مواقف معيّنة بغرض التأثير على العامة.
وبهذا، فعلم صناعة الوهم و التجهيل يستخدم للتأثير والتحكّم بتفكير الجمهور من أجل تسويق توجّهات سياسيّة معيّنة والترويج لها ليتمّ إقناع الشعوب بها، حيث يعتمد ذوو النفوذ في ذلك على ثلاثة أمور مهمة، وهي:
اولاً: بث الخوف لدى الآخرين من عدو مفترض.
ثانياً: ترتيب الأولويات وفقاً لمعركة وهميّة.
ثالثا: وضع معايير مضلّلة لحالة النجاح المطلوبة.
تبدأ عملية التجهيل دوماً بالتشكيك في الحقائق الواضحة، ثم في مرحلة تالية نقل المتشكّك إلى حالة الرفض التامّ للحقيقة، ومن ثم يصبح عقله جهازاً لاستقبال معلومات جديدة، هي المعلومات المغلوطة.
إن أخطر مثال لصناعة الوهم و التجهيل : الاعلام المتحزب و الحكومي ضعيف الفائدة، الذي يعتمد على الإصرار بالسلبية و نقل المعلومات المغلوطة التي تجعل البلاد دائما بالوطن الغير امن و المتخلف، ولا يعتمد على الابتكار وحل المشكلات وتحليل الأسباب وتحقيق الأهداف في أسرع وقت وبأقل مجهود،(هذا النوع من الاعلام هو أسوأ صور صناعة الوهم و التجهيل).
الوهم و التجهيل، إذاً، هو قوّة من حيث لا نستطيع التعامل معها ومواجهتها إلّا من خلال وسائل الاعلام الحرة ، ومن خلال تحليل المعلومات الحقيقية ، ثمّ التحكّم بها وتوجيهها سلباً أو إيجاباً، فالجهل وإن كان نتاجاً طبيعياً لحالة التردّي في المنظومة الحكومية، لكنّه في المقابل يمثّل نتاجاً لعمليّة فعليّة أُسّست وفق اهداف رسالة سامية لاهداف الاعلام الإيجابي الذي يبتغي تجاوز التحديات و إعادة الوطن الى موقعه الريادي بين الامم .
هذا المنهج بدأ يتعمّق أكثر ويتّسع ليتمّ استخدامه في الأوساط السياسية والاعلام المتحزب، وأصبح البعض يعرّفه بـ"إدارة الإدراك"، وهو أسلوب يتبع التضليل والخداع، من خلال نشر بعض الحقائق وإخفاء البعض الآخر، باستخدام تقنيّات وفنون ومهارات عالية الدّقة، بغية خلق حالة من التشويش والإرباك لدى المتلقّي.
إنّ علم الجهل أو صناعة الجهل أو إدارة الإدراك كلّها مسمّيات لعلمٍ تقنيّ يقوم بإنتاج معلومات مزيّفة ونشرها على أنّها حقائق، ومحو حقائق ثابتة معتبراً أنّها مزيّفة، وهو يعتبر من أهمّ الأدوات التي يستخدمها الحاكم المستبدّ والسلطات المهيمنة من أجل تطبيق مبدأ التجهيل وإدارة الأفهام الإنسانية، كمنهج لتدجين العوام من الناس وتحويلهم إلى جيل خانع.
إنه منهج لا تقرأ من خلاله إلا الانحطاط ورداءة الخلق، وأسلوب لبث حالة الرعب، وزعزعة الاستقرار، وإثارة الشكوك، وإدخال الفرد في متاهات ومطبات تمنع عنه الحلول، ليترك وحيداً في حال من التخبط والحيرة، ولتكون قراراته بعد ذلك انفعالية غير مدروسة، تعكس حجم الضغوط النفسية وغياب المعلومة الصحيحة.
ونظرا لتعدد القنوات الإعلامية ووسائط الاتصال الرقمية، تتمتع وسائل الإعلام الحديثة بالقدرة على إيصال رسائلها بسهولة، وتعد مصدرًا مهمًا من مصادر التوجيه، وهي تلعب دورا بالغ الأهمية في تشكيل الشخصية الوطنية، وهي إحدى العناصر الأساسية المساهمة في صقل ملامح مجتمع المستقبل. وإذا كان دور وسائل الإعلام في أي بيئة مُجتمعية يتحدد بالأثر الذي تستطيع أن تحدثه فيها، فمن الممكن أن نقسّم وسائل الإعلام باعتبار تأثيرها في المجتمعات إلى اتجاهين: سلبي وإيجابي، وذلك باعتبار الهدف الذي يسعى إليه القائمون على كل اتجاه بشكل واعٍ أو غير واعٍ.
وعلى رغم طغيان الإعلام الإلكتروني الجديد، كشبكات التواصل الاجتماعي، إلا أنه يستمد الكثير من مصادره وأخباره من الإعلام التقليدي، مع الاخذ بعين الاعتبار أن الإعلام الإلكتروني يشهد أكبر قدر من التفاعلية والتأثير؛ بفعل انجذاب الأفراد إليه وتخليهم بشكل جزئي عن الإعلام التقليدي.
ان وسائل الإعلام ذات التأثير السلبي غير معنية بما تقدمه للمجتمع وأفراده، ولا تقوم بأكثر من التوصيل لكن دون أسس واضحة، ودون معرفة وإلا ما الغاية المرجوة من كل ذلك الزخم من الأخبار السلبية التي تؤدي لانهيار المعنويات وغلبة الإحساس بعدم الأمان والتوجس، ما الغاية المرجوة من النبش عن أخبار الجرائم والدكات العشائرية والمخدرات وغيرها، مما يفضل الإغفال والتستر عليها.
إن الانشغال بالحالات التي تفسد الحياة، كان على حساب الاهتمام بدراسة الحالات التي تجعل الحياة ذات معنى جميل يمجد بالوطن و يشيد بمواطنيه و حبهم باستمرار الحياة و الفرح ، فالناس بحاجة لما هو أكثر من مجرد معرفة ووصف ما لديهم من نقاط ضعف، فهم يريدون حياة ذات معنى، لا يريدون أن تضيع حياتهم وهم يحاربون ضعفهم. فما يؤرقهم ويدعوهم للتفكير أن يتقدموا في حياتهم من تحقيق إيجابيات محدودة إلى تحقيق إيجابيات أكبر…



#مهند_عبد_الجواد_راهي (هاشتاغ)       Muhannad_Rahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الضمان القانوني لحق التعبيرعن الرأي في مواقع التواصل الاجتما ...
- اجازها الدستور العراقي وانتهكها الساسة ... حرية الصحافة و حق ...
- الطارئون على مهنة المتاعب و مشهد النفاق الاعلامي
- ظاهرة الذباب الالكتروني ارباك لنظم النشر واتساع للفوضى الاعل ...
- صناعة الاعلام الحكومي المضلل كذب مقصود لايهام لعقول البسطاء ...


المزيد.....




- -علامة على الحظ الجيد-.. مصورون يرصدون حيوان موظ أبيض نادر ف ...
- -قد تكون فيتنام بايدن-.. سيناتور أمريكي يعلق على احتجاجات جا ...
- آية قرآنية عن قوم موسى يستشهد بها إعلامي إسرائيلي لدخول الأر ...
- عن الموت.. تفاعل على آخر تدوينة من بدر بن عبدالمحسن قبل تداو ...
- آخر تحديث لعدد القتلى في غزة منذ 7 أكتوبر تكشفه الصحة في الق ...
- تقرير إسرائيلي يكشف: قطر مستعدة لإبعاد قادة حماس من الدوحة ف ...
- فوتشيتش يرى أن شي جين بينغ يمكنه المساعدة في إنهاء بعض الحرو ...
- عريس جزائري يحدث ضجة في مواقع التواصل بهدية غريبة لعروسه (في ...
- بالتأكيد لا.. وزير الدفاع الإيطالي حول احتمال تدخل جيشه في أ ...
- النشر الإلكتروني يزاحم طباعة الكتب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند عبد الجواد راهي - صناعة الجهل و اصرار الاعلام المتحزب بالترويج للسلبية