أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد يعقوب ابكر - من القبيلة الى الدولة .... من أين يبدأ الطريق (3-5)تنازع الهويات والسيطرة















المزيد.....

من القبيلة الى الدولة .... من أين يبدأ الطريق (3-5)تنازع الهويات والسيطرة


احمد يعقوب ابكر
كاتب وباحث

(Ahmed Yagoub)


الحوار المتمدن-العدد: 7509 - 2023 / 2 / 1 - 22:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تنازعت القبيلة والدولة فيما بينهما على السيادة في أوجه عديدة ؛ بدءاً بالهويّات المفضية الى الاعتراف المتبادل والتنازل . ان أزمة الهوية الوطنية في أغلب القارّة لم تكن الا نتاج لتطور تاريخي أفرزته أطر الحكم بعد الاستقلال. فقد تشكلت الدولة الأفريقية (أو السودانية) تاريخياً من عدة عناصر وتنويعات إثنية وعرقية وثقافية وسمتها بتركيبة تعدّدية. فكانت الدولة الأفريقية، ولا تزال، تتألّف من وحدات عرقية متمايزة، لدرجة أنه كان من الممكن لغالبيتها أن تزعم إبان الاستعمار أنها قومياتٌ قائمةٌ بذاتها.
وفيما درجت السلطات الاستعمارية على تطبيق سياسات تفاضلية تمايز سياسياً واقتصادياً بين المجموعات والأقاليم المختلفة، فقد لازم تلك التعددية تفاوتاً كبيراً في صوغ معادلة السلطة وتقسيم الثروات القومية والخدمات الاجتماعية وفرص التنمية. وأفضى هذا التنوع الغزير قروناً مع تلك التباينات الشديدة إلى زرع بذور النزاع والشقاق بين العناصر المكونة لهذا التنوع.
وبدلا من أن تنشد الدولة حلولا بعينها لمعالجة هذه التباينات عبر انتهاج نظام تمثيل عادل وتوزيع منصف للثروات، فإن غالبية حكومات ما بعد الاستقلال آثرت فقط الركون مجملاً إلى تبنّي الأنماط الدستورية التي خلّفها المستعمر.
وباتّخاذها ذاك المنحى أرست تلك الحكومات مفاهيم أحادية جامدة للوحدة تمّخض عنها قمع أشكال التنوّع العديدة، منتقصةً بذلك حقوق العديد من العرقيات والقبائل، تاركةً إيّاهم بلا حول ولا قوة، يتطلعون ليس فقط للاعتراف بخصوصية هوياتهم إزاء هيمنة الأغلبية، أو الأقلية في بعض الأحيان، بل لتمثيل كياناتهم عبر الأطر الدستورية وأنظمة الحكم في الدول التي يعيشون في كنفها.
أفضت هذه السياسات في العديد من الأقطار الأفريقية إلى النزاع المسلح والمطالبة بحق تقرير المصير بشتى الصيغ والدرجات ولا يستثنى السودان من هذا الواقع. قامت الانظمة السابقة في الدولة بشن الحروب على أطراف البلاد لدواعي عديدة ترمي بذلك للاعتراف بشرعيتها وكانت الهُويّة حاضرة في هذا الصراع؛ إذ استخدمت الاسلمة والتعريب كسلاح اعتراف يجب كسبه من جانب الدولة؛ قامت الحرب في الجنوب وجبال النوبة وغرب السودان والنيل الازرق وتمت إبادات على اسس عرقية بحتة؛قامت الدولة نفسها بتجييش قبائل معينة ومدّها بالسلاح تحت تبرير ( الأنا والآخر)؛ وفي وقت ما انقلبت نفس هذه القبائل على الدولة أو دخلت معها في مساومات وتسويات عديدة. كانت الدولة والنّخب تنظر للأمر من زاوية الحاق القبائل كقطيع لها مع إنتزاع الاعتراف الكامل منها بشرعيتها كجماعة تقود حروب مقدسة! مما يعطيها الحق في استخدام موارد هذه المناطق بالكيفية التي تراها ؛هذا الأمر الذي ووجه بعنف مضاد وثورات إثنية مضادة من القبائل المعينة. وكان رأي غالبية هذه القبائل فيما يمكن قوله: أن الدولة من حيث هي دولة بالمفهوم الحديث فان منطقها معوج وهي مؤسسة متخيّلة تقوم بنيتها الاساسية على العنف والاقصاء وهو مايشابه رؤية ماكس فيبر للدولة . يصوغ ماكس فيبر فهمه للدولة على أساس أنها "هيئة بشرية تطالب بنجاح إحتكار الإستخدام الشرعي للعنف الفيزيائي." ويستخدم بيار بورديو تعريف فيبر ليضيف إليه بعداً آخر: إذ يقول "أن الدولة هي شيء مجهول (X) وتطالب بنجاح إحتكار الاستخدام الشرعي للعنف الفيزيائي والرمزي على أرض محددة وعلى مجمل المجموعة السكانية المرتبطة بها. وإذا كانت الدولة بإطار ممارسة عنف رمزي، فإن ذلك يتجسد في الوقت نفسه في الموضوعية تحت شكل بني وميكانيزمات محددة في "الذاتية" وفي العقول تحت شكل بنى عقلية وصور من الإدراك والتفكير.
ولأن المؤسسة المنشأة سواء كانت قبائلية او مؤسسة الدولة فهي نتيجة لسيرورة تنشأتها في الوقت نفسه في بني إجتماعية وعقلية متوافقة مع هذه البنى الإجتماعية، فإنها تعمل على النسيان بأنها نتيجة لسلسلة طويلة من أفعال الإنشاء وتقدم نفسها مع كل مظاهر الطبيعة.
نزاع الدولة مع القبيلة لم يقتصر على الهوية فقط؛ انما كان نزاع الموارد أشد وأعنف .يسيطر رجالات الادارات الاهلية(زعماء القبائل) على أطيان زراعية واسعة باسم القبيلة وهو مايدر حصاداً وفيراً نهاية العام تدخل في جيوب محددة .وفي الان فان المحاكم العرفية تدر دخلها ايضاً،بعض القبائل لديها سيطرة تامة على الاراضي التي تقطنها وقانون الدولة لايشملها ابداً يشمل هذا الاراضي الزراعية والسكنية. الدولة في اطار بشط نفوذها وسيطرتها وكسب العوائد لصالح النخب المتنفذة فيها قامت بتحالفات مع زعماء القبائل حول الاراضي الزراعية الخصبة وفي احايين كثيرة انقلبت عليهم بالسيطرة عليها وفرض نفوذها بمنطق القوة والغلبة ولعل المرء يتساءل كيف يتم تحقيق التحول الديمقراطي وبناء دولة المواطنة في جغرافيا واحدة تتنازع العرقيات مع الدولة في السلطات ؛ دون فهم هذه التغييرات والتحولات المجتمعية مع العمل على تفكيك هذه البنى والمؤسسات والا فان الخلل سيلازم اي تجربة تتخطى هذا الامر.

نازعت القبائل الدولة في سلطاتها وطرق النخبة الحاكم في تشكيل الوجدان وتأسيس خطاب ثقافي أو سياسي ومحاولة بناء دولة متخيلة على الاسس الحديثة ( علماً بأن النخب لايقومون بفعل الامر من اجل بناء دولة فهم نفسهم نتاج بنى اثنية لم يستطيعوا الفكاك منها) فكان ان نظرت القبيلة الى الدولة بانها تحولت الى ما يسمى باـ(لمركزية الاثنية )التي إبتدعها عالم الإجتماع الأمريكي وليام. ج. سامر وظهرت أول مرة سنة 1906 في مُصنفه Folkways. وبحسب تعريفه، فإن المركزية الإثنية: "هي المصطلح التقني الدال علي تلك النظرة الي الأشياء التي تري أن مجموعتنا الخاصة هي مركز الأشياء كافة بحيث نقيس المجموعات الأخري ونقوِّمها نسبة إليها... كل مجموعة تزكي فخارها وخيلاءها وتتباهي بأنها الأرقي وتمجد آلهتها الخاصة وتنظر الي الأجانب (الآخرين) نظرة إحتقار وتعتبر أن عوائدها الخاصة هي وحدها الصالحة، وإذا ما رأت أن لمجموعات أخري عوائد مغايرة أثارت هذه إزدراءها." وبطبيعة الحال فان هذه النظرة قابلتها القبيلة بنظرة مضادة خاصة الجماعات التي ترزح تحت العنف والاقصاء. فالجماعات المسيطرة بمركزيتها الإثنية يمكن أن تتخذ أشكالاً قصوي من اللّاتسامح الثّقافي والدّيني وحتي السياسي. ويمكن أن تتخذ أيضاً أشكالاً مُخاتلة وعقلانية وهو ما يحدث في بلادنا الان.



#احمد_يعقوب_ابكر (هاشتاغ)       Ahmed_Yagoub#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من القبيلة إلى الدولة... من أين يبدأ الطريق (2-5)وجهة نظر سو ...
- من القبيلة إلى الدولة... من أين يبدأ الطريق (1-5)
- النّظرية النّسوية من المركز الى الهامش بيل هوكس -الرجال: رفا ...
- History wont repeat itself التّاريخ لن يُعيد نفسه*
- (المركز والهامش) وموقعه من النظرية النسوية مقاربات في نسوية ...
- النظرية النسوية من المركز الى الهامش- الرجال: رفاق في النضال
- مأزق الانتقال هل من مجال لتسوية تأريخية؟
- مخاض الانتقال وبناء الكتلة الانتقالية
- اوهام المؤامرة في الخطاب السياسي السوداني
- أمراض السياسة السودانية- الاستبداد وصعود الإنتهازيين
- أمراض السياسة السودانية- الاقصاء (2)
- أمراض السياسة السودانية- التخوين
- الاثنية كوعي طبقي
- ذاكرة المدينة الشاحبة
- حفريات في ذاكرة إمرأة
- ثًلاثُونَ عَاماً من عُمري قدْ مَضَيْن - سِيرة التّشظّي، القل ...
- عام على غروب شم الصوفي
- عامٌ على غروب شمس الصّوفيُّ
- تأملات حول المنفى ( إحياء لذكرى أنثى ضائعة)
- فصل في جحيم الكتابة (اللاتماسك)


المزيد.....




- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء
- صحوة تونس القادمة تبدأ من هنا
- داخلية سوريا تعلن توقف اشتباكات السويداء والعشائر تتوعد برد ...
- أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع الم ...
- مظاهرة في تل أبيب تدعو ترامب للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب ...
- لهذه الأسباب تبدو الهدنة في غزة قريبة جدا
- فعاليات احتجاجية في الأردن رفضا لتجويع غزة?
- السفير الأمريكي يدعو إلى محاسبة مهاجمي كنيسة في الضفة الغربي ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد يعقوب ابكر - من القبيلة الى الدولة .... من أين يبدأ الطريق (3-5)تنازع الهويات والسيطرة