نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (٤_٢)

وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 7498 - 2023 / 1 / 21 - 14:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة ) (٤_٢)

الفصل الرابع

الدولة والقرار السياسي
في الشرق الأوسط

سوريا والقرار السياسي

أما في دول كسوريا مثلا يظهر القرار السياسي وعملية صناعته متدرجة بشكل هرمي من من الأعلى إلى الأدنى او بالعكس مع الأخذ بنظر الاعتبار إن الأدنى دائما ما يعطي سلطة أعلى واكبر وأكثر تقديسا للأعلى ، وبالتالي يجعله قادرا على فرض سياساته مع متغيرات الواقع الداخلي والخارجي على حد سواء ، حيث هناك من يصف سياسة صنع القرار في سوريا تتسم بالمرونة والتكيف وهي ناتجة عن تاريخ من التثبيت العضوي لقواعد سياسية محكمة في السيطرة على المجتمع والدولة على النقابات والمجتمع المدني والإعلام والتعليم منذ سلطة الأب حافظ الأسد حتى مجيء سلطة الابن وما عملته الأخيرة يتضمن محاولة ضمان استقرار النظام ضمن ذات سياسة التكيف التي ستفقد من حضورها وحيويتها بسبب ديمومة التسلطية على المجتمع والقمع المتواصل لجميع مصادر الاختلاف السياسي (٦)
وبالرغم من سياسة التكيف وتحديث النظام المذكورة تبقى سياسة اتخاذ القرار يسودها " الشخصنة " سواء داخل الأجهزة الأمنية أو داخل السلطة العليا لإدارة الدولة التي عملت على إجراء الإصلاحات الديكورية من خلال خلق معارضة حزبية لا تتمتع بأي ادوار حقيقية لقيادة البلاد ودورها ماكث في الوعظ والإرشاد وبالتالي الاستمرار بفقدان المشروعية السياسية بالرغم من إن البلاد قد خاضت حربا أهلية فقدت فيها بعض من أطرافها ، وبالتالي شكل الدعم الدولي والإقليمي مسار القرارات السياسية سواء من خلال تثبيت سلطة النظام أو إنهاء داعش وتعزيز دور السلطة والمعارضة من خلال قوى عالمية دولية وإقليمية مثل روسيا وأمريكا وإيران تركيا وقطر والسعودية ومن يتحالف معها من السوريين أنفسهم ، وكل ذلك افقد سوريا العلاج والحل ومحاولة بناء نظام جديد ديمقراطي وأنساني .

القرار السياسي في العراق

وفي العراق يظهر القرار السياسي بعد دولة بوليسية طويلة الأمد لم تحدث تسلطها على الناس مثلما فعلت جارته أو الوجه الثاني لنسخة البعث العربي الاشتراكي ، في سوريا ، حيث قبعت داخل الصنمية المطلقة لعبادة الفرد والحزب ، وبالتالي لا فكر ولا حزب ولا اتجاه آخر ينافس او يدخل مع البعث حتى وان كان بشكل ديكوري غير سلطوي مثلما الأمر في سوريا ، والقرار السياسي ينهض من الأدنى إلى الأعلى كسلطة مهيمنة مسيطرة على الناس ومن الأعلى إلى الأدنى كتثبيت عضوي لنظامي الطاعة والولاء من جهة والحساب والعقاب من جهة أخرى ، والسؤال الأهم هنا لماذا لم تتوفر لصدام عملية التحديث السلطوية تلك ، هل الأمر مرتبط ببنية النظام وطبيعة تكوينه السلطوي من الأدنى إلى الأعلى كسلطة ثابتة مهيمنة والعكس هو الصحيح أم إن هناك أسباب أخرى مرتبطة بالقوى العالمية التي كثيرا ما استفادت بشكل أو بأخر من نظامي البعث في سوريا والعراق وخصوصا الأخير العراق البقعة الأخطر في العالم كما يعبر مدير وكالة المخابرات الأمريكية CIA في زمن عبد الكريم قاسم (٧) وهنا نؤكد إن أكثر القرارات السياسية التي اتخذها النظام الصدامي ألبعثي أو تلك التي ترتبت عليه كانت لخدمة مصالح القوى الرأسمالية العالمية ومنها متمثلة ب
1- تصفية الخصوم السياسيين المعارضين داخل الحزب وخارجه
2- الحرب العراقية الإيرانية
3- احتلال الكويت
4- الحصار الاقتصادي على العراق
5- الغزو الأمريكي للعراق

وكل قرار سياسي يتبعه نتائج وغايات وأهداف تصب في النهاية في خدمة المصالح العالمية للرأسمالية ، وصولا إلى جعله مسرحا للتلاعب السياسي داخل المكونات الطائفية والعرقية ومن يقودها ويتسيد شؤونها بعد الاحتلال ونشوء نظام المحاصصة الطائفية العرقية .

المصادر والهوامش : _

٦ _ يرى ستيفن هايدمان إن بقاء بشار الأسد في الحكم ناتج بسبب التحديث المتواصل في التسلطية مع إجراء بعض الإصلاحات في مجالات الخدمات والتعليم وسوق العمل ضمن محدوديتها وكل هذا لا يجعله قابلا إلى الاستقرار والبقاء ، يراجع هنا : هايدمان ، ستيفن / التسلطية في سوريا .. صراع المجتمع والدولة / رياض الريس للكتب والنشر / الطبعة الأولى ، تشرين الأول ٢٠١١ ، ص ٢٦ -٢٧.

٧_ بالرغم من كثرة المقالات والكتاب والعناوين والتصريحات الشخصية من قبل رجال مخابرات أمريكان يبقى ارتباط عمالة صدام للمخابرات الأمريكية مجهولا وغير مكرس له بوثائق حقيقية وربما تظهر وثائق معينة في قادم السنوات ولكن رغم هذا الجهل بالموضوع نستطيع القول إن صدام والبعث خدموا القوى الرأسمالية العالمية بشكل كبير وهذه الخدمة تجلت ليس بالسيطرة على منابع النفط أو احتلال العراق والتغلغل في منطقة الشرق الأوسط أكثر وأكثر فحسب بل بالقضاء على جميع قوى التقدم المعادية للرأسمالية من الشيوعيين أو أي قوى معارضة للوجود الأجنبي ، يراجع مهدي حسن ، ذياب / هل كان صدام حسين عميلا للمخابرات الأميركية ، ج ١/ الحوار المتمدن ، العدد ٢٨٢٤ / ٩١١٢٠٠٩ .

#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات