أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء بوالجداد - الكونتيسة














المزيد.....

الكونتيسة


صفاء بوالجداد

الحوار المتمدن-العدد: 7493 - 2023 / 1 / 16 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


عشت زمنا غير قصير في البادية ، زمن اختلطت فيه ملوحة دموعي بمخاطي ومذاق التراب.. منزل جدي شاهد على حبكة حكايا طفولتي العجيبة . لطالما حاولت أن أهرب من فخ تاريخي الحافل لكنني كلما جلست وحيدة عادت ذاكرتي لترهقني و تفتح دهاليز واسعة على طفولة لم تترك لي سوى ندوب في الروح والجسد .
كل الأفراد في منزل جدي كانوا محبوبين إلا زوجة عمي وحدها كانت مصدر الشر .. امرأة طويلة القامة .. عيناها جاحظتان ووجهها يلوح بقوسة شديدة تجعل الناظر إليها من بعيد يخالها رجلا .
لم تفوت زوجة عمي فرصة لسبي أو نتف شعري .. او التمييز بيني وبين ابنها بل لطالما نزعت العرائس من يدي ليلعب بها ابنها.
كنا صغارا ننتفض جماعة من الفتيات وجوقة من الذكور لنتجه نحو المقبرة،لم نكن نزعج الموتى كنا فقط نجني ثمار "النبق " ..
لنبات السدر هذا طعم حلو ، غير أن لذته شبه منعدمة .. يشبه الموت تماما لذلك اختار المقبرة موطنا ينمو فيه .
كنا نلتحم أثناء جني الحبات كخلية نحل او كضباط صف.. وسرعان ما يتحول هذا الحب إلى حرب حين نود اقتسام المحصول ، فنتراشق بالكلمات قبل الحجر .. يكثر الضحايا بعد المواجهة هؤلاء شجت رؤوسهم، آخرون نخرت جباههم أو صاروا لوحة مشوهة الملامح . أما أنا فحتى وإن فلتت بجلدي من ساحة الحرب كانت زوجة عمي تشن علي حربا أخرى ، لأن ابنها الذي يكبرني ضُرب .. ما ذنبي يا خالة إذا كان ابنك مخنث لا يفهم كيف تكون الحروب ؟ما ذنبي إن لم يستنتج أن قانون الحجر إما أن تلقي أو يكونوا أول من ألقى ؟ دخلنا مجددا بعد حرب ضروس وما إن رأتني حتى بدأت في الصياح .. ما كان علي سوى أن أرفع صوتي فوق صوتها بصرخة مباغتة .. جعلتها تهرول إلى المطبخ خوفا من جدتي .. قد تكون" لالة فاطيم" جدتي جسر أمان و حب لي لكنها حماة صارمة حتى أمي كانت تخشاها.
اختفى عنف الشريرة الجسدي منذ وجدت الطريقة السحرية ، أن أصرخ كلما رأيت (كسدتها).. لكنها منذ ذلك اليوم انتقلت إلى الحرب البارد فعوضت اسمي بعيشة قنديشة ونشرته بين أهل القرية حتى صار كل أقراني ينودونني به ، لكنه لم يزعجني .. لقد أعطاني قوة سحرية . صرت قادرة على رمي اللعنات ، وصاروا يخشون دعائي عليهم .
أحببت عيشة مولات الغابة في ما بعد وعلمت أنها كانت كونتيسة (قديسة) ..امرأة حاربت الاستعمار البرتغالي مع الرجال .. امرأة فاتنة ،ذكية وشرسة تغوي جنود العدو لتحمي الوطن ، من الجميل ان يكون للمرأة هيبة تبث الرعب في قلب الجميع .
مرت الأيام ، كل من كان طفلا صار شابا جلهم تغير كليا.. إلا انا تعززت طباعي القديمة .. من سوء حظ زوجة عمي أنني لست فقط "باردة القلب" ولا أنزعج بل املك ذاكرة الجِمال .
قصة عيشة قنديشة تطورت حين كبرت وتخصصت في السوسيولوجيا ..اخترت أن أبحث عن الحاجات الروحية لدى المثليين ومايرافقها من أفكار عن الجن وزيارات للزاوايا .. حينها وجدت نموذجا أعرفه جيدا.. ابن عمي ، نعم لقد صار "مثليا" وأمه السبب، لم تلملم جرحه بالتحميرة بل منعته من جني نبق المقابر وحرمته من تعلم الدفاع عن نفسه .. منعته من مدرسة كان سيتعلم فيها أن يكون رجلا أو يموت في سبيل ذلك .



#صفاء_بوالجداد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطيئة كاملة
- عاشق ثمل


المزيد.....




- هل يمكن فصل -التاريخ- كما جرى عن -التأريخ- كما يُكتب؟ الطيب ...
- لازلو كراسناهوركاي.. الكاتب الذي عبر من الأدب إلى السينما وص ...
- صورة المعلم في الرواية العربية: دراسة نقدية منهجية تطبيقية ت ...
- أسماء أطفال غزة الشهداء تقرأ في سراييفو
- الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي يفوز بجائزة نوبل للأدب
- تامر حسني يعيد رموز المسرح بالذكاء الاصطناعي
- رئيس منظمة الاعلام الاسلامي: الحرب اليوم هي معركة الروايات و ...
- الدكتور حسن وجيه: قراءة العقول بين الأساطير والمخاطر الحقيقي ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...
- مهرجان البحرين السينمائي يكرم منى واصف تقديرا لمسيرتها الفني ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صفاء بوالجداد - الكونتيسة