أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - رنج نوزاد توفيق - القضية الكُردية بين ما هو كائن وما يجب أن يكون















المزيد.....

القضية الكُردية بين ما هو كائن وما يجب أن يكون


رنج نوزاد توفيق
كاتب وباحث

(Ranj Tofik)


الحوار المتمدن-العدد: 7489 - 2023 / 1 / 12 - 17:14
المحور: القضية الكردية
    


في الآوانە الأخيرة، وبالتزامن مع اندلاع مظاهرات واسعة النطاق في إيران، والتي انطلقت شرارتها بمقتل فتاة كُردية ودور القيادي الذي يلعبە الكُرد في شرق كُردستان (كُردستان إيران) في هذا الحراك الشعبي المتصاعد، واحتمال قيام تركيا بشن هجوم عسكري جديد علی غرب كُردستان (كُردستان سوريا)، أصبحت القضية الكُردية محط الأنظار مرة أخرى. من الضروري إلقاء نظرة جديدة على هذه القضية التي يزيد عمرها عن مائة عام ولا تزال نابضة بالحياة على الرغم من محاربتها بلا هوادة مِن قِبَل النظام العالمي.
القضية الكُردية من القضایا المعقدة - أو بالأحرى قاموا بتعقيدها - ولها تاريخ طويل و تفاصيل كثيرة. لا يتطرق هذا المقال لتفاصيل هذە القضية وتاريخها العميق، بل يثير مسألتين مهمتين تتعلقان بهذە القضية وهما الأختلاف في ماهية القضية الكُردية بين حقيقتها ومظهرها المصطنع من قبل غير الكُرد، والعلاقة بين الهوية وقضية الاستقلال لدی الشعب الكُردي. أي أن هذا المقال موجە لأولئك الذين لديهم خلفية مطلعة علی القضية الكُردية ولديهم معرفة - علی الأقل طفيفة إن لم تكن عميقة- بتفاصيل تلك القضية.
تتكون هوية أي فرد أو أي شعب من ركيزتين أساسيتين؛ وهما نظرة هذا الفرد أو الشعب إلی ذاتە ونظرة الآخرين تجاه هذا الفرد أو الشعب. أي كيف يرى الفرد نفسه وكيف يراه الآخرون. ينظر الشعب الكُردي إلى نفسە بأنە حُرم من حقە في الاستقلال، ويحلم ويسعی جاهداً لتحقيق حقه في الاستقلال. أما نظرة الآخرون ‌إلی الكُرد، وتحديداً الدول الأربع التي تحكم كُردستان (تركيا وإيران والعراق وسوريا) فإنها تنظر إلى أي حركة ومطالبة ونشاط سياسي وثقافي كُردي على أنها محاولة للاستقلال (الانفصال بحسب تلك الدول). قد تكون النظرة الأخيرة أكثر تأثيراً في تحديد الهوية الكُردية من النظرة الأولی، بالنظر إلى أن النظرة الثانية هي نظرة السلطة التي تحكم الكُرد، أي نظرة القوي أو الحاکم تجاە الضعيف أو المحكوم، لا سيما في كُردستان ايران وتورکيا، وبدرجة أقل في کردستان العراق و سوريا بعد وصول الكُرد في هذين البلدين إلی بعض حقوقهم السياسية والثقافية.
وهكذا يمكن القول ان حلم الاستقلال والسعي لتحقيقه أصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية الكُردية. بعبارة أخرى، فإن الكُردي، سواء شاء أم أبى، مقدر له أن يكون طالبًا للاستقلال. إذا افترضنا أن الشعب الكُردي أجرى استفتاء وصوت بالإجماع بـ "لا" لاستقلال كردستان، حتى في هذه الحالة إذا طلبت مجموعة من الكُرد في واحدة من تلك البلدان ببعض حقوقهم الإنسانية والثقافية، فسوف تتهمهم الدول الأربع بمحاولة الانفصال. الكُرد حُرم من الاستقلال وفُرض عليە السعي للاستقلال جاهداً والحلم بە دائمًا، ومن ثم يُقتل ويُضطَهَد بسبب هذا المسعی والحلم. ومثال على ذلك ما يحدث بين كردستان سوريا وتركيا، اذ أكدت `` قسد مرارًا وتكراراً أن الشعب الكُردي في كردستان سوريا لا يسعون إلى الاستقلال ويعتبرون أنفسهم جزءًا من سوريا، لكن تركيا تصرعلى النظر إليهم على أنهم يسعون إلى الاستقلال. هناك أسباب عديدة لإصرار هذه الدول الأربع على وصف كل حركة ومطالبة كُردية بأنها انفصالية، وأهمها اثنان: ١. هذه الدول الأربع متأكدة من أنها تحتل كُردستان وأنه من الطبيعي أن يسعى شعب تحت الاحتلال لنيل الاستقلال. ٢. إنها ذريعة مناسبة لكسب تأييد أو صمت شعوب تلك الدول الأربع عندما تضطهد حكوماتها الشعب الكُردي، بل وحتى لكسب صمت المجتمع الدولي الداعم لوحدة تلك الدول مع التجاهل التام الأخير لمبدأ حق الشعوب في تقرير المصير.
بالتالي، فإن واقع القضية الكُردية في حقيقتە وجوهره أي "ما هو کائن" عبارة عن حرمان الكُرد من الاستقلال وتقسيم كردستان بين أربع دول قبل أكثر من مائة عام، وبذلك لقد أصبح هذا الشعب أقلية في وطنه، وبل أقلية مضطهدة مِن قِبَل أربع حكومات تتعامل حتى مع شعوبها الأصلية بالعنف والاستبداد، فتخيلوا کيف تعاملت وتتعامل تلك الحكومات مع أقلية تصفها بأنها انفصالية وعدو لوحدة الدولة. فالواقع (ما هو كائن) عبارة عن احتلال كُردستان مِن قِبَل أربع دول، واحتلال كردستان يعتبر من أشد انواع الاحتلال وأقساە. فمثلا عندما احتلت الولایات المتحدة الأمريكية افغانستان والعراق، لم تفرض لغتها وثقافتها وجنسيتها الأمريكية على شعبي البلدين، ولم تفكك هذين البلدين ولم تقم بضم أراضي البلدين إلى أراضي الولايات المتحدة. أما في حالة كردستان، أصبحت أراضي كردستان أراضٍ تركية وإيرانية وعراقية وسورية، وأصبح الكُردي تركيًا أو إيرانيًا أو عراقيًا أو سوريًا، وفُرضت عليه لغة وثقافة غير كُردية لطمس تاريخە ولغتە وثقافتە. حتى الحقوق السياسية والثقافية التي حصل عليها الكُرد في إقليم كُردستان العراق وكُردستان سوريا كانت نتيجة فقدان السيادة وانهيار كل من العراق وسوريا كدولة، وليس نتيجة قناعتهما بحقوق الكُرد.
هذا الواقع المرير صُنع لە أو فُرض عليە مظهر أو غطاء مصطنع مِن قِبَل تلك الدول الأربع والمجتمع الدولي استجابة لمصالحها. أي أن هذه الدول الأربع والمجتمع الدولي قررت رفض الواقع الكُردي کما هو کائن وفرض "ما يجب أن يكون" عليە الكُرد، وذلك دون أدنى إهتمام برأي و إرادة الكُرد. فحولوا القضية الكُردية، وهي في الحقيقة قضية شعب تحت الاحتلال يريد الاستقلال،‌ إلی المشکلة الكُردية؛ بمعنى أن هناك مشكلة في تلك البلدان الأربعة تحتاج إلى حل، وغالبًا ما يتخذ هذا الحل شكل العنف والإبادة الجماعية والترهيب والترحيل والتعريب والفرسنة والتتريك... يجب أن يتساءل المرء ، بعد مرور أكثر من مائة عام علی هذە النظرة إلى القضية الكُردية وإنكارها، ما الذي أنتجته هذه النظرة؟ هل نجح هذا النهج في كبح جماح الكُرد عن حلمهم وسعيهم إلى الاستقلال؟ بالطبع لا. نتائج استفتاء إقليم كُردستان من أجل الاستقلال في عام 2017، ورفع علم كُردستان وشعارات الكُرد في كُردستان إيران خلال التظاهرات الحالية، والتي تشير في اغلبها الى رغبة الكُرد في الاستقلال عن إيران. کل هذا أثبت أنه بعد مائة عام وأكثر من إنكار القضية الكُردية وطمسها بشتى الوسائل، لا يزال الكُرد أكثر إصرارًا على الاستقلال. بعد کل هذا التاريخ الحافل بالعنف والإبادة الجماعية، لم ولن يصبح الكُردي (بإرادتە) تركياً أو إيرانياً أو عراقياً أو سورياً. فهل هذه الدول الأربع والمجتمع الدولي سيستمرون في إنكارهم للقضية الكُردية کما هو کائن وفرض ما يجب أن يكون؟ هذه النظرة إلى القضية الكُردية، بكل ما جلبته من مصائب ودمار للكُرد، تسببت أيضاً في أضرار اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة لهذه البلدان الأربعة.
حان الوقت للمجتمع الدولي بشكل عام، والدول الأربع بشكل خاص، لتقديم استجابة واقعية لهذه القضية، والاستجابة الواقعية هي السماح بإقامة دولة كُردستان، علی الأقل في جزء واحد من كُردستان. العراق وإقليم كُردستان العراق أكثر تأهلاً لهذه الاستجابة. من المستحسن أن تفهم هذه الدول وشعوبها وتقبل أن استقلال كُردستان لا يعني إعلان الحرب على هذه الدول ولا يعني الانفصال، بل يعني إعادة الحق لشعبه. قد يكون هذا الفهم أفضل لجميع الأطراف في مستقبل المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن إعطاء إقليم فيدرالي أو حكماً ذاتياً للكُرد، مثل ما هو موجود في كُردستان العراق وكُردستان سوريا (کأمر واقع حتی الآن) لا يعتبر استجابة واقعية للقضية الكُردية، بل تخدير مؤقت لا أكثر. فاستفتاء جنوب كردستان (کردستان العراق) في عام 2017 والمشاکل المزمنة بين إقليم کُردستان والحكومة الفيدرالية العراقية خير دليل علی فشل هذا النوع من الاستجابة للقضية الكُردية.
رغم كل ما ذكرناه أعلاه، ولكن حسب المعطيات الحالية، يبدو –وللأسف- أن الدول الأربع ستستمر على غرار المائة عام الماضية فيما يتعلق بالقضية الكُردية. في نفس الوقت يصر الشعب الكُردي على حلمه المشروع ويسعی لتحقيقه. إذ يشعر الكُردي بنقص في إنسانيته لأنه لا يتمتع بدولة مستقلة خاصة به. الاستقلال ليس فقط قضية سياسية للشعب الكُردي، بل أصبح مسألة ومشکلة نفسية لا بد من معالجتها. يمكن القول، في حال إن لم تتغير نظرة هذه الدول الأربع والمجتمع الدولي فيما يتعلق بالقضية الكُردية، فأن المائة عام القادمة ستكون مثل المائة عام الماضية، إن لم تكن أسوأ وأكثر دموية للكُرد وأكثر فوضى للدول الأربع .



#رنج_نوزاد_توفيق (هاشتاغ)       Ranj_Tofik#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الكُردية بين ما هو كائن وما يجب أن يكون


المزيد.....




- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - رنج نوزاد توفيق - القضية الكُردية بين ما هو كائن وما يجب أن يكون