أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - المخلعة مسرحية من فصل واحد















المزيد.....

المخلعة مسرحية من فصل واحد


رياض ممدوح جمال

الحوار المتمدن-العدد: 7484 - 2023 / 1 / 7 - 20:01
المحور: الادب والفن
    


* (المخلعة أداة تعذيب في العصور الوسطى والحضارات القديمة، مهمتها الضغط على
أطراف الشخص حتى تتفكك مفاصله وتتمزق عضلاته، وذلك عبر ربطه
بمجموعة من الخيول أو على لوح خشبي يقوم بذات الوظيفة).

مسرحية من فصل واحد
المكان : كل بقعة ببلدان الحروب في العالم.
الزمان : زمن حروب الاسلحة الكيميائية.
الشخصيات : المرأة. تتجاوز الخمسين سنة بقليل.
المنظر : ( بقايا غرفة قديمة مهدمة، لا اثاث فيها، خافته الانارة، ومروحة
سقفيه قديمة يتدلى منها حبل، ومرآة مكسورة غطاها الغبار،
ودمية فتاة على الارض، ووسادة متسخة).
المرأة : (تسير في الغرفة ذاهلة بخطوات بطيئة، رثة الثياب، تتفحص كل شيء
بدقة، وكأنها تراها لأول مرة، موسيقى حزينة وهادئة، تتوقف امام
المرآة وتزيح بعض الغبار عنها ساهمة شاردة الذهن).
منذ خمسة عشر سنة لم ارى نفسي في المرآة، اكاد الان لا اعرف شكلي. خمس
عشرة سنة في السجن. في هذه الغرفة التي دمرها قصف المدافع والطائرات،
تزوجت قبل أكثر من ثلاثين سنة. كانت غرفتنا هذه جنة وسط الجحيم. كم كنا انا
وزوجي سعداء فيها! ولكن كانت نيران الحروب تحيطنا. كنا نرقص فرحا، كما
يرقص بعض الاقوام الافريقية حول النيران، ولكن نحن كنا نرقص والنيران
تحيطنا. فكل حرب تأخذ قطعة منا، الاخ او الاب او ابن العم او العمة او ابن الخال
او الخالة. وتضيع قطرات السعادة وسط بحر الخوف والترقب لقادم الايام الحبلى
بكل ما يخطر على بال من فواجع واهوال لا حد لها. وطوال الحرب ننام على
فراش مليء بالدبابيس.
وفي كل مرة تنتهي الحرب، ويتصالح القادة ونبقى نحن بانتظار عودة الاحباب،
لكنهم لا يعودون. وانا نفسي عشت يتيمة الاب، فقد ذهب مع من ذهبوا ولم يعودوا
ابدا. وهكذا امضينا سنوات العمر يصاحبنا خوف موت عزيز يفجع القلب منا.
وجاء ابني البكر، وضممت عليه شغاف قلبي كما يضم القفص البلبل الجميل.
وكنا نعتقد ان الدنيا كانت تضحك لنا وتبين انها كانت تضحك علينا. كنت انا
السعادة متجسدة في. لم يكن ينقص جنتي شيئا. ولم أكن أعلم ان بولادتي لابنتي
ستكشر الدنيا انيابها على. فقد ولدت طفلتي، و يا ليتها ما ولدت، آه لو كنت أعلم
لأسقطتها. لقد ولدت بشعة ومشوهة الوجه والجسم. انا امها كنت اتحاشى النظر
اليها فكيف بالآخرين؟
كان الأطباء يستهزئون مني حين اطلب نجدتهم، فيقولون لي، لا يمكن للطب
إصلاح كل ما خلقه الله من عيوب. فانفجر بهم صارخة : سبق لكم ان قلتم أن هذه
التشوهات هي من صنع الحروب وتأثيراتها الكيميائية.
اذن فهي ليست من صنع الله، بل هي من صنع الحروب. حتى الاجنة في الارحام
لم تنج من وحشية الحرب. وانتم ايها الاطباء تساعدون في تقديم وقود للحرب،
وحين يصابون تقطعون من الاطراف ومن الجسم بكل سهولة. وحين يحاول
اولادنا الهرب من الحرب يستعين بكم مشعلي الحروب على تشويه خلقة الله من
جدع للأنوف او قطع للآذان او الاعدام.
وبدأت الغيوم السوداء تتكاثف وترعد وتبرق الى ان نفد صبرها وحلمها فأمطرت
غيمتها الكبرى باستدعاء ابننا كوقود للحرب ثم جلبوه لنا والرصاص اخترق جسده
كالمطر، أعدموه رميا بالرصاص لرفضه الحرب والقتال فيها.
حتى انهم اخذوا مني ثمن الاطلاقات التي اعدموه بها، كما منعونا من اقامة
مراسيم العزاء له. شباب بعمر الزهور تطلب الحياة لا الموت. ولدوا ليحيوا لا
ليموتوا.
وبهذا أصاب السهم قلبينا، انا وابوه، الذي شتمهم وشتم الحاكم وكل قادة الحروب.
ومنذ ذلك اليوم غيبوه واختفت كل اثاره. يمكن للواحد منا ان يشتم حتى الله، ولا
يمكنه أن يشتم الحاكم. وإلى الساعة لا اعرف اين هو. وهكذا حين تأتيك ضربات
المطارق من كل جانب تفقدك الاحساس بكل شيء، وتصبح المصيبة الكبرى تلتهم
الصغرى. وضعوا ابنى مسجى امامي، كانت الصرخة في داخلي تكبر مع كل نفس
اتنفسه في تلك اللحظات، كبالونه تريد الانفجار لمرة واحدة والى الابد. وفي حينها
سحلوا زوجي وهو يحتضن جثة ابننا. ويصرخ ويبكي ويشتم كالمجنون. احسست
حينها أن القيامة قد قامت، وان السماء ستنطبق على الارض، وان الارض ستلد
براكينها. ولكن لاشي من ذلك حدث، وكأني كنت وحدي في قاع بئر مظلم وعميق،
وحدي اصرخ فيه ولا احد ممن في الاعلى يكلف نفسه حتى النظر الى الاسفل.
وحدي كنت اصرخ كانت صرختي لم تتجاوز حتى شفتي.
بقيت انا تحترق عيوني وقلبي حين انظر إلى ابنتي. ثم بقيت وحدي أحمل هذا الألم
الكبير. وذهب ابني دون أن اعطيه ما يستحق من الدموع. وبقيت اولول طول
عمري طالبة عودة ابني، كطفل يريد لعبته.
وبقيت انا، أنا وحدي اجابه المحنة، محنة ام ثكلى وربما ارملة ايضا لا تفارقها الام
النظر الى فلذة كبدها، التي شوهتها الحرب، كما شوهت الحرب كل حياتي. بقيت
وحدي أصارع أكثر من وحش. وحش العوز، ووحش الحياة، ووحش الحرب التي
التهمت ابني وحياتي وطفلتي التي حولتها الحرب الى شكل وحش، وزوجي الذي
ضيعوه ولا اعلم مصيره لا شيء عنه سوى ثلاث رسائل وصلتني الى السجن منه
عن طريق بعض الزوار علمت منها انه هرب من السجن، ثم اصبح مطاردا من
قبلهم وانه يتابع اخباري من بعيد. ووعدني بعدم التخلي عني. اه يا زوجي
الحبيب. انا متأكدة من ذلك.
(تتعثر المرأة بدمية ملقات على الارض، ترفعها بوجل وتحادثها)
يا طفلتي الحبيبة، نعم انت حبيبتي. هل يمكن للعين ان تتخلى عن نظرها بإرادتها؟
هل يمكن للشمس ان تتخلى عن حرارتها؟ وهل يمكن للقمر ان يتخلى عن نوره؟
وهل يمكن للأم أن تتخلى عن قلبها وفلذة كبدها؟ لا، لا تصدقيهم فهم عميان
وعكازهم القانون. وقانونهم اعمى. فانا خلصتك من ايامك وسنينك القادمة. لقد
فقدت اخاك وأباك ومن ثم ستفقدينني، لأني سوف لن ادوم لك. لا أحد ينظر لك ولا
احد يقترب منك، حتى كلاب الشوارع ستتجنبك. وستصبحين كومة قاذورات في
الطرقات. فأي حياة كنت ستحيين؟ يا للهول! لا يمكن لعقلي أن يتصور ذلك. فما
افظع حياتك ستكون؟ انا لم اتحمل تلك الافكار حينها. فلم تكن في راسي افكار بل
انصهار براكين. وكل نظرة مني اليك كانت أنياب افاعي وعقارب تنهش احشائي.
اه لو كان بإمكاني ان افتديك بروحي، التي لا تساوي عندي قيمة دبوس أمام
سعادتك . سأشطر قلبي لإنقاذك. لو كان موتي علاجا لك لذهبت اليه كما اذهب
الى فراش وثير.
قررت ان انهي تلك المأساة، مأساتك ومأساتي في نفس اللحظة. اقسى الحلول هي
نتيجة لأكبر المآسي. فاتخذت قراري بكل عزم، ان انهي حياتك وحياتي معا. وكان
علي ان اسابق الزمن لان اي تردد او تسويف يفشل مهمتي النبيلة. فهيأت مشنقتي،
وربطت الحبل في مروحة السقف هذه. وهيأت لك الوسادة لقطع انفاسك، المقطوعة
من الاصل. فأنا امك وقد أسرفت في حبك. وأريد لك الموت السريع. خيرا لنا ان
نتحمل الموت السريع على ان نتحمل الموت البطيء طول العمر. خيرا لك من ان
تتمددي طول العمر على مخلعة السنين. وانا واثقة ان الله سيبارك فعلتي. وسيعلم
اني كنت مقتولة لا قاتلة. لأني بقتلك انتزعت الروح من جسدي، ولم ازل جسدا بلا
روح. اطلب الموت رغم علمي انه عندما نواجه الموت حقا وجها لوجه، تكون
كل ماسي الحياة هي جنة أمام رعب الموت.

( تضع الدمية على الارض بكل هدوء، وتحمل الوسادة وتضعها على
وجه الدمية، وتبدأ بالضغط وإلقاء كل ثقل جسمها على الوسادة
وتصرخ وكأنها هي التي تختنق، ثم تهدا وتتحدث كالمجنونة)

كانت البسمة تملأ وجهها، وعينيها الضاحكتين في عيني. كانت تتوهم اني ما جئت
لها الا لكي اطعمها. ضغط الوسادة واعتصرتها كما نعتصر الاطفال حبا لدرجة
ايذائهم. كلما ازيد من ضغط الوسادة تنزف الدموع روحي. اضغط واصرخ وازداد
بكاء هستيريا. نعم، بعد ان قدمت تلك الخدمة لك، أردت ذلك لنفسي انا ايضا.
فلا بد من ان نتجرع المر لغاية عذبة. أصبحت اتقيأ الحياة. من حقي ان الحق بك
وباخيك. نعم، اكيد انكما تريدان لي الراحة انا ايضا. ولكن يا لخيبة املي،
وصرخت يا الهي ساعدني، لم استطع ان اشنق نفسي، فحلاوة الروح كانت هي
الغالبة. وصرخت مستنجدة بالموت لينقذني من عاري هذا. تشبثت بالموت بكل
جوارحي والموت يهرب مني هروب الارانب. لقد مزقت جلد ظهر الموت
بأظافري، كما مزقت زوجة العزيز قميص يوسف من دبر.
طاردت الموت كما تطارد النمور فريستها. كان عشقي للموت من طرف واحد
فقط، غادرني كما يغادر الخائن ممن عشقته وخدعت فيه. اصبحت عاشقة للموت
متلهفة اسعى ورائه لا حياة لي الا به. كان الموت سرابا اتبعه ويهرب. يا ليتني
سقطت ميتة معك على نفس الوسادة.
وبعد ان فشلت المشنقة عن اداء مهمتها، استنجدت بالكهرباء اشحذ منه الموت،
فأبى واكتفى بحرق الاصابع مني فقط وانتزع مني صرخة هب على اثرها كل
الجيران ومن ثم رجال الشرطة الذين وجدوا طفلتي ميتة وانتهيت الى المحكمة.
وفي المحكمة عاودني الامل بالموت شنقا على يد محترفين لا يترددون ولن
ترتعش ايديهم ويحققون لي حلمي. ولكن القاضي حكم علي بالسجن خمسة عشر
سنة، فخاب املي لانهم بذلك حكموا علي بالموت البطيء، وهذا أقسى من الموت
برصاصة في القلب واخرى في الراس. وبهذا وضعوني لخمس عشرة سنة على
الة المخلعة، ربطوا الروح من طرف والجسد من الطرف الاخر، لخمس عشرة سنة
تتمزق عضلات الروح وتنخلع مفاصل الجسد على آلة التعذيب. والموت العزيز لم
يأت. وفي كل يوم كنت اصرخ آلاف المرات لعل صرخاتي تصل السماء، وتمطر
علي مزن الموت لا رذاذها.
(تمثل وكأنها في المحكمة بقفص الاتهام وصوت القاضي معها يتحدث)
صوت القاضي : لماذا رفضت توكيل محامي يدافع عنك؟ رغم عرض
المحكمة ان تتكفل هي بذلك؟
المرأة : سيدي القاضي، هل يمكن توكيل احد ما عن مريض ليصرخ
الما عوضا عنه؟ لا يتألم احد عوضا عنه؟ لا يؤلم الجرح الا صاحبه. وما صراخ
المحامي الا تمثيل مكشوف وممجوج. وهل يمكن للمحامي ان يشعر بآلامي منذ
ولدت طفلتي حتى ان خنقتها؟ ان ذلك كمن توضع يده في زيت المقلاة الساخن
وعلى الآخر أن يصرخ عوضا عنه. فالجراح أفصح من الأفواه. اني بكامل قواي
العقلية حين فعلت فعلتي، ولو عاد بي الزمان، لما فعلت غير ذلك. وانا على يقين
اني وفرت على ابنتي سنين طوال من العذاب، مقابل ان سلبت منها سنواتها القليلة
الماضية. كيف لا ابتر اصبعا ادرك انه سيجلب السرطان لجسم حياتها كله؟ الم
يزل الاطباء الكبد او احدى الكليتين المصابة بعطب ما، لإنقاذ باقي الجسد؟ الم يتم
خلع الضرس الذي غزاه التسوس، خوفا من انتشار التسوس لباقي الاسنان؟ دائما
ما يقلم البستاني الاغصان الميتة من جسد الاشجار. فلن اسف لفعلتي ابدا لأني ارى
ان الموت لها حياة. فما الود بيني وبين فعلتي هذه الا لهذه الاسباب.
واخيرا، ايها القاضي انا لا اطلب المغفرة والعفو عني، بل ارجو واتوسل بالحكم
علي بالإعدام شنقا حتى الموت. وبذلك تكونون قد حققتم لي ما عجزت انا عن
تحقيقه. وبحكمكم هذا لن تستطيعوا ان تضروني لأني لدي القدرة على تحمل
أضعاف هذا الضرر. ولكني الان اطالب ايضا، بان يقف معي في هذا القفص كل
تجار الحروب وصناع الاسلحة. فان هؤلاء هم سبب كل الكوارث. وهم من قتلوا
ابني ولوثوا ارحامنا لتلد اطفالا مشوهين ومرعبين كأنهم الوحوش. ومن حقي ان
احاكمهم انا قبل ان تحاكمونني. يجب ان اكون انا الحاكم لا المحكوم. اريد ان
يكون لهم مئات الارواح لأعدمها كلها. وليتني استطيع جلدهم بالسوط طول
عمري. ان بحار الأرض كلها لا تغطي جرائمهم. والآن أطالب المحكمة أن تعيد
لي كل الذي كان. ان تعيد لي ابني الحبيب، وان تعيد لي ابنتي سالمة وحية، وان
تعيد لي زوجي عمود بيتي الذي تهدم. ان اعادت لي المحكمة كل ذلك، سأصعد
الى المشنقة تسبقني زغاريدي. وان لم تستطيع ذلك، فأطالب ان يسبقني الى المشنقة
كل من تسبب في مأساتنا. اريد احبابي الان. ولكن قانونكم يحاكم قاتل الفرد ويقيم
النصب والتماثيل لقاتلي الجموع. والاولى ان تقام النصب والتماثيل لضحاياهم،
وخاصة امهات ضحايا الحروب. حكومات تسلح شعوبها بأغلى الأثمان وتحجم عن
اطعامهم. شعوبهم حفاة وعراة ويحملون أسلحة للقتال لو تم كساءهم بثمنها لبدو
اولاد ملوك. القانون طفل صغير ينام ويستيقظ على هواهم. القانون سوط مسلط
على ظهور المضطرين الابرياء وريش نعام على من يستحقون فعلا للسياط.
القانون احيانا لا يخترقه الدبوس واحيانا اخرى يخترقه قطيع من المجرمين.
القانون فزاعة تخيف العصافير الصغيرة وتهزأ منها الطيور الجارحة. القانون
مفصل على مقاسات من وضعوه، والقانون الذي يجدع انوفنا، هم يجدعون انف
القانون بدلا من تطبيقه عليهم. ماذا يعرف القانون عن مجرمين يحفرون لنا مقابر
جماعية؟ ماذا يعرف القانون عن من يلقي بآلاف الاطنان من الاسلحة الكيميائية
على مدن مكتظة بآلاف وملايين الاطفال والنساء والشيوخ؟ باي قانون تطاردون
ابا شتم الحاكم امام جثة ابنه؟ وهل شتم الحاكم اكبر جرما من اعدام الحاكم لابننا
بتهمة هروبه من حرب لا تعنيه؟
(تتوقف برهة على فكرة طارئة تمر بخاطرها، فتصرخ)
لا، لا ، لا أيها القاضي، لا تحكم بإعدامي. فقد غيرت رأيي. اني الان أطالب
ببراءتي وإطلاق سراحي. لانطلق كالسهم نحو الهدف. وحرام عليكم ان تكسروا
سهما ينطلق لتعرية الحقيقة. سأكرس حياتي لقتل القتلة ومحاربة الحروب.
( تعود الى وعيها الاول وتدرك انها الان في غرفتها القديمة)

اه لو اني اعرف طريق زوجي الان! لدمجت مأساتي بمأساته. لسكبت على كتفه
دموعا حبيسة لخمس عشرة سنة. ولسكب هو مزنا من الدموع في حضني.
وأفرغنا الام السنين الماضية، حتى لو اقتضى ذلك ان تعيد الحياة دورتها وتعيد
ملأنا بآلامها القادمة. العدالة سكة قطار عمياء تسحق كل شيء امامها. سحقت
حلمي بالموت. كما سحقت وعي باكتشافي لمهامي الجديدة، مهامي التي اكتشفتها
ولكن بعد فوات الاوان. حكمت المحكمة بالسجن خمس عشرة سنة. وافشلت كل
مخططاتي الجديدة. ووضعت روحي لخمس عشرة سنة على المخلعة. كما وضعت
وسادتها على وجهي لخمس عشرة عاما، متعمدة ان لا تقطع انفاسي كاملة.
لكن الان لم يفت الأوان بعد. وان نبقى نطارد احلامنا خيرا من ان نغادرها. لاطلق
الرمح الذي سيخترق قلوب قاتلي الحياة. ان ذابت عظام ابني وابنتي في قبريهما
فسأحيي روحيهما، وروح جميع الضحايا ، واجمع الأكف الشريفة لكل الأمهات
التي كانت ارحامهن تلد وقودا للحرب. وسنكون الموجة الهادرة التي تطمس كل
قذارات الحروب ونيرانها. ونخلق عالما جديدا تكون فيه الامهات حين تنظر إلى
طفلها الذي يشبه الملائكة في حسنه تكون مطمئنة انه سيبقى لها وليس وقودا
للحروب. وسنعمل على ان نمدد اجساد الحروب على المخلعة الى الابد.
(طرقات على باب الدار، خافته ومتسارعة، كأنها تهمس)
المرأة : من الطارق؟
صوت : (بهمس) انا زوجك يا عزيزتي امل. افتحي الباب.
المرأة : زوجي فرج! لا أصدق. يا لرحمة السماء! الان سأسند
ظهري المتعب على جدار متين. وسيلتئمان شطري قلب افترقا منذ سنين. كأني أرى
الان شروق الشمس التي غربت ولم تشرق منذ خمس عشرة سنة. سنضع يدا بيد
لنبدأ من جديد.
(يتكرر نفس الطرق على الباب )
الصوت : افتحي الباب يا حبيبتي. فأنا أعلم أنك في الداخل، لأني لم
اتخلى يوما عن تتبع اخبارك.
المرأة : انا قادمة يا عزيزي. انا قادمة.
(تهرع نحو الباب، وتختفي من المسرح)
ستار



#رياض_ممدوح_جمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية (طلب زواج)
- مسرحية -الأعداء-
- بعد فوات الاوان مسرحية مونودراما


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض ممدوح جمال - المخلعة مسرحية من فصل واحد