|
كريم يونس
عمار أسامة جبر
كاتب
(Ammar Osama Jabr)
الحوار المتمدن-العدد: 7483 - 2023 / 1 / 5 - 12:14
المحور:
القضية الفلسطينية
لا تستطيع حروف العربية أجمع أن تصف الفرحة التي تغمر ربوع فلسطين من رأس الناقورة وحتى أقصى النقب والشتات وكل مكان تواجد شعبنا الباسل، استيقظت فلسطين على فجر بهي انتظرته طويلاً، فجر تنسم به ابنها القائد الوطني الكبير كريم يونس، عميد الأسرى العرب والفلسطينيين في أقبية الإحتلال، هواء الحرية، فجر انتظره كريم وانتظرته أمه الصابرة المرابطة، لتراه أمامها بدون جدار أو زجاج يمنعها من احتضانه، حرمهما الاحتلال البغيض من أبسط الحقوق الإنسانية، التي أقرتها المواثيق الدولية، احتلال قاسٍ يتذرع بأتفه الأسباب حتى لا يلقى كريم نظرة الوداع على والدته وعلى والده من قبله، احتلال سلب من عمره أربعين عاماً، قطف زهرة شبابه ليودعها أقبية الظلام ويحرمه نور الشمس، لكن كريم كان الفينيق في محبسه، وعاند السجان وخرج منتصراً عليه وهو الذي راهن على خروجه جثة هامدة من باستيلاته.
خرج كريم يونس ليبصر الشمس التي تحجبها أسوار المعتقل، الى أحضان شعبه الذي انتظره بفارغ الصبر، ليزرع فيهم الأمل أن فجر الحرية قادم لا محالة، رغم جبروت هذا المحتل ومحاكمه الفاشية التي لا يوجد في جنباتها مفهوم للعدل أو الإنسانية فأحكامها تقطر موتأ لا محالة، خرج مودعاً رفاق الزنزانة التي أودعه فيها الاحتلال شاباً في الفاتح من حزيران عام 1983 ليخرج منه كهلا فجر اليوم.
إن المعاناة التي قاساها الأسير المحرر كريم يونس، أربعين عاماً من ظلم وعذاب وقسوه الزنازين وتنقلات عبر البوسطة من معتقل الى اخر، يمارسها الاحتلال الغاشم على 4700 أسير وأسيرة، يسلب منهم الحياة بشكل يومي، ويقدمهم قربان للموت بلا أدنى احترام للانسانية أو الحقوق التي يلزمه القانون الدولي بتوفيرها لهم، فهم حسب توصيف القانون الدولي أسرى حرب، وليس فيهم أسير واحد حكم في قضية جنائية، خرج كريم يونس من السجن وهو ينظر الى رفاقه الذين فيهم 150 أسير من المرضى، 100 أسير من الداخل، 550 أسير يقضون محكومية مدى الحياة، 314 أسير تجاوزت فترة أسرهم عشرون عاماً، 39 أسير تجاوزت فترة أسرهم خمس وعشرون عاماً، والجريمة تمتد الى عالم الأموات الذي تحتجز سلطات الاحتلال 373 رفات في ثلاجاتها ومقابر الأرقام.
إن تجربة كريم يونس الذي تحول من طالب على مقاعد السنة الدراسية الثانية الى أن يصبح عميداً للأسرى الفلسطينيين والعرب داخل أقبية الاحتلال، تجربة قاسية مريرة، بدأت بتحقيق وعذاب واستمرت على مدار الأربعة عقود في إمعان واضح من المحتل بكسر شوكته وتلينه وهو البطل الذي لا ينحني إلا لخالقه، زارته والدته 700 زيارة كانت تقاتل المحتل لتملحه خلف الأسوار والزجاج السميك ولم تهنئ بتقبيله واحتضانه، كما ذكر كريم في أول رسالة بعد وفاة والدته التي عرفها معتقل هداريم السيء الصيت والسمعة، مناضلة عتيدة، خلقت من ملح هذه الأرض لتطعمهم مر ما فعلوه بإبنها، كريم يونس الإنسان والمناضل والإسطورة التي كسرت كل مفاهيم المنطق، والذي حاول الاحتلال تنغيص فرحته بالحرية بكل الوسائل، فأفرج عنه بعيداً عن أهله في إحدى شوارع مغتصبة رعنانا، بدون إعلامه أين هو ولك يبلغ أهله بموعد ومكان الإفراج، لكن البطل الذي ولد على هذه الأرض عاد الى أهله ليرفع علامة النصر ويجعل من السجان وزبانيته أضحوكة.
لا يوجد تشخيص لحياتنا كفلسطينيين تحت الاحتلال، أبدع وأدق من كلمات الشاعر الراحل محمود درويش الذي قال فيه قصيدة "يا دامي العينيين والكفين"
يا دامي العينين والكفين ان الليل زائل لا غرفة التعذيب باقية ولا زرد السلاسل
نحلق خارج أسوار باستيلات الاحتلال نسوراً لا تهاب العلا، ونعود الى حضن الوطن لنقراً الفاتحة على أحبتنا ورفاق دربنا ونعيش حياتنا فرحين بأننا انعقتنا من الأسر الى رؤية الوطن الجميل وترابه الأطهر، سيبقى كريم يونس عنوان للأحرار في العالم، وصرخة عالية في وجه الجلاد حتى تحرير كامل التراب الوطني.
#عمار_أسامة_جبر (هاشتاغ)
Ammar_Osama_Jabr#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ارهابي برتبة وزير
-
تلاميذ بن عسقلة
-
المونديال والقضية الفلسطينية
-
دجاجة حسين
-
تجوع يا سمك البحر
-
اخر جمهوريات الموز
المزيد.....
-
تفاعل مع فيديو -فرحة- الوفد السعودي لحظة إعلان فوز الرياض بت
...
-
وزير خارجية إيران: أمريكا ودول غربية أرسلوا 28 رسالة إلى حزب
...
-
أردوغان يدعو خلال اتصال مع غوتيريش لمحاسبة إسرائيل على جرائم
...
-
الخارجية الفلسطينية: تصريحات نتنياهو تكرار جديد لمواقفه المع
...
-
أكثر من 100 مليون نازح وارتفاع درجات الحرارة.. أبرز عشرة أرق
...
-
شاهد: تحذير أممي من-خطر مجاعة كبير- في غزة
-
رغم الانتقادات الحقوقية.. الرياض تفوز باستضافة معرض إكسبو 20
...
-
0.09 في المئة نسبة المعارضة في انتخابات كوريا الشمالية
-
تسمم زوجة رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية
-
حرمان عمران خان من محاكمة علنية في -تسريب أسرار الدولة-
المزيد.....
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
-
أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين
...
/ غازي الصوراني
-
العدد 73 من «كراسات ملف»: إجتماع الأمناء العامين .. العلمين،
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
في مواجهة التحديات .. اللاجئون الفلسطينيون في لبنان
/ فتحي الكليب
-
فلسطين قبل 1948: كيف صنعت الإمبريالية إسرائيل
/ فرانشيسكو ميرلي
-
أسباب أزمة المشروع التحرري الفلسطيني، وإمكانية تجاوزها
/ إبراهيم ابراش
-
لاجئو فلسطين في الشتات، الدور والمهام
/ أسامة خليفة
-
لماذا تفشل الاستراتيجية الإسرائيلية في السيطرة على الفلسطيني
...
/ بوياسمين خولى
المزيد.....
|