أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جايمي ألينسون - الدول والعلاقات الاجتماعية والتطور المتفاوت والمركب







الدول والعلاقات الاجتماعية والتطور المتفاوت والمركب


جايمي ألينسون

الحوار المتمدن-العدد: 7471 - 2022 / 12 / 23 - 10:49
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الكاتب: جايمي ألينسون
الفصل الثاني من كتاب:
Allinson, Jamie, The Struggle for the State in Jordan: The Social Origins of Alliances in the Middle East, (New York, London: I.B.Tauris & Co. Ltd, 2016)

كيف يمكن لنا النظر إلى العلاقات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وتجنب مخاطر الغائية والمقارنة السلبية البحتة؟ الجواب، كما أراه، يكمن في نسخة نظرية دقيقة من التطور المتفاوت والمركب. هذا القول يستدعي بالطبع أسئلة إضافية: ما هو هذا التطور؟ ماذا يعني الحديث عن المتفاوت والمركب في التطور؟ هل يعتبر التطور المتفاوت والمركب ذات صلة بمسألة العلاقات الجيوسياسية في الشرق الأوسط؟ هذا الفصل سيجيب عن هذه الأسئلة موضحاً ومعرفاً المصطلحات والأدوات التحليلية المستعملة في بقية فصول هذا الكتاب.





هناك أكثر من نسخة من التطور المتفاوت والمركب، كما سأوجز أدناه، الهدف من هذا الفصل، هو تحديد النقاشات حول التطور المتفاوت والمركب والرد على بعض الانتقادات والحجج المقدمة في هذه النقاشات، وتنقيح التطور المتفاوت والمركب كإطار نظري يمكن استعماله ليحل محل تلك المتعلقة بالتوازن الشامل، والمعتمدة على معضلة الأمن الجنوبي والنظريات ذات الصلة. التعريف الأساسي للتطور المتفاوت والمركب هو التالي: التفاعل المتعدد للكثير من أشكال العلاقات الاجتماعية على المستوى العالمي، مثل الطابع المميز للعلاقات الاجتماعية في مجتمع محدد (بدلاً من “التشكيلة الاجتماعية”) نفسه يغذي التفاعل. هذه الظاهرة ليس منحصرة في الحقبة الرأسمالية فحسب، إنما- ووفق حجة سأؤكدها بعد قليل- تتلقى التعبير الكامل عنها تحت تأثير التوسع الشامل للعلاقات الاجتماعية الرأسمالية. (1) بالطبع، ينبغي الذكر أن العبارات ليست لإثبات اتساقها الداخلي أو المرجع الأمبريقي. بقية الفصل ستتولى هذه المهمة.
وبالتالي يتألف هذا الفصل من أربعة أجزاء. في البداية سأوجز الأصول التاريخية والمحتوى الأساسي للتطور المتفاوت والمركب. ومن ثم سأستكشف إحياء التطور المتفاوت والمركب داخل علم الاجتماع التاريخي للعلاقات الدولية، وخاصة ضمن أعمال جوستين روزنبرغ والنقاشات المحيطة بها. ومن ثم سأعمل عن طريق مساهمة التطور المتفاوت والمركب في المجتمع كإطار نظري للرد على انتقادات المفهوم التي تمس بشكل أساسي اهتمامات هذا الكتاب: سؤال هل أن التطور المتفاوت والمركب يعمل كظاهرة عابرة للتاريخ البشري أو أنه ينحصر بالحقبة الرأسمالية والسؤال المرتبط هل هذه النسخة هي محدودة بـ”الانفجار الكبير” لنظرية التاريخ المتمركزة أوروبياً، (2) حيث تحصل كل الإبداعات داخل أوروبا ومن ثم تنتشر إلى بقية أجزاء الكوكب. أدافع عن فكرة أن التطور المتفاوت والمركب: يمتلك بالفعل طابعاً عابراً للتاريخ، من ضمنها الأثر الذي من شأنه زعزعة أي فكرة عن “معجزة أوروبية” داخلية، ولكن هناك تغيير نوعي حيث يبرز تأثيره الكامل فقط من خلال وعبر توسع العلاقات الرأسمالية. أحاجج أن التطور المتفاوت والمركب يعمل بشكل جيد إذا احتفظنا بالمفاهيم الماركسية الوسيطة، خاصة فكرة “التراكم البدائي” التي توفر الشروط المسبقة للرأسمالية، وأن شكل الدولة الناتج عن ذلك (في ظل الرأسمالية، هيئة سيادية غير شخصية من الناحيتين الاقتصادية وغير الاقتصادية تعتبر أشكال الإكراه منفصلة) يمكن أن يكون في حد ذاته متفاوتاً ومركباً. في القسم الأخير، سأنسف هذه الادعاءات وآثارها على إشكالية الجنوب (وخاصة الشرق الأوسط) والتي بدأ منها تحقيقي. سأعتمد على أعمال نزيه أيوبي، بيار فيليب راي وكلود ميلاسو لتوضيح كيفية استعمال هذا الإطار في الممارسة العملية للكتاب، وتقديم “المزيج” باعتباره نسيجاً متشابكاً للاقتصاد العالمي (التوسع العالمي للعلاقات الاجتماعية الرأسمالية من خلال المنافسة السوقية والدولية) مع العلاقات الاجتماعية الناتجة عن نمط انتاج رافد موجود مسبقاً. حيث تقوم التقاليد النظرية التي سأتفحصها في الفصل الأخير من الكتاب على غياب “الدولة” الأوروبية الأطلسية اللازمة لشرح العلاقات الدولية للأنظمة السياسية مثل الأردن، فأقدم عملية التراكم البدائي في ظل ظروف مختلفة على أنها الأصل الموضوعي للنضالات الاجتماعية المحددة للاصطفافات الدولية للأردن في مرحلة ما بعد الكولونيالية.





التطور المتفاوت والمركب: ما هو ولماذا نستعمله؟
قبل شرح معنى وأصل التطور المتفاوت والمركب، يجب على المرء بداية الإجابة عن السؤال: لماذا نستعمله؟ والسبب يكمن في المحاولات، التي استكشفتها في الفصل السابق، لتفسير ظاهرة العلاقات الدولية بشكل عام والسياسات الخارجية للدول في عالم الجنوب. وكما أثبتت في الفصل السابق، هذا يعتمد على سلسلة من الافتراضات التي تفترض سيادة غربية مثالية، يجرى خلالها تنظيم النضال الاجتماعي بشكل سلمي عبر الدولة، ضد دولة عربية موجودة فعلياً تتميز بنقص أو عدم كفاية وتشويه لهذا النموذج. يجد نموذج “المراحل” التاريخية (3) نظيره في الأعمال الماركسية حول الشرق الأوسط- على سبيل، يدعي عصام الخفاجي أن الانتقال إلى الرأسمالية هو مسار عالمي وبالتالي إن الدول العربية في النصف الأول من القرن 20 كانت ما قبل رأسمالية. (4) إن نشأة وقيام التطور المتفاوت والمركب كوسيلة للتغلب على مثل هذه المفاهيم داخل الماركسية يعطي ثقلاً على المفهوم في التعامل مع مسألة العلاقات الجيوسياسية في دول الشرق الأوسط، ودول الجنوب بشكل عام.
ما هو إذاً مفهوم التطور المتفاوت والمركب؟ ومن أين أتى؟، التطور المتفاوت والمركب هو جزء من التقاليد الماركسية الواسعة والمعتمد عليها بافتراضاته ومفاهيمه الأساسية. مع ذلك، إنه يضيف شيئاً في إعادة تشكيل هذه المفاهيم لعالم تكون فيه العلاقات الاجتماعية الرأسمالية جزءاً أساسياً من نظام عدة دول وأنواع أخرى من المجتمعات.
وبالتالي، إن الفئات الأساسية للتطور المتفاوت والمركب هي تلك المتعلقة بالماركسية في زمن تروتسكي. إن التطور الذي اعتبره أمراً حاصلاً في وصفه بأنه متفاوت ومركب يدل على فكرة أن التاريخ يبدأ من “عملية الانتاج الحقيقية، بدءاً من الانتاج المادي للحياة نفسها”.(5) تنظيم هذا المسار، والأهم من ذلك، تنوع توزيع وسائل الانتاج بين المنتجين المباشرين والمستعملين لمنتجهم عبر التاريخ: هذه الاختلافات هي أنماط انتاج. (6) في بعض الحالات، يبدو أن ماركس يرسم مخططاً زمنياً لأنماط الانتاج التي يعتمدها البعض: من النظام العبودي إلى النظام الإقطاعي، من الإقطاعي إلى الرأسمالي، ومن الرأسمالي إلى الاشتراكي … (7) في أوقات أخرى أكد ماركس (وإنغلز) على الطابع المتعدد والمتفاعل للتطور التاريخي. (8) وحاجج أن “الأحداث المتشابهة بشكل لافت، إنما تحصل في بيئة تاريخية مختلفة، تؤدي إلى نتائج مختلفة تماماً”. (9) في حالة أخرى، يكمن صلب المفهوم ضمن فكرة أن نمط الانتاج- المعتبر مجرد- له في صلبه “شكل اقتصادي محدد يُضخ فيه العمل الفائض غير المأجور من المنتجين المباشرين” مشكّلاً “الأساس الخفي للبناء الاجتماعي بأكمله”. (10)
ترك نهج ماركس إرثاً غامضاً، مع ذلك: التجريد الواعي للمجتمع هو من مفهومه للمجتمع وتطوره. (11) فقد كتب ماركس الكثير عن موضوع يعتبر اليوم من العلاقات الدولية- حوالي 800 صفحة حول الحروب والديبلوماسية والكولونيالية (12)- ولكن هذا البحث لم يدخل ضمن نظامه النظري.(13) وقد أدى ذلك إلى انتقاد يعتبر أن الماركسية هي نوع مختلف من نظرية التحديث الأوروبية، معتمداً على ما يسميه شارلز تيلي “افتراض خبيث” للتطور ضمن نموذج فردي من المجتمع (14) مجرداً النموذج الانكليزي في أيام ماركس. يصعب تبديد مثل هذا الانطباع من خلال أقوال التي قالها ماركس للفلاسفة الألمان “المتخلفين” عن مثال التصنيع في انكلترا: “هذه القصة تخبرنا عنك!”.





بعيداً عن هذه الجوانب اللفظية، يبدو أن ماركس قد قَصدَ (على الرغم من أنها خطة قصيرة الأمد) في كتب أخرى غير رأس المال من شأنها التعامل مع مسألة الدولة والعلاقات الدولية. (15) سواء أنه تخلى عن هذه الخطة أم لا، لم ينتج ماركس هذه الأعمال وترك لأجيال الماركسيين اللاحقة التعاطي مع مشكلة دمج نموذجه للعلاقات الاجتماعية الرأسمالية في عالم مقسم إلى دول متعددة وتهيمن فيه العلاقات الاجتماعية غير الرأسمالية في أغلب المناطق. لهذا السبب تركت أجيال الماركسيين بعد ماركس لتجد أجوبة عن سؤالين مترابطين: 1) ما العلاقة بين الرأسمالية (كنظام اجتماعي) والنظام الدولي للدول؟، 2) لماذا وكيف توسعت الرأسمالية إلى مجتمعات غير رأسمالية؟
في كتابات لينين، ولوكسمبورغ وبوخارين وكاوتسكي وآخرين- إضافة إلى عدد كبير من الماركسيين اللاحقين- يظهر محوران للنقاش خلال الإجابة عن هذين السؤالين بشكل واضح. أثبت السؤال الأول أنه أكثر إثارة للجدل، الأمر الذي أدى إلى انفصال صارخ بين حجج كاوتسكي، الذي تصور نوعاً ما دولة عظمى باعتبارها الدولة الأكثر ملاءمة للرأسمالية، وأطروحات لينين-بوخارين التي ترى أن رأس المال والدولة قد باتا مندمجين، الأمر الذي يؤدي إلى حالات كارثية للمنافسة الجيوسياسية والصراعات مثل الحرب العالمية الأولى. (16) إلى هذا الحد أو ذاك، تابعت هذه النقاشات مسارها على نفس المنوال منذ ذلك الحين. (17) ورداً على المعضلة الثانية، كان المفهوم المسيطر (18) هو اتباع الفترة الوسطى من كتابات ماركس ورؤيته عن الدول “المتخلفة” على أنها متجهة إلى هذا الحد أو ذاك إلى نفس الوجهة كالدول الرأسمالية المتقدمة.
كان تدخل تروتسكي اللافت للنظر متجاوزاً لحدود هذه النقاشات، من خلال الاعتراف بالتأثير المؤسس للعلاقات بين المجتمعات على العلاقات داخل المجتمع- أو بالأحرى فعل ذلك بما يتعلق بمجتمع معين: روسيا القيصرية. ظهرت نسخة تروتسكي الأولى من التطور المتفاوت والمركب (يمكن القول إن عناصراً منها نجده في أعمال بارفوس وماركس نفسه) في كتابه حول ثورة عام 1905، نتائج وتوقعات. تظهر المناقشة الكاملة للمفهوم، وكذلك في مقدمة أعظم مؤلفاته حول ثورة عام 1917: تاريخ الثورة الروسية.
في حالة روسيا على الأقل، حاجج تروتسكي أن الشروط البيئية والطوبوغرافية- “الأرض الضخمة والمتقشفة، والمفتوحة على الرياح الشرقية والهجرة الآسيوية”- أدت إلى “الوتيرة البطيئة” للتطور الروسي. (19) هنا يبدو أنه يقترح أن كمية الانتاج ووفرته مرتبطة بالظروف الطبيعة الملائمة. ولكن، كما يظهر جوستين روزنبرغ، إن الخطوط العريضة لتروتسكي لخاصيات التطور الروسي هي بعيدة جداً عن الحتمية البيئية أو التكنولوجية. (20) بدلاً من ذلك تقترح الحجة تفاعلاً بين الظروف الطبيعية التي يواجهها البشر في جهودهم الجماعية خلال الانتاج وبين “الوسط التاريخي-الاجتماعي” (21) الناتج عن هذه الجهود.
إذاً تكمن الأسس الأصلية للتفاوت، في الظروف البيئية التي واجهت البشر في الأساس وجعلت بعض الأماكن أكثر انتاجية من سواها. هذه الاختلافات البيئية عبر المجال الجغرافي، بدورها، تعمل على تعزيز عمليات التمايز الداخلي. مع ذلك، مع تغير العلاقات الاجتماعية للانتاج، أصبحت هذه المحددات الجغرافية بشكل تدريجي أقل أهمية. والأهم من ذلك، إن طابع مجموعة فرعية معينة من مجموعات العلاقات الاجتماعية- الرأسمالية- الموزعة بشكل متفاوت يغير “الطبيعة الكلية للتغيير التاريخي نفسه”. (22) انتشرت العلاقات الرأسمالية وأصبحت مهيمنة في مكان وزمان محددين ولكن داخل وعبر هذه المسارات السابقة من التفاوت. من “نقطة البداية” هذه، “تكتسب السيادة بشكل تدريجي فقط على التفاوت الموروث، وتكسره وتغيره، مستخدمة وسائله وأساليبه الخاصة به”. (23) مكرراً وجهة نظر ماركس عن الرأسمالية كتوسعية بجوهرها، حاجج تروتسكي أبعد من ذلك معتبراً أن الرأسمالية تميل نحو الشمولية والتساوي من جهة، ومن جهة ثانية، إلى التمايز والتجزئة. (24)





حاجج تروتسكي بأن هذه الاتجاهات تعمل من خلال “سوط الضرورة الخارجية” و”مزايا التخلف التاريخي”. يجرى فرض “سوط الضرورة الخارجية” على هذه المجتمعات التي لم تختبر التحول النوعي إلى العلاقات الاجتماعية للرأسمالية حتى تتبنّى مثل هذه التحولات استجابة للضغوط الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية المنبثقة من القوى الرأسمالية. يكتب تروتسكي أن “التخلف التاريخي [كذا]”، (25) يولد تكويناً اجتماعياً جديداً تماماً و”مركّباً” حيث تتجذر الغزوات الأخيرة للتقنيات والبنى الرأسمالية في العلاقات الموجودة سلفاً، وتحويلها وإخضاعها وخلق علاقات مختلفة بين الطبقات. (26)
في حالة روسيا، كان نمط الانتاج الذي واجهته الرأسمالية هو الإقطاع (بحسب تروتسكي). جرى تقوية الجهاز السياسي لهذا النمط وتقويضه في ذات الوقت من خلال اختراق الرأسمالية. متطلبات الحفاظ على الذات لروسيا “تحت تأثير وضغط البيئة الغربية الأكثر تمايزاً […] المنقولة عن طريق تنظيم الدولة العسكرية” أجبر روسيا على تطوير تقنيات عسكرية من شأنها أن يكون لها آثار ونتائج اجتماعية واقتصادية عديدة على المدى الطويل. (27) تحت هذه الضغوط الجيوسياسية، قلدت الدولة الروسية بشكل صريح علاقات الانتاج الرأسمالية (التي هي “الحرية المزدوجة” للعامل من الإجبار على الانتاج ووسائل الانتاج) وذلك مع إلغاء القنانة عام 1861. إضافة إلى ذلك، كانت سياسة التصنيع اللاحقة في روسيا هي رد على التهديدات الخارجية الآتية من الغرب لوجود روسيا. (28) وقد تعزز بذلك رأس المال الأجنبي والمحلي الذي دعم وسلح الحكم المطلق. وقد جرى تقويضه من خلال واقع أن ثمن هذا الدعم كان الاعتماد على طبقة عاملة مركزة ومناضلة جرى انتاجها اعتماداً على تقنية متقدمة كجزء من “ميزة التخلف”؛ إمكانية الاستيلاء على أكثر المنتجات جهوزية. كانت النتيجة، بحسب تروتسكي، تحضير الظروف للأزمة السياسية للثورة- وهي أزمة يمكن حلها بعد ذلك عبر سيطرة البروليتاريا على السلطة على أساس التاريخ السابق للتطور المتفاوت والمركب.(29)
إذاً، كانت هذه هي النسخة الأصلية لتروتسكي للتطور المتفاوت والمركب. على الرغم من أنها كانت مبتكرة بشكل لافت للنظر، إلا أن تروتسكي ترك عدداً من الأجزاء المركزية للحجة معبراً عنها بشكل تخطيطي أو مبنية على افتراضات غير مفسرة. وبذلك، يميل تروتسكي إلى اعتبار أن فكرة “التطور” مفروغ منها، منذ أنه كان يتشارك حجة مع الماركسيين الذين تشاركوا فكرة أساسية عما يعنيه هذا المفهوم. هذا النقص، مع ذلك، أفضى إلى تقدم الاتهامات التافهة، على سبيل المثال، تجاه ادعاء تروتسكي إن التطور المتفاوت والمركب هو “القانون الأكثر عمومية في المسار التاريخي” (30). أكثر من ذلك، الوضع الحقيقي للتطور المتفاوت والمركب- وهو نمط موجود ضمن النمط الرأسمالي للانتاج أو يمتد عبر كل فترات التاريخ البشري- ترك الأمور غامضة إلى هذا الحد أو ذاك. على الرغم من أن تروتسكي قد جادل معتبراً أن فهم “التفاوت في مداه الشامل” يتطلب دمجه بفهم الحقبة السابقة على الرأسمالية، والأمثلة التي يعطيها تميل إلى الحقبة الرأسمالية، أو على الأقل إلى الضغط الذي مارسته الدول الحديثة الأولى (المفترضة كيانات في طور التشكل) على روسيا. أثار هذا الغموض قلقاً إضافياً (تفاقم بسبب الاستعمال الحر لتروتسكي للمفردات الشعبية التحقيرية للأوروبية المركزية مثل “المتوحشين” و”المتخلفين” على سبيل المثال) أنه إذا كان التطور المتفاوت والمركب في المجتمع ظاهرة مقيدة، كل ما لدينا هو نسخة أخرى من “أوروبا” مقابل “شعب من دون تاريخ”. (31) معالجة هذه الثغرات، كما أفعل أدناه، هو توفير توليفة أفضل من التطور المتفاوت والمركب مع مشكلة العلاقات الدولية لدول الجنوب: تبدأ هذه التوليفة مع إحياء التطور المتفاوت والمركب كمفهوم في العلاقات الدولية.





التطور المتفاوت والمركب كنظرية للعلاقات الدولية
في معظم القرن الـ 20، بقي التطور المتفاوت والمركب إلى حد كبير ملحقاً باستراتيجية سياسية- استراتيجية “الثورة الدائمة”- التي روج لها جزء صغير من الحركة الشيوعية العالمية، التروتسكية. إن محاولة إقامة التطور المتفاوت والمركب كنظرية في العلاقات الدولية، قادرة على معالجة “الثغرة الكلاسيكية” التي بدت كأنها تعيق الماركسية في العلاقات الدولية، قد بدأت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. هذه النقلة النظرية مرتبطة مع عمل جوستين روزنبرغ، الذي شكل نقطة انطلاق ونقد للكثير من الأدبيات اللاحقة. انتقلت هذه الحجة من خلال تكررات متتالية، معنية إلى حد كبير بحالة وانعكاسات التطور المتفاوت والمركب باعتبارها نظرية تجريدية عابرة للتاريخ، وبالتالي، إن النقاش الأولي حول توسع (أو الاستقراء، بدلا من ذلك) للتطور المتفاوت والمركب من التأثير الداخلي للعصر الرأسمالي إلى خاصية عامة من التجريد بين المجتمعات، حيث قدم رونبرغ نفسه التطور المتفاوت والمركب كأنطولوجيا سابقة للتفاعل بين المجتمعات، في حين انخرطت مجموعة أخرى من العلماء بمعنى التطور المتفاوت والمركب ضمن سرديات الحداثة وما بعد الكولونيالية. (32) هذا الكتاب، معني بمسألة الاصطفافات الجيوسياسية لدولة ما بعد الكولونيالية، يتدخل بالأولى وليس ضمن النقاش الأخير.
نقطة البداية لإعادة استعمال مفهوم التطور المتفاوت والمركب كمفهوم في العلاقات الدولية ترتبط بنقد نظريات التوازن الشامل، ومعضلة الأمن الجنوبي والمفاهيم المرتبطة بها التي استكشفتها في الفصل السابق. هذا هو الفصل بين التفسير الجيوسياسي وعلم الاجتماع: “الثغرة الكلاسيكية”. والأخيرة، يحاجج جوستين روزنبرغ، يمكن التغلب عليها عبر البناء على مفهوم تروتسكي للتطور المتفاوت والمركب. بذلك يعني روزنبرغ هو بإعادة تصور التطور الاجتماعي بشكل عام على أنه متفاوت ومركب. وبالتالي، يذهب روزنبرغ أبعد من تروتسكي آخذاً بعين الاعتبار الوجود العابر للتاريخ للبعد بين المجتمعات في التطور الاجتماعي. كما تروتسكي، بدأ روزنبرغ من “القانون العالمي للتفاوت”. التطور البشري- بمعنى زيادة القدرات البشرية- هو بطبيعته متفاوت ومتباين.
من هذه الفرضية الغثة يستمد روزنبرغ اثنين من الادعاءات الموضوعية. الأول، يمكن اعتبار حقيقة التشرذم السياسي المفترض “غير قابل للاختزال” التي تكمن وراء الإشكالية المميزة للدوليّ في حد ذاتها لتجسيد خاصية اجتماعية-تاريخية أكثر عمومية من الناحية التحليلية للوجود البشري- إنه تفاوتها الجوهري. (33) إن “الركيزة العلائقية” للتطور المتفاوت تكمن ضمن التحديدات الاجتماعية التي تركز عليها الواقعية بشكل حصري. من هذه النقطة تنبثق الأخرى: المزيج هو ظاهرة عالمية، تتكون من تداخل وتفاعل كل التطور الاجتماعي. (34) تسعى هذه الصيغة إلى التغلب على الخطأ المشترك للنظرية الاجتماعية الدولية والنظرية الاجتماعية الكلاسيكية من خلال توحيد منطقهما ضمن منطق واحد، متفاوت ومركب، أي عملية اجتماعية.
إعادة تصور مفاهيم التطور الاجتماعي كمتفاوت ومركب تستغني بالتالي عن أي مفهوم لـ “المجتمع” بشكل أنطولوجي وحيد. وبدلاً من النظر إلى المجتمعات على أنها كيانات منفصلة مشكلة مسبقاً تتعايش وتتفاعل بعد ذلك، يدعونا روزنبرغ إلى تصور عملية التفاعل هذه على أنها تُشكّل بحد ذاتها هذه الأنظمة الاجتماعية. لم يعد بإمكان للوحدة الأساسية للتحليل أن تكون هي لـ”المجتمع” و”المجتمعات” إنما يجرى تصورها على أنها وحدة متكاملة متمايزة، ولكنها رغم ذلك، أنطولوجية ككل.





خطوة مهمة في حجة روزنبرغ هي توسيع لمفهوم التطور المركب. إذا تذكرنا، استعمل تروتسكي مفهوم التطور المركب لتفحص مزيج أنماط الرأسمالية وما قبل الرأسمالية ضمن تشكيل اجتماعي واحد. يبتكر روزنبرغ من خلال استعمال مفهوم “التطور المركب” عبر ثلاث طرق متميزة إنما مترابطة ببعضها البعض. أولاً، يشير التطور المركب إلى التطور المتعايش والمتفاعل في كل المجتمعات على امتداد التاريخ. ثانياً، عبر هذه المسارات للتطور بين المجتمعات، ينتج ترابط بين “بنى الحياة الاجتماعية والمادية والثقافية”. (35) بكلمات أخرى، تعمل العلاقات “الخارجية” بين الدول كوسيلة لتحويل المؤسسات الاجتماعية والسياسية والثقافية والمادية داخل مجتمع عبر مأسستها خارج أي دولة معينة. هذا المزيج يدمج الدولة والمجتمع في أنظمة سياسية إقليمية، وأنظمة ثقافية وتقسيمات مادية للعمالة”، (36) منتجة مزيجاً من الأنظمة الاجتماعية والسياسية والمؤسسات الثقافية. أخيراً، عبر هذا التطور بين المجتمعات (المركب) يحصل تشابك واندماج لأنماط متعددة من الانتاج بالمعنى الأساسي لتروتسكي.
في رفع مستوى التجريد في التطور المتفاوت والمركب لتروتسكي بحيث يصبح إجابة محتملة عن “الثغرة الكلاسيكية” بدلاً من سمة لنمط انتاج معين في مخطط ماركسي مألوف، تطلق مداخلة روزنبرغ نقاشاً حول جانبين متداخلين لهذا الاقتراح. يتعلق أول جانب بما إذا كان يمكن اعتبار التطور المتفاوت والمركب في المجتمع ظاهرة عابرة للتاريخ، الأمر الذي يعطي حساباً اجتماعياً لوجود وعمل التعددية السياسية. أما الثاني، فيركز على الآثار الناتجة عن إجابة سلبية على الأول، إذا كان التطور المتفاوت والمركب مقيداً، بشكل كلي أو جزئي، بالعصر الرأسمالي، ألا يخاطر انتشاره بعودة المنطق الغائي المتمركز أوروبياً والذي يفترض أنه يعمل لمواجهته؟ أدناه سأقدم عرضاً دفاعياً حول أن التطور المتفاوت والمركب كان شغالاً خلال فترة ما قبل الرأسمالية ولكن تحققت أقصى أشكاله في ظل العلاقات الرأسمالية: موقف له نتائج للنقاش حول طبيعة دولة ما بعد الكولونيالية التي جرى استكشافها في الفصل السابق.
التطور المتفاوت والمركب: التراكم البدائي والعالمية والنقد ما بعد الكولونيالية
في صلب النقاش حول التطور المتفاوت والمركب يكمن السؤال المتعلق بعمله كظاهرة عابرة للتاريخ، أو حصره بحقبة معينة (الرأسمالية). يجب أن يكون سبب أهمية هذه النقطة واضحاً: التطور المتفاوت والمركب العامل خارج العصور التاريخية يمكن أن يعطي أساساً اجتماعياً لواقع التعددية السياسية ولكن يمكن أن يقع في فيتشية لاتاريخية لـ”الأممية”، في حين أن حصر التطور المتفاوت والمركب بالحقبة الرأسمالية يبقى عرضة للاعتراض بأن العلاقات بين المجتمعات تسبق هذه الحقبة ولعبت دوراً في الانتقال إليها. هناك ثلاث إجابات واسعة حول سؤال الطبيعة العابرة للتاريخ للتطور المركب والمتفاوت: أولاً، حجة صادقة على أنها كذلك؛ ثانياً، إنكار كامل لذلك؛ ثالثاً، الموقف المتخذ في هذا الكتاب، هو أن التطور المتفاوت والمركب هو ظاهرة مرئية عابرة للتاريخ ولكن تختبر تغييراً نوعياً مع نمو العلاقات الرأسمالية.
أعطي جوهر الحالة العابرة للتاريخ في ملخص حجة جوستين روزنبرغ أعلاه. عمّق روزنبرغ حجته بشكل صريح لتقديم التطور المتفاوت والمركب كمحاور لـ”الواقعية البنيوية” لـ كينيث والتز: التطور المتفاوت يوفر الأساس الاجتماعي لتعددية السياسات، والتي من خلالها تؤخذ السياسات المألوفة للفوضوية والاستقلالية الذاتية. لقد تبنى الماركسيون وغير الماركسيين هذا النموذج. (37) ميزة افتراض أن التطور المتفاوت والمركب هو ظاهرة عابرة للتاريخ هي أن الإنسان ليس بحاجة إلى محرك أساسي في العلاقات الاجتماعية للرأسمالية لوضع العلاقات بين المجتمعات في العمل: ممارسة غير مجدية نظراً إلى الأهمية السببية الواضحة لمثل هذه التفاعلات بين المجتمعات ما قبل الرأسمالية، وفي الواقع، صعود الرأسمالية الأوروبية نفسها. (38) التطور “المركب” بهذا المعنى لا يقوم فقط على “تجاوز المراحل” إنما على التفاعل بين عدة سياسات تساهم بهذه التركيبة. على هذا الأساس، يمكن لعلماء اجتماع التاريخ أن يفسروا العلاقات الخارجية لمجتمعات ما قبل الرأسمالية من دون الاعتماد على الافتراضات غير المهضومة حول سلوك الدول في الأنظمة الفوضوية.





رغم ذلك، أشار النقاد إلى أن محاولة جعل التطور المتفاوت والمركب ظاهرة عابرة للتاريخ بشكل كامل (بعبارات أخرى، فعالة على نفس الدرجة عبر المدى الزمني للتاريخ البشري) تبدأ على عَكس القوانين العالمية للفوضى في صلب الواقعية الجديدة، واحتمال أن تظهر نفس العيوب. (39) تقريباً كل المجتمعات التي تركت سجلات مكتوبة (والعديد منها لم يترك سجلات) تظهر حقيقة وجود تفاعل مهم وسببي مع كيانات سياسية أخرى. رغم ذلك، إن طرح سبب أصلي محدد للوجود المتعدد لمثل هذه الكيانات، ثم خلق نظام عام للعلاقات بين المجتمعات من هذه الفرضية، يضع عبئاً نظرياً ثقيلاً إلى هذا الحد أو ذاك على قاعدة اختبارية حتى أكثر العلماء خبرة يجدونها صعبة لاستخلاص الاستنتاجات المحددة.
إن الموقف المعارض، أن التطور المتفاوت والمركب يقتصر بشكل أساسي على تأثير نمط الانتاج الرأسمالي، يتمتع بميزة مناقشة حقبة يمكن معرفة ظواهرها بسهولة أكبر. ردد نيل دايفدسون وآخرون صدى تروتسكي في المحاججة أن التركيب يتطلب “جمعاً من عدة خطوات” بدلاً من التفاعل بين المجتمع ذاته. لا يجب أن تكون الخطوات المنفصلة حصرية بتلك المتعلقة بعلاقات الاستغلال الاقتصادي: يمكن استنتاجها من مجموعة واسعة من الظواهر الثقافية والفكرية والبنية التحتية مثل “صدمة الجديد” التي يختبرها النازحون من الريف إلى مدينة شديدة التحضر فجأة. (40) مع ذلك، إن التركيب هنا هو التأثير في حالة معينة لوضعها داخل الهرمية الرأسمالية العالمية المتفاوتة: دفع حكامها (“سوط الضرورة الخارجية”) إلى الاستفادة من “ميزة التخلف” لانتاج اندماج غير مستقر ومتفجر. (41)
رغم ذلك، في حصر التطور المتفاوت والمركب بالحقبة الرأسمالية، يبقى الموقف القوي المناهض العابر للتاريخ عرضة للتساؤل، من أين جاءت الرأسمالية التي خلقت التطور المتفاوت والمركب؟ عندما تحدث تروتسكي عن “سوط الضرورة الخارجية”، فإنه أخذ كأمر مفروغ منه وجود نظام دولة لم يدفع فقط التحول الاجتماعي للامبراطورية القيصرية، إنما سبق الهيمنة الرأسمالية الأوروبية نفسها. بالفعل، كما أدرك أغلب الماركسيين أن الرأسمالية قد جرى تعزيزها ونشرها من خلال المنافسة بين الدول وكذلك نهب الخارج غير الرأسمالي: التفسير “الداخلي” للانتقال إلى الرأسمالية لا يمكن الدفاع عنه بشكل متزايد.
كيف، إذاً، يجب تصور التطور المتفاوت والمركب، وكيف يكون مفيداً لنقاشنا عن الجيوسياسة في الدول الجنوبية؟ أحاجج أن التطور المتفاوت والمركب يمكن اعتباره ظاهرة عابرة للتاريخ، وأن من الصحيح رؤية “التركيب” على أنه له تأثير التفاوت ضمن تلك الوحدات. (43) مع ذلك، يدفع التطور المتفاوت والمركب كشكل من أشكال “المقارنة القسرية” إلى تعميم الدول السيدة حيث أن الوحدات المتشابهة تنبثق، كما أدعي، من التحول النوعي الناجم عن توسع العلاقات الرأسمالية.
إن الاستفادة من هذه الحجة حول التطور المتفاوت والمركب تتطلب إعادة تضمين داخل المفاهيم الماركسية الأساسية التي انبثقت منها في الأساس. بتجريدها من هذا المحتوى، يصبح التطور المتفاوت والمركب فعلياً في خطر أن يصبح غير قابل للتمييز إما من سلسلة من الافتراضات العابرة للتاريخ حول أنظمة الدول أو فكرة أوروبا كمحرك أساسي من تراثها الثقافي والقانوني والفكري النابع من الحداثة إلى مناطق أخرى، يمكن تجنب مثل هذا الخطر، كما حاجج روبي شيليام، إذ وضع مفهوم التراكم البدائي في مركز “تطور” التطور المتفاوت والمركب. (44) هنا، يتوسع التطور المتفاوت والمركب ليمتد إلى بعض الأشكال من المشروع ما بعد الكولونيالية، الذي وصفه بارتا شاترجي بأنه دراسة “التراكم البدائي في ظل ظروف تاريخية مختلفة”. (45)





تعني كلمة “بدائي” هنا أصلي: في كل من كتابات ماركس وأعمال الماركسيين اللاحقين، بات التراكم البدائي يستعمل بمعنيين مختلفين، ولكن ليس بشكل حصري. الأول، هو الاستعمال الذي أشار إلى التراكم التاريخي من خلال النهب، والامبراطورية والاستعباد على أساس اكتسبت إنكلترا (وسواها من دول أوروبا الشمالية) وسائل إقلاع الرأسمالية: “رسائل الدم والنار” التي كتبها التاريخ الأولي للرأسمالية. الثاني، المعنى المستعمل في هذا الكتاب، يعني التراكم البدائي الانتاج التاريخي كشرط مسبق للرأسمالية: العامل المأجور المحتمل الذي لا يملك وسائل الانتاج وغير المتعرض للإكراه (المباشر) على الانتاج.
إن التراكم موضع السؤال هو لوسائل الانتاج بيد الرأسمالي (المحتمل) من جهة والعمال (المحتملين) الذين لا يملكون من جهة أخرى، أي “الحرية المزدوجة”. هذه هي الشروط المسبقة- التي لا تعني نفس الشيء مثل الأسباب- لعلاقات الانتاج الاجتماعية الرأسمالية. هذه الشروط المسبقة تتضمن الفصل الإجباري للمنتجين المباشرين عن السيطرة على وسائل الانتاج (مثل الفلاحين من أراضيهم) وإزالة سلطة الطبقات الأخرى (مثل الإقطاعيين وشيوخ العشائر) لإجبار المنتجين المباشرين على تسليم الفائض عن طريق الإجبار الاقتصادي. يلخص ماركس هذا التعريف في ملاحظاته حول أنماط الانتاج ما قبل الرأسمالية:
“[التراكم البدائي] هو مسار تاريخي يذوّب الأشكال المختلفة التي تكون فيها العمالة هي المالكة والعكس صحيح. أولاً وقبل كل شيء: 1) حل العلاقة مع الأرض […] 2) حل كل من العلاقات التي بموجبها لا يزال العمال أنفسهم، والوحدات الحية لقوة العمل جزءاً مباشراً من الظروف الموضوعية للانتاج وتكون مخصصة على هذا الشكل”. (46)
هذه العملية المحسوسة التي يعطيها التطور المتفاوت والمركب بداية كوسيلة تحليل لفهم الحالة الأردنية المناقشة في هذا الكتاب. (47) إن تعزيز التطور المتفاوت والمركب مع محتوى التراكم البدائي، كما فعل روبي شيليام، يوجه الحجة بعيداً عن الرأسمالية كنقطة نهائية غائية نحو الانتاج التاريخي لشروطها المسبقة، مع نتائج متغيرة. هذا التفاوت الموزع بين “المسار التاريخي” للحل ولإعادة البناء هي نقطة البداية لتتبع مسارات أي دولة ما بعد الكولونيالية- وهي مهمة تحدثت عنها حول الأردن في الفصلين الثالث والرابع من هذا الكتاب. يبحث الفصلان عن “العلاقة مع الأرض” وتفكك “الأشكال المختلفة التي يكون فيها العامل مالكاً والعكس صحيح” تحت تأثير محاولة وفشل الامبراطورية العثمانية في منافسة القوى الرأسمالية مثل بريطانيا وفرنسا. هذا المسار (الذي ينتج نوعاً معيناً من التطور المركب كما سأحدد أدناه) يقدم بعد ذلك وصفاً بديلاً لأصول التحالفات الجيوسياسية في الأردن. مع ذلك، عند تبني هذا النموذج من التطور المتفاوت والمركب، كظاهرة يمكن ملاحظتها عبر التاريخ ولكنها تعطي محتواها الفعلي من خلال ظهور العلاقات الرأسمالية، ألسنا نخاطر بنفس الغائية والأوروبية المركزية المنتقدة في الفصل السابق من هذا الكتاب؟ 
الإطار الموضح أعلاه، حيث يتكون موضوع التطور المتفاوت والمركب من الشرط المسبق للعلاقات الرأسمالية، وبالتالي يحاول تحديد الاختلافات بين الأمثلة الرأسمالية وما قبل الرأسمالية. بفعل ذلك، إن موقفي يقوم على مخاطر جدية. هذا هو الاتهام الذي وجهه عدد من النقاد (48) أن تقييد العمل الكامل بالتطور المتفاوت والمركب للحقبة الرأسمالية يعني بالتأكيد نظرة مركزية أوروبية لتاريخ العالم. (49) 





هذا النقد مخترق. لأنه إذا حصل التطور المتفاوت والمركب بشكل كامل فقط مع ظهور الرأسمالية وانتشارها في أوروبا من دون تاريخ “سابق للتركيب” خاص بها، من ثم يبدو المرء متروكاً مع المفهوم المعتاد النشط الذي يجتذب غير الأوروبي السلبي إلى الحداثة. مثل وجهة النظر هذه لا تمثل تقدماً عظيماً حول فكرة دولة خارج أوروبا كظاهرة غائبة مقارنة مع نظيرتها الأوروبية. سيفقد التطور المتفاوت والمركب إمكانية أن يكون بديلاً عن وجهات النظر الأورومركزية للتاريخ المعرّفة من قبل كامران ماتين كـ “بناء لفئات عامة بالاعتماد على تجربة أوروبية خاصة للحداثة”. (50)
ربما قدم جون هوبسون وغورميندر بامبرا وجهة النظر الأقوى ضمن هذا النقد. بامبرا حاجج تحديداً أن الأطر الأساسية للتطور المتفاوت والمركب التي تحتوي الاختلاف أو تستوعبها لا تزال تأخذ التجربة الأوروبية كنقطة انطلاق لها، (51) وهي حجة تجد صداها عند هوبسون، الذي يرى تقييد التطور المتفاوت والمركب بالحقبة الرأسمالية يؤدي إلى تطبيع (غير قصدي) ضمني للسلطة الأوروبية. (52) يحاجج هوبسون أن تفسير التطور المتفاوت والمركب، بشكل جزئي أو كامل، بالحقبة الرأسمالية يكرر “منطق التأصل الأورومركزي” الذي يحصل فيه انفجار الحداثة الفريدة في أوروبا ومن ثم يتوسع ليشمل مناطق أخرى من العالم المتروكة دون وكالة عن ذاتها. (53) الانتقال إلى الرأسمالية في أوروبا نفسها، يؤكد هوبسون، كان مثالاً على التطور المتفاوت والمركب حيث تنتقل الأفكار والتقنيات والتكنولوجيات من الشرق المتقدم إلى الغرب المتخلف. (54) لا يوجد “تركيب سابق في “أوروبا”. كذلك، يحاجج جمال بوراك تانسيل أن صورة إصلاحات التنظيمات العثمانية (التي أتناولها في الفصل الثالث من الكتاب) مدفوعة بسوط الضرورة الخارجية المتجاهلة الوكالة العثمانية عن ذاتها الواضحة تاريخياً. (55)
هناك الكثير ضمن هذه الانتقادات التي يمكن تقبله على أمل تطوير التحليل. وعلى نحو خاص، النقاط التي تشير إلى الانتقال الأوروبي إلى الرأسمالية نفسها قام على التطور المتفاوت والمركب ورفض الادعاءات الواسعة النطاق المعتبرة أن التحول الاجتماعي في نهاية السلطنة العثمانية نتج فقط من الوكالة الأوروبية قد جرى تقديمها على نحو جيد. (56) مع ذلك، كما يعترف هوبسون، هناك مجال لاجتماع المواقف في فهم التطور المتفاوت والمركب الرأسمالي كنسخة أعمق من المسار. (57) بالفعل، يمكن للإنسان الاعتراف بالطبيعة المركبة لانتقال أوروبا إلى الرأسمالية في حين يوافق كذلك أن هذا الانتقال قد حقق تحولاً نوعياً في طبيعة التطور المتفاوت والمركب نفسه. مثل هذه الخطوة ضرورية، كما أحاجج، إذا كان يجب الحفاظ على إمكانية نقد مناهض للأورومركزية: بسبب وجود فرق بين الاعتراف بواقع الهيمنة الأوروبية والتوسع الامبراطوري، بهدف شرحه، والتطبيع مع الظاهرة كنتيجة لتفوق أوروبي مفترض.
إذا لم يكن هناك فرق بين العالم قبل صعود الرأسمالية الأوروبية والعالم بعد ذلك، فلا داعي لنقد ما بعد كولونيالي أو مناهض للأورومركزية. إذا كان هناك من اختلاف، فيجب بالضرورة الإبقاء على فكرة التوسع الخارجي للقوة الأوروبية والاستغلال ببساطة كأساس للنقاش. كذلك، إن النقد القائل أن نسخة محددة من التطور المتفاوت والمركب غير مهتمة بالوكالة الأوروبية يجب أخذها بعين الاعتبار: مع ذلك يجب أن يكون هناك فرق في التجربة بين الإكراهات والقيود التي يواجهها المهيمن والتابع. هذا لا يعني تجاهل الوكالة غير الأوروبية إنما إعادة الاعتراف بأنه، ولأسباب قابلة للتفسير تاريخياً، كان لبعض الأشخاص تأثير أكبر على النتيجة من الآخرين. لو لم يكن هذا هو الحال، فلن يكون لدينا من جديد ما ننقده. إن فكرة التطور المتفاوت والمركب كظاهرة عابرة للتاريخ، إنما ظاهرة عمقتها الرأسمالية وحولتها، هي محاولة لتفسير هذه القدرة التفاضلية، وليس لتطبيعها. كيف أقترح القيام بذلك، وما تأثير المناقشة حتى الآن على مسألة العلاقات الدولية في الدولة الجنوبية؟





التطور المتفاوت والمركب وإشكالية الدولة الجنوبية
هكذا، أوصلتنا مناقشة التطور المتفاوت والمركب إلى دائرة كاملة، للعودة إلى مسألة الدولة في عالم الجنوب. كيف، من ثم، يساعد مفهوم التطور المتفاوت والمركب المتجسد في “التراكم البدائي تحت ظروف تاريخية مختلفة” على معالجة هذا السؤال؟ أحاجج أدناه، عند تقديم الإطار النظري الذي يبني بقية أجزاء الكتاب فإنه يفعل ذلك من خلال توجيه الانتباه وليس الافتقار المفترض للوكالة في عالم الجنوب (وخاصة في الشرق الأوسط) من خلال المقارنة مع الشمال، إنما إلى العمليات الملموسة للتطور المتفاوت والمركب المنتجة لآليات خاصة بالاندماج مع النظام الرأسمالي العالمي. على الرغم من اختلاف هذه الآليات، إلا أنها تمتلك في صلبها الانتشار المتفاوت لعملية التراكم البدائي. وهكذا تتكون خطوة أساسية في هذه الحجة من خلال العلاقة بين سيادة الدولة وهذا المسار.
إن النظرية الماركسية عن الدولة هي ساحة من الضروري المضي فيها بحذر. لم يتم حل هذه المشكلة التي طال أمدها، على الرغم من وجود كمية كبيرة من العمل الماركسي  حول الدولة. (58) من أهم الانتقادات للمادية التاريخية أنها تفتقر إلى نظرية متماسكة للدولة، ومتأرجحة بين رؤية الدولة كنتيجة تابعة لقاعدة اقتصادية أكثر جوهرية وكوسيلة للطبقة المستغلة ضمن تلك القاعدة، أو كضرورة اجتماعية (من وجهة نظر الطبقة المهيمنة) لتحديد الوظائف. (59) ينبغي الإشارة إلى أن هذه النقاشات تشير إلى الدولة الرأسمالية، ما يزيد من الانتقادات إلى أن الماركسية تفتقر إلى نظرية الدولة يمكن تطبيقها على مجتمعات غير رأسمالية وبالتالي على الطبيعة المحددة للتفاعلات بين الدول.
رغم ذلك، هل من الممكن تحويل الضعف الظاهر إلى ميزة للبحث؟ قد لا تؤسس المادية التاريخية ادعاءاتها على نظرية الدول بشكل عام، وبالتالي الافتراض أن الدول ستتصرف بطريقة معينة خلال أزمنة وثقافات ومناطق جغرافية معينة. مع ذلك، فقد طور المنظرون الماركسيون منظوراً تاريخياً للدولة، خاصة بما خص التمييز بين الدول في ظل العلاقات الرأسمالية وما قبل الرأسمالية. يسمح هذا التمييز بفهم أن الدول هي “بناء مجرد [لـ] […] مجموعة من المؤسسات والموظفين الذين يمتلكون الحق الحصري بالسلطة العامة (أو الاستعمال المشروع للقوة) داخل مجتمع إقليمي محدد” (60) هو في الواقع دخيل جديد إلى الشرق الأوسط، مع نتائج على العلاقات المتبادلة بين هذه “المجموعات” في المنطقة.
على الرغم من اختلاف وجهات النظر التاريخية عن الدولة اختلافاً كبيراً في العديد من الأمور، إلا أنها استقرت على تمييز أساسي للدولة الرأسمالية، وقد جرت الإشارة إليه في الأقسام السابقة من هذا الفصل. هو أن الحجة التي تقول إن الشكل الذي يتخذه الاستغلال في ظل الرأسمالية لا يعتمد على الاستعمال المباشر للقوة إنما على قوانين إعادة الانتاج التي ليست بالضرورة واضحة لأولئك الخاضعين لها. (61) علاقات القوة هي بالتالي منفصلة عن سيرورة الانتاج، وبالتالي يتجسد المجالان السياسي والاقتصادي كمجالين منفصلين عن الحياة الاجتماعية. (62) بذلك، عندما يجتمع الإكراه المنظم مع استغلال المنتجين المباشرين في أنماط ما قبل الرأسمالية، تحت الرأسمالية تكون منفصلة وتحمل اسماً تعطيه الإدارة الممؤسسة للإكراه هو “الدولة”، والاستغلال يكون اسمه “الاقتصاد”.





هذا الفصل هو وجه آخر بالضبط لتلك العملية التي المعروضة أعلاه على أنها موجودة في صلب التطور المتفاوت والمركب الرأسمالي: التراكم البدائي. أكثر من ذلك، هذا التغير يفرض حالة من نوع مختلف. الرأسمالية فريدة في الفصل بين المجال “السياسي” عن ذاك “الاقتصادي” وبالتالي خلق نظام عالمي من التفاعلات بين المجالات السياسية (الدول) المنفصلة ظاهرياً من العلاقات الاجتماعية للانتاج التي تقوم عليها: بحسب كلمات جوستين روزنبرغ، “تكمن الخصوصية البنيوية لسيادة الدولة بـ”تجريدها” من المجتمع المدني- هو تجريد يمثل المجال الخاص للسوق وبالتالي لا ينفصل عن علاقات الانتاج الرأسمالية”. (63) في هذه الحجة (المقدمة عند هذا المستوى على نحو مجرد) تأتي “الجيوسياسية” المنفصلة عن “الاقتصاد” مع الرأسمالية لأن الرأسمالية تنتج “سياسات” منفصلة عن استخراج فائض القيمة. (64) وقد انتقد هايد غيرستينبرغر هذه الحجة لأنها تهدف إلى الفصل بين المجالات السياسية والاقتصادية في حقبة ما قبل الرأسمالية، عندما كان هذا الفصل قائماً من خلال ممارسات تاريخية متنوعة، من ضمنها تلك الممارسات التي جعلت مفاهيم مثل مصالح الطبقة والصراع الطبقي ممكنة. (65) مع ذلك، المنطق الأساسي لهذه الحجة يبقى نفسه، وقد عبر عنه غيرستينبرغر بشكل واضح نفسه في عمل سابق له “تكوين الشكل البرجوازي للدولة هو تاريخياً نتاج التراكم البدائي”، والذي يفهم على أنه “بلترة جزء كبير من السكان وتراكم مفرط للرأسمال”. (66)
كيف يمكن تحويل هذا الادعاء المجرد إلى وصف بديل لدولة الجنوب (وخاصة الشرق الأوسط)؟ إن نقطة الانطلاق هي في رؤية الدولة الرأسمالية كما جرى تبنيها، من خلال التقليد أو الغزو في الأماكن التي أقيمت فيها في السابق علاقات الانتاج الاجتماعية المختلفة: علاقات الانتاج حيث جرى توحيد قوى الإكراه والاستخراج الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى تكوين مركب له دينامياته ومساراته. سأستعمل هذا الجانب من الإطار في الفصلين الثالث والرابع لشرح الحالة الأردنية.
يوفر القيام بذلك ميزة على نظريات التوازن الشاملة التي راجعتها في الفصل السابق. ضمن هذه النظريات، يجرى وضع دولة ما بعد الكولونيالية ضمن سلسلة متواصلة من “الدولتية” (67) والتي يمثل المثال الأورو-أطلسي نموذجها كمركز قوة شرعي. من الإنجاز غير الكافي لدولة ما بعد الكولونيالية لهذا المثال، ومن ثم انفصالها عن المجتمع الذي تحكمه، تتأتى ضرورة “التوازن” بين الأعداء الخارجيين والداخليين. (68) سلوك الدولة بذلك يُفسَر من خلال مقارنة سلبية مع نموذج “متقدم”- مثلا- مع اكتساب مؤسسات الدول العربية المزيد من الاستقلالية الذاتية والشرعية، فإنها بالتالي تتلاءم على نحو متزايد مع نموذج “الواقعية الجديدة” للسلوك الخارجي. (69) إطاري النظري، بدلاً من ذلك، يفسر سلوك الدولة من خلال تفحص كيف أن الدولة العربية ما بعد الكولونيالية (في هذه الحالة الأردن) هي جزء لا يتجزأ من مجتمع يختلف جوهرياً وليس سلبياً عن المثال الأوروبي.
ماذا سيكون جوهر هذا الاختلاف، عناصر الإطار النظري التي تبني التحقيق؟ إنهم يعتمدون، كما أقترح، على حساب شامل لـ”التركيب” وآلياته. يشير تروتسكي، بشكل عام ومختصر، إلى “تجميع المراحل المختلفة للمسار، تركيب مراحل منفصلة، ومزيج من الخطوات المنفصلة مع المزيد من الأشكال المعاصرة”. (70) وكما أفسر أدناه، مفهوم التركيب يشبه كثيراً فكرة “تمفصل أنماط الانتاج” التي كانت أيضاً مستعملة لتحليل الدولة العربية. (71) لا ينبغي النظر إلى هاتين المقاربتين على أنهما متناقضتان: بدلاً من المقاربة “التمفصلية”، خاصة ضمن أعمال الأنثروبولوجيين في “اقتصاديات الأنثروبولوجيا” مثل بيار فيليب ري وكلود مياسو، المقدمة لأمثلة لكيفية سد فراغ مقاربة تروتسكي الشاملة.





من الواضح تماماً أن الأردن، والكيانات التي سبقته، يختلف بشكل كبير عن التطور المتفاوت والمركب الكلاسيكي في حالة روسيا مثلا. لم تستعمل “مزايا التخلف” بهدف المضي قدماً في تطور كمي. مع ذلك، فقد جرى دمجه ضمن نظام عالمي محدد، اقتصاد عالمي قائم على العلاقات الاجتماعية الرأسمالية. إن محاولات تقليد أو فرض هذه العلاقات (التراكم البدائي) و”تركيب” بعض العلاقات الاجتماعية (العشائر كما ناقشناه في الفصل الثالث) داخل التشكيل الاجتماعي وبين الاقتصاد العالمي الرأسمالي ومن خلال آلية خاصة للتركيب. هذا النوع من التركيب لا يلزم أن يكون آلية سوق (مثلاً، تصدير المحاصيل، ومحركات التصنيع وسوى ذلك). في الواقع، إن قيمة استعمال فكرة التركيب هي التي تسمح لنا برؤية العلاقات الاجتماعية غير الرأسمالية أو غير السوقية للانتاج مركبة مع الاقتصاد العالمي الرأسمالي.
الفكرة التي تقول إن نوعين أو أكثر من أنماط الانتاج يمكن أن تتعايش وتترابط في تكوين اجتماعي واحد، (72) قد جرى استعمالها بالفعل في التحليل الشامل للدولة في العالم العربي من قبل نزيه أيوبي. (73) يقوم عمل أيوبي على نقاش مكثف للأدبيات الماركسية. (74) الحجة الأساسية هي:
“غالباً ما لا تكون أنماط الانتاج في الشرق الأوسط غير فريدة أو أحادية الأبعاد إنما مفصلة (مثلاً يمكن لنمطين أو أكثر التعايش والترابط)؛ في العديد من التشكيلات الاجتماعية في الشرق الأوسط، هناك القليل من التطابق بين الأمثلة وتمظهرات القوة البنيوية في المجتمع. (75)
بالتالي، إن التمييز بين “التركيب” و”التمفصل” هو تمييز ضئيل جداً. ويمكن النظر إليهما فعلياً على أنهما نفس الظاهرة. تتجسد ميزة استعمال مصطلح “التطور المتفاوت والمركب” في أنه يوجه وجهتنا إلى أصل التركيب في التطور الرأسمالي المتفاوت ويسمح لنا بتحديد آليات التركيب الخاصة.
يتبع أيوبي لاكلاو وموف في تعريف التمفصل على أنه “ممارسة تؤسس علاقة بين العناصر  بحيث يجرى تعديل هويتها كنتيجة لممارسة تمفصلية”. (76) وهذا تعريف واسع بدلاً منه: في أعماله المبكرة يشير لاكلاو إلى “أنظمة اقتصادية” تتكون بواسطة “تمفصلات أنماط الانتاج”. (77) ومن الانتقادات لمفهوم التمفصل هو أنه واسع حول طبيعة الهيمنة أو هيمنة نمط انتاج على آخر. (78) يحدد أيوبي العلاقة من خلال الاسترشاد بفكرة ألتوسير حول “مستويات مختلفة من المجموع الاجتماعي”، أيديولوجياً واقتصادياً أو قسرياً، والتي قد تكون بعد ذلك حالة “تفكك” بين بعضها البعض. (79) يتبنى أيوبي هذه المقاربة للمحاججة أن نمط الإنتاج في الدولة العربية والإكراه والموافقة، مفككة أو غير متوافقة. (80) بالتالي يجد الإنسان “تمفصلاً بين […] العناصر الثقافية لنمط الانتاج ما قبل رأسمالي (مثل الإقطاعي وحتى العبودي) من الإكراه والإقناع”. (81) وكنتيجة، تكون الدولة غير قادرة على لتحريك الكتلة التاريخية (أخذ أيوبي هذا المصطلح من غرامشي)، وباتت شرسة إنما هشة في علاقاتها مع المجتمع الداخلي و”المتداولين” (أي إعادة توزيع الإيرادات المكتسبة من الخارج) في علاقاته الخارجية. (82)





وهكذا يمكن أن يميز التعبير التفمصلي جميع الحقبات والتشكيلات الاجتماعية، مسجلاً الفرق بين أنماط الانتاج المتصورة في التكوين الاجتماعي المجرد والتكوين الاجتماعي المحسوس الذي تعمل فيه علاقات انتاج محددة. (83) التركيب، مع ذلك، هو جزء صغير من التمفصل وحيث واحدة من أنماطه- وعلى ما يبدو أن العلاقات الرأسمالية تستحوذ على هذه الخاصية- تدفع التحولات المتتالية وإعادة تكوين الآخر. بالتالي إن التطور المتفاوت والمركب يعتمد على استعمال أيوبي للتمفصل من خلال تحديد دينامية محددة للرأسمالية التي تعطينا نقطة البداية للتحليل. نقطة البداية تلك، كما حاججت سابقاً، هي محاولة تقليد أو فرض (مع نتائج مختلفة) لمسار التراكم البدائي. يعرض التكوين المركب آليات محددة من التركيب بين العلاقات الاجتماعية الموجودة سلفاً والنظام الرأسمالي العالمي من خلال النتائج المتناقضة للتراكم البدائي. هذا الوصف يقوم على أعمال تروتسكي وأيوبي ولكن كيف ينطبق على الأردن؟ الأدوات المناسبة لملء هذا الجزء “المركب” من الصورة الأردنية يمكن إيجادها في أعمال الأنثروبولوجيين العاملين على مقاربة التفمصل، مثل كلود مياسو وبيار فيليب ري.
وضع “علماء الأنثروبولوجيا الاقتصادية” الجدد فكرة تمفصل أنماط الانتاج للعمل في أبحاثهم حول غربي أفريقيا. توفر النتائج رؤية لحالة الأردن. الحجة الأساسية في الدرجة الأولى عند ري بما خص الكونغو هي أن العلاقات ماقبل الرأسمالية لنمط “السلالي” للانتاج متشابكة مع علاقات نمط الانتاج الرأسمالي تبعاً لحقبات توسع الرأسمالية.
يدعي ري أن نمط السلالي يتألف من فئتين- الصغار والكبار- يقومان إلى حد كبير بالانتاج داخل أسرهم ولكنهم يستخرجون فائضاً من خلال تبادل النساء والعبيد. (85) وبالتالي إن الشروط المسبقة للرأسمالية ضمن شكل عمالة حرة من الإكراه على الانتاج ووسائل القيام بذلك ليست مولدة وحسب لهذا النمط. مع توسع علاقات الانتاج الرأسمالية لحقها “رابط أولي في مجال التبادل، حيث التفاعل مع الرأسمالية يعزز النمط ماقبل الرأسمالي” ومن ثم مرحلة “تتجذر” فيها الرأسمالية، خاضعة لنمط ما قبل رأسمالي لكنها تستمر باستعمالها. (86) أجبرت المرحلة الكولونيالية على تغيير علاقات الأنساب بهدف أن تكون قادرة على تشغيل العمالة وزيادة دخول السلع الأوروبية وقد أدى ذلك إلى ظاهرتين: إعادة تشكيل الشيوخ كمحاورين للسلطة الكولونيالية من جهة، وتحويل المهر إلى نقود (وسائل تداول عمل النساء غير الحر، وتدمير تداول عمالة الذكور من خلال إلغاء العبودية)، من جهة أخرى. (87) هذا ما أدى، يحاجج ري، إلى “قبلنة” السياسات الكونغية.
ما هو مهم هنا ليس محتوى ادعاءات ري ومياسو عن مجتمعات الكونغو وغربي أفريقيا إنما بنية هذه الحجة. يحدد ري شكلاً تاريخياً محدداً لتداول الفائض الاقتصادي في ظل نمط الانتاج السلالي- سعر العروس- الذي يحول ويعيد تشكيل مسار التراكم البدائي. هذا المسار يديره شيوخ نمط الأنساب المندمج ضمن الدولة الكولونيالية، مع نتائج لاحقة على مسارها التاريخي. وقد تكون الادعاءات بشأن النمط السلالي في أفريقيا صحيحة أو لا: تكمن مساهمة الأنثروبولوجيا الاقتصادية الفرنسية هنا في تقديم خريطة لكيفية عمل التركيب. وباتباع نموذج ري، أبحث عن الآليات الاستخراجية لنمط الانتاج ما قبل الرأسمالي التي أعيد تشكيلها أو تحويلها أو استبدالها بمسار التراكم البدائي. وهذا ما يؤدي إلى الافتراضات التي تناولتها في الفصلين الرابع والخامس: إن نهاية نظام الخوة حول العلاقات الاجتماعية في الأراضي الأردنية وإن إدماج جباة الخوة ضمن الدولة الكولونيالية البريطانية أنشأ آلية تركيبية من خلال الدعم البريطاني. كان هذا الدعم يومها موضوع نضالات لاحقة حول الاصطفافات الدولية في الأردن، والتي دارت على أساس القوى الاجتماعية التي أنتجها التاريخ السابق للتطور المركب.





كما تأثر أيوبي براي ومياسو في توصيفه لعلاقات ما قبل الرأسمالية في العالم العربي بين المجموعات البدوية كنمط سلالي للانتاج. (88) في الفصل المقبل أقترح أن تلك العلاقات هي من الأفضل تمييزها كعلاقات قبلية، ولكن ذات طبيعة متصدعة بسبب العوامل الطوبوغرافية والمناخية للمنطقة موضع السؤال. مع ذلك، ينبغي تفسير أكثر لفكرة “النمط السلالي للانتاج” وهو أمر مفيد هنا لأنه يعالج مسألة مهمة مطروحة في هذا الكتاب وفي بقية الأدبيات حول الموضوع: “العشيرة” يجب على المرء أن يكون قادراً على توصيف التنظيمات الاجتماعية مثل الحويطات أو بني صخر، التي تظهر في لحظات حاسمة مُناقشة في الأجزاء التأريخية من هذا الكتاب والتي يشار إليهما باللغة العربية كقبائل أو عشائر. لكن القيام بذلك يتضمن خطر الانزلاق إلى قبول بفئات الإداريين الكولونياليين، المترافقة مع جرعات سخية من الافتراضات حول الطبيعة “القبلية” المتأصلة للعقل العربي. (89) قد ينتهي الأمر كذلك بالدمج بين ممارسة الترحال البدوي، وشكل التنظيم الاجتماعي للعشيرة والهوية العشائرية. (90) ويضاف إلى الصعوبة، سردية العشيرة والهوية العشائرية المستعملة من قبل فاعلين معنيين بما يتبع ذلك وهي ظاهرة مشتركة على امتداد العالم العربي، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت المقاربة المادية التاريخية غير المستندة إلى مثل هذه الفئات هي مناسبة لتحليلنا.
النقطة الأولى التي يجب ملاحظتها هي أن العشيرة هي لغة القرابة في التنظيم الاجتماعي، إلا أنها ليست علاقة وراثية أو بيولوجية. يستعمل مياسو مفهوم نمط السلالي للانتاج في السياق الأفريقي المصمم لإزالة “الأحكام المسبقة التخيلية” عن القبيلة. (91) يدعي أيوبي أن النمط السلالي للانتاج متمفصل مع العلاقات الرأسمالية مثل “الجوانب القسرية أو المقنّعة “للنمط السلالي للانتاج” في البقاء حتى عندما تكون القاعدة الاقتصادية (الرعوية) لمثل هذا النمط قد تراجعت أو اختفت” (92) هي مهمة لأنها قريبة جداً من حجتي. يصف أيوبي النمط السلالي كواحد يحصل فيه تحديد الأدوار الاجتماعية من خلال علاقات الدم النظرية، ومن ثم القبلية. (93) يعترف ري ومياسو بأن السلالة ليست علاقات بيولوجية إنما هي بنى أيديولوجية للعلاقات الاجتماعية يمكن أن يندمج فيها أشخاص ليسوا مترابطين بيولوجياً مع الآخرين. بدلاً من ذلك، “القرابة تعبر عن العلاقة الاجتماعية والتي تشكل أساس التماسك الاجتماعي ولكنها ليست الأساس نفسه”. (94) يحاجج ري أن القبيلة أو السلالة أو العشيرة، تعمل كوحدة انتاج على الأرض لا يمكن الاستغناء عنها عن طريق التبادل أو الحرب.(95) كذلك هو الأمر بالنسبة للقبائل المناقشة في هذا الكتاب. وكما يعترف أيوبي، الناس المنتمين إلى نفس القبيلة ليسوا منبثقين من نفس السلف، كما أن ادعاءاتهم بالتشارك بالدم، هي طريقة خاصة للمطالبة بـ”حصة من العمل الاجتماعي”. (96)
بالتالي، إن أفضل تصور للقبيلة كـ”وحدة عيش” تنظم الوصول إلى الموارد الانتاجية مثل المراعي. (97) علاقات القرابة التي تُدَّعى أنها أساس القبيلة هي جزء من البنى التحتية التنظيمية، تعين بعض المجموعات المسؤولة عن الدفع أو التلقي من القبيلة. (98) غالباً ما يكون دافعو الجزية عبارة عن مجتمعات مستقرة من المنتجين المباشرين والمتلقين هم البدو أو أشباه البدو الذين يمارسون تربية الحيوانات داخل الأسر الفردية ويتلقون الجزية. (99) تلك ليست علاقات لنمط انتاجي فريدة من نوعها إنما هي مثال خاص حول كيفية تآكل العلاقات السلالية وتقسيمها إلى أجزاء أصغر حيث يجرى إحباط وحدة القوة القسرية التي قامت بسبب الظروف المناخية والتضاريسية الصعبة. إن إضافة هذا التصور المفاهيمي لعلاقات ما قبل الرأسمالية في الأردن، بناء على نهج ري ومياسو، يقود انتباهنا نحو تركيب تلك العلاقات ضمن الاقتصاد الرأسمالي العالمي على وجه خاص انهيار نظام الخوة واستبداله بالدعم البريطاني.

خلاصة
سعى هذا الفصل إلى استخلاص كيف يمكن للتطور المتفاوت والمركب أن يوفر بديلاً لعلم الاجتماع التاريخي عن تلك التي تفترضها سرديات العلاقات الدولية لعالم الجنوب والتي انتقدتها في الفصل الأول. على وجه خاص، ومن خلال الانخراط في النقاشات حول التطور المتفاوت والمركب بصفته نظرية للعلاقات الدولية، أعدت فكرة التراكم البدائي كأداة لفهم دقيق للتطور المتفاوت والمركب الرأسمالي. إن فصل العمالة عن القوة الإكراهية الآخذة للفائض والوسائل التي يجرى عبرها تنفيذ الانتاج المستقل يأتي ليشكل، من خلال مسار تاريخي ظاهر من التقليد والفرض، السر الداخلي للتطور المتفاوت والمركب. لا تبلغ نتائج التراكم البدائي بالضرورة نموذجاً مثالياً من العمالة الحرة في السوق الرأسمالي إنما يتفاعل مع العلاقات الاجتماعية لإنتاج تشكيل اجتماعي مركب، تتغذى مساراته الاجتماعية والسياسية بعد ذلك من العلاقات الدولية. هذا كما اقترحت، كان هو الحال في الأردن، حيث انوجدت أصول الجيوسياسية الغربية في إعادة البناء الخارجي للعلاقات الاجتماعية للرعاة الذين انهار اقتصادهم القائم على الجزية خلال فترة الانتداب البريطاني، الأمر الذي عكس التطورات السابقة التي كانت تحصل في ظل الحكم العثماني. هذا الادعاء، هو حتى الآن دون وجود مادة تجريبية لدعمه، ننتقل الآن إلى هذه المهمة [الفصل الثالث وما يليه].

الهوامش:
1. This is a refined version of the previous position offered by in Jamie C. Allinson and Alexander Anievas, ‘The uses and misuses of uneven and combined development: an anatomy of a concept’, Cambridge Review of International Affairs 22/1 (2009), pp. 47–67 and ‘Beyond political Marxism: their politics and ours’, in Alexander Anievas (ed.), Marxism and World Politics: Contesting Global Capitalism (London: Routledge, 2010), pp. 197–214.





2. John M. Hobson, ‘What’s at stake in the neo-Trotskyist debate? Towards a Non-Eurocentric historical sociology of uneven and combined development’, Millennium 40/1 (2011), pp. 147–66, p. 155.
3. Michael Lowy, The Politics of Combined and Uneven Development: The Theory of Permanent Revolution (London: New Left Books, 1981), pp. 3–5.
4. Isamal-Khafaji, Tormented Births: Passages to Modernity in Europe and the Middle East (London: (I.B.Tauris, 2004), p. 42.
5. Karl Marx and Friedrich Engels, The German Ideology, Student Edition (London: Lawrence and Wishart, 1999), p. 58.
6. Karl Marx, Capital I, trans. Ben Fowkes, 2nd edn (London: Penguin, 1990), p. 290.
7. Karl Marx, Capital II (London: Penguin, 1977).
8. Lowy, The Politics of Combined and Uneven Development, pp. 23–4.
9. Karl Marx, ‘Pathways of social development: a brief against suprahistorical theory’, in Hamza Alavi and Teodor Shanin (eds), Introduction to the Sociology of ‘Developing Societies’ (London: Macmillan, 1982), pp. 109–11, p. 110.
10. Karl Marx, Capital III, trans. Ben Fowkes,2nd edn (London: Penguin, 1990),
pp. 290 and 927.
11. Ibid., Capital I, p. 727.
12. Justin Rosenberg, The Empire of Civil Society: A Critique of the Realist Theory of International Relations (London: Verso, 1994), p. 162.
13. Fred Halliday, Rethinking International Relations (London: Macmillan, 1994), p. 59.
14. Charles Tilly, Big Structures, Large Processes, Huge Comparisons (New York: Russell Sage Foundation, 1982), p. 11.

15. Alex Callinicos, Imperialism and Global Political Economy (London: Polity, 2009), p. 34.
16. Karl Kautsky,‘Ultra-Imperialism’,Die Neue Zeit 32(September 1914). Available at https://www.marxists.org/archive/kautsky/1914/09/ultra-imp.htm (accessed 20 April 2015) Vladimir Illyich Lenin, Imperialism: The Highest Stage of Capitalism. A Popular Outline [1915] (London: Penguin, 2010) Nikolai Bukharin, Imperialism and World Economy [1917] (New York: Monthly Review Press, 1973).
17. For example, Nigel Harris, ‘All praise war!’, International Socialism 102 (2004). Available at http://pubs.socialistreviewindex.org.uk/isj102/harris.htm (accessed 22 March 2015) Hannes Lacher, ‘Making sense of the international system the promises and pitfalls of contemporary Marxist Theories of International Relations’, in Mark Rupert and Hazel Smith (eds), Historical Materialism and Globalisation (London: Routledge, 2002), pp. 147–64 Hannes Lacher and Benno Teschke, ‘The changing “logics” of capitalist competition’, Cambridge Review of International Affairs 20/4 (2007), pp. 565–80 William Robinson, ‘Beyond the theory of imperialism: capitalism and the transnational state’, Societies Without Borders 2/1 (2007), pp. 5 – 26 Sam Ashman and Alex Callinicos, ‘Capital accumulation and the state system: assessing David Harvey’s The New Imperialism’, Historical Materialism 14/4 (2006), pp. 107–33 Alex Callinicos, ‘Does capitalism need the state system?’, Cambridge Review of International Affairs 20/4 (2007), pp. 533–49 and Imperialism and Global Political Economy David Harvey, The New Imperialism (Oxford: Oxford University Press, 2003).
18. With some exceptions in Rosa Luxemburg’s argument that a non-capitalist ‘outside’ was necessary for capitalism (Rosa Luxemburg, The Accumulation of Capital (London: Routledge & Kegan Paul, 2003), p. 330.
19. Leon Trotsky, History of the Russian Revolution, trans. Max Eastman (London: Pluto Press, 1997), p. 25.
20. Justin Rosenberg, ‘Why is there no international historical sociology?’, European Journal of International Relations 12/3 (2006), pp. 307–40, p. 324.
21. Leon Trotsky, The Permanent Revolution and Results and Prospects,3rd edn (New York: Pathfinder Press, 1972), p. 38.

22. Justin Rosenberg, ‘International Relations: the higher bullshit: a reply to the globalization theory debate’, International Politics 44/4 (2007), pp. 450–82, p. 456.
23. Trotsky, The Permanent Revolution, p. 19.
24. Leon Trotsky, The 3rdInternational after Lenin (London: -union- Books,2008) ,p.19.
25. Trotsky was no stranger to the pejorative terms of his time and his writings present a plethora of early twentieth century usages that we would rightly consider Eurocentric. However, as this chapter argues, the content of UCD (and, one might add, Trotsky’s political practice) work against this tendency.
26. Trotsky, History of the Russian Revolution, p. 33.
27. Trotsky, The Permanent Revolution, p. 41.
28. Baruch Knei-Paz, The Social and Political Thought of Leon Trotsky (Oxford:
Oxford University Press, 1978), p. 73.
29. Lowy, The Politics of Combined and Uneven Development, p. 1.
30. Trotsky, History of the Russian Revolution, p. 27.
31. Eric Wolf, Europe and the People without History (Los Angeles: University of
California Press, 1997).
32. For example, Kamran Matin, Recasting Iranian Modernity: International Relations and Social Change (London: Routledge, 2013) and ‘Redeeming the universal: postcolonialism and the inner life of Eurocentrism’, European Journal of International Relations 19/2 (2013), pp. 353–77 Kerem Nisancioglu, ‘The Ottoman origins of capitalism: uneven and combined development and Eurocentrism’, Review of International Studies 40/2 (2014), pp. 325–47 Alex Anievas and Kerem Nisancioglu, How the West Came to Rule (London: Pluto Press, 2015).
33. Rosenberg, ‘Why is there no international historical sociology?’, p. 316.

34. Ibid., p. 320.
35. Ibid., p. 324.
36. Ibid.
37. For example, Kamran Matin ‘Uneven and combined development in world history: the international relations of state-formation in premodern Iran’, European Journal of International Relations 133/3 (2007), pp. 419–47, ‘Lost in translation: modernity, “the International” and the making of “Revolutionary Islam” in Iran’, paper given at the Modernity and Global Social Hierarchies Workshop, Cornell University, 2009, Recasting Iranian Modernity and ‘Redeeming the universal’ Luke Cooper, ‘Explaining the paradox of market reform in communist China: the uneven and combined development of the Chinese Revolution and the search for “national salvation”’, PhD thesis, University of Sussex, 2013 Hobson, ‘What’s at stake in the neo-Trotskyist debate?’.
38. Anievas and Nisancioglu, How the West Came to Rule, passim.
39. John Glenn, ‘Uneven and combined development: a fusion of Marxism and structural realism’, Cambridge Review of International Affairs 25/1 (2012), pp. 75–95.
40. Neil Davidson, ‘China: unevenness, combination, revolution?’, in Bill Dunn and Hugo Radice (eds), 100 Years of Permanent Revolution: Results and Prospects (London: Pluto, 2006), pp. 211–29, p. 211.
41. Ibid., pp. 211–14.
42. Hobson, ‘What’s at stake in the neo-Trotskyist debate?’, pp. 159 – 62 Anievas and Nisancioglu ‘What’s at stake in the transition debate? Rethinking the origins of capitalism and the “Rise of the West”’, Millennium Journal of International Studies 42/1 (2013), pp. 78–83.
43. This section draws upon an earlier argument made with Alex Anievas – see Allinson and Anievas, ‘The uses and misuses of uneven and combined development’. I respond to (and gratefully acknowledge) the critiques of our position in the following section.

44. Robbie Shilliam,‘Hegemony and the unfashionable problematic of “primitive accumulation”’, Millennium 33/1 (2004), pp. 59–88.
45. The notion of accumulation by dispossession, which has come to enjoy a wide currency through its prominence in the works of Marxist political economists such as Silvia Federici (Caliban and the Witch: Women, the Body and Primitive Accumulation (New York: Autonomedia, 2004)) and David Harvey (The New Imperialism) merges these two versions of primitive accumulation, referring to a current and ongoing transformation of previously common resources into private sources of value.
46. Karl Marx, Pre-Capitalist Economic Formations (London: Lawrence and Wishart, 1978), pp. 97–8.
47. Mandy Mary Turner, ‘The expansion of international society?: Egypt and Vietnam in the history of uneven and combined development’, PhD thesis, London School of Economics, 1999, presents a similar argument for Egypt.
48. Gurminder K. Bhambra, ‘Talking among themselves? Weberian and Marxist historical sociologies as dialogues without “others”’, Millenium Journal of International Studies 40/1 (2011), pp. 667–81 Hobson ‘What’s at Stake in the Neo-Trotskyist Debate’ Burak Cemal Tansel, ‘Deafening silence? Marxism, international historical sociology and the spectre of Eurocentrism’, European Journal of International Relations (14 March 2014). Available at http://ejt. sagepub.com/content/early/2014/03/19/1354066113514779.abstract (accessed 22 March 2015).
49. For example, Hobson, ‘What’s at stake in the neo-Trotskyist debate?’ Bhambra, ‘Talking among themselves?’ Tansel, ‘Deafening silence?’.
50. Matin, Recasting Iranian Modernity, p. 2. Emphasis in original.
51. Bhambra, ‘Talking among themselves?’, p. 679.
52. John M. Hobson,‘Back to the future of “one logic´-or-two”:forward to the past of “anarchy versus racist hierarchy”?’, Cambridge Review of International Affairs 20/4 (2007), pp. 581–97, p. 593.
53. Hobson, ‘What’s at stake in the neo-Trotskyist debate?’, pp. 11–12.
54. Ibid., pp. 13–14.
55. Tansel, ‘Deafening silence?’, pp. 20–2.
56. Here I would gratefully acknowledge these authors for causing me to revise earlier mistaken positions, especially in Allinson and Anievas, ‘Beyond political Marxism’ and ‘The uneven and combined development of the Meiji Restoration’.
57. Hobson, ‘What’s at stake in the neo-Trotskyist debate?’, p. 21.
58. Heide Gerstenberger, Impersonal Power: History and Theory of the Bourgeois State, trans. David Fernbach (Leiden and Boston: Brill, 2007) John Holloway and Sol Picciotto, ‘Introduction: towards a materialist theory of the state’, in John Holloway and Sol Picciotto (eds), State and Capital: A Marxist Debate (London: Edward Arnold, 1978), pp. 1–31 Bob Jessop, The Capitalist State (Oxford: Martin Robertson, 1982) Goran Therborn, What Does the Ruling Class Do When It Rules? (London: Verso, 2008) Ellen Meiksins Wood, ‘The separation of the economic and the political in capitalism’, New Left Review 1/127 (May –June 1981).
59. Jessop, The Capitalist State, p. 20.
60. Nazih Ayubi, Overstating the Arab State: Politics and Society in the Middle East (New York: St Martin’s Press, 1995), p. 30.
61. Holloway and Picciotto, State and Capital, p. 31.
62. Ibid. see also Jessop, The Capitalist State Rosenberg, The Empire of Civil Society
Wood, ‘The separation of the economic and the political’.
63. Rosenberg, The Empire of Civil Society, p. 123.
64. Ibid., p. 83.
65. Gerstenberger, Impersonal Power, pp. 15–20.
66. Heide Gerstenberger, ‘Class conflict, competition and state -function-s’, in Holloway and Picciotto, State and Capital, pp. 148–59, p. 155.
67. John P. Nettl, ‘The state as conceptual variable’, World Politics 20/4 (1968), pp. 559–92, p. 562.
68. Stephen R. David, ‘Explaining Third World alignment’, World Politics 43/2 (1991), pp. 233–56, p. 235.
69. Malik Mufti, Sovereign Creations: Pan-Arabism and Political Order in Syria and Iraq (Ithaca, NY: Cornell University Press, 1996), p. 8.
70. Trotsky, History of the Russian Revolution, p. 27.
71. Ayubi, Overstating the Arab State, pp. 24–8 Brewer, 1990: 225–40.
72. This is quite a different view from, for example, Hamza Alavi, who sees modes of production as only ever being in contradiction within a social formation, requiring therefore the concept of a ‘colonial mode of production’ to characterise the coercive processes of primitive accumulation in the Global South. See Hamza Alavi, ‘The structure of peripheral capitalism’, in Hamza Alavi and Theodor Shanin (eds), Introduction to the Sociology of ‘Developing Societies’ (London: Macmillan, 1982), pp. 187–9.
73. Ayubi, Overstating the Arab State, p. 26.
74. Hamza Alavi, Peter L. Burns, G. Roger Knight, Peter B. Mayer and Doug McEachern (eds), Capitalism and Colonial Production (London: Croom Helm, 1982) Aidan Foster-Carter, ‘The modes of production controversy’, New Left Review 1/107 (1978). Available at http://www.newleftreview.org/?view1� (accessed 15 October 2010) Ernesto Laclau, Politics and Ideology in Marxist Theory: Capitalism, Populism, Fascism (London: New Left Books, 1977) Harold Wolpe, ‘Introduction’, in Harold Wolpe (ed.), The Articulation of Modes of Production: Essays from Economy and Society (London: Routledge & Kegan Paul, 1980), pp. 1–43.
75. Ayubi, Overstating the Arab State, p. 26.
76. Ibid., p. 28.
77. Laclau, Politics and Ideology, p. 42.
78. Wolpe, ‘Introduction’, p. 36.
79. Louis Althusser and Etienne Balibar, Reading Capital,2nd edn (London:Verso, 2009), p. 110.
80. There seems to be a close resemblance here between Ayubi’s articulation and non-correspondence and Kamran Matin’s pioneering application of uneven and combined development to the pre-modern Iranian state. Matin sees ‘a combination of different forms of authority (corresponding to different modes of socioeconomic organisation) ruling over a particular geopolitical space within which they related to the (pre-existing) social reproductive texture without (necessarily) transforming [. . .] the actual process and organisation of labour and/or the basic forms and mechanism of surplus extraction’ Matin, ‘Uneven and combined development in world history’, p. 429.
81. Ayubi, Overstating the Arab State, p. 27.
82. Ibid., p. 25.
83. Samir Amin, Unequal Development: An Essay on the Social Formations of Peripheral
Capitalism (New York: Monthly Review Press, 1976), pp. 16–17 Anthony Brewer, Marxist Theories of Imperialism: A Critical Survey, 2nd edn (London: Routledge, 1990), pp. 223–31 Foster-Carter, ‘The modes of production controversy’.
84. George Dupre ́ and Pierre-Philippe Rey, ‘Reflections on the pertinence of a theory of the history of exchange’, in Harold Wolpe (ed.), The Articulation of Modes of Production: Essays from Economy and Society (London: Routledge & Kegan Paul, 1980), pp. 128–60, p. 141.
85. Ibid., pp. 142 – 3 Claude Meillassoux, Maidens, Meal and Money: Capitalism and the Domestic Community (Cambridge: Cambridge University Press, 1981), p. 81.
86. Foster-Carter, ‘The modes of production controversy’.87. Brewer, Marxist Theories of Imperialism, p. 250.88. Ayubi, Overstating the Arab State, pp. 53–4.
89. See Linda Layne, Home and Homeland: The Dialogics of Tribal and National Identities in Jordan (Princeton, NJ: Princeton University Press, 1994) Joseph Massad, Colonial Effects: The Making of National Identity in Jordan (New York: Columbia University Press, 2001) Andrew Shyrock, Nationalism and the Genealogical Imagination: Oral History and Textual Authority in Tribal Jordan (Los Angeles, CA: University of California Press, 1997).
90. Dale F. Eickelman, The Middle East and Central Asia: An Anthropological Approach, 4th edn (Upper Saddle River, NJ: Prentice Hall, 2002), p. 66.
91. Meillassoux, Maidens, Meal and Money, p. x.
92. Ayubi, Overstating the Arab State, p. 28.
93. Ibid., p. 51.
94. Dupre ́ and Rey, ‘Reflections’, p. 142.
95. Ibid., p. 144.
96. Ayubi, Overstating the Arab State, p. 53.
97. Marx, Capital II, p. 344.
98. Ibid., pp. 353–6.
99. Eickelman, The Middle East and Central Asia, p. 71 Eugene L. Rogan, ‘Bringing the state back: the-limit-s of Ottoman Rule in Jordan 1840 – 1910’, in Eugene L. Rogan and Tariq M. M. Tell (eds), Village, Steppe and State: The Social Origins of Modern Jordan (London: British Academic Press, 1994), pp. 32 – 57, p. 48 Tariq Tell, ‘Guns, gold, and grain: war and food supply in the making of Transjordan’, in Steven Heydemann (ed.), War, Institutions and Social Change in the Middle East



#جايمي_ألينسون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدول والعلاقات الاجتماعية والتطور المتفاوت والمركب


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جايمي ألينسون - الدول والعلاقات الاجتماعية والتطور المتفاوت والمركب