أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - الموت والخلود في الفلسفة اليونانية















المزيد.....

الموت والخلود في الفلسفة اليونانية


علي محمد اليوسف
كاتب وباحث في الفلسفة الغربية المعاصرة لي اكثر من 22 مؤلفا فلسفيا

(Ali M.alyousif)


الحوار المتمدن-العدد: 7457 - 2022 / 12 / 9 - 10:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في اول نص فلسفي، شذرة انكسماندر فيلسوف يوناني
(547-610) ق.م ، تناول الطابع الفاني للاشياء ومن المحتمل ان بقاء هذه الشذرة بعينها صدفة محضا ولكن ربما كان الادنى للصواب ان نقول السبب الحقيقي يتمثل في انها كانت تعتبر الاكثر اهمية وجذبا للأنظار من تعاليم انكسماندر.
تقول الشذرة في ترجمتها المعترف بها، ان الاشياء تفنى وتنحل الى الاصول التي نشأت عنها، وفقا لما جرى به القضاء، وذلك ان بعضها يعوّض بعضا جزاء الظلم وفقا لما يقضي به الزمان، وقد طرح نيتشه الذي ترجم الشذرة على اساس النصوص المتاحة له، صياغة الجزء الثاني كما يقضي بذلك امر الزمان، ويتحدث نيتشه عن الشذرة باعتبارها بيانا غامضا قدمه متشائم حقيقي، وهو يفسر هذا القول بأن الدمار والموت هما الجزءان اللذان تتحملهما الاشياء الجزئية عن جريمتها المتمثلة في الخروج عن الاساس الخالد للوجود، ويشير نيتشه الى ان شوبنهاور كانت تراوده فكره مماثلة حينما تحدث عن الانسان كمخلوق ما كان له في الاصل ان يوجد، ومن ثم فانه يدفع جزاء وجوده الفردي في صورة المعاناة والموت.
وفي العام (1903) أي بعد مرور 30 عاما على ترجمة نيتشه للشذرة، اكتشف هرمان ديلز ان هناك صياغة اقدم لها، لم يعرفها نيتشه وهي على خلاف نصه، فان الترجمة الاخرى تقول ان الاشياء تتحمل الجزاء كل منها قبل الاخر، والاهم من كل هذا فأن انكسماندر اثاره سؤال ضخم وعذبه هو لماذا يتعين ان يفنى كل مايظهر الى الوجود، وكل ما له الحق في الوجود؟ وما قيمة الوجود اذا كان عارضا زائلا!؟( ).
يقول اروين رود: ان ما من شيء كان مقيتاً بالنسبة للاغريق (600 ق.م)، كالموت وفي الحقيقة كانت هناك نزعة تشاؤم اساسية في نظرتهم للحياة. وكان الاغريق يعون بصورة مرهفة، ويدركون على نحو تخالجه الرهبة عدم يقينية الحياة، وجسامة الموت، ويؤكدون مراراً وتكرارا قصر وعقم الجهود البشرية كافة.
ولان حياتهم كانت بهجة ممتعة جاءت صعوبة تقبلهم للموت، وحتى الاعمال البطولية الخالدة لقادة الملاحم الاغريقية لم تكن تكفيهم عزاءا لمصيرهم، فهذا (آخيل): يقول لكن الموت يرف من فوقي، وكذا قوة القدر القاهرة. انه يتقّبل وضعه الانساني ولكن باذعان حزين( ).
وعلى يد فيثاغورس (572-479) ق.م الذي علّم تلاميذه تناسخ الروح وتطهّرها في عجلة الميلاد، ثم عودتها الى الاتحاد النهائي مع (الله). فالروح تسجن في الجسم، وتغادره عند الموت، وبعد فترة من التطهر تدخل الجسم مرة اخرى، وهذه العملية تكرر نفسها عدة مرات، وعلى يدي فيثاغورس اصبحت الفلسفة طريقة حياة تؤكد الخلاص.
غير ان تأثير فلسفة فيثاغورس على العامة كانت محدودة وسبب ذلك ان جعل فيثاغورس من الفكر العلمي كالفكر الرياضي أعلى اشكال التطهير الصوفي(
أما هيرقليطس (533-475) ق.م فلأن كل شيء يتغير ويتدفق فان الموت ذاته ليس دائما، وكما تقرر الشذرة 68: ان تحول النفوس الى ماء هو موت لها، فان تحول الماء الى ارض هو موت له (الى جفاف)، لكن الماء يأتي من الارض، والنفس تنبع من الماء، وليس هناك تساؤل فيما يتعلق ببقاء النفس الفردية بعد الموت، انما هناك بدلا من ذلك هوية بين الحياة والموت، كما يسمى القوس بالحياة، لكن عمله الموت، ويشرح د.امام عبدالفتاح ان كلمة قوس باللغة اليونانية (Bios) تعني القوس والحياة معا، وفي هذا المعنى المزدوج للكلمة يجد هيراقليطس الهوية بين الحياة والموت( ).
وفي الشذرة رقم (27) الشهيرة لهيرقليطس فانه يلامس بها بشكل غامض مسألة (الخلود) قائلا: (هناك من ينتظر الناس حين يموتون، اشياء لم ترها عيونهم ولم يحلموا بها) ويعلق جاك شورون على ذلك بان هيراقليطس لايعني بذلك تهديدا بالعقاب ولا وعدا بخلود تحفّه البركات، واذا افترضنا ان ما كان يقصده هيراقليطس بهوية الحياة والموت هو أن الفرد يفنى لكن النوع باق. والحياة عنده لم تنشأ من المادة غير العضوية بالصدفة، وانما على ضرورة ذلك بسبب طبيعة النار ذاتها باعتبارها الحياة الشاملة( ).
ما كان يمكن ان يكون الموت فناءا شاملا او نهائيا بالنسبة لرجل كان يقول : هذا العالم واحد بالنسبة للجميع، كان منذ الازل وما زال، وسيكون الى الابد، نارا حية تشتعل بمقدار وتخبو بمقدار، كما نجد لدى هيراقليطس محاولة لتسهيل تقبّل الموت باعتباره حدثا طبيعيا وضروريا، وذلك من خلال ادراك الصراع، أي توتّر الاضداد ومن بينها توتّر الموت والحياة. وانما كذلك هناك وحدة للموت والحياة لاتعني ان الحياة تموت فحسب، وانما كذلك الموت يولد من الحياة( ).
اما ديمقراطيس (460-370 ق.م) يرى ان الحياة دون متع واعياد مثل طريق دون بشر، وفيما يتعلق بالموت فان من الخير للانسان ان يدرك ان الحياة قابلة للفناء وان دوامها قصير، تكتنفه صعاب ومشاق جمّة واننا نوشك دائما ان نموت والخوف يعترينا( ).
يُمهد جاك شورون بـ (سقراط) قائلا: ان محاولة اجراء مصالحة بين الاجابتين العلمية والدينية عن الموت هي محاولة ينبغي ان تتم وقد أوصلت الفلسفة الى دور الوسيط بين الاجابتين في تعاليم سقراط وفي موته.
"قد يكون الموت خيرا من الحياة" هكذا تجرّع سقراط الموت برضا ويقين، والبكائيات المستمرة التي تدور حول ضرورة الموت ، ترتبط على نحو ينطوي على مفارقة بالتأكيد على مافي الحياة من بؤس، ويشيد اسخيلوس بالموت كشفاء من بؤس الحياة، ويتوجب عدم التفكير بالموت لانه هبة إلهية.
وعن سوفكليس (من بين العجائب العظمى ليس هناك ماهو اعظم من الانسان... الموت وحده هو الذي لايجد الانسان شفاء له)( ). ان الانسان مخلوق متناه وعابر، لكن عظمته تتمثل في تقبله لوضعه الانساني بحس المسؤولية وبقوة عارمة للشخصية في مواجهة الموت.
حين اصدر القضاة حكم الموت على سقراط ، اشار موضحا لهم انه كان بامكانه تجنب الموت باستخدام فطنته وذكائه، وقال لهم ان الصعوبة ليست جمّة في الهرب من الموت، لكن الصعوبة الحقيقية هي في تجنب ارتكاب الخطأ، وسيغدو الموت كسبا لانقاش فيه، وانه لرحلة الى موضع اخر، مالذي منح سقراط الشجاعة في مواجهة الموت؟ علما ان سقراط لم تكن مسألة الخلود محسومة لديه، لكنه عبّر عن تدّين عميق قائلا: ذلك اني أؤمن هناك آلهة وايماني بالالهة اسمى في معناه من ايمان أي من اولئك الذين يتهمونني ، وحيث هناك آلهة فما من شر يمكن ان يحيق بالرجل الخيّر سواء في الحياة ام بعد الموت،.
وفي رأي اكزيفون فان ترحيب سقراط بالموت اكثر من الحياة هو انه كان في سن السبعين، وكان يخشى ان تدركه الشيخوخة، وقال مخاطبا قضاته: (ألا تعلمون باني سارفض الاقرار بان أي انسان قد عاش خيرا من تلك التي عشتها حتى الان، ذلك اني ادركت ان حياتي باسرها انفقت في تقوى الله، والتزام الخير نحو الانسان وهي حقيقة تمنحني اعظم الرضا). وقال مخاطبا (ألم تعلموا جميعا ان الطبيعة حكمت عليّ بالموت منذ لحظة ولادتي؟).
اللافت في حكم وعمق عبارة سقراط أن الفلسفة الوجودية الحديثة، بجميع اقطابها ابتداءا من سورين كيركارد ، وهيدجر وجبرائيل مارسيل وصموئيل بيكيت، والبير كامو، وكافكا، وفي مقدمتهم سارتر طبعا، اعتمدوا عبارة سقراط ان الطبيعة حكمت على الانسان بالموت لحظة ولادته، كمرتكز وجودي في ادب ومسرح سارتر واللامعقول.
ما الذي ينبغي ان يكون عليه موقف الفيلسوف الحق ازاء الموت؟ ان الفيلسوف الحق يسعى الى الموت والاحتضار دوما لانه يسعى وراء الحقيقة، وحيث ان الجسد عائق لتحقيق المعرفة لان حواسنا تشوّش رؤيتنا العقلية القادرة وحدها على رؤية نور الحقيقة فان بلوغ المعرفة الحقّة يغدو ممكنا فحسب حينما تتحرر النفس من اغلال سجن الجسم، وهذا هو الموت عند افلاطون، ان الفيلسوف تساوره الرغبة في الموت طوال حياته بسبب تعطشه للمعرفة والحقيقة.
وهكذا فانه من الخطأ ان يُعزى لافلاطون – على نحو ما يحدث غالبا – تعريفه للفلسفة بانها: (تأمل الموت) وكما يشير تايلور بوضوح فان كلمة Melete بالاغريقية لاتعني التأمل بل تعني الاستعداد او التهيؤ ، تعني (التدريب المتكرر الذي نعد به انفسنا لاداء عمل ما... هكذا فان الفكرة هي ان الموت يماثل مسرحية كانت حياة الفيلسوف تدريبا يوميا عليها). ان عمله تحقيق الكمال في اداء دور حين يرفع الستار... وعمله متضمن في الحجة القائلة بان الفلسفة لها معنى خاص، من الواضح انه معنى فيثاغورس قوامه الاخلاص للعلم باعتباره طريقا لخلاص النفس. وضرورة الموت لافلاطون السيطرة على الخوف من الموت، والاستعداد لوجود متحرر من الجسد( ).
من الجلي ان مثل هذا التصور لحياة الفيلسوف باعتبارها سعي للموت، بوصفه حالة المثالية التي يمكن فيها وحدها الوصول الى المعرفة الحقة، وهو تصور ممكن فحسب اذا ما كان هناك اقتناع جازم بالخلود.
فهل يتعين علينا كذلك استنتاج ان ايمان افلاطون بالخلود كان مهتزّا؟ اذا كان الامر كذلك فانه سيعني انه لابد من التخلي عن الرؤية التي ذكرناها الان تواً عن حياة الفيلسوف، غير انه يبدو ان شك افلاطون يشير فحسب على الحجج التي ادرجها عن الخلود، وكان مقتنعا بانه لا يمتلك البراهين غير القابلة للتفنيد في ذهابه الى خلود الروح( ).
لكنها كانت بالنسبة له قابلة للتصديق واقناع نفسه فقط. كان ارسطو على طرف نقيض في جوانب كثيرة من استاذه افلاطون، فقد وقف بقدمين راسختين على ارض الواقع، بالمقارنة باهتمام افلاطون بعالم الميتافيزيقيا، عالم تجاوز واقع الحواس، وأكد على خلود العقل.
وقد اثارت مقولته في (خلود العقل) جدلا صاخبا في الرضا وعدم القبول، فارسطو لم يفرق بين العقل الذي هو حصيلة معارف مكتسبة وبين العقل كأفكار صادرة منه والعقل لايكتفي ذاتيا بمعارفه ومقومات تفكيره، بل حتما يحتاج الى موضوع ، وخلود العقل تحددها فاعلية العقل المنتج، وليس كل عقل خالد بل الخلود يميز العقول المنتجة للافكار لا (بالكم وانما (بالنوع) فقط، وخاصية العقول ذات افكار (الكم) معظمها يفنى غير خالد، لذا اشار ارسطو بان العقل إلهي، بمعنى هبة إلهية، ولم يوضح اذا ما كان هذا العقل الالهي يفنى بعد الموت ، ام يلتحق بمصدره الالهي الناتج هبته للفرد؟ هذا ما طرحه عليه فلاسفة عصره.
اما ابيقور صاحب مقولة : الموت لايعنينا في شيء فهو يقترح علاجا للروح باسم العلاجات الاربع، السنا بحاجة الى الخوف من الله/ الموت يعني غياب الاحساس/ من اليسير تحقيق الخير/ من اليسير احتمال الشر/ ويقول: (اللاجدوى هي كلمة يقولها الفيلسوف ولا تخفف أي معاناة للانسان).
والابيقورية ارادت التهوين من نهاية الموت فنادت بان الروح تنحل بعد الموت حالها حال الانحلال الجسمي للجثة. وبذلك جعلت من جميع المخاوف الدائرة حول معاناة النفس وعذابها بعد الموت امورا لا اساس لها. وتذهب الابيقورية انه مادامت الروح موجودة فأنها تبتلى بالمرض الذي تسببه المعتقدات الدينية من خشية الآلهة وعذاب العالم الاخر( ). وهكذا نجد في الابيقورية في احالة الالهة على التقاعد تكون بذرت البذرة الاولى في الالحاد ودعت الابيقورية الى اللذة ومتعة الحياة بغير ابتذال فغناء الحياة امرا يمكن الاستمتاع به، لانه خارج اطار لانهاية الزمن الذي يستبعد شوق الانسان للخلود. وفيما دأبت الابيقورية في منهجها التخفيف من رعب الموت فانها تعارض أولئك الذين ينتقصون من قيمة الحياة، مؤكدين ان الخير الأسمى هو الا يولد المرء، وهنا نعثر في الابيقورية على البذرة الثانية في فلسفة الوجودية الحديثة، التي تذهب ما معنى ان تولد وما معنى ان تموت؟ ومن هنا نجد الابيقورية ان من يشكو من انه ولد فانيا يبالغ في الأنين، وفي هذا تحاول تخفيف هواجس الرعب في مابعد الموت، لا في ما قبله، وتعود لتبذر بذرة وجودية أخرى، قولها خواء الحياة ورتابتها اليومية، فنحن دائما منهمكون وغارقون في المشاغل.
ان هجعة الموت تبعث العزاء في هذه الابيات بـ (لوكر يشيوس) لا لشيء الا لان الحياة مؤلمة وحافلة بالعذاب.
سوف ترقد ولن تستيقظ أبدا
وعندما تفارق الحياة تتخلى عن ألمكَ العنيف.
وأسوأ ما يمكن ان يحل بك
هو سبات عميق وليل طويل طيب
فكل الحكايا الكئيبة الموحشة التي ينشدها الشعراء تثبت صحتها على الارض لا في الجحيم. ونشير الى ما ذهب له الرواقيون عن النار الخلاّقة باعتبارها المبدأ الروحي والمادي في آن معا. وعندهم العالم ليس واقعا تحت رحمة (الصدفة) وانما هو يخضع لقوانين كونية، والعناية الالهية التي تحكمه سامية، في مكانها، وفي هذا الضرب من وحدة الوجود نجد موقفا وسطا بين النزعة التشبيهية المنتمية الى الديانة الشعبية والنزعة الإلحادية الابيقورية، وان النفس البشرية ذات طبيعة مادية، وهي تنشأ مع الجسد، وان كانت مادتها اكثر نقاءا واكثر نبلا، انها جزء من الروح الالهي التي صدرت عنه( ).
وبذلك يتعين على الانسان ان يحيا ويسلك وفقا للطبيعة، فالموت ينتمي الى النظام الكوني للاشياء تماما كالميلاد. وبقدر ما هو قانون شامل قابل للتطبيق على كافة الكائنات الحية فانه كذلك موافق للطبيعة وبالتالي فهو قانون عادل.
ومن ابرز الرواقين سنكا (4 ق.م – 65م) الذي كان مؤدب (نيرون) ويعتبر من اشهر واعظم الرومان تأثيرا في عصره، استدعته (اجريبا) والدة نيرون لتربية ابنها الذي كان في الحادية عشر، غير ان جهود سنكا فشلت في تربية وتقويم طبعه الحاد، وانتهى الامر بان وجهت الى الفيلسوف تهمة المؤامرة السياسية، واذن له نيرون بالانتحار، فقطع شريانه بنفسه وترك رسائل الى صديقه لوكيلوس تعد من احسن ما كتب( ).
واكد الابيقوريون على ان حياة الانسان قصيرة، والمدى الزمني الممنوح لنا يتبّدى بسرعة، واكد سنكا ان طول العمر لايقاس بالاعوام، والحياة تبدو قصيرة لان الناس يحيون كما لو كانوا سيعيشون للابد، ولاتزداد فكرة الضعف البشري على اذهانهم ويقولون جميعا انهم سيتقاعدون ويستريحون يوما ما، ولكن أي نسيان غبي للفناء ذلك الذي يتمثل في تأجيل نصائح العقل السليم حتى الخمسينات والستينات مع النيّة في بدء الحياة في عمر لم يبلغه سوى القليلون.
ويدعو ان الخلود هو الفلسفة فقط فهي ترفعك الى سمت لايطاح باحد من علاه، ذلك هو المعنى الوحيد لاطالة فنائك، وبالاحرى تحويله الى خلود، ان ضروب التمجيد والنصب التذكارية ستهوى عاجلا الى الدمار، فليس هناك شيء لايخربه مرور الزمن ويقضي عليه ، لكن من يكرسون انفسهم للفلسفة لايمكن النيل منهم( ).
(انه لشيء جليل وعلى المرء ان يتعلمه لفترة طويلة لكي يتمكن من الرحيل عن هذا العالم رابط الجأش حينما تدق الساعة المحتومة، ومن لا يملك ارادة الموت لا يملك ارادة الحياة، فقد منحت لنا الحياة فحسب شريطة ان تلاقي الموت، وهي تتحرك باتجاه الموت ومن هنا فانه من الحماقة ان يرهب المرء)( ).
ويضيف سنكا (ان بداية اخرى تنتظرنا، كما ينتظرنا موضع آخر، ان اليوم الذي ترهبه باعتباره النهاية هو مولدك الى رحاب الازل).
ومن المحزن كما اشرنا ان تكون نهاية هذا الفيلسوف البارع، نهاية مأساوية على الاقل بالنسبة لنا، فحينما امرهُ نيرون بالانتحار وذلك بعد حياة بالغة التميز كشريك فعلي في حكم الامبراطورية الرومانية، عندما شك نيرون في مؤامرة سياسية، فأمره بالانتحار، فأقدم عليه دون تردد، ولم تكن لحظاته الاخيرة اقل تأثيرا من لحظات سقراط، ويحدثنا تاسيتوس في (حولياته) بان سنكا طلب ادوات الكتابة ليدوّن وصيته، وحينما رفض رسول نيرون طلبه، التفت الى اصدقائه مذكرا اياهم بالمفاهيم الفلسفية التي درسوها معا، للاستعداد على وجه الدقة لمثل هذا الحدث، وحينما اعربت زوجته عن رغبتها في ان تموت معه، حاول منعها لكن وافق اخيرا على ان تشاركه (مجد الموت) وقطعا معا، وفي وقت واحد ، شريان المعصم.



#علي_محمد_اليوسف (هاشتاغ)       Ali_M.alyousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنويعات فلسفية نقد تحليلي
- إشكاليات لغة العقل
- رومانسية المكان والزمن
- التخارج المعرفي والجدلي
- اجتماع الاله في كينونة الانسان
- الماهية البيولوجية والماهية الرياضية
- كتاب فلسفي جديد (مبحث الوعي في الفلسفة الغربية المعاصرة)
- الموت في الدين والفلسفة الغربية
- صدور كتابي الفلسفي الجديد العقل واللغة ضياع التجديد الفلسفي
- حول الماركسية ونقد كتاب راس المال
- نقاشات فلسفية
- دي سوكا مقولات فلسفة القرون الوسطى
- ارباكات الوعي الفلسفي والادراك
- الوقت الارضي والزمن الكوني المطابقة والاختلاف
- الزمن وجود حقيقي ام افتراض دلالة وهمي
- وحدة الوجود العقل والصوفية
- فلسفة ونقد
- الزمن ادراك معرفي وليس علاقة جدلية مع الاشياء
- هامش على رواية حي بن يقظان
- الوجود والعدم في الفلسفة الوجودية


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي محمد اليوسف - الموت والخلود في الفلسفة اليونانية