أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني التهامي - الطريق الضيق إلى عمق الشمال (ج2) .. ترجمة : حسني التهامي














المزيد.....

الطريق الضيق إلى عمق الشمال (ج2) .. ترجمة : حسني التهامي


حسني التهامي

الحوار المتمدن-العدد: 7451 - 2022 / 12 / 3 - 22:41
المحور: الادب والفن
    


" الطريق الضيق إلى عمق الشمال" لماتسو باشو
ترجمة ج2 : حسني التهامي
------------------------------------------------------------------------------------
قمنا بزيارة جوبوجي، كبير الموالين لحاكم كوروبان، فابتهج كثيرا لرؤيتنا، وتجاذبنا أطراف الحديث ليل نهار في الهواء الطلق، كما دعانا شقيقه الأصغر، توسي، إلى بيته، وهناك تعرفنا على
أقاربه وأصدقائه؛ وهكذا مرت اللحظات.
ذات يوم، أثناء تجوالنا إلى أطراف البلدة، وقعت أعيننا على أرض الرماية التي امتلأت ببقايا الكلاب الهرمة بعد أن أطلق النار عليها .
أسرعنا الخطى نحو السهول لإلقاء التحية على قبر السيدة تامامو، ومن ثم على ضريح حشيمان.
مع حلول الليل عُدنا إلى بيت توسي، ثم دعينا إلى معبد كوميوجي الجبلي المجاور لمبيتنا، فتعبَّدنا في قاعةٍ داخل المعبد، مُخصَّصة للزُهّاد:
في جبال الصيف
نلهجُ بالدعوات أمام الأحذية ...
تبدأ الرحلة الآن
في هذه المقاطعة على قمم الجبال خلف معبد أنجانجي، يقيم الكاهن بوتشو في أحد الأديرة، وكان قد أخبرني ذات مرة أنه نقش القصيدة التالية بقطعة من فحم الصنوبر على أحد الصخور:
آه كم أكره
تشييد مأوى،
أو حتى كوخ قش
ذا طول أو عرض دون الخمس أقدام -
في غياب المطر...
أردت تفحُّص ما تبقى من الكوخ، ثم تهيَّأتُ للمسير يرافقني ثلة من الشباب، ظلوا يثرثرون، وعلى محيَّاهم علامات الفرح، حتى وصلنا إلى سفح الجبل. امتدت بنا طريق الوادي التي كانت تصطف على جانبيها أشجار الصنوبر والأرز الدكناء. الندى يتقاطر من الطحالب، كنا في شهر إبريل [مطلع الصيف]، مع ذلك كان الجو لا يزال باردًا. أثناء مرورنا بجميع المشاهد العشر، عبرنا الجسر مرورا ببوابة المعبد.
تملكتني الرغبة في استكتشاف مكان الدير، فصعدت إلى أعلى التل خلف المعبد ودلفت إلى كوخ صغير مشيَّد على صخرة متكئة على كهف. كان الأمر أشبه بالاقتراب من "بوابة الموت" للراهب
مياو، أو غرفة الراهب فايون الحجرية. على لوح داخل الكوخ كتبت أبياتا شعرية مرتجلة :
صوب أشجار الصيف
حتى نقار الخشب
يغادر الدير في سلام
من مدينة كوروبان، انطلقنا صوب "الحجر القاتل" على ظهر حصان أعارنيه جوبوجي. أثناء رحلتنا أذهلني الرجل الذي كان يقود الحصان باهتماته وحسه الفني، لذا عندما طلب أن أخطَّ له قصيدة؛ أهديته ذلك النص:
استدر بالخيل
نحو السهل، انطلق هناك الآن!
نداء الوقواق ...
ينتصب "الحجر القاتل" تحت ظل جبل مظلم بالقرب من ينبوع ساخن. الغازات المنبعثة من الصخرة كانت لا تزال مليئة بالسموم، أدى كل هذا إلى نفوق الكثير من النحل والفراشات والحشرات الأخرى، فلم يعد بإمكاننا تحديد لون الرمل.
في أشينو، كانت الصفصافة الباكية التي "تتدفق منها المياه النقية والبلورية"، منتصبة على الضفة بين حقلين من حقول الأرز. أخبرنا مسؤول محلي هناك، يُدعى كوهو، أنه يود أن يصطحبني إلى الشجرة التي كثيرًا ما كنت أتساءل عن مكانها، وها أنذا الآن استريح تحت ظلالها:
حقل أرز بأكملهِ
زُرع – قبل أن
أغادر الصفصافة
تمر الأيام تباعا، وقد اكتنفها قلق غامض. اقتربنا الآن من حاجز شيراكاوا،
وللمرة الأولى ينتابني إحساس فعلي ببداية الرحلة. في هذه الأثناء استطعت أن أفهم سبب رغبة الشاعر
، في هذا المكان، في أن يًطمئن الناس في العاصمة باجتياز "الحاجز".
كواحد من "الحواجز الثلاثة" في الطريق إلى الشمال، كان شيراكاوا محط أنظار الشعراء والكتَّاب.
في خضم شغفي بخضرة أوراق الشجر، كانت رياح الخريف تدوي في آذني، والأوراق القرمزية تتراقص أمام مخيلتي. بياض نبات الـ"دتزية، والزهور البيضاء المتعرشة أعطتنا إحساسا كما لو كنا نعبر حاجزا مغمورا بالثلج.
يعتقد "كيسوك أنه منذ زمن بعيد، اعتاد الناس على ارتداء قبعاتهم بشكل مستقيم، وعلى تبديل ملابسهم أثناء العبور. كتب سورا:
أغصان "دتزية"
تزيّن قبعاتنا - زي رسمي
عند الحاجز
واضح أن حاجز شيراكاوا لا يمثل فقط حدا جغرافيا فحسب لكلا الشاعرين، بل نقطة عبور حواجز نفسية وعاطفية.
اجتزنا الحاجز ثم عبرنا نهر أبوكوما. على يسارنا، ارتفعت قمة إيزو عاليا؛ وعلى اليمين، امتدت مناطق إيواكي وسوما وميهارو؛ ومن خلفنا تلال تفصل بين مقاطعات هيتاشي وشيموتسوكي.
مررنا بكاجينوما ( مستنقع الظلال )، لكن الغيوم التي عبَّأت السماء في ذلك اليوم، حالت دون انعكاسات على سطح البحيرة.
في بلدة سوكاغاوا مكثنا أربعة أو خمسة أيام. زرنا خلالها الشاعر توكيو الذى بادرنا بسؤاله: "كيف كان إحساسك عند عبور الحاجز في شيراكاوا؟"
فأجبت بأن مشاق رحلتنا الطويلة قد تركت جسدي وروحي خائرين.
سحرني جمال الطبيعة الخلاب، وأيقظ بداخلي ذكريات الماضي، لم يكن بوسعي كتابة قصيدة تروق لي، لكن ليس مقبولا أن تمرَ تلك اللحظات العابرة دون تدوينها. فكتبتُ قائلا:
ميلاد الخيال!
أنشودة زراعة الارز
في عمق الشمال

....
يتبع



#حسني_التهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضمومة هايكو
- الطريق الضيق إلى عمق الشمال - ماتسو باشو
- شعرية الصورة بين ثقافتين/ فجر الهايكو يبزغ على الغرب
- اللغة المجازية في الهايكو
- بنية الهايكو (التوريوازةToriawaise )
- خيوط قوس قزح تفقد ألوانها
- أشكال الحداثة في الهايكو العربي (سامح درويش إنموذجا)
- بيان الهايكو
- مقتطفان من بيان الهايكو
- هايكو رمضاني ( أرجو التعديل ) ونشر النصوص الحالية
- هايكو رمضاني
- الآنية والموسمية في الهايكو
- تقنية -تضييق البؤرة- في الهايكو
- هايكو النهر
- الإبيجراما الشعرية
- قصيدة التانكا
- قراءة في نص للشاعرة الليبية : كريمة علي
- قصيدة السنريو/ قراءة في نص للشاعر العراقي طالب داخل
- عن الموت والحياة / نصوص مترجمة عن الإنجليزية
- الشاعر الأرجنتيني : خورخي ألبرتو جيالورنزي ( Jorge Alberto g ...


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني التهامي - الطريق الضيق إلى عمق الشمال (ج2) .. ترجمة : حسني التهامي