أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - التراكم الرأسمالي من نهب الأراضي في السودان















المزيد.....


التراكم الرأسمالي من نهب الأراضي في السودان


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 7434 - 2022 / 11 / 16 - 02:35
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


نتابع في هذه الدراسة نهب الأراضي في السودان بعد التوسع في إدخال نمط الإنتاج الرأسمالي في السودان والزراعة الحديثة مع بداية الاحتلال الانجليزي للسودان، واشتداد الهجمة علي الأراضي بعد الاستقلال ، والدور الكبير الذي لعبته الأرض كأحد مصادر التراكم الرأسمالي في السودان علي الصعيدين المحلي والعالمي، وتهريب العائد ، بعد إدخال المحاصيل النقدية علي حساب الغذاء، مما أدي للافقار والمجاعات التي يشهدها السودان.
أولا : بعد إعادة إحتلال السودان عام 1898م جرى التوسع في إدخال نمط الإنتاج الرأسمالي في السودان والزراعة الحديثة ، وكان من ضمن أهداف الاستعمار الإنجليزي تحويل السودان إلى مزرعة قطن كبيرة تشكل مصدرا دائما ومستمرا لمصانع لانكشير من خامة القطن السوداني ، أي مصدر رخيص للمواد الخام وسوق لمنتجاتها الصناعية حسب قوانين التبادل غير المتكافئ ، ولتحقيق ذلك كان لابد تنظيم ملكية الأرض وإلغاء نظام الرق .
فيما يختض بتنظيم ملكية الأرض صدرت قوانين تنظيم الملكية وتسوية النزاع حول الأراضي والتي كان أهمها:
- قانون الحقوق على الأرض الزراعية لعام 1899 م،
- صدر قانون الغابات 1901 م ، قانون نزع الأراضي 1903 م. الذي يعطي الحكومة الحق في الاستيلاء علي أي أرض يمكن أن تحتاج اليها للصالح العام ، علي أن تعوض المالك بقطعة أخري بعد الاتفاق معه ، وقد صدر هذا القانون لأن الحكومة كانت بصدد مد خطوط السكة الحديد في بعض المناطق ، وستحتاج الي تلك الأراضي.
- صدر قانون تحديد الأراضي ومساحتها 1905 م الذي اصبحت بموجبه الحكومة المالك الشرعي لكل الأراضي الزراعية والغابات الخالية من الملكية الخاصة.
- في عام 1912 ، تم تسجيل كل الأراضي الزراعية ، وصدر قانون تقييد تصرف السودانيين في الأراضي 1918 م الذي يتضمن عدم جواز بيع أو رهن أو التصرف في اي أرض ما لم يكن بموافقة المديرية ، ماعدا في حالة الوصية أو الايجار لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات ، وعندما يراد بيع الأرض تحصل المحكمة علي صورة مما هو مدون عنها في "تسجيل الضرائب"، وتطلب اذا لزم – شهادة الشيخ أو العمدة بأن الشخص المسجلة الأرض باسمه هو المالك الوحيد لها ( للمزيد من التفاصيل راجع، سعيد محمد أحمد المهدي ، قوانين السودان ، المجلد الأول ، 1901- 1925، دار جامعة الخرطوم للنشر 1975م) .
كان الهدف من صدور القوانين المقيدة لبيع الأراضي هو منع المضاربات وانتقال الأراضي للاجانب والمصريين ، ورغم صدور هذه القوانين ، فان عملية المسح والتسوية للأراضى لم تكن قد تمت نهائيا في أنحاء السودان .
من أهم القوانين التي أصدرتها إدارة الحكم الثنائي فيما يتعلق بالأراضي كان قانون تسوية الأراضي وتسجيلها عام 1925، والذي وضع القواعد الأساسية لتسوية وتسجيل الأراضي إذ ضمن وجود صاحب الأرض والمستند الدال على ملكيته، واعتبر الأراضي غير المشغولة ملكا للحكومة.
إدخال نظام الإدارة الأهلية والحواكير
- في عام 1923 ادخل الاستعمار نظام الإدارة الأهلية ومعها نظام الحواكير التي يديرها نظار القبائل ، وتقسيم الأراضي القبلية (الحواكير)، حواكير لمالكيها الأصليين (الذين يستضيفون قبائل أخري دون أن يكون لهم الحق في النظارة ، والسماح لها بالاستفادة منها، باعتبارها مستضافة) وأصبح ناظر القبيلة مسؤولا عن إدارة الحواكير ، أي تمّ ربط الحاكورة بالقبيلة في المكان المحدد ، اضافة لسلطات ناظر القبيلة الادارية والمالية للحواكير.
فى عام 1930 م صدر قانون ملكية الأراضي الذي منح الحاكم العام السلطة للحصول على أي مساحة للاستخدام العام وذلك بنزع ملكيتها.
وهنا نلاحظ التوسع في تطور حق الملكية الخاصة للأراضى الذي يعنى الاستعمال والاستغلال والتصرف ، فحسب ما ورد في قانون الأراضي وتسجيلها 1925 م عن التصرف في الأرض بأنه كل ما يرهن أو ينقل من شخص لاخر بفعل الأطراف ، أو بأمر محكمة ، وان أيلولة الأرض أو الرهن تعنى نقلها من شخص لاخر بالميراث أو أي طريقة قانونية أخرى.
كما ابقت الإدارة البريطانية علي تشريعات الامام المهدي التي حرمت ملكية الأجانب للاراضي ، وضمت كل اراضي الأجانب التي صادرتها المهدية من الأجانب للدولة.
هذا اضافة الي أن قوانين الأراضي لم تمس من الناحية الفعلية الحقوق العينية التقليدية المعروفة والمسلم بها للأفراد والقبائل والجماعات..
وبصدور هذا القانون 1930 م الخاص بقانون ملكية الأراضي الذي منح الحاكم العام السلطة للحصول على أي مساحة للاستخدام العام ، وذلك بنزع ملكيتها ، تكون الإدارة الاستعمارية قد استكملت قبضتها على ملكية الأرض ، وقننت كل الخطوات التي اتخذتها منذ بداية حكمها والتي مهدت بشكل أساسي لإدخال زراعة القطن والذي كان من أهداف احتلالها للسودان .
بعد استكمال قبضة الإدارة البريطانية علي الأراضي تمّ هجوم الشركات الرأسمالية الاقليمية والعالمية علي الأرض في السودان بهدف تحويل البلاد لمزرعة قطن كبيرة لمد مصانعه في لانكشيربالمادة الخام كما أشرنا سابقا ، علي أساس التبادل غير المتكافئ، واصبح السودان مصدراً للمواد الخام ومستورداً للسلع الرأسمالية،وقامت مشاريع القطن في الجزيرة والقاش وطوكر وجبال النوبا، اضافة للمشاريع الخاصة للقطن علي النيلين الأبيض والأزرق، ومشاريع الطلمبات في الشمالية ، الخ، اضافة للاستثمار في الزراعة الآلية المطرية التي بدأت إثناء الحرب العالمية لمد قوات الحلفاء في شمال افريقيا بالغذاء، وبنهاية الاستعمار كانت المؤسسات الاستعمارية قد حققت أرباحا ضخمة من زراعة القطن ونهب ثروات البلاد الأخري ، وتحويل معظم الأرباح التي حققتها شركة السودان الزراعية إلى خارج البلاد في شكل عائدات لاصحاب الأسهم ، علي سبيل المثال: كان أجمالي أرباح الشركة في السنوات الأربع الأخيرة ( 1947 - 1950 م ) اكثر من 9.500.000 جنية إسترليني ( تيم نبلوك : صراع السلطة والثروة في السودان ، ص ، 29 _30 ) ، أي أن الاستعمار كان ينهب ويستنزف قدرات البلاد الاقتصادية ، ويصدر الفائض الاقتصادي اللازم لتنمية البلاد إلى الخارج ، وفى النهب أيضا ترد مرتبات كبار الموظفين والإداريين الإنجليز ، ففي عام 1945 م بلغ نصيب 771 موظفا إنجليزيا 61.3 %من إجمالي المرتبات في الميزانية، وعندما أحيل هؤلاء الموظفين للمعاش عام 1954 م تقاضوا تعويضا مقداره 1.590.00 جنية مصري ، وهذا النهب الاستعماري ، ومن كل النواحي ، يجعلنا نؤكد أن المستعمر جاء لينهب الشعب السوداني ، وبالتالي كان ذلك من أسباب تخلف السودان الاقتصادي والاجتماعي .
ثانيا: بعد الاستقلال سارت البلاد في طريق التنمية الرأسمالية واستمر التطور غير المتكافئ في السودان مصدرا للسلع الأولية ومستوردا للسلع الرأسمالية ، وتمّ التوسع في الاراضي الزراعية كما في مشروع الجزيرة وبقية المشاريع الحكومية، ومشاريع القطاع الخاص و مشاريع الزراعة الآلية.
كما صدرقانون الزراعة المطرية لعام 1959م لتنظيمها والاشراف عليها في فترة الحكم العسكري الأول، وربط الاقتصاد السوداني بمشاريع المعونة الأمريكية التي قامت علي قروض من أمريكا وبقية الدول الرأسمالية الغربية ، وزادت مساحة الأراضي المزروعة بقيام مشاريع مثل: مشروع المناقل وخزان الروصيرص وخشم القربة ، فخزان الروصيرص اعتمد في قيامه علي قرض جملته 18 مليون جنية من البنك الدولي بالاضافة الي القرضين من المانيا الغربية ومؤسسة التنمية العالمية.
- كما شهدت فترة الحكم العسكري الأول فقدان جزء من اراضي السودان باغراق مدينة حلفا التاريخية وضياع كنوزها الأثرية بعد قيام السد العالي ، وبتعويضات غير مجزية وفساد لازم عملية التهجير الي منطقة خشم القربة.
كان التوسع في الزراعة الآلية لمصلحة التراكم الرأسمالي للقطاع الخاص ، والذين دخلوا الزراعة الآلية: كبار موطفي الخدمة المدنية وضباط الجيش المتقاعدين الذين استغلوا مواقعهم السابقة في جهاز الدولة للحصول علي تسهيلات لتمويل نشاطهم الزراعي، وعلي تسهيلات حكومية. اضافة لتهريبهم الارباح خارج الأسواق الرسمية للتهرب من الضرائب والرسوم وللبيع بأسعار أعلى ، أو التهريب للبلدان المجاورة.
في بداية انقلاب مايو 1969صدر قانون الأراضي غير المسجلة لسنة 1970 ، الذي تزامن ثالثا :
مع إلغاء نظام الإدارة الأهلية، والتي كانت مؤسسة هامة من حيث تنظيم الأراضي والتعامل مع النزاعات التي لا مفر من حدوثها بين ماكي الديار والحواكير، أو حتى بين أولئك الذين لا يملكون أي من هذه العناصر. ومع أنه تم إعادة نظام الحكم المحلي، إلا أنه أصبح أضعف بشكل كبير، إضافة إلى أنه فقد مصداقيته، كما مكن قانون 1970 الحكومة أيضا من تنفيذ سياسة تنمية مبنية على توسيع القطاع الزراعي، خاصة الزراعة الآلية، حيث زادت نسبة الأراضي التي خضعت لسياسة الزراعة الآلية، وبعد صدورقانون 1970 ، زادت مساحات الأراضي المزروعة بقيام مشاريع زراعية جديدة مثل: مشروع السوكي الزراعي ، مشروع الرهد الزراعي، مشروع كلي ، ومشروع السيال. الخ.
كما صدر قانون تنمية الاستثمار الزراعي لعام 1976 الذي يهدف الي تشجيع رأس المال الوطني والأجنبي للاستثمار في الزراعة.
كما زاد التوسع في الزراعة الآلية وقيام مؤسسات زراعية مثل: المؤسسة العامة للزراعة الآلية التي تضم : مؤسسات الدمازين والقضارف ، والدلنج، الرنك ، اقليم كوستي ، نيرتتي وأم عجاج ، والتي تقوم بإنتاج الذرة والسمسم والقطن والدخن. الخ، كما خُصصت مليون ونصف فدان لشركة ترياد الأمريكية (مليون فدان) وشركة الدمازين الزراعية (نصف مليون فدان)، اضافة لمشاريع الزراعة الآلية
رغم تلك المشاريع للزراعة الآلية والمشاريع المروية والمساحات الكبيرة التي كان من المزمع زراعتها قطنا وقمحا وسمسما ودرة ودخنا .الخ ، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وفيما كان يُقال سوف يصبح السودان سلة غذاء العالم ، فان الإنتاج الزراعي ظل يتدهور من عام لآخر خلال هذه الفترة ، حتى اجتاحت البلاد المجاعة عام 1983/1984 ، بعد الجفاف والتصحر الذي حدث بسبب الهجوم علي الغابات من الزراعة الآلية وتدمير البيئة، وعدم تحوط الحكومة للكوارث الطبيعية مثل : هجوم الحيوانات والآفات والجراد والحشرات والفئران .الخ، والاستعداد الكافي لها .
أدي تدهور القطاع الزراعي، لفقدان أعداد كبيرة من اشجار الهشاب والطلح مما أثرفي إنتاج البلاد من الصمغ الذي يدر عملة صعبة ، والجفاف والتصحر الذي أدي للمجاعة ، وعدم تجديد الثروة الشجرية الذي قلص مساحات الغابات، وتدهور ثروات البلاد من الحيوانات الوحشية نتيجة لتغول الزراعة الآلية في مناطق الثروات الوحشية، وتقلص مساحات المرعي الطبيعي مما أدي للصدامات القبلية أو فقدان ثروات حيوانية كبيرة نتيجة لدخول أعداد كبيرة من الرعاة بحيواناتهم للدول المجاورة لمناطق الرعي الطبيعي، اضافة لتخلف القوي المنتجة في الزراعة، والتخلف العلمي والتكنولوجي..
رغم الضجيج الذي كنا نسمعه في السبعينيات عن الاهتمام بالقطاع الزراعي ومشاريع التنمية الزراعية ، الا أن الواقع الفعلي يشير الي أن نسبة الاستثمارات التي كانت موجهة للقطاع الزراعي لا تتجاوز 22% من جملة الاستثمارات رغم أنه كان المصدر الرئيسي للفائض الاقتصادي في السودان( العرض الاقتصادي 78/ 1978).
بنهب الأراضي تم فتح الطريق للشركات الرأسمالية الاقليمية والمحلية للاستثمار في الزراعة الآلية ، و نهب الأراضي في القطاع التقليدي المطري ، وتم طرد السكان المحليين من أراضيهم ، و تحقيق أرباح بمليارات الدولارات تم تهريبها للخارج ، وبدلا من أن يكون السودان سلة غذاء العالم اجتاحته مجاعة 83 / 1984 ، بعد تدمير البيئة باقتلاع الآلاف من الأشجار ، وضيق مساحات الرعي والزراعة المعيشية للقبائل مما أدي للنزوح والصدام القبلي بين الرعاة والمزارعين، وانضمام شباب الجنوب وجبال النوبا للكفاح السياسي و المسلح دفاعا عن اراضيها ، وهروب الثروة الحيوانية للدول المجاورة ، ونقصان العائد من محصول الصمغ بعد قطع الاف الأفدنه من اشجار الهشاب، وحدث النزوح الكبير من غرب السودان للخرطوم وغيرها.
كما تمّ تهريب الأرباح أوالفائض الاقتصادي علي سبيل المثال شهدت الفترة ( 78 / 79 - 84 / 1985 م ) اكبر عملية تهريب لرؤس الأموال السودانية الى الخارج ، وتم تقدير رأس المال الهارب بحسابات مختلفة : 19 مليار دولار ، 16 مليار دولار ، 11 مليار دولار، ومهما يكن من امر ، إذا أخذنا المتوسط حوالي 15 مليار دولار ، نلاحظ من ذلك ان الفائض الاقتصادي اللازم لاستثماره في السودان والذي تم تصديره للخارج كان ضخما ، وانطبق علينا المثل السوداني القائل ( ميتة وخراب ديار) ، أي ديون بلغت 9 مليار دولار ورأس مال هارب بلغ في المتوسط 15 مليار دولار .
وحسب د . على عبد القادر على: أن القطاع المصرفي السوداني يقف متهما بتمويل عملية تهريب رأس المال من خلال تمويله لعمليات السوق السوداء للنقد الأجنبي، ونلاحظ سريعا إن القطاع المصرفي مملوك للدولة بنسبة 60 % !! (د . على عبد القادر على، حول سياسات التصحيح وهروب رأس المال، الكويت، فبراير 1988).
5 رابعا : في فترة الديمقراطية الثالثة صدر قانون التصرف في الأراضي لسنة 1986 الذي أشار في المادة (9): "إذا عجز مستأجر الأرض أو المنفعة عن تعمير قطعة الأرض المؤجرة له خلال المدة الابتدائية أو أي امتداد لها دون إبداء أسباب معقولة فيجوز للسلطات المختصة إلغاء عقد الإيجار واسترداد قطعة الأرض منه وإعادة التصرف فيها"، وفي المادة (10): "يجب على المستأجر أو المنتفع أن يلتزم بشروط عقد الإيجار أو المنفعة وألا يستثمر الأرض المؤجرة دون الحصول على إذن من سلطات الأراضي وسلطات التخطيط العمراني، إلى للغرض المخصصة له والمبين في عقد الإيجار أو أمر التخصيص النهائي أو المؤقت".
خامسا : في بداية فترة حكم الانقاذ صدر قانون التخطيط العمراني والتصرف في الأراضي لسنة 1994 الذي أشار في المادة (13) " يجوز نزع ملكية الأرض للمصلحة العامة بموجب أحكام قانون نزع ملكية الأراضي لسنة 1930 عند ممارسة الوزير لسلطاته بموجب أحكام المادة 9(ج) ، (ه) ، (و)، كما أشار في المادة (14) الي نزع ملكية الأرض التي لم تُعمر.
هذا القانون مع الإجراءات الأخري بعد انقلاب الانقاذ في 30 يونيو 1989 و استيلاء الإسلامويين علي السلطة، مكن لهم في نهب الأراضي:
كما تقلصت اراضي السودان ، وكان من اكبر الخسائر في هذه الفترة انفصال جنوب السودان ، وتقلص مساحة أراضي السودان بفقدان 28% منها ،وفقدان 70% من الغطاء الغابي ، 75% من ثروة النفط ، وتقلص الأراضي الصالحة للزراعة من 200 مليون فدان الي 160 مليون فدان،اضافة لفقدان ثروات معدنية ،ومياة عذبة وثروة حيوانية ووحشية وسمكية.
كذلك تمّ احتلال مصر لحلايب وشلاتين وابورماد ونتوءات وادي حلفا الأخيرة . الخ، واحتلال اثيوبيا للفشقة، وتأجير ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية الخصبة لدول الخليج وغيرها لمدة تصل ( 33- 99 عاما) دون مراعاة مصالح الأجيال القادمة، والحفاظ علي المياه الجوفية الناضبة.
كما صدر قانون الاستثمار بتاريخ 31 يناير 2013 الذي ضمن للمستثمر استئجار الأرض لمدة تصل الي 99عاما، كما ضمن القانون للمستثمر تصدير كل منتجاته بلا رسوم جمركية أو اجراءات إدارية كتفتيش البضائع المراد تصديرها.
كما تمّ تجاوز ما كان ساريا ما اشرنا اليه سابقا حول قوانين تنظيم ملكية الأرض في فترة الحكم الانجليزي من تحريم تمليك الأرض في السودان للاجانب، ومن حماية لاصحاب الأرض الاصليين.
في هذا الفترة تمت أكبر هجمة علي اراضي السودان الزراعية أدت لصراعات طبقية وقبلية وحروب، كما في الآتي:
- انتزاع الأراضي أو الحواكير في دارفور علي أساس أن " الأرض لله" ، وتمت الابادة الجماعية في دارفور وحرق آلاف القري والتي أدت في العام 2003 حسب احصائية الأمم المتحدة الي مقتل300 ألف مواطن " حاليا وصلت الي 500 الف" ونزوح أكثر من2,5 مليون " حاليا تجاوز 3 مليون مازح"، واحلال مستوطنين من الدول المجاورة في اراضيهم، والاستيلاء علي اراضي قبائل الفور،. الخ الخصبة، ومناجم الذهب كما في جبل عامر وغيره، مما أدي ليكون البشير ومن معه مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية.
- في الفترة:" 2008- 2018 " ، وبعد الأزمة الاقتصادية لعام 2008 ، وخاصة بعد انفصال الجنوب وفقدان البلاد ل 75% من عائد النفط ، واحتياج حكومة البشيرلنهب موارد جديدة ، منح السودان ملايين الأفدانة لمستثمرين من السعودية والامارات وتركيا والصين والأردن، قطر،مصر ،لبنان، الكويت ، وسوريا، والتي استحوذت على مساحات شاسعة من الأراضي لإنتاج المحاصيل الغذائية والأعلاف الحيوانية مثل البرسيم ، والوقود الحيوي، فضلا عن تقلص مواردنا المائية.
وهي في الواقع عملية نهب للاراضي لأنها تستنزف خصوبة التربة والمياه الجوفية في سلب واضح لحقوق المجتمعات المحلية التي تعتمد على الأرض في الرعي الزراعة للاكتفاء من الغذاء، رغم طلب الحكومة بتخصيص 25% من أراضي الاستثمار للمجتمعات المحلية الا أن ذلك لم يتم بالشكل المطلوب ، واستمر نهب أراضي السكان المحليين وطردهم من اراضيهم.
كما واصلت السلطة في السياسة نفسها بعد انقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 ، كما في إعلان البرهان منح تركيا 100 الف هكتار للاستثمار في السودان، وبقية المشاريع مثل مشروع الهواد وغيره..
لم يكتف نظام الانقاذ بنهب الأراضي الزراعية، بل امتد النهب لما في باطن الأرض من معادن وبترول ، ومارست الإبادة الجماعية لهذا الهدف كما في استخراج البترول والذهب.
في فترة إنتاج البترول وتصديره في عهد الانقاذ لم يتم الاستفادة من عائدات النفط في دعم الإنتاج الزراعي والصناعي والحيواني والبنيات الأساسية لأن النفط ثروة ناضبة ، بل تم نهب عائدات البترول من الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات ، وتهريبها للخارج ، اضافة لنهب ثروات السودان وصب الزيت علي لهب الصراع في الجنوب، بعد اكتشاف شركة شيفرون الأمريكية للنفط ، وتفاقم مشكلة الجنوب بعد أن الغي الديكتاتور نميري عام 1983 اتفاقية اديس أبابا وتقسيم الجنوب، واندلاع الحرب الأهلية من جديد ، حتى الانفصال بعد اتفاقية نيفاشا ، وكان من اسباب التعجيل به اكتشاف النفط الذي فتح شهية الانفصال بالاستحواذ علي كل عائداته بدلا من اقتسامه، هذا اضافة لتدمير البيئة والغابات ، والموارد المائية، وطرد أعداد كبيرة من سكان الجنوب و النوبة من أراضيهم لمرور أنابيب النفط لميناء بورتسودان بواسطة الشركات الصينية وغيرها من المؤسسات التي كانت عاملة في النفط.
كما استمرت الممارسات نفسها في نهب ثروة الذهب في السودان ، وتهريب أكثر من 70% من عائداته للخارج، علي سبيل المثال : متوسط إنتاج الذهب بين 100- 250 طن (صحيفة الشرق الأوسط :11 يناير 2020)، وتُقدر العائدات بحوالي 8 مليار دولار، في حين التقديرات الرسمية للحكومة بين 82- 93 طن ( موقع الجزيرة 5/1/ 2017)، بعائدات تُقدر بمتوسط 850 مليون دولار، مما يعكس حجم النهب والتهريب الكيير لعائدات الذهب في السودان، وفقدان الدولة لثروة كبيرة، مما يتطلب اوسع حملة لوضع الدولة يدها علي ثروة الذهب لمصلحة تقدم وتنمية البلاد، حتى لايتم تبديدها كما حدث للنفط.
مما يتطلب استكمال مهام الثورة يتحسين شروط الاستثمار، ومراجعة كل العقود التي تصل مدة ايجارها 99 عاما بانسبة للاراضي ، وعقود شركات التعدين التي تصل فيها نسبة الشركات الي 70%، مع تدمير البيئة، وعدم تطوير مناطق التعدين بتسبة من عائدات الذهب وبقية المعادن..
وأخيرا ، نلاحظ أن عملية نهب الأراضي وابادة وتهجير السكان الاصليين كما يحدث حاليا في دارفور وجنوب النيل الأزرق، وجنوب كردفان وبقية المناطق بهدف نهب الأراضي والموارد ، والشروط القاسية التي يعمل فيها المعدنون في استخراج الذهب والذين يتعرضون احيانا للموت والدفن في المناجم نتيجة انهيارها ، وفي ظروف عمل اشبة بالاسترقاق بحثا عما يقيم أود الحياة لمصلحة شركات أجنبية وأفراد رأسماليين يحققون أكبر تراكم رأسمالي بدائي من تلك العملية اشبه بما وصفه ماركس في مؤلفه " الرأسمال" المجلد الأول : "إن اكتشاف الذهب والفضة في أمريكا وافناء السكان الأصليين واسترقاقهم ودفنهم في المناجم ، وبداية غزو ونهب جزر الهند الغربية ، وتحول افريقيا الي منطقة لصيد ذوى الشرة السوداء علي نطاق تجاري ، كل ذلك أعلن الفجر الوردي لعصر الإنتاج الرأسمالي" ( كارل ماركس ، الرأسمال ، المجلد الأول ، موسكو 1974 ، ص 704).



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات مؤامرة حل الحزب الشيوعي
- الذكرى (57) لتقويض الديمقراطية الثانية (1964- 1969)
- تجربة انقلاب 17 نوفمبر 1958
- تجربة تقويض الديمقراطية الأولي (1953- 1958)
- خطاب البرهان وتسبيح القيطون
- التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف (5) والأخيرة
- التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف (4)
- التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف (3)
- التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف (2)
- التغيير الجذري للخروج من التبعية والتخلف
- مليونية 30 أكتوبر الأخضر
- تصاعد السخط والمقاومة بعد بيان الشرطة
- مليونية 25 أكتوبر أشعلت التاريخ نارا واشتعل
- في ذكراه الأولي حانت لحظة اسقاط الانقلاب
- مليونية 21 أكتوبر هدير الحق لرفض التسوية
- تجربة مشاركة الحزب الشيوعي في المجلس المركزي
- عام من المقاومة الباسلة لانقلاب 25 أكتوبر (2)
- عام من المقاومة الباسلة لانقلاب 25 أكتوبر (1)
- تجربة جبهة المعارضة ضد ديكتاتورية عبود
- التسوية كرة خاسرة


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - التراكم الرأسمالي من نهب الأراضي في السودان