أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم محمد دايش - ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وكيفية التعامل معها















المزيد.....

ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وكيفية التعامل معها


جاسم محمد دايش
كاتب وباحث

(Jasem Mohammed Dayish)


الحوار المتمدن-العدد: 7426 - 2022 / 11 / 8 - 22:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنَّ استقرار النظام السياسي يتوقف على طريقته في معالجة الأزمات القائمة , ... إلا أن الجانب التأسيسي للنظم السياسية النامية تفتقر قبل كل شيء إلى نظرية واضحة في الحكم , ومن ثم وسائلها في تحديد وحل مشكلتها الأساسية القائمة في مدى قدرتها على تحديث معالجة الأزمات في الحكم (1). وإذا كان الاستقرار السياسي هدف لكل النظم السياسية الحاكمة فانه أضحى بمثابة هدف ضروري ومطلب ملح في عالمنا المعاصر , بل أصبح الاستقرار السياسي بمثابة هدف قومي ودولي على حد سواء نظراً لارتباطه بالأمن القومي والدولي , ولما له من تأثير على كيان ومستقبل المجتمع الدولي والاستقرار الدولي . إلا أنه هناك مجموعة من العوامل المهددة والمعيقات التي تحول دون استتباب هذا الاستقرار السياسي المنشود , فعندما نتحدث عن معيقات الاستقرار السياسي فبالضرورة نتحدث عن عدم الاستقرار السياسي الذي يشير إلى فقدان قدرة النظام السياسي على إحداث تحولات في إطار النظام السياسي القائم من خلال استحداث الوسائل والمؤسسات الكفيلة بالقيام بهذه التحولات ونتائجها , إضافة إلى ذلك فان عدم الاستقرار السياسي يشير إلى تغييرات جذرية ومفاجئة تقضي على نظام قائم وتمكن السبيل لإيجاد نظام جديد في تفاعلاته وقيّمهِ ورموزه ومؤسساته (2).
وتعد ظاهرة عدم الاستقرار السياسي أكثر الظواهر السياسية شيوعاً في الدول النامية. والواقع أن مفهوم عدم الاستقرار السياسي أكثر المفاهيم السياسية غموضاً وتعقيداً. هذا المفهوم قد يضيقه البعض ليقتصر على عدم الاستقرار الحكومي ، بمعنى التغيرات السريعة المتتابعة في عناصر الهيئة الحاكمة ، وقد يوسع فيه البعض الآخر ليحتضن أيضاً عدم الاستقرار النظامي ، بمعنى التحولات السريعة في الإطار النظامي للدولة من شـكل معين إلى نقيضه أي من الملكية إلى الجمهورية ، من الحكم المدني إلى الحكم العسكري . وقد يزداد المفهوم اتساعاً ليعانق الصور المختلفة للعنف السياسي من أعمال شغب ومظاهرات واضطرابات واغتيالات سياسية وحروب أهلية وحركات انفصالية (3) .
إن عدم الاستقرار السياسي هو ظاهرة تتميز بها الأنظمة البرلمانية ، التي لا يتمكن فيها الناخبون من إيصال أكثرية واضحة تنتمي إلى حزب أو تيار واحد إلى البرلمان، وهذا يمكن الأحزاب الصغيرة من التحكم في تشكيل الحكومات وفي إسقاطها نتيجة عدم التفاهم في تشكيل الحكومة ، لكن مما يؤخذ على هذا التعريف عدم انطباقه على معظم دول العالم سواء كانت ديمقراطية أم ديكتاتورية ، فعلى سبيل المثال، إن عدم الاستقرار السياسي في الأنظمة الرئاسية التي تتبعها العديد من دول العالم ، كان أكبر بكثير من الدول ذات النظام السياسي البرلماني ، بسبب عدد الانقلابات فيها ، كما أن الدول التي تتبع نظام الحزب الواحد أو القائد أو المهيمن سواءاً كانت شيوعية أم فاشية أم غير ذلك ، توجد فيها طاقات كامنة كبيرة جداً لإحداث عدم الاستقرار السياسي ، فسقوط المعسكر الشيوعي عام 1989، أدى إلى تفككه وتفكك دوله إضافة إلى اندلاع حروب أهلية في معظمها . ومن أهم المفاهيم التي قدمها الباحثين لتعريف عدم الاستقرار السياسي , هو: ( عدم قدرة الدولة على إدارة الصراعات القائمة داخل المجتمع بشكل يستطيع من خلاله أن يحافظ عليها في دائرة تمكنه من السيطرة والتحكم فيها، ويصاحبه استخدام العنف السياسي من جهة وتناقض شرعيته وكفاءته من جهة أخرى ) .أن عجز النظام السياسي أو الحكومة عن أداء وظائفها بفعالية وكفاءة يؤدي إلى فقدان الثقة فيها من طرف المواطنين , ويتعرض النظام إلى الاختلال ويعجز عن جلب المساندة والموارد والدعم الضروري لبقائه واستمراره . إذ كثيراً ما يأتي فقدان أو ضعف شرعية النظام وانحسار مكانة السلطة وهيبتها نتيجة لضعفها أي عدم قدرتها على إدارة وتحقيق وظائف النظام وهذا الفشل من شأنه أن يفقد ثقة المواطنين بالسلطة ما يجعل استقرار النظام الشرعي في خطر .
إن اختلال الاستقرار السياسي هو بسبب تغير مطالب ومصالح المجتمع أو الفئات المؤثرة فيه , وتغير القيم السائدة مما يؤدي إلى احتمال ممارسة النظام للقمع أو تركز السلطة في يد النخبة الحاكمة تقوي قاعدتها لتستأثر بكل موارد النظام , حيث أن ممارسة القمع هذه من قبل السلطة الحاكمة سيحدث على المدى البعيد عدم الاستقرار السياسي , وأنه لو تحقق هذا الاستقرار في ظل هذه الممارسات لفترة طويلة نسبياً فأن ذلك لن يستمر على المدى البعيد , لأن منع عدم الاستقرار من قبل السلطة الحاكمة بفعل القمع لن يدوم , فعدم الاستقرار السياسي هو رد فعل لقمع النظام السياسي (5). وهناك العديد من أوجه عدم الاستقرار السياسي كعدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والقانوني والعديد من الدول العربية تعاني من عدة أوجه معاً وليس واحداً فقط , وتعد ظاهرة عدم الاستقرار في الدول العربية ظاهرة معقدة نظراً لأنها تنتج عن عدة أسباب وليست ظاهرة بسيطة تتمثل بعض هذه الأسباب كــ(البطالة والفقر و شخصنة المؤسسات , بمعنى أن عدد كبير من الدول العربية ليست دولة مؤسسات والطبيعة الاستهلاكية للشعوب العربية . وعدم الاستقرار السياسي نظراً لـ ( ضعف الأحزاب السياسية , وضعف المجتمع المدني , ضعف المشاركة السياسية وخاصة المجتمعية ) .
إن من أهم العوامل المهددة للاستقرار السياسي هي الإحساس بالحرمان والذي يمثل مصدراً للإحباط وعدم الرضا والغضب فهو من شأنه أن يشكل فرصاً للعنف الجماعي , حيث أن الجماهير قد تلجأ للعنف إذا وجدت ما يبرره , وهناك علاقة بين الحرمان الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي داخل المجتمع , ويقصد بالحرمان الاقتصادي هو عدم تيسر حصول جماعة أو جماعات معينة من أفراد المجتمع على المنافع والموارد الاقتصادية في الوقت الذي يتيسر فيه ذلك لغيرها من الجماعات . في معنى أن أفراد المجتمع يشعرون بالحرمان الاقتصادي , أما لأن الموارد المتاحة لهم غير كافية أو لان ما يتاح لغيرها من الموارد لا يتاح لهم فسوء الموارد (عدم العدالة في التوزيع) قد يكون من شانه في كثير من الأحيان أن يمثل تهديداً للاستقرار السياسي داخل المجتمع(6) .
إن كيفية التعامل مع ظاهرة عدم الاستقرار السياسي فتأتي دراسة " آلان ريتشارد" بعنوان " الجذور الاقتصادية لعدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط " وهي تعكس العلاقة الوثيقة بين مجالي الاقتصاد والسياسة في تحليل الظواهر الاجتماعية , فهو يقول بان عدم الاستقرار السياسي في دول المنطقة ليس حدثاً عرضاً وإنما هو " ظاهرة مزمنة " بمعنى أنها استمرت بشكل مطرد وان اختلفت في أشكالها عبر فترات ممتدة من الزمان , مما يدفع البحث في العوامل الهيكلية أو البنائية التي تساعد على تفسير هذه الظاهرة , بعبارة أخرى فأن أطراد ظاهرة ما يجعل من الضروري تجاوز الأسباب أو العوامل المتعلقة بالبناء الاجتماعي والمتصلة بتلك الظواهر . وبالنسبة للجذور الاقتصادية لعدم الاستقرار السياسي , يركز " آلان ريتشارد" في دراسته على ثلاث جذور هي:( البطالة وغياب الأمن الغذائي ونقص الأموال المتاحة للاستثمار ) وهي كلها تصب في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وما يتصل بها من تدهور لمتوسط دخل الفرد(7) .
كذلك من صيغ التعامل مع ظاهرة عدم الاستقرار السياسي يرتبط في الجزء الأكبر منه بنجاح التنمية والدول العربية لا تعاني من قضية ندرة موارد لتعوق التنمية بقدر ما هي قضية نمط استخدام هذه الموارد‏,‏ أي قضية خيار اجتماعي وسياسي‏ .‏ لذلك فان الحل يكمن في نمط بديل للتنمية يؤدي إلى التنمية الحقيقية بالمعني الواسع للتنمية أي الذي يؤدي إلى إشباع الحاجات الأساسية للجماهير‏,‏ والى توسيع الاختيارات المتاحة أمامهم‏,‏ بالإضافة إلى تنمية الثقة بالنفس على كل المستويين الفردي و الجماعي‏.‏ ويتطلب هذا النمط الجديد للتنمية تغييرا هيكليا , أي تغييرا نوعيا وليس كميا لأنه يعتمد على تغيير علاقات الإنتاج ونمط الاستهلاك ونمط الإنتاج‏ ,‏ أي كل من توليفة الاستهلاك وتوليفة المنتجات‏,‏ بما يمكن من تعبئة الفائض الاقتصادي بطريقة أفضل ومن الحد من الإسراف و الضياع في الموارد الناجمة عن نمط التنمية الحالي‏.‏ غير أن الاستخدام الكفء للموارد المتاحة وضمان عدم إهدارها‏,‏ لا يمكن أن يتحقق إلا بمشاركة شعبية حقيقية‏,‏ مما يتطلب تحقيق ديمقراطية حقيقية‏.‏ كما أن الدافع للتغيير في أي امة يتطلب تعبيرا قوميا‏.‏ فسلوك ورغبات مختلف فئات الأمة يجب أن تختلط أو تمتزج بطريقة ما لتعمل كتعبير قومي‏,‏ ومهمة المزج هذه هي أساساً مهمة سياسية تتجاوز الإدارة و التنظيم وتعكس القيادة الماهرة‏ (8).‏
ونستنتج لما تقدم فنقول أن الأنظمة النامية لم تستعيد بعد استقرارها السياسي نتيجة أزمة الحكم التي تعاني منها , والتي نتج عنها العديد من التوترات الداخلية على مستوى المتطلبات البنيوية للدولة , الشيء الذي زاد من التعقيدات السياسية وعطل كل السبل لتعزيز شرعيتها بآليات ديمقراطية تكفل الرقي بمستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية , واكتفت بتعزيز سلطتها من سيطرتها على كافة مفاصل القوة في البلدان التي تحكمها , بما يمهد تلك الملامح لزعزعة استقرار أنظمة الحكم في الدول النامية , وفقاً للتحديات التي تواجهها بكل مستوياتها .
المصادر
1- صادق الاسود : علم الاجتماع السياسي " أسسه وأبعاده " , جامعة بغداد , كلية العلوم السياسية , 1990 , ص ص 379- 415 .
2- جليل طالب جعفر اليعقوبي : العلاقة بين الاستقرار السياسي ومبادئ العدالة الانتقالية في القانون الدولي , بغداد , ط 1 , 2017 , ص 105 .
3- شاهر الشاهر : الاستقرار السياسي ...معاييره ومؤشراته , 2016 , من على الموقع الالكتروني
4- .www.dampress.net • -
5- جليل طالب جعفر اليعقوبي : العلاقة بين الاستقرار السياسي ومبادئ العدالة الانتقالية في القانون الدولي , المصدر السابق , ص ص 106 – 107 .
6- المصدر نفسه , ص 107.
8- المصدر نفسه , ص ص 109 – 110 .



#جاسم_محمد_دايش (هاشتاغ)       Jasem_Mohammed_Dayish#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقلية .. ملامح مفاهيمية ومعرفية
- مفهوم الاثنية ... تأملات وتصورات
- الديمقراطية ...أمل منشود ومبدأ مفقود
- التوجهات الديمقراطية للفلسفة التربوية في العراق بعد 2003
- الإصلاح والتجديد للحركة التربوية في العراق بعد 2003
- نظرة تاريخية لتطور الحركة التربوية في العراق
- الطبقة الوسطى في العراق من التشكيل الى الانحلال
- دور مؤسسات المجتمع المدني في الانتخابات
- الانحراف السياسي والاحتضار الديمقراطي
- الحكم الصالح وإدارة الدولة
- جان جاك روسو وفكرة - العقد الاجتماعي -
- المدركات السياسية بين العراق والأردن
- الثقافة السياسية وأثرها في السلوك السياسي
- قراءة في تاريخ العلاقات العراقية التركية
- ماهية السلوك السياسي
- فكرة الموازنة العامة للدولة
- الاقتصاد السياسي جذوره ومفهومه
- العوامل المؤثرة في الرأي العام
- طبيعة التعاقب على السلطة في الدول العربية
- الرأي العام المفهوم والنشأة


المزيد.....




- السعودية.. 28 شخصا بالعناية المركزة بعد تسمم غذائي والسلطات ...
- مصادر توضح لـCNN ما يبحثه الوفد المصري في إسرائيل بشأن وقف إ ...
- صحيفة: بلينكن يزور إسرائيل لمناقشة اتفاق الرهائن وهجوم رفح
- بخطوات بسيطة.. كيف تحسن صحة قلبك؟
- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم محمد دايش - ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وكيفية التعامل معها