أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - منتدي القاسم الثقافي بمدني، كيف يكون الشهداء عايشين مع الثوار؟















المزيد.....


منتدي القاسم الثقافي بمدني، كيف يكون الشهداء عايشين مع الثوار؟


جابر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7402 - 2022 / 10 / 15 - 22:33
المحور: الادب والفن
    


- جابر حسين -
-----------------------------------------------------------------

(عِنْدمَا يَذْهَبُ الشُّهَدَاءُ إِلَى النَّوْمِ أَصْحُو، وَأَحْرُسُهُمُ مِنْ هُوَاةِ الرِّثَاءْ
أَقُولُ لَهُم: تُصْبحُونَ عَلَى وَطَنٍ، مِنْ سَحَابٍ وَمِنْ شَجَرٍ، مِنْ سَرَابٍ وَمَاءْ
أُهَنِّئُهُم بِالسَّلامَةِ مِنْ حَادِثِ المُسْتَحِيلِ، وَمِنْ قِيمَةِ الَمَذْبَحِ الفَائِضَهْ
وَأَسْرِقُ وَقْتَاً لِكَيْ يسْرِقُوني مِنَ الوَقْتِ. هَلْ كُلُنَا شُهَدَاءْ؟
وَأهْمسُ: يَا أَصْدِقَائِي اتْرُكُوا حَائِطاَ وَاحداً، لحِبَالِ الغَسِيلِ، اتْرُكُوا لَيْلَةَ
لِلْغِنَاءْ
اُعَلِّقُ أسْمَاءَكُمْ أيْنَ شِئْتُمْ فَنَامُوا قلِيلاً، وَنَامُوا عَلَى سُلَّم الكَرْمَة الحَامضَهْ
لأحْرُسَ أَحْلاَمَكُمْ مِنْ خَنَاجِرِ حُرَّاسِكُم وانْقِلاَب الكِتَابِ عَلَى الأَنْبِيَاءْ
وَكُونُوا نَشِيدَ الذِي لاَ نَشيدَ لهُ عِنْدمَا تَذْهَبُونَ إِلَى النَّومِ هَذَا المَسَاءْ
أَقُولُ لَكُم: تُصْبِحُونَ عَلَى وَطَنٍ حَمّلُوهُ عَلَى فَرَسٍ راكِضَهْ
وَأَهْمِسُ: يَا أَصْدِقَائيَ لَنْ تُصْبِحُوا مِثْلَنَا... حَبْلَ مِشْنَقةٍ غَامِضَهْ!)

- محمود درويش -

علي المستوي الشخصي، سعدت جدا بتدشين وانطلاق فعاليات وأنشطة (منتدي القاسم الثقافي) بود مدني، تخليدا وتمجيدا واجلالا لشهداء الثورة والوطن، وفي ذات الوقت، إعلاْء لقيمة الاستشهاد والشهداء، التي هي، أصلا، تحتل موقعا سامقا في الروح والوعي الجمعي للبشرية قاطبة أيا ما كان دينها وثقافتها وتوجهاتها الفكرية والروحية. فالشهيد، شهيد الفكرة والوطن والثورة، هو، في المبتدأ والمنتهي، هو (قيمة) حياة مكرسة بكاملها، للإستمرار والبقاء في الحياة، وتلامس الخلود وتكون بعضا مضيئا فيه.
علي طول مراحل التاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي لمدينة ودمدني تجد أن هنالك أرواح لا تزال تحلق وتظلل سماواتها وتكتسي بها ملامحها، في الروح الثورية / الثقافية لأهل المدينة وضواحيها كافة: حدث ذلك، ويحدث حتي اليوم، منذ استشهاد (بابكر يابوس) الذي يكاد لا يعرفه وعن ملابسات استشهاده الكثيرون، وعبورا إلي الاستشهاد الانتحاري للشهيد السماني عبد الله الطالب بالصناعية الثانوية وقتذاك، الذي أحرق جسده كله داخل التظاهرة وسط مدينة ودمدني بالقرب من الركن الجنوبي الغربي من عمارة الدمياطي، وأمام لافتات إعلانات السينما التي كان يعدها وينقلها مروجا لها، الراحل محمود برميل، انتحر السماني بعد أن سكب البنزين علي كل جسده ثم أضرم النار فيه، وظل صامتا لم يصدر عنه لا أنينا ولا صراخا ولا هرولة، فظل واقفا في شموخ وبسالة حتي احترق جسده بالكامل وبدأ يتداعي عنه، فعلها احتجاجا ضد قرار حل الحزب الشيوعي 1965م، وكتب عنه الشاعر الراحل علي عبد القيوم يقول:
(يسحقني الحزن لأن الفتي
إذ عطر بالغاز أنفاسه
وأشعل الثقاب ثم أنفجر
قد كان يدري... ويا حسرتي
أن صباحا جميلا عميقا أغر
تحصن من ظلمات الليالي
بجوف كؤوس الزهر
وأغري بهجراننا مهرجان الغمام
ووقع هديل الحمام
ورعش المطر
لكنه... ويا أسفي
وبعد أن أيقظنا
بشرنا بالنصر... ثم انتحر!)*...
ثم الشهيد الفنان التشكيلي طه يوسف عبيد الذي استشهد في انتفاضة العاشر من يناير1982م، وخلده الشاعر الراحل محمد محي الدين في قصيدته الملحمية الرائعة: (عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر)، ونقتبس منها الأجزاء التالية، وتجدونها كاملة علي صفحتي بالفيسبوك:
(لوحة لم تكتمل بريشة طه يوسف عبيد:
لم تتم.
كان (عبد الحفيظ) يصافح أطفال ود أزرق الرائعين
ويشرح أسراره
كيف أعلن سر الرصاصة حل وثاق البنادق
وضح لغز العلاقة بين الدم المتفجر والموت والكسرة العائلية
والقبلة الدافئة
لم تتم.
شرد اللون والريشة أنتفضت
رابطت في الشوارع
و (القرشي) يدخل الآن مدرسة النهر
ينشر كراسة تتوزع فيها المناخات
تلمس ريشته مدن الجوع والبلد المستباحة
تلمس كل القري السكن الموت فيها
القري الحل فيها العذاب وشردت الريح أطفالها
الصبية انتشروا يكتبون النشيد وكراسة الوطن المتوهج
والقرشي يصافح عبد الحفيظ ويرتحلان علي فرس من دم.
أبيض
أخضر
أحمر.
4:
لوحة رسمية:
لا إله سوي البندقية
والحاكمية للشرطة العسكرية
والأمر للأمن والنهي للجند
أن الطمأنينة سائدة أيها الناس
فاعتدلوا وقفوا للصلاة الأخيرة
إنا نشاوركم بدخان القنابل
ثم نخبركم بحديث الزلازل
ثم نبشركم بدم في المنازل
ثم نفاجئكم بالرصاصّ!)...

ونلاحظ هنا، أن تلك الأجواء التي سادت في انتفاضة يناير1985م بمدني هي نفسها الأجواء التي رافقت انتفاضات شعبنا ضد الديكتاتوريات التي رزء بها شعبنا والوطن منذ 1912م و1913م وحتي تجلت، بأجلي ما يكون في ثورة ديسمبر 1998م وحتي يوم الناس هذا، بخاصة بعد انقلاب 25 اكتوبر، وهذا الواقع الذي تعيشه بلادنا وشعبنا اليوم في التراجع والنكوص عن شعارات الثورة. يمضي محي الدين ليكتبها القصيدة عن الشهيد طه يوسف عبيد فيقول:

5:
لوحة شعبية:
(يا يابا يا السني
السني يا السني
يا البلبل الفني
يا المهدي اضمني
هدر الحديد الحديد
والزند فوق الزناد
يا يابا يا السني
ثوب الحداد الجديد
ثوب البلاد البلاد
يا يابا يا السني
رجفت يد الجلاد حين أستمر النشيد
يا يابا يا السني
ويستمر النشيد
ويستمر النشيد)...

6:
لوحة سريالية:
(خرجت الأسماك الذهبية أولا من النهر
وأطلت النجوم التي كانت تختفي في الماء دائما
ونفض النهر قميصه العادي
وأرتدي قميصا أحمرا
وعمامة بيضاء
ترك شارع البلدية وأخترق السوق
أنتبه عمال المجاري يالمادح وبائعة الليمون
ومن قبة (ود مدني السني) خرج الدراويش والكهول
والبنات أسدلن ضفائرهن علي الأسفلت
رواد المقاهي تركوا أحذيتهم تحت الكراسي المكسورة الأيدي
(حمد النيل) كان في المقدمة يحمل رايته الخضراء
(العليش) ترك فروته الرمادية أمام (الكونتيننتال)
وفاطمة القروية كانت تهرول بين (السوق الجديد) و(كلية المعلمات)
كان الاسفلت يبدو جديدا وانيقا
وقف النهر لحظة ليستعيد انفاسه
صعد الشيخ (عبد السيد) و (تاج الدين)
كان (الناطق) يفتح شبابيك النهر
ويحمل (نوبة) من جلد الدمور
وجريدة لم يحن وقت قراءتها بعد
أنفرد (عوض الجيد) بالغناء
وأنفردت (سميرة) بالرقص
واطلقت فاطمة القروية عشرين زغرودة
أنفرد (تاج الدين) بالضحك المتواصل
صفقت الأمواج وطار الزبد الأبيض
أنتبه (حمد النيل) أولا ورفع رايته الخضراء
تغير لونها قليلا
أنتبه الرجال تحت الراية
أصلح (علي عبد اللطيف) عمامته وشمر عن ساعديه
وتحسس (معاوية عبد الحي) خاتم الخطوبة حول أصبعه وابتسم
كانت فاطمة في هذه الدقيقة بالذات
تقف بين النهر الراجل والورشة
ورأت كل شئ:
رجال الحامية، والعلم الأمريكي
كبار تجار المدينة،
وموظفات البنك الدولي ورجال الأمن
والرشاشات محشوة بالحبر والسكر والرغيف...
اطلقت زغرودة أخري
كان النهر يعلو
و (طه يوسف عبيد) محمولا علي مياه النهر الرائعة
يرتدي قميصا من السودان
وهلالا علي جبهته من البرق الذي سوف يأتي
كان (لوركا) يجاذبه أطراف الحديث
و(خليل فرح) يترنم بالمقطع الأخير من عزة
و(غسان كنفاني) يتحدث عن اللون الأساسي في لوحة طه الأخيرة.
أنهمر الرصاص فجأة
وسقط طه يوسف عبيد أولا
سقط للمرة الثانية
تمزقت الصور الملونة
وخرجت المدينة من النهر عارية
تجفف ثقوب الرصاص علي حبل الشمس الغاربة!)...

7: ألوان
(أ)
(أسودا كان لون النهار
وكانت خيوط الأشعة سوداء مصبوغة بالدخان
خطوط الجرائد سوداء
صوت المذيع يندد بالشغب الموسمي
ويعلن للشعب بأسم قوي الشعب
أن الاشارة خضراء
وأن الطمأنينة سائدة
لا إله سوي القبعات.
(ب)
أخضرا كان لون الشجر.
(ج)
أزرقا كان لون النهر.
10:
لوحة حمرا تماما:
أخضرا كان لون الحقول
ولون الغصون واشجارها والعصافير
كانت مياه الجداول زرقاء
والنهر غير أزيائه
والمدارس والمصنع/ الدور
والأحمر الآن
أن الشوارع غارقة في الدم الأحمر
والأحمر لا يكذب، يأتي
في سراويل من الدم يأتي
راجلا يسبق آلاف الخناجر!)...

قصدنا من ايراد هذا المجتزأ (الطويل) من قصيدة محي الدين، أن نستجلي ملامح (الشهيد والشهادة) في الشعر لدي أعظم شعراء ودمدني، ثم أيضا، لأن هنالك (أقتراحا) تم تقديمه للمكتب الثقافي ل(منتدي القاسم الثقافي) بودمني لأقامة (أسبوع) لتخليد ذكري محي الدين يحتوي علي أضاءات حول أعماله الشعرية والمسرحية وتلك التي أصبحت في الغناء اضافة إلي شهادات من معاصريه وعارفي أعماله الأدبية والفنية في تنوعها المثير، الشئ الذي، لا شك، سيكون اضافة معرفية ثرة لأعضاء المنتدي من الشابات والشباب.
وفي مقام الشهداء، أود أن أدعو (المكتب التنفيذي لمنتدي القاسم الثقافي)، ليقوم بتكوين لجنة مصغرة، يؤكل لها جمع وأعداد سيرة ذاتية تضم وقائع استشهاد كل شهداء ولاية الجزيرة ومدينة ود مدني، فهنالك العديد منهم لا تتوفر (المعلومات) عنهم وعن ملابسات ووقائع استشهادهم. خذ مثلا هؤلاء الشهداء:
1: الشهيد أحمد محمد علي أحمد العربي.
2: الشهيد عمر عثمان محمد سليمان.
3: الشهيد محمد آدم علي.
4: محمد عبد السلام بابكر آدم.
5: حسن اليابس (استشهد في أكتوبر1964م قرب اجزخانة عمران).
6: الشهيد عبد المنعم رحمة (وثقت له صحيفة الميدان بملف كامل).
7: الشهيد أحمد عبد الله الخانجي (استشهد في أبريل1985م جوار الأدارة المركزية بالسوق القديم).*
8: الشهيد عبد المنعم رحمة ( استشهد تحت التعذيب فيما بين زنازين الأمن بمدني والحصاحيصا، 17/9/1994م). ونحمد لصحيفة (الميدان) توثيقها، بملف كامل، لهذا الإغتيال المروع تحت التعذيب، والتجلة للمحامين الديمقراطيين الشرفاء الذين بعثوا بالقضية إلي عدالة القضاء بمحكمة ود مدني، وعقدت جلستان حتي الآن.
9 : الشهيد محمد فيصل خلف الله (شعيرية)، اغتياله مأساة مرعبة: شعيرية أكبر أخوته ( أبو بكر ومآب)، كان يدرس في السنة النهائية، تخصص محاسبة بجامعة ود مدني الأهلية. أستشهد مساء الخميس....
وعقب صلاة الجمعة اليوم التالي أبلغ د. محمد إبراهيم اخصائى الصدر والده يالوفاة! والدته السيدة/ ماريا أبو بكر حجازي، أصيبت هي الأخري في ذات المكان الذي أستشهيد فيه أبنها، أصيبت في الرأس بواسطة
(دبشك) من القوات الأمنية. أما الشهيد شعيرية، فقد سبق أن أصيب في أحد المواكب في السابق بكسر في أحد اضلاعه، والجدير ب ( التوثيق) هنا أن جاره بالحي الشهيد محمد عبد السلام. شعيرية أصيب هو ووالدته في موكب 17/ يناير/2022م في المنطقة الواقعة بين القسم الأول والمدنيين. الشهيد شعيرية، عندما علم باصابة والدته توجه فورا لموقع والدته، وعند وصوله إليها في موقع اصابتها، أطلقوا عليه الرصاص الحي فأصابوه في الفك وفي السلسلة الفقرية!!*
10: الشهيد محمد عبد اللطيف محمد علي ، من أبناء ود مدني، أستشهد في 24/3/2022م.
11: الشهيد عمر عثمان، من أبناء ود مدني، أستشهد في مجزرة القيادة العامة بتاريخ 11/4/2019م.*
12: الشهيد حامد أبو القاسم (أبو العاص)، طالب بكلية الهندسة بجامعة الجزيرة حتي اغتياله في 13/1/2008م. اغتالته الأيدي المجرمة لطلاب المؤتمر الوطني حين هاجمته مجموعة منهم، وأتاه من الخلف أحدهم مسددا له طعنة قاتلة بسكين، الطعنة بعمق 10سم بحسب تقرير الطبيب، ومنعوا الطلاب من الاقتراب منه منعا لإسعافه، التحريات أثبتت الإتهام في مواجهة القتلة: أحدهم من منسوبي المؤتمر الوطني بالجامعة، وثلاثة من خارج الجامعة!
13: الشهيد ميرغني محمد شريف (أبو شنب)، أستشهد بالقاهرة خريف 2005م نتيجة للتعذيب الوحشي عليه بزنازين السرايا التابعة للأمن، وفشلت المحاولات الكبيرة لإنقاذه من الموت!!*
14: الشهيد أحمد محمد يوسف الطالب بالصف الثالث الثانوي من قرية ود النور بمحلية جنوب الجزيرة، أستشهد جراء طاقة بالرأس في تظاهرات واحتجاجات ود مدني ضد حكم الكيزان في سبتمبر 2013م.*
وبالطبع، سيحتوي السجل بحالات الإصابات الجسيمة التي أسفرت عنها عاهات مستديمة، وعلي رأس هذه القائمة الشابة آلاء عبد الرحمن التي فقدت عينها اليمني، وغيرها من المصابين/ت، تلك مهمة واجبة الحرص علي انجازها في سجل الشهداء.

أما (منتدي القاسم الثقافي)،فقد جري اعلان تسميته علي أسم الشهيد أبو القاسم محمد موسي، المولود بود مدني في 15/11/1998م وأستشهد وسط حيه، بحي المدنيين في 24/1/2022م.
القاسم أستشهد، وسط أهله وأسرته ورفاقه من الثوار/ت!. تقول عنه رفيقة حياته ونضاله هديل يوسف: (ما كان بيقرأ، كان بيشتغل في ركشة، وضع الأسرة شوية تعبان، وبعد الوفاة بنو ليهم بيت في (عترة) بتبرعات. عندو 4 أخوات بنات وعندو أخو واحد أكبر منو، وأمو وأبوه عايشين الحمد لله، مكان الاستشهاد قدام فارس بتاع الطعمية).*
رحل شهيدا، وترك، لرفاقه ورفيقاته في الثورة، أرثا غنيا وثرا تمثل فيما كان يطرحه لهم عند لقاءاتهم: ضرورة تشييد مركز ثقافي يلم كل أطروحاتهم في شأن الثورة والوطن والثقافة في تنوع موضوعاتهما، لتنهض بها في معيتهم، المدينة وأهلها، تمتد وتمتد، من بعد، إلي الولاية كلها وإلي خارجها في أرض السودان علي أتساعها. هكذا، قام رفاقه، بعد استشهاده، بتدشين انطلاقة هذا المنتدي: (منتدي القاسم الثقافي) تخليدا لذكراه ولكل الشهداء في مدينة ود مدني وفي ولاية الجزيرة بأسرها. وبمنتهي الحرص والثورية تم اقرار لائحة داخلية للمنتدي تنظم وتضبط عمل وشئون العضوية، وفي ذات الوقت، تم اختيار رئيس للمنتدي وسكرتارية وأمانة عامة ومكاتب متخصصة تتابع وتشرف علي قرارات المنتدي وتنفيذاتها. وعلي الفور، وفي سعي وثقة، شرع المنتدي في تشغيل فعالياته وأنشطته المتنوعة، بدأ العمل في موقع (دار المحامين) بودمدني بالقرب من شارع النيل، حيث استضاف اتحاد المحامين، بخطوة واعية وذات اقتدار لمهام وواجبات المرحلة، أنشطة وفعاليات المنتدي.
وهكذا، والحال كذلك، فقد شرع المنتدي لفوره في اعداد وتنفيذ فعاليات متنوعة، ثرة وذات جدوي كبيرة في اشاعة الوعي والنهوض به في وجهات مسار المرحلة الراهنة من تطور الثورة وتحقيق اهدافها: ندوة كبري بدار المحامين بود مدني 11/3/2022م، ( ثورة أكتوبر 1964م، الفرص والتحديات) قدم الورقة الشاب نصر الدين عاطف جدو، حظيت الفعالية بحضور كبير ونقاشات وحوارات غنية شملت وقائع التمهيد للثورة وأحداثها وواقعها وتداعياتها، بما فيها (الفترة الانتقالية)، ايجابياتها وسلبياتها، تماما مثلما يحدث في واقعنا الراهن اليوم. اعقبتها ندوة تفاكرية في ذات الدار ... (تجربة مقارنة فيما بين الاتحاد التونسي للشغل وتجمع المهنيين السودانيين)، قدمها الشاب عراقي... ، وكانت، بحق، حوارية ممتازة تحتاجها المرحلة، وتساهم في تبيان الرؤية ووضوح المواقف التي تذخر بها المرحلة الراهنة. ثم كانت الندوات الكبري في الميادين، تخليدا لأرواح الشهداء قاسم وشعيرية ومضوي: في ميدان بانت 18/3/2022م، وميدان المولد 19/3/2022م، هذا بجانب افطارات رمضانية لتخليد الشهداء أمام منازلهم، وجلسات حوارية داخلية لأعضاء المنتدي حول عمل وتشغيل اهداف المنتدي وأقامة معرض للكتب بالتعاون مع (مكتبة الوراقين) بالخرطوم، وقد تجول المعرض فيما بين شارع النيل والجامعة الأهلية، وجري الإعلان عن البدء في اقامة مكتبة عامة خاصة بالمنتدي. جري كل ذلك حتي أقامة الفعالية الثقافية الكبري بدار المحامين 22/4/2022م شارك فيها الشعراء: عثمان بشري ومحمد مدني أضافة إلي شعراء من مدني، صالح علي صالح وأخرين. والفنانة الكبيرة نانسي عجاج والتي تم الإعلان عن اختيارها وتسميتها رسميا، (الرئيسة الفخرية) للمنتدي. ومن مشاركات المنتدي ذات الدلالات الكبيرة مشاركته في تأبين الشهيد محمد (دينمو) بمدينة رفاعة بدعوة من لجان مقاومة رفاعة، ومشاركة في تشييع شهيد الجنيد.
هذه الكتابة، تتطلب من المنتدي، مراجعة بياناتها، وتصحيح ما يستوجب التصحيح وما يستدعي الاضافة أو الحذف. وقد قصدنا منها الشروع في اعداد (سجل)، كامل ومكتمل للشهداء، وعلي التأكيد سوف يكون ذلك، عملا ضروريا ومهما، في كتاب يوميات الثورة السودانية المجيدة، تاريخا خالدا للثورة في ضمير شعبنا.


هوامش:
--------
* مدني هي عاصمة ولاية الجزيرة بالسودان.
* المعلومات عن استشهاد شعيرية، أنظر صحيفة الجريدة 23/1/2022م.
* الشهيد ميرغني محمد شريف (أبو شنب)، أنظر مقالنا عن تعذيبه ووفاته (إلي والي ولاية الجزيرة، يوصل ويسلم)، نشر في: صحيفة الميدان، الحوار المتمدن بالنت، وعلي صفحتي بالفيسبوك، وجميعها بتاريخ 14/8/2020م.
* الشهيد الخانجي هو خال الشاعرة إيمان عابدين الموظفة بديوان الضرائب بمدني، وقد علمت، من الأستاذ تاج الأصفياء عثمان سعد، وهو شاهد عيان، أن محضر العمليات علي الزبير قد أستلم مقتنياته الشخصية عقب أستشهاده.
* الشهيد محمد عبد اللطيف محمدعلي، المعلومة من صفحة الناشط الشاب أحمد سلاجة، نشرها بصفحته علي الفيسبوك بتاريخ 25/3/2022م.
* الشهيد عمر عثمان من أبناء ود مدني وأستشهد بمجزرة القيادة العامة، برصاصة في الصدر، أنظر المزيد بصفحة (مجزرة القيادة العامة) بالفيسبوك.
* الشهيد ميرغني محمد شريف (أبو شنب)، جري تعذيبه بقسوة ووحشية بواسطة أفراد جهاز الأمن بود مدني، وكعادتهم، أطلقوا سراحه وهو علي مشارف الموت القريب. أدعوا (منتدي القاسم الثقافي) ليقوم بأحياء القضية بمساعدة مستحقة من المحامين الشرفاء والديمقراطيين بمدني وغيرها، وتفيد معلوماتنا أن الشهود أحياء ومستعدون للشهادة. للمزيد من المعلومات، أنظر مقالنا بعنوان: (إلي والي ولاية الجزيرة، يوصل ويسلم)، نشر بصحيفة الميدان/ الحوار المتمدن علي النت/ وعلي صفحتي بالفيسبوك، وجميعا بتاريخ 14/8/2020م.
* الشهيد الطالب بالثانوي أحمد محمد يوسف، أنظر المصدر السابق.



#جابر_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كمال الجزولي شاعرا.
- المسافرة، أو شبابيات حسن عثمان
- عن التمادي في الفشل، وتجاهل أهداف الثورة والهرولة لتحقيق الم ...
- القدال ما مات، عايش مع الثوار...
- في رحيل سعدي ولميس، هل تكف مغامرات وتجاريب الشعر؟
- حماية الإبداع والمبدعين، لماذا وكيف؟
- الغناء في الراهن الفني ومستقبله، ما تقوله نانسي عجاج، ورؤياه ...
- بستان الخوف، الرواية التي أفزعت الأخوان المسلمين فصادروها وم ...
- في التعليم السياسي في السودان.
- أبو عيسي، عن الموت الذي يرافق الحياة
- يوسف حسين، حياة بكاملها منحها للحزب الشيوعى.
- طيب تيزينى، راجع التراث، ثم نظر إلى حالنا، ورحل!
- عن المرأة التى فى حياتنا، والآن فى الثورة.
- فى الميدان، الآداب والفنون تؤازر الثورة والثوار.
- رسائل إلى نورا: فى الطريق إلى الميدان.
- فى تذكر استشهاد حسين مروة.
- ياعيب الشؤوم، كمال الجزولى معتقلا لايزال!
- الحرية للأستاذ المناضل كمال الجزولي وكافة المعتقلين السياسيي ...
- أكتوبر، يوميات الثورة في الشعر والأدب والفنون.
- طيور إيمان شقاق، ورؤيتها للوحة الصلحي.


المزيد.....




- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - منتدي القاسم الثقافي بمدني، كيف يكون الشهداء عايشين مع الثوار؟