أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - القاسمي بدرالدين - حوار مع الروائي أحمد الخشين: حكاية...المقص والقلم.















المزيد.....

حوار مع الروائي أحمد الخشين: حكاية...المقص والقلم.


القاسمي بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 7389 - 2022 / 10 / 2 - 20:44
المحور: الادب والفن
    


أحمد الخشين...حكاية المقص والقلم!
حوار أجراه معه د. القاسمي بدرالدين


كان اللقاء الأول مجرد صدفة خلال اقامتي بطنجة لقضاء ما تيسر من عطلة الصيف. عندما ترجلت من سيارة الاجرة، سرت خطوات في أحد الأزقة، وإذا بنظري يقع على بعض العبارات المسبوكة الملصقة على الزجاج والحاثة على القراءة وطلب العلم والمعرفة، وكانت وراءها تقبع بعض الكتب. تجاوزت المحل قليلا وعقلي ما يزال يحلل بعض الرموز بشكل سريع وخاطف، هل هاته مكتبة؟ وسرعان ما استدركت وعدت ادراجي لأتأكد، وعند ولوجي المحل، وجدته مخصص للحلاقة وكان بداخله رجل سبعيني تمكن الشيب من رأسه. وبعد التحية، تناولت كتابا وتبصرت غلافه، فتفحصت عنوانه وجنسه واستقرت بي عيناي على نبذة لكاتبه مرفوقة بصورته، فأدركت حينها حجم الشبه بينهما، أقصد صاحب الكتاب والحلاق القاعد أمامي، فتوجهت اليه بسؤال عن القرابة بينهما، فرد: "أنا الحلاق صاحب الكتب".
وبعد حديث قصير دار بيننا، اقتنيت منه رواية "اليتيم الذي حظي بالوصية"، والتي رفض استخلاص ثمنها مني، ربما لأنه استلطف حديثي معه، فوعدته أن أقرأها وأن أعود لإجراء محادثة معه بخصوص مؤلفه وحياته.
أتحدث هنا عن الاستاذ أحمد الخشين، وهو روائي وقاص من مواليد خمسينيات القرن الماضي بمدينة شفشاون، صدر له مجموعة من الاعمال القصصية والروائية منذ سنة الفين والتي نوردها حسب ما يلي:
الدنيا في معجم الحلاق، أيام من دنيا الحياة، في رحاب الناس، شيوخ الطريقة المبجلين، من المسؤول عن فطمة، جعلوني لقيطا، واليتيم الذي حظي بالوصية، والعمل الاخير سيكون محور نقاشنا.
ولا يخفى أن الرجل مكتبة شامخة متحركة وأرشيف نادر يحفظ طي ذكرياته لقاءاته مع زبائن من المثقفين الذين مروا من محله من أمثال شكري والطبال وغيرهم من الناس كبر شأنهم أو صغر، والذين تحولت أحاديثهم الى مادة دسمة وغنية استقي منها متنه القصصي.
س: من الصفحات الأولى، يبدو أننا لسنا أمام رواية عادية، انما يمكن القول أمام سيرة ذاتية تتناول فيها نفسك بضمير الغائب، وأنت تتحدث عن الطفل الصغير الذي هو أنت والذي كبر معك، فما سبب هذا التمويه؟ ولماذا هو بدل انا؟
-كانت هاته الرواية هي أول ما كتبت ربما أواخر السبعينيات وفيها تناولت طفولتي وبداية شبابي وبقيت محتفظا بها، وحين أتيحت لي فرصة طبع أعمالي لم أشئ طبعها فقد كنت متحفظا على بعض الأشياء. أما مسألة الحكي بضمير الغائب فالغرض منها هي ترك مسافة بيني وبين ذاك الطفل اليتيم المسكين الذي كنته فيما مضى وأيضا لدفع القارئ للتساؤل.
س: في كثير من المواضع داخل روايتك، تتحدث عن شغفك بالمدرسة وعن الجرح الغائر جراء مغادرتها في سن مبكرة دون اكمال تعلمك، فكيف قاوم سي احمد بعده عن المدرسة، وكيف نال حظه من المعرفة والعلم بشكل عصامي وتكوين ذاتي؟
-بعد مغادرتي المفاجئة للمدرسة بسبب ظروفنا المادية القاهرة آنذاك. اعتكفت على قراءة الكتب، ولم أستطع أبدا التخلي عن شغف القراءة والمطالعة، وازداد ارتباطي بالكتاب قوة، فكان رفيقي وأنيسي دوما.
س: كيف كنت تختار ما تقرأ؟ ولمن كنت تقرأ أكثر؟
-في الحقيقة، كنت أقرأ بشكل اعتباطي، أي كتاب كنت أصادفه كنت أتصفحه، لأني لم أكن أجد من يوجهني في ذلك. فأطلعت على زمرة من المثقفين والكتاب المشارقة منهم والعرب بصفة عامة، من أمثال طه حسين والعقاد وبدر شاكر السياب وجبران خليل جبران ومخائيل نعيمة وغيرهم، لدرجة أنني كونت صداقة خيالية معهم، لكن يبقى لإحسان عبد القدوس وعبد الكريم الطبال الحظ الأوفر في حياتي اذ أني تأثرت بهما بشكل كبير فكانا أحب الكتاب الى قلبي، أما الكتاب الغربيون وبحكم جهلي باللغات الأجنبية فقد كنت أقرأ لهم ترجمات فقط، خصوصا الذين كانوا يدرَّسون بالمؤسسات التعليمية، ونظرا لاحتكاكي بالتلامذة فقد تعرفت على بلزاك وهيجو مثلا.
س: كيف نشأت فكرة الكتابة لديك؟ وكيف كانت بدايتك ومحاولاتك الأولى؟
-بالنسبة للكتابة فقد كانت أولى محاولاتي خلال أواخر السبعينيات حين انتقلت الى مدينة طنجة، وبحكم طبيعة عملي الذي جعلني ألتقي بكل أصناف المجتمع: مثقفون، شباب، موظفون، عمال، كهول...وتقاسمهم لتجاربهم وطرائفهم بدكاني فقد تشكلت برأسي مادة روائية غنية وخصبة رغم أنه كان في البداية يملئني شعور بالتردد والخوف...أما تأخر نشر أعمالي فقد كان السبب فيه ضعف الامكانات المادية، الى ان أتى اليوم الذي زارني فيه خالد السليكي الى دكاني من اجل قص شعره، وهو ناشر معروف بالمدينة والمغرب، ففاتحته في الأمر وأخبرته أن لي بعض الأعمال المكتوبة، فشجعني كثيرا على اخراجها الى الوجود وتقاسمها مع القراء المفترضين. فقضي الامر.
س: ورد في روايتك، أن العديد من الكتاب والمثقفين مروا بمحلك وكان بعضهم من زبائنك. من هم هؤلاء الأشخاص بالتحديد؟ وكيف كانت علاقتهم بأحمد الخشين الكاتب وليس الحلاق؟
-نعم مر منهم الكثير من هنا ومنهم من صاروا من أصدقائي وزملائي. وعلى سبيل المثال اذكر السفياني، الطبال وشكري (هنا استدركت وسألته عن شكري). بالنسبة لشكري لم أكن أعرفه جيدا او ربما لم اسعى للتعرف اليه آنذاك رغم قرب مسكنه من الحي الذي أقطن به، بسبب ما كان يروج عليه من أحاديث تصفه بالسكير ولكوني كنت مستقيما ومتدينا كنت أرفض وأتحاشى القعود في مجالسهم والسهر معهم كلما الح على أحد من أصدقائه المقربين. أما عن علاقتهم بالكاتب فلذلك شأن أخر، لم تكن نظرتهم لي طبعا متجانسة، هناك من كان يستصغرني ويرى في فقط الحلاق ذو المقص والمشط، وهناك من كان يشجعني ويسألني عن تقدم أعمال ومنهم من كان يقتني نسخة مني لقراءتها.
س: وأنت تحكي بطرافة عن واقعة طلب رخصة ادارية للبناء خلال السبعينيات، وما واجهته من تمييز وعنصرية من قبل الموظف، خلصت في الصفحات الأخيرة، أن مصدر الفساد بهذا البلد هو الرشوة والمحسوبية، فكيف ذلك؟
-واقع الحال يؤكد لنا بالملموس أن المظاهر هي المعيار الأساس وليس الجوهر، فالناس لا تنظر اليك على أساس أنك انسان ولكن تنظر الى نسبك لباسك مكانتك الاجتماعية وما تملك، وهاته اعاقة تشوب ثقافتنا ففي الغالب ننظر باحتقار لمن يصغرنا او يختلف عنا. أما سبب جزمي أن الفساد اليوم يرجع الى تفشي الرشوة والمحسوبية بين الادارات والمؤسسات فهو كثرة القصص التي تسرد على ألسنة زبائني الذي يشتكون منها بشدة. وأذكر أنه لما تسلمنا مؤسساتنا بعد الاستقلال مباشرة اختفت الاستقامة والنزاهة والشفافية، والغريب أنه في زمننا كانت الرشوة تعطى في الخفاء وبتستر أما اليوم فبشكل مفضوح ودون خجل.
س: مرت على اقامتك بطنجة ازيد من خمسين سنة على ما يبدو، فكيف تجد طنجة اليوم مع طنجة البارحة؟
-طنجة في الواقع مدينة جميلة وكانت رمز التراث والأصالة والتنوع الثقافي، لكنها اليوم وللأسف فقدت ماء وجهها بسبب الفساد والانحلال الاخلاقي ...طنجة تعرضت للابتزاز
س: وانا اتصفح روايتك وبعض الاجزاء من قصصك، وجدت أنك تتميز بأسلوب بسيط ومباشر وغارق في الواقعية، فما السر في تبني هذا الشكل في الكتابة؟
-الخيال يبقى خيالا والواقع واقع. وتمسكي بالواقع ناجما عن ارتباطي بمعيشي اليومي وما يحكيه زبائني حين يلجون محلي، فهم يشكلون مصدر غذائي سواء المادي أو اللامادي. أما عن الأسلوب وبساطته، فكما تعلم أنا لست أكاديميا كما ان تعليمي لم يكن علميا صرفا انما تكويني ذاتي واجتهاد شخصي فقط.
س: كيف يرى سي أحمد سياسة الطبع والنشر اليوم خصوصا وأن المصاريف يتكبدها الكاتب نفسه؟
-نادرا ما يتم التشجيع. والكاتب في الغالب هو من يتحمل كامل مصاريف الطبع، وحتى دور النشر لا يقع على عاتقها شيء اذ هي الأخرى لديها التزاماتها ومستخدمون ينتظرون صرف أجورهم عند اخر الشهر لهذا يتدبرون هم عينهم أمورهم المادية من أجل ضمان استمراريتهم.
س: وماذا عن القراءة، هل يحظى اليوم الكتاب بالعناية الكافية؟
-مع الأسف هذا الجيل لا يقرأ رغم توفر الامكانات لذلك، فالكتب متوفرة في كل مكان بالمجان أو بأثمنة جد مناسبة، والسبب يعيد في نظري الى غياب الذوق الثقافي في تربيتنا فالكتاب ليس جزءا من معيشنا اليومي، على عكس الأجانب، فمازلت أذكر أحد السياح الالمان الذي اقتنى كتابا من بين كتبي وحين واجهته بجهله بالعربية قال لي أن له صديقا هناك يدرس العربية وهو من سيترجم له محتوى الكتاب، وتفاجئت بعد ثمان أشهر من غيابه يطلب مني من كل مؤلف نسخه، وهنا أدركت أن المسألة كلها متعلقة بالشغف والرغبة في المعرفة والاطلاع.
س: هل من مشاريع أدبية مستقبلية؟
-لم اعد متحمسا للكتابة، فمن جهة قلت كل ما كان عندي، أما من جهة أخرى فانه لم تعد عندي القدرة المادية لتحمل أعباء كتاب أخر، بالكاد كنت أدخر بعض المال لتغطية مصاريف الطبع كما أن الكتب لا تعرف رواجا، فلا يعقل أن تبيع طوال سبع سنوات أقل من أربع مئة نسخة، صحيح أن كتابي الأول نفذ بسرعة لكن باقي الكتب لا.



#القاسمي_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغش في امتحانات الباكالوريا : من سلوك فردي إلى سلوك مؤسساتي
- رسالة في التعايش والتسامح


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - القاسمي بدرالدين - حوار مع الروائي أحمد الخشين: حكاية...المقص والقلم.