أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - كريستين إيرو - جنازة اليزابيث: مسرحية من القرون الوسطى … احتفاء العالم القديم الجنائزي بملكته. عالمٌ يجب إسقاطهُ















المزيد.....

جنازة اليزابيث: مسرحية من القرون الوسطى … احتفاء العالم القديم الجنائزي بملكته. عالمٌ يجب إسقاطهُ


كريستين إيرو

الحوار المتمدن-العدد: 7377 - 2022 / 9 / 20 - 23:22
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


تجري اليوم الإثنين الجنازة الباذخة لإليزابيث أمام منصة رؤساء دول من العالم برمته، في لحظة أساسية ضمن احتفاء مفعم بالفُحش والخنوع والذل تنظمه، منذ وفاتها يوم 8 سبتمبر، الدولة الإنجليزية وأقوياء هذا العالم، مع اهتمام بالغ من كل وسائل الاعلام. إن التوالي اللانهائي لطقوس التكريم المُستعرِضة أُبهة الملكية الإنجليزية تريد البروز كدليل على الحماسة الشعبية، كأنه يجب على كل السكان، من أغناهم حتى الطبقات الشعبية والعمال/ات، أن يُبدوا احتراما، ويركعوا أمام مؤسسة القرون الوسطى هذه، ورمز سلطة الطبقات السائدة.

آخر خدمات الملكة للطبقات السائدة

ثمة إشادة بالإجماع، من ماكرون إلى بوتين، من قبل كبار هذا العالم، ملكيين وجمهوريين وطغاة “بملكة استثنائية،” و”شخصية مقدامة” و”مصدر إيحاء”، وبوفاء ملكة خدمت بلا هوادة منذ 70 سنة مصالح الإمبريالية الإنجليزية والطبقات السائدة.

عبروا جميعا بنفس الكلمات المولعة بصدق، متيَّمين بهذه الشخصية الشهيرة وبهذه الأبهة وهذه الثروة، المعبرة عن وفاء لا تشوبه شائبة لدين الطبقات السائدة، أي المِلكية الرأسمالية التي كانت هذه المرأة المجتازة للعواصف، والمغطية لجرائمهم وفظاعاتهم الدامية رمزا لها.

كانت الملكة تمنحهم، في زمن أزمة عالمهم التي لا مخرج منها، الوهم المفعم بالحنين بشأن سلطة أبدية، وتسدي لهم خدمة أخيرة بأداء دورها في استمالة العمال والشعوب إلى جانب مصالح الطبقات السائدة.

وخلفها يلوح الملك الشاب العجوز، رامزا بنفس القدر إلى انحطاط هذا العالم الفاسد والمفلس كما كانت هي طيلة حقبة ازدهارها الدامي.

استحسن معظم سياسيي اليسار، المفتونين بالسلطة والمحترِمين بنفس القدر لنظام الطبقات السائدة، على جانبي الحدود، أن يسهموا في هذه المسرحية المشؤومة والمثيرة للرثاء.

يجب الابتعاد عن القصور ليُعبِّر عن نفسه الحقدُ إزاء هذه الأسرة الملكية وملكتها التي استُقبلت وفاتها في ايرلندا بمشاهد فرح جماعي، كما في دُري Derry في أثناء حفلة موسيقية، حيث ردد الجمهور الشعبي شتائم ضد الملكة، وبعدم اكتراث في ضواحي المدن العمالية من مانشستر إلى ليفربول حيث السكان اليوم ملزمون بالاختيار بين الأكل والتدفئة.

فقد كانت اليزابيث رمز السيطرة الإمبريالية البريطانية وأداتها، ورمز الاضطهاد الاجتماعي والاستعماري للعمال/ات وللشعوب. الملكية هي اليافطة الرسمية لتلك السيطرة المستمرة التي تشارك فيها مباشرة عائلة ميندسور الكبيرة، ممثلة خامس ثروة في إنجلترا بحجم أعمالها وأسهمها في البورصة ومراكزها التجارية ومنشآتها، وغيرها من محطات مولدات الطاقة الريحية… وتعيش مع ذلك على نفقة الدولة ودافعي الضريبة البريطانيين. ويمثل طابعها الطفيلي شتيمة للطبقات الشعبية وللعمال البريطانيين التي يكابدون أزمة غير مسبوقة، وتقهقرا اجتماعيا عاما.

ليست عملية الإخراج المسرحي العالمية المذهلة للحِداد ولجنازة الملكة، التي تتصدر كل وسائل الإعلام، سوى الصدى المتأخر للمكانة التي تبوأتها البرجوازية الإنجليزية في تطور الرأسمالية وتاريخها، التي رمزت إليها في بدايتها ملكة أخرى، الملكة فيكتوريا.

إنها إشادة أسياد العالم، الصغار والكبار، حتى من كانوا ضحايا هذه الملكية الماضوية التي يدينون لها في آخر المطاف. وفيما انهارت إمبراطوريتها، وتعولمت الرأسمالية، رغم انحطاط الرأسمالية البريطانية، يستمر نفوذ البرجوازية الإنجليزية حتى اليوم عبر الكومنويلث، أحد البقايا الآفلة للاستعمار والسيطرة الإمبريالية.

الكومنويلث… تأبيد امتيازات البرجوازية الإنجليزية

في إطار الملكية الدستورية هذا تطورت الرأسمالية الإنجليزية والإمبراطورية البريطانية القوية “التي لم تكن تغيب عنها الشمس”، والتي بسطت سيطرتها على العالم حتى متم الحرب العالمية الأولى. كان التاج البريطاني، المشيَّد على اضطهاد واستغلال عنيف لليد العاملة للشعوب المستعبدة، من الهند إلى أفريقيا، وعلى نهب الموارد، يمثل مصالح تلك الرأسمالية ويدافع عنها. كانت الإمبراطورية، لحظة اعتلاء الملكة اليزابيث العرش في العام 1952، آفلة، وقد هزتها الموجة الثورية للشعوب المستعمرة. وأشرفت على نزع الاستعمار، الذي لم يكن بد منه وكان عنيفا وداميا. بدأ في الهند، التي نهشتها المواجهات بين الإخوة والنزاعات الاثنية والدينية التي فاقمتها الإمبريالية البريطانية ذاتها. وكان تقسيم البلد في العام 1947 تتويجا لمـأساة رهيبة أسقطت نصف مليون قتيل، وأدت إلى نزوح 10 إلى 15 مليون هندي. وكانت اليزابيث القائدة العليا للجيش البريطاني عندما سحق في العام 1948 الانتفاضة الشعبية الشيوعية في ماليزيا، وفي كينيا، حيث خلف قمع الانتفاضة شعب ماوماو بين عامي 1952 و1956 زهاء 100 ألف قتيل.

لم تحسم الإمبريالية البريطانية أمر التخلي عن أفريقيا سوى في العام 1960، مضطرة للتخلي عن الإدارة المباشرة لمستعمراتها، وأبَّدَت نفوذها ومصالحها الاقتصادية عبر الكومنويلث، مستعملة العظمة السابقة للملكية رمزا لوحدة إمبراطورتيها السابقة واستمراريتها. جابت الملكة العالم للحفاظ على هذه “الأسرة”، كما كانت تسميها، التي تتيح للبرجوازية الإنجليزية الحفاظ على الروابط الاقتصادية الامتيازية مع 56 بلدا ذي سيادة اليوم، منها زهاء 20 بلدا افريقيا يمثل 2,5 مليار من السكان، ثلث البشرية.

الملكة دعامة أبدية لكل الحكومات التي خاضت الحرب الطبقية على العمال

كانت الملكة ضمانة لكل الحكومات التي شنت منذ سنوات 1970 الهجوم الليبرالي للبرجوازية على العمال، مؤبدة الكذبة المقيتة عن وحدة المملكة، بينما عالم الشغل عرضة لهجوم كاسح، وتاتشر تحطم إضراب عمال المناجم، وتقضم الأجور وتُخصْخِص مجمل البلد.

وقد غطت الملكة المرأة الحديدية بعار صمتها لمَّا تركت هذه الأخيرة في 1981 المناضل الإيرلندي بودي ساندس Bobby Sands وتسعة من رفاقه يموتون بتبعات إضرابهم عن الطعام من أجل الحصول على وضع معتقل سياسي. كانوا يناضلون من أجل استقلال إيرلندا الشمالية التي فرضت عليها المملكة المتحدة احتلالا داميا طيلة عقود، مطوقة عسكريا الأحياء الشعبية الكاثوليكية، رافضة ربطها بإيرلندا الجنوبية. كان البروتوكول يفرض على الملك الجديد أن ينتقل إلى بلفاست لتلقي احتفاء أنصاره السياسيين الأبديين الوحدويين، في احتفال وقح يرمز إلى ذلك النظام الاستعماري المتجاوز الذي يخنق الإرادة ويضطهد أغلبية سكان ايرلندا الشمالية ويشُلُّ العمال…

لا وحدة وطنية مع العالم القديم، العالم الجديد ملك للعمال وللشعوب

حلت وفاة الملكة في عز أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية، مع أكبر تراجع لمستوى العيش منذ الأزمة الكبرى وحركة إضرابات عمالية قوية دفاعا عن القدرة الشرائية وظروف الحياة والعمل.

بينما يتفاقم صراع الطبقات وتشن حكومة ليز تراس الهجوم على عالم الشغل، خدمةً للطبقات السائدة، أوقف البروتوكول العتيق لوفاة الملكة البلد، فارضا خداعة المصالحة الطبقية التي يدعي أنه يجسدها. وحتى القيادات النقابية الإنجليزية، المندمجة في النظام الاجتماعي، والمحترمة للأقوياء، وافقت على كذبة الوحدة الوطنية بتعليق إضراب البريد وسكك الحديد، وأشاد الاتحاد النقابي الرئيسي Trades -union- Congress بما سماه “سنوات الخدمة المخلصة التي قدمتها الملكة للبلد”.

إن الطبقات الشعبية لا يربطها أي شيء بهذه الملكية القروسطية، هذه المؤسسة الطفيلية الممثلة أحد أعمدة الرجعية مع حليفتها الكنيسة الأنغليكانية، التي لا فائدة منها غير تجسيد سلطة ذوي الامتيازات والسيطرة على العقول وإخضاعها. إن العمال والشعوب بتخلصهم من هذا الركام من أجل تحررهم، وحملهم “كَفَنَ العالم القديم”، كما يقول نشيد عمال نسيج ليون المنتفضون في القرن 19، يحملون الحداثة، ومستقبل عالم حر من كل الامتيازات ومن كل استغلال ومن كل سيطرة وخضوع.

ترجمة المناضل-ة



#كريستين_إيرو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنازة اليزابيث: مسرحية من القرون الوسطى … احتفاء العالم القد ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - كريستين إيرو - جنازة اليزابيث: مسرحية من القرون الوسطى … احتفاء العالم القديم الجنائزي بملكته. عالمٌ يجب إسقاطهُ