|
أسباب الأزمات التنظيمية وكيفية مواجهته؟
حمدي سيد محمد محمود
الحوار المتمدن-العدد: 7360 - 2022 / 9 / 3 - 12:31
المحور:
الادارة و الاقتصاد
يتميز عصرنا بالعديد من الأزمات التي اتخذت بعدا استراتيجيا، لكونها تمثل تهديداً مباشراً لحاضر المنظمات ومستقبلها، والتي قد تؤدي إلى كارثة إذا لم يتم التعامل معها بالأسلوب والطريقة الأمثل، ومن هنا بات من الصعوبة بمكان إدارة مثل هذه الأزمات إذا لم يتم تحديد أسبابها تحديدا دقيقا، ولا يمكن تشخيص أسباب الأزمة إلا بالوقوف على أدق التفاصيل وأصغرها، حتى يتمكن مديروا الأزمة من الخروج منها بأقل قدر ممكن من الخسائر، بل وتحويل الأزمة إلى فرصة في بعض الأحيان. وتعتبر الأزمات أحداثًا مهمة ومؤثرة في حياة الإنسان؛ سواء تعلق الأمر بالأفراد أو المنظمات أو البلدان ، فقد أصبحت الأزمة جزءًا لا يتجزأ من الحياة وتشكل مصدر قلق للقيادة والمسؤولين والأشخاص العاديين على حد سواء بسبب التغيرات الحادة والمفاجئـة فـي البيئـة الـسياسية والاقتصادية ولاجتماعية من جهة؛ أو عدم قدرة الإدارة المسئولة على تبنـي نموذج يتناسب مع التغيرات الناشئة عن الأزمة من ناحية أخرى. وكما نعلم فلكل أزمة مقدمات تدل عليها، وشواهد تشير إلى حدوثها، وأسباب حدوث الأزمات كثيرة و متعددة، وعلى الباحث المدقق والإداري الناجح أن يكشف هذه الأسباب وأن يحدد جوانبها وأبعادها ويشخصها تشخيصاً جيداً حتى يتمكن من التعامل معها وإدارة الأزمة بنجاح، وأيا ما كان فإن هناك أسباباً مختلفة لنشوء الأزمات كالتالي:
1- سوء الفهم: يمثل سوء الفهم أحد أهم أسباب نشؤ الأزمات ويعود ذلك لسببين أولهما:المعلومات المبتورة وثانيهما: التسرع في إصدار القرارات أو الحكم على الأمور قبل إيضاح حقيقتها وفي مثل هذه الأزمات يكون الحل سهلا بمجرد الحصول على المعلومات كاملة غير منقوصة أو مبتورة وأن يعطي لنفسه الوقت الكافي لإتخاذ قراره بنضج وروية. 2- سوء الإدراك: الإدراك يعد أحد مراحل السلوك الرئيسية حيث يمثل مرحلة استيعاب المعلومات التي أمكن الحصول عليها والحكم التقديري على الأمور من خلالها، فإذا كان هذا الإدراك غير سليم نتيجة للتشويش الطبيعي أو المتعمد يؤدي بالتالي إلى انفصام العلاقة بين الأداء الحقيقي للكيان الإداري وبين القرارات التي يتم اتخاذها، مما يشكل ضغطاً من الممكن أن يؤدي إلى انفجار الأزمة . 3- سوء التقدير والتقييم: وينشأ سوء التقدير الأزموي من خلال جانبين أساسيين هما: - المغالاة والإفراط في الثقة سواء في النفس أو في القدرة الذاتية على مواجهة الطرف الآخر والتغلب عليه. - سوء تقدير قوة الطرف الآخر والاستخفاف به . 4- الإدارة العشوائية: ويطلق عليها مجازاً إدارة، ولكنها ليست إدارة، بل هي مجموعة من الأهواء والأمزجة التي تتنافى مع أي مبادئ علمية، وتتصف بالصفات الآتية: - عدم الاعتراف بالتخطيط وأهميته وضرورته للنشاط. - عدم الاحترام للهيكل التنظيمي. - قصور التوجيه للأوامر والبيانات والمعلومات وعدم وجود التنسيق. - عدم وجود متابعة أو رقابة علمية وقائية وعلاجية. ويعد هذا النوع من الإدارة الأشد خطراً لما يسببه للكيان الإداري من تدمير لإمكانياته وقدراته،ولعل هذا ما يفسر لنا أسباب أزمات الكيانات الإدارية في دول العالم الثالث التي تفتقر إلى الرؤية المستقبلية العلمية والتي لا تستخدم التخطيط العلمي الرشيد في إدارة شئونها وتطبق أنماطاً إدارية عشوائية شديدة التدمير والخراب . 5- الرغبة في الابتزاز: تقوم جماعات الضغط، وأيضاً جماعات المصالح باستخدام مثل هذا الأسلوب وذلك من أجل جني المكاسب غير العادلة من الكيان الإداري، وأسلوبها في ذلك هو صنع الأزمات المتتالية في الكيان الإداري، وإخضاعه لسلسلة متوالية من الأزمات التي تجبر متخذ القرار على الانصياع لهم . 6- اليأس: ويعد من أخطر مسببات الأزمات فائقة التدمير، حيث يعد اليأس في حد ذاته أحد “الأزمات” النفسية والسلوكية والتي تشكل خطراً داهماً على متخذ القرار. ومع ذلك ينظر إلى اليأس على أنه أحد أسباب نشوء الأزمات، بما أن اليأس يسبب الإحباط مما يترتب عليه فقدان متخذ القرار الرغبة في التطوير والاستسلام للرتابة، مما يؤدي إلى انفصام العلاقة بين الفرد والكيان الإداري الذي يعمل من خلاله، وتبلغ الأزمة ذروتها عندما تحدث “حالة انفصام “، وانفصال بين مصلحة العامل أو الفرد الذاتية وبين مصلحة “الكيان الإداري” الذي يعمل فيه. 7- الإشاعات: من أهم مصادر الأزمات، بل إن الكثير من الأزمات عادة ما يكون مصدرها الوحيد هو إشاعة أطلقت بشكل معين، وتم توظيفها بشكل معين، وبالتالي فإن إحاطتها بهالة من المعلومات الكاذبة، وإعلانها في توقيت معين، وفي إطار مناخ وبيئة محددة، ومن خلال حدث معين يؤدي إلى أن تنفجر الأزمة. 8- استعراض القوة: وهذا الأسلوب عادة ما يستخدم من قبل الكيانات الكبيرة أو القوية ويطلق عليه أيضاً مصطلح “ممارسة القوة” واستغلال أوضاع التفوق على الآخرين سواء نتيجة الحصول على قوة جديدة أو حصول ضعف لدى الطرف الآخر أو للاثنين معاً. ويبدأ بعملية استعراضية خاطفة للتأثير على مسرح الأحداث دون حساب للعواقب، ثم تتدخل جملة عوامل غير منظورة فتحدث الأزمة، ومن ثم تتفاقم مع تتابع الأحداث وتراكم النتائج. 9- البشرية الأخطاء: وتعد الأخطاء البشرية من أهم أسباب نشوء الأزمات سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، وتتمثل تلك الأخطاء في عدم كفاءة العاملين، واختفاء الدافعية للعمل، وتراخي المشرفين، وإهمال الرؤساء ، وإغفال المراقبة والمتابعة، وكذلك إهمال التدريب، ومن الأمثلة على الأزمات الناتجة عن الأخطاء البشرية، حادثة تشرنوبيل، وحوادث اصطدام الطائرات في الجو. 10- المخططة الأزمات: حيث تعمل بعض القوى المنافسة للكيان الإداري على تتبع مسارات عمل هذا الكيان، ومن خلال التتبع تتضح لها الثغرات التي يمكن أحداث أزمة من خلالها. 11- تعارض الأهداف: عندما تتعارض الأهداف بين الأطراف المختلفة يكون ذلك مدعاة لحدوث أزمة ، خصوصاً إذا جمعهم عمل مشترك، فكل طرف ينظر إلى هذا العمل من زاويته، والتي قد لا تتوافق مع الطرف الأخر. 12- تعارض المصالح: يعد تعارض المصالح من أهم أسباب حدوث الأزمات، حيث يعمل كل طرف من أصحاب المصالح المتعارضة على إيجاد وسيلة للضغط بما يتوافق مع مصالحه، ومن هنا يقوي تيار الأزمة .
وختاما يوصي العديد من خبراء إدارة الأزمات بمجموعة مـن التوصيات الضرورية لمواجهة الأزمات المؤسسية على النحو التالي: - عدم إنكار الأزمة والتعامل معها بواقعية والتوجه إلى الإعلام من خلال متحدث رسمي باسم المؤسسة. - التعامل مع المعلومات بأسلوب مدروس وتشكيل فريق من ذوي الخبرة والكفاءة لإدارة الأزمة. - استخدام الأسلوب العلمي في التعامل مع الأزمات وإدارتها وتحديد أسباب نشوئها بدقة. - إجراء عمليات توعية عامة لجذب الجمهور المتضرر من الأزمة؛ وتقليل معارضتهم لها. - التعامل مع الأزمة بحذر شديد وفهم عميق لتقليل الأزمة وتقليصها. - استخدام الموارد البشرية والمادية الفعالة ووسائل الإعلام الموثوقة للتعامل مع الأزمة وتقليل آثارها. - استخدام الاستراتيجيات المستقبلية للتعامل مع الأزمات الناشئة والمحتملة وإيجاد حلول مبكرة لها.
#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعلام و إدارة الأزمات في المؤسسات الحكومية
-
كيف يسهم الاتصال التنظيمي في صناعة الصورة الذهنية للمنظمة؟
-
اقتصاد الانتباه كأحد أشكال الثروة
-
هل تستطيع المؤسسات العربية الاندماج في اقتصاد المعرفة؟
المزيد.....
-
جلفار تبيع صيدليات زهرة الروضة في السعودية بـ444 مليون ريال
...
-
مؤشر الأسهم الأوروبية يسجل أسوأ أداء شهري في عام
-
السعودية توقع مذكرات تفاهم بـ51 مليار دولار مع بنوك يابانية
...
-
موديز: الاستثمارات الحالية غير كافية لتحقيق الأهداف المناخية
...
-
منها حضارة متعددة الكواكب.. ما أسباب دعم ماسك ترامب بملايين
...
-
هاتف شبيه الآيفون.. مواصفات وسعر هاتف Realme C53 الجديد.. مل
...
-
القضاء الفرنسي يبطل منع مشاركة شركات إسرائيلية في معرض يورون
...
-
لامين جمال يوجه سؤالا مثيرا لنجمة برشلونة بعد تتويجها بالكرة
...
-
وزارة الكهرباء العراقية وجنرال إلكتريك ڤ-يرنوڤ-ا
...
-
عملاق صناعة السيارات فولكسفاغن وأزمة الاقتصاد الألماني
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|