أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ديفاكا غوناواردينا - شرح الأزمة الاقتصادية في سريلانكا















المزيد.....

شرح الأزمة الاقتصادية في سريلانكا


ديفاكا غوناواردينا

الحوار المتمدن-العدد: 7357 - 2022 / 8 / 31 - 11:06
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


نشر المقال في موقع New Politics بتاريخ 12 حزيران/يونيو 2022



سريلانكا هي جزء من سلسلة استثنائية من التخلف عن دفع الديون السيادية على مدى العقود القليلة الماضية. كما في الأرجنتين عام 2001 واليونان بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، تشهد البلاد اضطرابات سياسية هائلة خلال تعاملها مع أزمة ميزان المدفوعات. في حالة سريلانكا، كان من الصعب عليها دفع دينها الخارجي المقوّم بالدولار. لكن أزمة سريلانكا هي فريدة كذلك لأنها واحدة من انعكاسات قضايا نظام عالمي معاصر على وشك الانهيار. كما أشار العديد من المعلقين، إن الصدمات الخارجية؛ بدءا من جائحة الكوفيد- 19 وصولاً إلى الحرب على أوكرانيا، خلقت ضغوطاً هائلة على سريلانكا وسواها من الدول من عالم الجنوب. هذه الصدمات كشفت مواطن الضعف الداخلية في سريلانكا. والمسألتان بنيويتان، من ناحية الاعتماد الكبير على القطاع الخارجي، وسياسياً، بسبب الفشل الهائل للحكومة بقيادة الرئيس غوتابايا راجاباكسا.


يعتمد الحل الحقيقي الآن على التشخيص المناسب للأسباب. هذا لا يعني فقط الاعتراف بحجم الكساد العظيم، إنما أيضاً قبول حصول تغيرات تقدمية عميقة في العلاقة بين الدولة والمجتمع المطلوبة لإخراج البلاد من الهاوية. في هذا الوقت، أدى الانهيار الاقتصادي في سريلانكا إلى ظهور حركة جماهيرية احتجاجية، حيث خرج الناس من كل أنحاء البلاد إلى الشوارع للمطالبة باستقالة راجاباكسا. في كل أنحاء العالم، يتلقى الناس أخباراً عن التداعيات السياسية في البلد، منذ ما يقارب شهرين تجمع المتظاهرون في منزل راجاباكسا في ميريهانا، إحدى الضواحي التجارية لكولومبو، في 31 آذار/مارس. بقيت دعوة راجاباكسا إلى الاستقالة المطلب المركزي للحركة الاحتجاجية. رغم ذلك، ما زال هناك جدل كبير حول الأسباب البنيوية للأزمة. وهذا الجدل صعب بسبب عدم رغبة النخبة والاستابلشمنت الاقتصادي في البلاد في التعامل مع نتائج انهيار السوق. وقد تزايدت المشكلة أكثر من خلال تدخلات الجهات الخارجية المهيمنة، والتي تشمل في الوقت الحالي، الولايات المتحدة والهند واليابان.

قد تدرس هذه البلدان إمكانية أن تصبح سريلانكا مختبراً تجريبياً لإدارة نتائج الانكماش الاقتصادي العالمي في عالم الجنوب. ولذلك، وافقوا على تعيين رانيل ويكريميسينغ في منصب رئاسة الحكومة مكان شقيق راجاباكسا، ماهيندا، الذي تخلى عن المنصب يوم 9 أيار/مايو. مثل هذه الألاعيب السياسية هي علامة مقلقة على استمرار عدم قدرة النخبة الحاكمة في البلاد على قبول الحاجة إلى إعادة توزيع الثروة والتعبئة الشعبية. كان ويكريميسينغ رئيساً للحكومة في الماضي، وهو يمثل حزباً له مقعد واحد فحسب في مجلس النواب، بعد خسارته في الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت عام 2020. وقد وافق قسم كبير من النخب في سريلانكا على صفقة “فاوستية” بحيث تحرف مطالب المتظاهرين عبر حصرها باستقالة راجاباكسا حفاظاً على “الاستقرار الاقتصادي”. هذا القرار هو بشكل ظاهري هدفه التفاوض على اتفاقية مع صندوق النقد الدولي. إلى جانب القمع الضمني والصريح، لذلك أمام حركة الاحتجاج المطالبة باستقالة راجاباكسا تحديات جمة.

هناك خطر أكبر اليوم، نظراً إلى أن نقص الغذاء والظروف المحتملة لحصول مجاعة تقترب بسرعة. وحدها التعبئة السياسية البعيدة المدى ستكون كافية لتحاشي الكارثة. ولكن بسبب السرعة القصوى التي تحصل فيها التطورات السياسية، من المفيد طرح الأسئلة التي أثارها الانهيار الاقتصادي في سريلانكا من منظور الاقتصاد الكلي. قدم الاستابلشمنت الاقتصادي في البلاد عدة تفسيرات أساسية للأزمة. أبرزها أن حكومة راجاباكسا انخرطت في طباعة العملة، أو السياسة النقدية الفضفاضة، والتي أُتبِعت بتخفيضات ضريبية عشوائية عام 2019 عندما وصل إلى السلطة. يفترض أن طباعة النقود قد تسبب بحصول التضخم، في حين أن التخفيضات الضريبية أدت إلى تقويض قاعدة الإيرادات في البلاد، الأمر الذي دفع بوكالات التصنيف العالمية إلى خفض التصنيف الإئتماني لسريلانكا.

أدى تخفيض التصنيف الإئتماني للبلاد إلى عزل سريلانكا عن أسواق رأس المال العالمية. مع بدء جائحة الكوفيد 19 عام 2020 وانهيار مردود السياحة، بات مستحيلاً بالنسبة لسيرلانكا تجديد ديونها الخارجية الكبيرة. تتلاقى الحجتان اللتان اقترحهما الاستبلاشمنت الاقتصادي على فكرة أن عجز الميزانية المحلية هو المسؤول في نهاية الأمر عن الأزمة. وبحسب هذه الرواية، على سريلانكا اتباع برنامج صندوق النقد الدولي مع شروط صارمة، والتي يتم التفاوض عليها، وذلك لعلاج الانهيار. إذا أردنا التراجع عن هذا الحل سيؤدي ذلك إلى كارثة هائلة- اعتماد سريلانكا على القطاع الخارجي، كما يظهر في عجز الحساب الجاري- علينا هنا تفكيك التفسيرات المهيمنة.



أثر ارتفاع الأسعار

طوال فترة التعافي غير المتكافئ من جائحة الكوفيد 19، أشار العديد من الاقتصاديين النقديين من كل أنحاء العالم أن التضخم هو مجرد مقياس غير دقيق لتحديد ما الذي كان يحصل لناحية ارتفاع الأسعار. في حالة سريلانكا، وفي كل مكان، علينا تحديد الأسباب. نظراً إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مثلاً، يجب شرح هذه الظاهرة بحسب شروطها الخاصة. استوردت سريلانكا حوالي 1،6 مليار دولار من المواد الغذائية أي حوالي 8 بالمئة من فاتورة الاستيراد عام 2021. ازدادت أسعار المواد الغذائية تقريباً 45 بالمئة في نيسان/أبريل من العام التالي. في الوقت عينه، أشار مؤشر أسعار المواد الغذائية لمنظمة الفاو إلى أن أسعار المواد الغذائية قد ارتفع بنسبة 30 بالمئة بين عامي 2021 و2022. أزمة الغذاء أكبر حدة لأن السوق انهار فعلياً. وتلعب العوامل المحلية دوراً في مضاعفة زيادة الأسعار، مثل احتكار السلع.

إذا توقع أصحاب مطاحن الأرز، مثلاً، ارتفاعاً للأسعار، فيرفضون البيع، ما يزيد من ندرة المادة والنقص فيها. حاولت حكومة العام الماضي الحد من احتكار المادة من خلال فرض قيود على الأسعار. لكنها افتقرت إلى الإرادة السياسية حتى تمكنها من فرض هذه الإجراءات على أصحاب المطاحن، وسرعان ما تراجعت عنها. أكثر من ذلك، فشلت الحكومة في معالجة قيود العرض المحلي، مثل الاستثمار المنخفض في انتاج الغذاء. بدلاً من ذلك، شجع تأجيل تسديد الديون الشركات الكبيرة والسياسة النقدية المتساهلة إلى حصول المزيد من المضاربة لأن هذه الإجراءات لم تنفذ كجزء من الجهود المبذولة للإنفاق في المجالات الأساسية في الاقتصاد، وخاصة انتاج الغذاء. رغم ذلك، إن سوء إدارة الحكومة للأزمة لا يعني أن طباعة العملة تسببت في ارتفاع الأسعار على الرغم من أنها كسياسة منعزلة، كان واضحاً أنها فشلت في التخفيف من شدتها.

مثال آخر لارتفاع الأسعار هو الوقود. ارتفع سعر برميل النفط من حوالي 25 دولاراً بعد وقت قصير على الإعلان عن جائحة الكوفيد 19 في آذار/مارس 2020، إلى أكثر من 100 دولار بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا، وقد تأثرت سريلانكا، الدولة التي تستورد احتياجاتها من النفط لتوليد الطاقة، بشدة من هذا الارتفاع بالأسعار. لكن وضعها الهش تشكل كذلك بسبب أنماط استهلاك النخبة، حيث لَقِي التطوير الفاخر للأبنية والسيارات الفخمة أولوية مقارنة مع الاستثمار في نظام النقل العام، مثلاً.

الحلول المقترحة وانعكاساتها

جعلت حكومة غوتابايا راجاباكسا الوضع الاقتصادي أكثر صعوبة من خلال منع الأسمدة الكيماوية، في نيسان/أبريل 2021. ادعت في الأساس أن هدفها تحقيق الزراعة العضوية. ولكن الهدف الأساسي كان الحفاظ على النقد الأجنبي الثمين. قوضت هذه السياسة الاكتفاء الذاتي لسريلانكا في انتاج الغذاء، كما عارضت خلق مسار قابل للحياة لتحويل الزراعة في البلاد. فأغرقت النظام الغذائي في أزمة، وخاصة عندما أصبح انتاج الغذاء المحلي حاجة ملحة. صارعت الحكومة لمعالجة عجز ميزان المدفوعات، الذي تزايد ليبلغ 8 مليار دولار وذلك مع زيادة الواردات بمقدار 20 مليار دولار، مقارنة مع 12 مليار دولار للصادرات عام 2021، على الرغم من سرديتها المرتبطة بالحد من الواردات.


كما شهدت البلاد انهياراً كارثياً في عائدات القطاع السياحي مع بداية جائحة الكوفيد 19، التي انهارت من 3،5 مليار دولار عام 2019 إلى أقل من مليار عام 2020. كما انخفضت تحويلات العمال المهاجرين من حوالي 6 مليار دولار عام 2020 إلى حوالي 5 مليار دولار عام 2021، حيث زادت الضغوط الخارجية من صعوبة جذب الدولار. ونتيجة لهذه التحديات، زاد عجز الحساب الجاري من 1،5 بالمئة تقريباً من الناتج المحلي عام 2020 إلى حوالي 4 بالمئة عام 2021، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي السريلانكي حوالي 80 مليار دولار. قبل التخلف عن الدفع في 18 أيار/مايو، كان متوقعاً أن تقدم الدولة حوالي 7 مليار دولار على شكل قروض خارجية خلال هذه السنة. وتزايد ارتفاع تكاليف خدمة الديون بسبب ارتفاع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. أدى تفاقم عجز الحساب الجاري إلى استنفاد احتياطيات النقد الأجنبي لسريلانكا إلى استحالة في استيراد السلع الأساسية.

في اللحظة السياسية الحالية المتقلّبة، عين الرئيس رئيساً جديداً للبنك المركزي في نيسان/أبريل، بعد أن أجبر السابق، أجيث نيفارد كابرال على الاستقالة. بسرعة اختار البنك المركزي إثر ذلك رفع أسعار الفائدة من 6 إلى 14 بالمئة. هذه الزيادة وفي ظل أزمة اقتصادية تزيد من الضغوط على المؤسسات الصغيرة وصغار المقترضين. لكن كل هذه الجهود هي متأتية من منطق يعتبر أن المشكلة هي في سياسة البنك المركزي القائمة على طباعة النقود، وليس السبب الحقيقي، أن ارتفاع الأسعار هو بسبب الضغوط الخارجية. وقد أقر البنك المركزي نفسه مؤخراً أن هذه الإجراءات لن تؤدي إلا إلى تزايد الضغوطات على حياة الناس.

تراجع الضرائب المعاد توزيعها والتحول إلى تمويل الديون الخارجية

إضافة إلى ذلك، اعتمد الاستابلشمنت الاقتصادي على الحجة القائلة أن التخفيضات الضريبية لحكومة راجاباكسا عام 2019 قد قوضت نسبة الإيرادات إلى النفقات، ما أدى إلى زيادة في عجز الميزانية. صحيح أن الضرائب منخفضة فعلياً كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لسريلانكا، وتشكل 9 بالمئة. بلغ الإنفاق حوالي 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن الاقتصاديين السياسيين مثل مايك مور أو رونالد هيرينغ قد أشاروا منذ وقت طويل، أن عجز الميزانية قد بدأ بالاتساع بدرجة أكبر بكثير مع بداية التحرير الاقتصادي في أواخر الـ 1970ات. أصبحت سريلانكا نموذجاً للبرلة في منطقة جنوب آسيا بحيث كانت أولى الدول التي تبنت السياسات النيوليبرالية عام 1978 في ظل حكم ج.ر. جايواديني. وشملت السياسة تخفيض الرسوم الجمركية على الواردات، وخفض الدعم الغذائي وتعويم سعر الصرف والسعي الدائم إلى تحرير التجارة والنظام المالي. ونتيجة للامتيازات الضريبية- التي من المفترض أنها كانت محفزة لجذب المستثمرين الأجانب، مثلاً مناطق تجهيز الصادرات- تراجعت قاعدة إيرادات الدولة.

في البداية، لم يكن العجز مشكلة كبيرة لأن سريلانكا يمكن أن تحصل على مساعدات أجنبية وتمويل بشروط ميسرة. ولكن في ظل عدم وجود نظام ضريبي لإعادة توزيع الخدمات العامة، أصبحت القروض غير الميسرة، والتي لا تشمل التمويل الثنائي فقط، إنما تشمل تمويل الاقتراض الكبير من الأسواق المالية، ونسبة أكبر بكثير من الدين الخارجي. أصدرت الدولة أول سند سيادي لها، مثلا، عام 2007. وقد شكلت السندات السيادية ما يقارب 40 بالمئة من الدين الخارجي، والذي يمثل حوالي 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من الادعاءات حول “فخ الديون الصينية” التي روجت لها وسائل الإعلام الدولية، إلا أنها في الواقع قد شكلت 10 بالمئة من الدين الخارجي. الأزمة المالية في سريلانكا هي نتيجة لتاريخ من سياسات اللبرلة التي كشفها انهيار البلاد الاقتصادي.



رغم ذلك، بالنسبة إلى الاستابلشمنت الاقتصادي، فقد أتاح الحديث عن عجز الميزانية فرصة للضغط من أجل الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي الصارمة والمحتملة. إذا جرى التصديق على الاتفاقية معه، فمن المرجح وقف ارتفاع أسعار الفائدة، وزيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة، وخفض حجم القطاع العام وتنفيذ “تسعير الطاقة لرد الكلفة”، أو زيادة أسعار الطاقة، لجعل الشركات المملوكة من الدولة الخاسرة رابحة، رفع الضرائب على المداخيل والشركات، وطبعاً فرض الضرائب غير المباشرة على السلع الأساسية، كل ذلك كان ضرورياً على المدى البعيد. ولكن عندما تنخفض المداخيل في كل المجالات في ظل أزمة اقتصادية، كما أشار أهيلان كاديرغامار مراراً في حالة سريلانكا، فيجب فرض ضريبة على مباشرة على الممتلكات والأصول بدلاً من ذلك.

إضافة إلى ذلك اقترح الاستبلشمنت الاقتصادي التحويل النقدي للفقراء. ولكن هذه التحويلات لن تكون فعالة إذ باتت قطاعات واسعة من السكان مفقرة- كما يظهر من مشاركة الطبقة الوسطى في التظاهرات- وزادت أسعار السلع بشكل كبير. بدلاً من ذلك، وكما شدد التجمع النسوي للعدالة الاقتصادية يجب إحياء نظام التوزيع العام. ولكن للقيام بذلك، إن البنية التحتية في الريف التي، وعلى الرغم من الخطاب السياسي، جرى تجاهلها بشكل كبير، من بينها مجلس تسويق بادي ومؤسسة البيع بالجملة التعاونية، وسلسلة لانكا ساتوسا للبيع بالتجزئة المدعومة، فهي تتطلب استثمارات ضخمة وفورية. وتتوقف هذه الجهود على التمويل من خلال الاقتراض بالروبية، وإعطاء الأولوية لاحتياجات المجتمعات المهمشة في الأطراف الريفية والمُدنية.

الحاجة الملحة للاكتفاء الذاتي

كثيراً ما يقلل من شأن هذه القضايا. يتمثل الهدف الكامن وراء مقترحات صندوق النقد الدولي والمصالح المشتركة للنخبة السريلانكية فيها، هو في زيادة تحرير التجارة، على الرغم من تزايد عجز الحساب الجاري. هذا التناقض بات في صلب الموضوع. لمواجهة المشكلة، علينا التمييز بين الخطاب حول عجز الميزانية عن عجز الحساب الجاري، الأمر الذي يشير إلى الحاجة الملحة إلى إعطاء الأولوية إلى الواردات. مثل هذه الجهود، مع ذلك، تتطلب تعبئة ديمقراطية بعيدة المدى لتغيير اقتصاد سريلانكا باتجاه تحقيق الاكتفاء الذاتي، مع التركيز على المساواة في تحويل العلاقات الاجتماعية. تجاهلت حكومة راجاباكسا هذا المشروع. بدلاً من ذلك، ركزت على تعزيز سلطتها من خلال الأساليب التسلطية والسياسات القومية البوذية السينهالية المثيرة للانقسامات خلال فترة وصولها إلى السلطة عام 2019 والانهيار الاقتصادي الحالي.

في حين أن أسباب فشل الحكومة كانت خاصة بها، إلا أن سريلانكا تجسد كذلك تحديات أكبر على المستوى العالمي. وكما أشار مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في تحديث لتقريره السنوي هذه السنة، فقد ارتفعت نسبة الدين الخارجي مقارنة إلى الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية من 57 بالمئة عام 2020 إلى 70 بالمئة عام 2021. وكذلك، ازدادت نسبة الدين الخارجي إلى الصادرات من 126 بالمئة إلى 252 بالمئة. إن الدعوة إلى المزيد من اللبرلة للتجارة، إذاً، لن تفيد بلداً مثل سريلانكا بأي شكل. بدلاً من ذلك، إن الحاجة الحالية هي إعادة تحقيق الأمن الغذائي في إطار من الاكتفاء الذاتي بحيث يمكن عزل الناس عن الصدمات الخارجية. مع التدهور المستمر للبيئة العالمية، يمكن أن يكون الانهيار الاقتصادي في سريلانكا رائداً لاتجاهات [الحل] في بقية أجزاء عالم الجنوب.


لحل هذه المشكلات، يجب على التقدميين في العالم دعم الجهود المبذولة لإعطاء الأولوية بشكل فعال لحل يؤمن احتياجات الناس في أماكن مثل سريلانكا في المقدمة. يجب على التضامن من الخارج التصارع مع فكرة أنه حتى الحملات العالمية الجارية لإلغاء الديون العالمية وإصلاح هيكلة الديون العالمية تعمل على جدول زمني متوسط إلى طويل الأجل. على المدى القصير، وبشكل ملح، يعني التضامن مع احتجاجات العمال في سريلانكا التراجع عن التدخل الامبريالي من قبل الجهات الفاعلة القوية التي تحاول إنقاذ نظام نيوليبرالي يحتضر وغير متكافئ على الإطلاق، حتى عندما يحاولون [المتضامنون] تأطير الأزمة من حيث المنافسة الجيوسياسية بين القوى المهيمنة في المنطقة. والآن وأكثر من أي وقت مضى، يجب دمقرطة النظام العالمي من خلال الاستجابة للمطالب المطروحة من الحركات القاعدية في مناطق مثل سريلانكا حيث معاناة الناس أشدّ من آثار الأزمة.



#ديفاكا_غوناواردينا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرح الأزمة الاقتصادية في سريلانكا


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ديفاكا غوناواردينا - شرح الأزمة الاقتصادية في سريلانكا