أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قادري أحمد حيدر - في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 4-5. الإمامة والهاشمية السياسية















المزيد.....

في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 4-5. الإمامة والهاشمية السياسية


قادري أحمد حيدر

الحوار المتمدن-العدد: 7350 - 2022 / 8 / 24 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قادري أحمد حيدر

في صواب مصطلح "الهاشمية السياسية"

(4- 5)


3-الإمامة، و"الهاشمية السياسية":


إن احتكار السياسة بالعنف والغلبة، على أساس العصبية، سواء كانت هاشمية سياسية، أو على أساس الدين السياسي، أو قبلية سياسية أو غيرها وفي أي مكان كان، ومنع مشاركة كل المجتمع، معناه أننا أمام مقدمة لمصادرة السياسة والسلطة والثروة، بل ومصادرة الحياة الفكرية والثقافية عن باقي اطراف ومكونات المجتمع.

وعلى هذا القياس من القراءة والبحث أجد نفسي، كشخص، أرفض ولا أقبل منطق تفكير جماعات "الإسلام السياسي"، بجميع تسمياته، سني شيعي، أمامي وهابي، اخواني "قاعدة" "داعش" ...إلخ، لأنها محاولات عبثية ومجنونة لاحتكار الإسلام والدين، ومن خلالهما احتكار السلطة في جماعاتهم الحزبية الضيقة والخاصة. وبهذا المنطق من التفكير لا أرى نفسي أقف ضد الهاشمية، ولا ضد القبيلة، ولا ضد الدين، ولا نعادي الدين، كما تحاول بعض الكتابات التكفيرية، تصوير أن قراءاتنا ومواقفنا السياسية هي ضد "الهاشمية"، أو ضد " القبيلة"، أو ضد "الدين". نحن هنا ضد وفي مواجهة "الهاشمية السياسية"، وضد "القبلية السياسية"، في صورة "جمهورية المشايخ" أو
" دولة المشايخ",؛ كما أننا ضد "الدين السياسي"، وجميعهم من مواقع مختلفة، يهدفون ويسعون إلى تماهي ودمج المجتمع والفكر والثقافة، والدولة بهم تحت التسميات المختلفة التي اسلفنا الإشارة اليها.
والنتيجة أن مذاهبهم وطوائفهم السياسية العصبوية هي التي تحضر، وتغيب الدولة، دولة المواطنة والحقوق للجميع.

"الهاشمية السياسية"، نسب، ومعتقد مذهبي/ديني، لا خلاف حولهما، يتم تحديدهما النسب، والمعتقد تحت مسمى الطائفة، وهي تبقى هاشمية في اعتقادها المذهبي/ الديني، ولكنها حين تقاتل وتطلب السلطة وتدخل المعترك السياسي على هذا الأساس وتحقق ذاتها كسلطة سياسية طبقية تتحول فعلياً وواقعياً إلى هاشمية سياسية، تمثل جماعة سياسية معينة وتخدم مصالحها الطبقية، وليس مصالح كل المكون الهاشمي، مثلها مثل القبلية السياسية، والدين السياسي، وهذا ما يجب أن يكون مفهوماً وواضحاً، ونحن نبحث في معنى "الهاشمية السياسية" كمصطلح، أو كواقع.

اليوم نحن نعود إلى ذات خطاب، وممارسة "الهاشمية السياسية" بحذافيره، وهو ذاته خطاب الإمامة السياسية التاريخي، باعتبارها،أي الإمامة – كما يزعمون – "أصلاً من أصول الدين"، وإلى "شرط البطنين"، والقول علناً بـ"الولاية"، على جميع اليمنيين، وإلى إعادة كتابة جديدة للتعليم، ومناهجه التعليمية ،وللتاريخ، ومحاولة جديدة لمحو الذاكرة الثقافية والوطنية والتاريخية لنا. والمشكلة أن كل ذلك لم يثر حفيظة الكثيرين اليوم، من الحريصين على عدم أثارت النعرات المذهبية والطائفية، وعلى المواطنة المتساوية!!

ولذلك لا أرى في تخطئة مصطلح "الهاشمية السياسية" سوى مضيعة للوقت، حين يتحول إلى قضية للحوار من الزاوية الخطأ، بعد أن وضع المصطلح في غير موضعه، وتتم قراءته خارج سياقه الفكري والسياسي. ولذلك انتهزها فرصة لأطرح ما أراه من لزوم ما يلزم من القول حول قضايا يجب إعادة الإضاءة حولها والتوسع في ذلك ما أمكن،وهو ما احاوله وإن بحدود ما يسمح به المقال، والمقام، والقضية التي نحن بصددها.

ومرة ثانية وثالثة وعاشرة، أقول إن مصطلح "الهاشمية السياسية"، منذ ظهوره ونشأته على يد كاتب غير معلوم، لم يثر أي حساسية مذهبية وطائفية، ذلك أنه جاء توصيفاً وتجسيدا لواقع حالة كانت قائمة وليست مفتعلة؛ حالة تقول لك أنا هنا، وهذا هو خطابي، ونظرتي لنفسي، وللآخر، وهو تصوير فوتوغرافي لظاهرة كانت، وما تزال بعض مظاهرها وظواهرها وتداعياتها قائمة. بل وتعلن عن نفسها بوضوح كـ"هاشمية سياسية"، مميزة عن باقي مكونات وأطراف المجتمع. وبهذا المعنى لا أجد في مصطلح "الهاشمية السياسية" سوى محاولة لكتابة ثانية، كتابة مضادة للكتابة المذهبية والطائفية، وكل الكتابات الناشدة احتكار السياسة والسلطة، بل وحتى الدين، باسم أي عصبية كانت.

أليست الهاشمية، كمكون في السياق الذي نتحدث عنه، زيدية هادوية، والقبيلة الشمالية زيدية، أليست كلا منهما يوجدان ويعيشان في المنطقة القبلية "الهضبة" – والتسمية هنا بالهضبة لها صلة بالجغرافية، والتوزع الجغرفي للسكان في البلاد ولا تحمل أي دلالات سلبية إلا لمن أراد ذلك – والأهم : ألم تكن الإمامة، إمامة دينية وسلطة سياسية، إلا عبر تحالفها مع القبيلة ومشايخ القبائل تاريخيا، وهو ما أسميه في جميع كتاباتي "ثنائية الإمامة والقبيلة"، أي بتحالفهما مع مشايخ القبائل في هذه المنطقة (وحدة وصراع)؟ فلماذا مصطلح "القبلية السياسية" و"دولة القبيلة" و"الجمهورية القبلية"، جرى التعاطي معهم بسهولة ويسر، ولم يثر أي مشكلة أو حساسية، وهي مصطلحات صارت جزءاً لا يتجزأ من الكتابة السياسية التاريخية، مثلها مثل "الهاشمية السياسية"، مع أن الدور السياسي للقبيلة في قمة السلطة لم يستمر لقرون متقطعة مثل الإمامة السياسية. وللعلم، أن مفهوم أو مصطلح "الهاشمية السياسية" تقول به وتتحدث حول معناه ومضمونه جميع الكتابات والأبحاث والدراسات الأكاديمية، وبدون هذه الحساسية السياسية المفتعلة وبدون الإشارة المقوسة للمصطلح، ذلك أن نظرية الإمامة، والأيديولوجية السياسية الإمامية هي من تعلن صراحة من أننا "هاشمية سياسية"، والجماعة الحوثية "أنصار الله"، تقولها اليوم صراحة من أننا "هاشمية سياسية"!! و"الولاية"، عنواننا الأيديولوجي السياسي التاريخي،ولم تتوقف احتفالاتها المذهبية،والسياسية،بها في جميع المناسبات التي تحولت إلى طقوس سياسية ومذهبية !!

المذهب ليس ديناً، والطائفية ليست كذلك ديناً، إن لم تك في الواقع شيئاً مضاداً لمعنى ومفهوم الدين في جوهره الحقيقي، كما أن هناك فارقاً نوعياً بين الطائفة، والطائفية، وهذا الأمر والحديث، ينطبق على جميع أشكال المذهبية والطائفية، في علاقتها بالدين.

وجد الدين أو أنزل من سماء الله الصافية لحل مشاكل الإنسان على الأرض، والطائفية باعتبارها سياسة ومشروع سلطة، وملك وجدت لتحويل الصراع على الشأن السياسي، إلى مسألة وقضية دينية وصراعية، بين الإنسان والإنسان، بين الإنسان والسماء، لتحويل الاختلاف إلى صراع وتناقض، حيث الطائفية السياسية تجعل الناس يقتتلون باسم الإله، ليكسبون هم السلطة، والجاه، والمال؛ وكما قال الله تعالى "وتحبون المال حباً جما" (سورة الفجر) (الاية (20))، وذلك هو أسوأ ما نعيشه، وتعيشه المجتمعات شبه البرجوازية، شبه الاقطاعية، والدول الطائفية والقبلية ، إسماً وشكلاً، هي دول سياسية طبقية والمذهب والطائفة غطاء سياسي لممارسة سلطتهما، والدكتور عبدالرحمن البيضاني، وغيره كثر، كان يبشرنا أو يعدنا ويجهزنا لاستقبال مثل تلك "الدويلات الطائفية"، أو في أحسن الأحوال يحضرنا لاستقبال دويلات المحاصصة الطائفية - التي نسمع عنها اليوم من خلال المشاريع الاقليمية والدولية - من خلال خطابه حول "التوازن الطائفي"، الذي كان يرفعه في وجه "الهاشمية السياسية الإمامية"، جميعهم طلاب سلطة وملك، وهي كتابات ومطالبات تصب في خانة تكريس الطائفية، وثقافة الكراهية وعدم القبول بالآخر كما هو. والفارق بين الدكتور/ عبدالرحمن البيضاني، وبين جماعة "الهاشمية السياسية"، أنه يدعو لذلك من منطلق حقه السياسي الطائفي كما يتصور ويعتقد، بينما الهاشمية السياسية، تقول بأن ذلك، حقها الإلهي!! والفارق هنا عظيم بين الموقفين، ولذلك ستلاحظون أن د. عبدالرحمن البيضاني، في الاقتباس الذي أورده عنه الصديق / عيبان، بدأ حديثه في نقد الإمامة بتوجيه الحديث مباشرة وصراحة إلى كل الهاشميين بعد أن ربطهم جميعاً بــ "الهاشمية السياسية"، وبالإمامة السياسية، كنظام ومنظومة حكم، وأيديولوجية، دون تمييز بين الأطراف المختلفة المكونة للهاشمية:

السلالي، والوطني والمعارض السياسي الديمقراطي، وهي أفكار وكتابات وجدت قبل البيضاني، وبعده، حتى أيامنا المعاصرة، وجاء مصطلح "الهاشمية السياسية" ليفك الاشتباك – كما سبقت الإشارة – بين مفردتي المصطلح، "الهاشمية" كمكون، و"السياسية" كمشروع سلطة فئوية/عصبوية / طائفية، جاء ليضع حالة من التفريق الدقيق الواقعي، بين هاشمي، وهاشمي، بين هاشمي منتجا ومكرساً لحالة من "الهاشمية السياسية" وبين هاشمي آخر، حمل رؤية وموقفاً مضاداً ومناقضاً للبنية الأيديولوجية الإمامية، وهم في تاريخنا السياسي والوطني أسماء معروفة وبارزة دونت أسماءها في صفحة الوطنية اليمنية، و"الثقافة الوطنية"، و"الهوية الوطنية اليمنية ".

إن ما يحصل اليوم من محاولات بائسة ومأزومة لإعادة إنتاج المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية والجهوية، فإنها - في تقديري- ليست خزعبلات، ولا تدخل ضمن "نظرية المؤامرة"، كما حاول الإشارة العزيز/عيبان، بل هي خيارات أيديولوجية/ سياسية، تزعم أنها تنقد بعضها بعضا ولكن من ذات الموقف والموقع المذهبي والطائفي والقبلي والمناطقي، ولا تطرح وتقدم بديلاً سياسياً وواقعياً مضاداً للعفن السائد، بقدر ما تكرس وتستديم ثقافة العنف المذهبي والطائفي والقبلي والمناطقي، ثقافة العصبية والكراهية وعدم التسامح، والقبول بالآخر، وهو ما يعزز مواقع التخلف من وعند جميع الأطراف، والخاسر الأعظم فيها هو الشعب ومصالحه في التغيير، وهو ما يضعف ويهمش حضور وفعل ودور الثقافة السياسية المدنية الديمقراطية ويحاصر فعلها ودورها عند أضيق نطاق من الحركة والتأثير والفعل، وهو ما نعيش جحيمه الدامي اليوم، حيث أيديولوجيا أطراف الحرب المختلفة هي السائدة، وإن لم تصل إلى حد الهيمنة على كل تفاصيل المشهد الفكري والسياسي والثقافي. والسبب بؤس فلسفة خطابها، ومعاداتها للمشروع السياسي الوطني، والتقدمي، وانقسامها على بعضها البعض، وارتهانها جميعاً للخارج.

ولذلك تظهر الكتابات الفكرية المدنية والديمقراطية والتقدمية باعتبارها كتابات تخص المعنيين بها وحدهم "الأقلية من المثقفين"، في واقع هيمنة الزبد والغثاء والسخام من الكتابات التي تغطي وجه الحياة السياسية والثقافية في بلادنا اليوم، حيث تهيمن ثقافة العصبيات والحروب المذهبية والطائفية الذي تطرد فيه العملة المسلحة بالقذيقة المذهبية والطائفية العملة الناشدة والحاملة لخيار المواطنة المتساوية؛ فالغلبة لأصحاب السلاح الذين يقمعون ويقهرون ويصادرون الرؤي المغايرة حتى في داخلهم ويمنعون بالارهاب السياسي والديني بل والمسلح حضور الفكرة المغايرة ولذلك هي أقلية ولا تعني سوى المعنيين بها، لأنهم يكافحوا في شروط قهرية واستثنائية فوق العادة.

إن مصطلح "الهاشمية السياسية"، وجد ليعبر عن حالة سياسية واقعية، وليس اصدار أحكام أيديولوجية وسياسية مطلقة على المكون الهاشمي، وجد ليقول بملء الفم، إن المكون الهاشمي ليس كتلة طبقية واحدة متجانسة، ولا جماعة أيديولوجية سياسية واحدة، وهذا حقيقة؛ ففي داخل المكون الاجتماعي الثقافي الهاشمي ستجد العامل البسيط والفقير، والفلاح، والنجار والسباك وستجد العالم المستنير والإمام الطاغية.

إن ما يقوله المصطلح، بعد أن مارس جدلية الربط والفصل، القطع والوصل، في صورة: أولاً، فصل المكون الهاشمي في تجلياته وتمظهراته الواقعية (الاجتماعية والدينية) عن الإمامة السياسية/ الهاشمية السياسية، والدعوة العملية لربط المكون الهاشمي بكل مكونات المجتمع (الاندماج الاجتماعي والمجتمعي). وهو ثانياً، أو البعد الثاني للجدلية الموضوعية التي يحملها المصطلح في بنيته الداخلية.

ولذلك أقول إن مصطلح "الهاشمية السياسية" جاء كرد فعل للمذهبية والطائفية السياسية، وللقبلية بصورة ضمنية، هو محاولة لتقديم إطار اصطلاحي نقدي للحالة الطائفية في تمظهراتها العنصرية، "التفوق العرقي"، وكأن المصطلح بحد ذاته يمارس حالة فرز أيديولوجية وسياسية ضد البنية المؤسسة لفكرة وقضية الإمامة، كمشروع سياسي لاوطني، ومن موقع وموقف وطني ديمقراطي وتعددي، يدعو لتكريس ثقافة المواطنة على طريق بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة.

مصطلح "الهاشمية السياسية"، ليس فيه أي عيب مفاهيمي، ولا ينطوي في داخل تركيبته أي إشارة لتعميم ثقافة الكراهية المذهبية والطائفية ضد الإمامة كمكون هاشمي، هو ينقد الحالة والظاهرة الإمامية السياسية، من موقع بديل، ونقيض لها معرفياً وأيديولوجيا وسياسيا. ومن يرى أو يجد في مصطلح "الهاشمية السياسية" عجزاً أو قصوراَ أو عدم قدرة على استيعاب الصورة السياسية والواقعية لتوصيف الظاهرة والواقع السياسي كما هو، فعليه أن يبادر مشكوراً بابتداع وإنتاج مصطلح بديل يتجاوز ذلك العجز والقصور.

بهذا المعنى أفهم واتعاطى مع مصطلح "الهاشمية السياسية". وفي تقديري، ليس في مصطلح "الهاشمية السياسية" أي استعداء أو كراهية للمكون الهاشمي، كطرف في المعادلة السياسية والوطنية اليمنية، وليس فيه بالمقابل أي انتقاص أو تقليل من دور ومكانة هذا المكون في الحياة السياسية اليمنية. وقد أكدت تجربة الثورة اليمنية (سبتمبر واكتوبر) هذا المعنى بصورة واضحة وجلية، وهو ما ينقد البعض ثورة 26 سبتمبر ١٩٦٢م، عليه اليوم، ويرى أن تساهل الثورة – كما يزعمون – هو الذي قادنا إلى هذه الحالة التي نعيشها اليوم، وهي قطعاً قراءة خاطئة وعصبوية مضادة، تخفي نوازع ونوايا حقد وكراهية ضد المكون الهاشمي كله، وتدعو لمعاقبته ليس فحسب على ما يجري اليوم، بل وبأثر رجعي على ما جرى في التاريخ السياسي، وكأننا أمام عملية ثأرية انتقامية، فيها من الجهل بالسياسة والتاريخ، أكثر مما فيها من العقلانية والواقعية في فهم الواقع، والتاريخ؛ وهي في تقديري تصورات ذهنية وأيديولوجية مذهبية وطائفية وقبلية، ولكن من الموقف والموقع المضاد للإمامة السياسية، بل ولكل المكون الهاشمي، وهو ما لا نقبله بل ونرفضه، ولا نتفق معه، كبنية ذهنية، ومنطق تفكير، وسلوك سياسي.

قطعاً، هناك اصطلاحات ومفاهيم وأفكار، انتجها تاريخ سياسي دموي اصطبغ المذهب بطابعها السياسي كونه أحد المنتجات الفكرية والثقافية للصراع، ولا أرى أن مصطلح "الهاشمية السياسية" يدخل أو يندرج في هذا النطاق من المفاهيم والمصطلحات، دون تجاهل أو إنكار أن هناك من سعى، وما يزال يسعى – كما سبقت الإشارة – لتوظيف واستخدام مصطلح "الهاشمية السياسية"، لخدمة اجندته الحزبية/ الأيديولوجية. وهناك فعلاً من يمارسون خطأ تصوير الحرب الجارية منذ ثماني سنوات، بل وما قبل ذلك التاريخ، بأنها حرب مذهبية وطائفية واهلية وسلالية. وهنا تلتقي وتتقاطع مصالح قوى متعددة: مذهبية وطائفية وقبلية ومناطقية وجهوية، مع مصالح قوى خارجية (اقليمية)، ومع مشاريع استراتيجية استعمارية (دولية)، وهي مشاريع استعمارية لا تتوقف استراتيجياتها في استخدام وتوظيف كل ما هو سلبي لخدمة أهدافها الاستعمارية.

وهنا ترتفع عاليا رايات وشعارات المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية والجهوية، كما تعلن عن نفسها اليوم في الشمال والجنوب.

إن الاستخدام السيئ والخاطئ لأي مصطلح أو مفهوم، يمكن أن يحدث مع أي مفهوم فلسفي أو اجتماعي، أو ديني؛ حتى العلم المحايد كـ"علم" لم يخل من الاستخدام الأيديولوجي، فكم من المفاهيم والمصطلحات تم اختراقها، أو فصلها عن سياقها واخراجها من نطاقها المعرفي والدلالي، ومن اطارها البحثي الأكاديمي، والعلمي لتوظيفها في اتجاه خدمة سياقات غريبة عنها ومناقضة لمعناها. فهل الخطأ في المصطلح ذاته، أم في القوى الاجتماعية والسياسية والطبقية الحاملة، والمعبرة عن ذلك الخطاب؟

المكونات الأولية للقنبلة الذرية، والمفاعلات النووية يمكننا استخدامها لتنمية العلم وتطويره، ولتقدم المجتمع والإنسان، ويمكن يكون العكس، فهل السبب في تدمير المجتمعات تتحمل مسؤوليته مكونات المادة العلمية أو "العلم المجرد"، أم القوى السياسية الاجتماعية التي استخدمت ذلك ضد العلم وضد الإنسانية؟
ونموذج "هيرو شيما" و"نجازاكي" ما يزالان شاهداً على ذلك!!!

ففي قلب الصراعات السياسية وفي احتداماتها الدموية والعسكرية، يلجأ كل طرف لتوظيف كل شيء لخدمة هدفه السياسي ومصالحه المباشرة، حتى لو أدى وقاد ذلك إلى تفجير كل المجتمع والعالم إلى شظايا.

وكل هذه الحالات والنماذج يحفل التاريخ السياسي الإسلامي والعالمي بمثلها، بدءاً من الحرب المسيحية اليهودية بين القوتين البيزنطية والفارسية وصولاً إلى حروب "الجمل"، و"صفين" إلى حروب الأمويين والعباسيين ضد خصومهم من علويين، وغيرهم، إلى "الحروب الصليبية" كما في تسميتها الاستعمارية، إلى ما أسميت حروب دينية: "حرب الثلاثين سنة " و"حرب المائة سنة "، كما سبقت الإشارة، حتى الحربين العالميتين الأولى والثانية، وصولاً إلى ما يجري اليوم في أكثر من مكان في العالم بما فيه منطقتنا العربية، وبلادنا اليمن تحديداً.

ولذلك أقول إنني لا أختلف مع المنهج الذي استخدمه العزيز/ عيبان، فقط لا أتفق مع النتائج السياسية التي وصل إليها، ومع تحميله مصطلح "الهاشمية السياسية" كل الخطأ والخطايا. وسبق أن اشرت إلى أننا لو حذفنا أو أزحنا جانبا مصطلح "الهاشمية السياسية"، من مقاله واستعضنا عنه أو بدلاً عنه بعبارات وكلمات تشير إلى ما يدل على عنف وبؤس الخطاب المذهبي والطائفي والقبلي، من أي مكان صدر، لما تغير الكثير في موضوعه.

أما الاصرار على وفي تحميل مصطلح "الهاشمية السياسية" كل الخطايا، وهذا حقه ورأيه، فإنني أتصور أنه سيحرف المنهج العلمي عن الوصول إلى غاياته المنشودة، في نقد وفضح ثقافة الكراهية والعنف، والمذهبية والطائفية والعنصرية. ذلك أن ما نعايشه يومياً، سياسياً وفكرياً وسلطوياُ، لا تسميه نظرية وفكرية وسياسية وعملية له، سوى أنه هاشمية سياسية، وقبلية سياسية!! وهو من يغذي المذهبية والطائفية ومن يعيد انتاجها في واقع الممارسة اليوم في بعض المناطق كما هو حاصل!! وهو ما لا يراه البعض، أو أنه لا يرى في ذلك هاشمية سياسية!!



#قادري_أحمد_حيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 3-5 الإمامة، والهاشمية السيا ...
- في صوابمصطلح الهاشمية السياسية 3-5 الإمامة، والهاشمية السياس ...
- في إشكالية مصطلح الهاشميية السياسية 2-5
- في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 1-5 مقاربة أخرى


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...
- شاهد.. آلاف الطائرات المسيرة تضيء سماء سيول بعرض مذهل
- نائب وزير الدفاع البولندي سابقا يدعو إلى انشاء حقول ألغام عل ...
- قطر ترد على اتهامها بدعم المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجا ...
- الجيش الجزائري يعلن القضاء على -أبو ضحى- (صور)
- الولايات المتحدة.. مؤيدون لإسرائيل يحاولون الاشتباك مع الطلب ...
- زيلينسكي يكشف أسس اتفاقية أمنية ثنائية تتم صياغتها مع واشنطن ...
- فيديو جديد لاغتنام الجيش الروسي أسلحة غربية بينها كاسحة -أبر ...
- قلق غربي يتصاعد.. توسع رقعة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين
- لقطات جوية لآثار أعاصير مدمرة سوت أحياء مدينة أمريكية بالأرض ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قادري أحمد حيدر - في صواب مصطلح الهاشمية السياسية 4-5. الإمامة والهاشمية السياسية