أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - العالم العربي بين الوعي الماضوي القاصر والفعل العاجز














المزيد.....

العالم العربي بين الوعي الماضوي القاصر والفعل العاجز


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 7332 - 2022 / 8 / 6 - 13:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فيما يستمر تحوّل عدة دول عربية إلى دول فاشلة ترهب وتجوّع شعوبها، يمكننا أن نرى تشابهاً مثيراً بين وضع العالم العربي اليوم ووضعه في أسوء ظروف تاريخه الحديث، بدءاً من أوضاع سورية والعراق ولبنان واليمن وفلسطين، مروراً بإحداث تغيّرات مفروضة في الخريطة السياسية للمنطقة، وانتهاء بتغيير بنيوي للعديد من الأقطار العربية.
ومن المؤكد أنّ هذه الحالة هي نتاج طبيعي لقصور الوعي والأوهام الزائفة والممارسات الخاطئة والفعل العاجز التي سيطرت على العرب لفترة طويلة من الزمن. وعموماً كشف هذا الوضع كم أنّ النظام العربي قوي وشديد البأس تجاه الداخل وضعيف وسريع العطب تجاه الخارج، بالرغم من كل الإنفاق على الجيوش والتسلح والأمن.
لقد تمددت أهداف السياسة الأمريكية في المنطقة العربية من تأمين النفط وطرق وصوله، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وما ترتب عنه من نقص إمداد أوروبا بموارد الطاقة، وضمان أمن إسرائيل، إلى ما هو أكثر اتساعاً وطموحاً، أي فرض سيطرة تامة ومباشرة على المنطقة العربية، عبر منع قيام أية قوة إقليمية عربية قادرة على موازنة القوى الأخرى في الإقليم، إيران وإسرائيل وتركيا. فمن الواضح أنّ مآلات أوضاع سورية والعراق ولبنان واليمن، لن يكون سوى طرف خيط لتوجيه ضربة قاصمة للنظام الإقليمي العربي الذي يترنح أصلاً. إذ يجمع المحللون السياسيون على أنّ المشهد الراهن للشرق الأوسط لابدَّ أن يتغير بصورة جذرية، حتى أنّ البعض بدأ يتحدث عن شرق أوسط جديد سيكون أحد أهم إفرازات هذه الوضعية، بما ينطوي عليه ذلك من إعادة رسم خريطة التوازنات الإقليمية الجديدة وفقاً لمعطيات القوة لأطراف المنطقة.
وللأسف فإنّ العديد من الدول العربية، التي كانت قد اعتادت أن تشهر سلاح " السيادة " و " عدم التدخل في الشؤون الداخلية " في وجه النظام الإقليمي العربي، تجد نفسها اليوم عاجزة عن الدفاع عن سيادتها في وجه القوى الأجنبية، ومضطرة، في غياب نظام عربي قوي يحميها، إلى تقديم التنازل تلو الآخر على حساب كرامتها أحياناً وعلى حساب سيادتها دائماً.
والمؤسف أيضاً أننا، في مواجهة كل ما يجرى، ما زلنا أكثر ميلاً للهروب من مواجهة المشكلات الذاتية وتأجيل الاستحقاقات الداخلية والتردد في التعاطي المجدي مع التحديات والفرص، بما يخص قضايا السياسة والفكر والاقتصاد والمجتمع، بسبب كوابح عديدة من أهمها ميل صنّاع القرار في أغلب الأقطار العربية للتركيز على المباشر والسطحي والآني.
إنّ حماسة العاطفة العربية التي تطفو على السطح، في أغلب الأزمات، هي التي كثيراً ما تجعلنا غير قادرين على تلمّس التحوّلات العميقة في المشهد الإقليمي والدولي، مما يحجب عنّا المقدرة على فهم الأوضاع وتقدير المواقف ورسم السياسات المجدية، ويجعل عملية " لوم الآخر " على سوء أوضاعنا واحدة من أكثر درجات التخلّي عن المسؤولية وأكثرها ضرراً بأوضاعنا. وفي هذا السياق، يجمّد البعض الفكرة العربية عند مرحلة تاريخية معينة أو لدى قيادة معينة، ويعتبر أنّ أي نقد لأحد الطقوس أو الرموز أو الشعارات أو المواقف خروج على الأمة.
إنّ التخلص من مثل هذه الرؤى والأوهام يتيح الفرصة لقراءة الواقع القائم قراءة موضوعية، بعيدة عن التهويل أو التهوين، من أجل التوصّل إلى أسلوب ملائم للتعامل معه، يسعى إلى الخروج من نفق الأزمة وتقليل الخسائر تمهيداً لتحقيق المكاسب والمصالح لاحقاً. مما يستدعي حضور فكر عربي منفتح وبراغماتي ومستقبلي، ليس حبيس القوالب الجاهزة ولا التمسك الجامد بالشعارات والنماذج. فكر يتفاعل مع المعطيات الجديدة - باستمرار - ويستفيد من تغيّر السياقات العالمية الجيو- سياسية والاقتصادية. فلا بدَّ من استيعاب أنّ مجمل الظروف، في العالم العربي وحوله وعلى اتساع العالم، تؤكد أنّ الممكن المتاح مرتبط بسياسة نَفَس طويل تقدر على المثابرة، وعلى الصبر، وتهيئ نفسها لكل الاحتمالات دون أن تفقد اتجاهها مع أي ريح، أو تترك هدفها يضيع من مدى بصرها بعد أول منحنى على الطريق.
فإذا كان حرص الدول العربية على " سيادتها " و" استقلالها "، تجاه بعضها البعض، قد لعب فيما مضى دوراً رئيسياً في إجهاض كافة المحاولات الرامية إلى قيام نظام إقليمي عربي قوي ومتكامل وأضعف الجامعة العربية ومؤسساتها، فلم يعد لهذا الحرص ما يبرره في عالم اليوم، لأنّ السيادة - بمعناها التقليدي - تغيّرت أو تآكلت، سواء من حيث المفهوم أو على الصعيد العملي.
إنّ الحاجة ماسّة إلى نظام عربي جديد يتكيّف إيجابياً مع المتغيّرات الدولية، ويستند إلى دول عربية عصرية تقوم على أسس الحق والقانون والديمقراطية وحقوق الإنسان، ويدرك عناصر القوة الكامنة لدى الدول العربية ويفعّلها لما يخدم الأهداف المشتركة.
وانطلاقاً من المعطيات والرؤى، الموصوفة أعلاه، ثمَّة أهمية كبرى لصياغة استراتيجية عربية تقوم على: أولاً، الاستيعاب النقدي لفكر الآخر، بمعنى المتابعة الدقيقة للحوار الفكري العميق الذي يدور في مراكز التفكير العالمية، وفي العواصم الثقافية الكبرى. وثانياً، النقد الذاتي للأنا العربية، بما يعنيه ذلك من ضرورة أن نمارس النقد الذاتي لممارساتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عقود مرحلة استقلالاتنا الوطنية على الأقل. وثالثا، إحياء فكرة الإعمار التي هي من أهم الأرصدة الثقافية للحضارة العربية - الإسلامية، بما هي واجب الإنسان في الكون. خاصة وأنّ القول قد حلَّ محل الفعل في أداء رسالة الدور الحضاري في ثقافتنا العربية، حين اطمأن العرب إلى دورهم في الماضي، فعكفوا على تمجيده، دون الإضافة إليه.
إننا نعيش مرحلة انتقالية صعبة منفتحة على مختلف الاحتمالات، بما فيها تفكك بعض الدول العربية، ولن يكون لنا ما نريد سوى بالتخطيط والعمل الاستراتيجي في المديين القريب والبعيد.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرتكزات انتخابات حرة ونزيهة في سورية المستقبل
- أسس معالجة الحقوق القومية في سورية
- خمس وخمسون عاماً على هزيمة العرب الكبرى
- عن القطيعة بين الثقافي والسياسي في العالم العربي
- حول سؤال الهوية
- نحو عروبة معاصرة
- أي معنى للاستقلال السوري اليوم؟
- نقد التأخر التاريخي العربي في كتابات عبدالله العروي وياسين ا ...
- التحديات المغاربية وكيفيات التعاطي المجدي معها
- مقدمات قيام الجمهورية العربية المتحدة في سورية وموقفنا اليوم
- تداعي الحسابات الإيرانية في سورية
- تسوية أم عملية انتقال سياسي في سورية؟
- ما بعد الحداثة .. وتعدد الثقافات (3 - 3)
- ما بعد الحداثة .. وتعدد الثقافات (2 - 3) (*) (**)
- ما بعد الحداثة.. وتعدد الثقافات (1 - 3)
- إشكالية الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (3 - 3) (*)
- إشكالية الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (2 - 3) (*)
- إشكالية الدولة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر (1 - 3)
- واقع حقوق الإنسان في سورية ومعوّقات وكيفيات تفعيلها بعد التغ ...
- واقع حقوق الإنسان في سورية ومعوّقات وكيفيات تفعيلها بعد التغ ...


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - العالم العربي بين الوعي الماضوي القاصر والفعل العاجز