أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صابر ملوكه - أشباح في محطه القطار














المزيد.....

أشباح في محطه القطار


صابر ملوكه
طبيب و كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7328 - 2022 / 8 / 2 - 10:17
المحور: الادب والفن
    


مرت الدقائق متباطئة و تأخر القطار عن موعده. توترت أعصابه وهو يوزع نظراته بين ساعة القطار المغطاة بالتراب وبين الفتاة الجالسة جواره.
تظاهر بالهدوء متلفتا حوله. الانتباه إلى التفاصيل يقتل الوقت. المحطة تموج بالبشر والغبار يتصدر المشهد.
الصحراء تظل صحراء رغم المباني الشاهقة والشجيرات المتناثرة على جانبي الخط الحديدي.

لمح شرطي القطار في مقدمة المحطة في الزي التقليدي لرجال الأمن محاولاً فرض هيبته. في الحقيقه لا يلاحظه أحد. وجهه يسكنه القلق ويخلو من الملامح ولكن الهراوة التي في يده تعطية إحساسا بالتفوق
لم يعد يتذكر سبب دخوله عالم الشرطة. ودار بفكره" بالأحرى ليس هناك سبب لكل ما يعيشه اليوم. كل مايذكره إن والده قرر إلحاقه بالشرطة. لم يقاوم ولم يعترض ومن يومها لم يقرر شيئا لنفسه مثله مثل غيره من البشر.
عدم إمتلاكه لحد أدنى من الأحلام انتهي به إلى الشرطة
عاش بلا طموح ولا هدف و لم يعرف يوما وجهته. يري المئات يرحلون أمامه كل يوم الى وجهتهم وبقي هو عالقا هنا.

سمع صوتا موسيقيا ينبعث من مذياع صغير يحمله رجل عجوز يحتضن صرة ملابسه ويقبع فوق الرصيف
تصاعد صوت أم كلثوم "آه ... كم أخشى غدي هذا وأرجوه اقترابا.. كنت أستدنيه لكن هبته لما أهابا...... هكذا أحتمل العمر نعيما وعذابا"
تعود به الأغنية إلى سنوات جميلة ولت. يتبخر العمر وتبقى الأغنية.


على بعد خطوات منه يقف رجل في منتصف الخمسينيات. ذو قامة قصيرة وملامح سمراء يستند إلى العمود الحديدي الذي يتوسط الرصيف كإنه يخشي السقوط يريد فقط أن يصل إلى جهته دون أن يعوقه شيء.
الإحباطات التي مر بها منذ شبابه كانت كافية لتلقيه جانبا
كل ما يحلم به الآن هو أن يركب القطار ويعود إلى غرفته ليستسلم إلى غفوته بعد نهار شاق
رغم أنه كغيره من أبناء جيله عشق عبدالناصر وتوحد مع القائد في شبابه. إلا أنه ترك كل شيء بعد الهزيمة و لم يعد يتابع الأخبار
تتغير أسماء الوزراء ولا يتغير شيء
أصبح كل همه أن يحصل على قوته وأن يحتفظ لنفسه بمساحة خاصة لا يسمح لأحد باختراقها
الخوف من الخيبات كان هاجسه ومرارة الهزيمة لم تفارق روحه.

على المقعد الحديدي ما زالت الفتاه جالسة.
نظراتها حائرة و بدت وكأنها تبحث عن مخرج
منذ دخولها الجامعة وهي تصارع الفقر. أحبت زميلا لها ولكنه تركها الى فتاة ثرية. أبيها يريد أن يزوجها لكهل ثري لا تحبه. تتخيل نفسها معه في غرفة مغلقة فتفزعها هذه الصورة.
يراودها كابوس واحد يتكرر كل ليلة" تمشي في غرفة مظلمة لا متناهية، تخلو من الجدران والأبواب والنوافذ" تستيقظ قبل أن تسقط في هوة سحيقة. موعد الزفاف يقتربو هي تختزن الدموع في عينيها الجميلتان وتفكر في الهرب.

.......

القطار يعلن عن وصوله في صخب. الرجل الأسمر قصير القامة يتنفس الصعداء. الفتاة تبدو غير مكترثة فمصيرها ينتظرها على الجانب الاخر. الشرطي ينظر للركاب في حسرة متمنيا لو أنه ركب القطار مثلهم. يتمنى لو عرف وجهته.
العجوز لم يقم من مكانه وكأنه التصق بالرصيف و يواصل الاستماع إلى أم كلثوم "أغدا تشرق أضواؤك في ليل عيوني.. آه من فرحة أحلامي.. ومن خوف ظنوني".



#صابر_ملوكه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بقايا كلام
- التنوير
- ليبرالي و لا حرج!
- أسئلة بلا اجابات
- الحلم علي طريقة الخنافس
- مسرحية هزلية


المزيد.....




- الممثل التجاري الأميركي: المحادثات مع الصين مهدت للقاء بين ت ...
- الممثل التجاري الأميركي: المحادثات مع الصين مهدت للقاء بين ت ...
- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صابر ملوكه - أشباح في محطه القطار