أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث كامل الدليمي - النقد الثقافي الاسس والمنطلقات (دراسة تطبيقية لنماذج من شعر الرصافي)















المزيد.....

النقد الثقافي الاسس والمنطلقات (دراسة تطبيقية لنماذج من شعر الرصافي)


ليث كامل الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 7327 - 2022 / 8 / 1 - 23:06
المحور: الادب والفن
    


عُدَّ النقد الثقافي من الظواهر الأدبية التي اتَّسم بها الأدبُ العربي الحديث؛ إذ اقترن ظهورُهُ بالنهضة الأدبية الحديثة ، وتبوَّءَ مساحةً واسعةً في الشعر العربي الحديث . وأهمُّ ما يميزُ هذا الضرب من الشعر هو روح المعاصرة، إذ أخذ يعبِّرُ عن معاناة الناس، وهمومها بعد ما كان الشعر قبل ذلك أسير الماضي، والتقليد الذي يجعله لا يمتُّ بصلةٍ إلى عصره . وعلى الرغم مما يؤاخذ على شعر هذه الحِقبةِ _ أي المدَّة الزمنية المحصورة بين مطلع القرن العشرين وبداية الحرب العالمية الثانية _ بأنه شعرٌ تقريري يقفُ عند حدود الوعظ ، والإرشاد ، ويفتقرُ إلى العمق ، وتسيطرُ عليه المباشرة ، إلا أنَّ الشعرَ الذي ندرسه ضمن النقد الثقافي لا يخلو من العواطف ، ويقتربُ من الشعر الوجداني الذي يسوق لنا العاطفة النبيلة تجاه الموضوع الذي يعالجه ، فضلاً عمّا يُتحِفُنا به من أفكار ، ومعانٍ معاصرة توسِّعُ مداركنا ، وتعمِّقُ ثقتنا ، وتفعلُ فعلها في رقي المجتمع وتطوره .
كما أنَّ هذا الشعر لا يخلو من تقنيات شعرية حديثة تستحقُّ الوقوف عليها ، ودراستها ، ففيه كثيرٌ من عناصر القصة من سردٍ ، وحادثةٍ ، وشخصياتٍ ، وغيرها ، إلى جانب ما نجدُ فيه من شخصياتٍ متعددة ، وموضوعات شعريَّة ، كالموضوعات الإجتماعية ، والسياسية ، والتاريخية ، والخيالية التي تهدفُ إلى إصلاح المجتمع ، ومعالجة بعض الظواهر المدانة التي تفشَّت فيه ، مثل الفقر الذي طال المجتمع العراقي بأسره ، واكتوى بآلامه ، فضلاً عن ذلك إنَّ شعر الأقصوصة يستحقُّ الدراسة لكونه يعدُّ تطويراً في الشعر الذي سبقه ، إذ أخذ شاعر الإحياء يتناول الموضوعات الشعرية التي تتناول هموم الناس ، ومشاكلهم .
اسس النقد الثقافي
إن مهمة المبدع لن تكون بعيدة المنال في ظل فاعلية إنسانية في مجتمعه تشاركه ـ وإن بحدود ـ شيئاً من التطلع إلى أفق الجديد، وتستجلب إمكانات الحركة نحوه في جوانب من وجودها السلوكي والمعرفي. ولكن حين يكون ذلك المبدع في محيط اجتماعي منغلق على ماتوارثه وترسخ فيه من قيم وانشغالات تمسي حاجزاً لمواجهة الجديد واتقائه فإن ذلك سيجعل مهمته أكثر صعوبة وتعقيداً، واحتماء بالذات ـ ذاته ـ التي ستعايش تناقضات ممضة لوجودها، بين مسعاها لإحداث التغيير والمواضعات القيمية التي تحتكم إليها فاعلية السلوك وحساسية التذوق والاستجابة المجتمعية التي لن تجد أمامها ـ كي تتحقق طماحها فيها إلا أن تدخل في صراع مع تلك القيم، فيثور ذلك المبدع الأصيل عليها ويرفضها، بدءاً من تأصلها المندس في مكونات شخصيته، والمتحكم في تشكيل جوانب من شخصيته، "ومن هنا تبدأ رحلة الصراع في أعماقه محاولاًً إعادة تشكيل هذه القيم وبنائها من جديد، وتوصيلها مرة أخرى الى مجتمعه بالصورة التي يقترحها ويطمئن إليها. وكلما كانت درجة أصالة الفنان وتوتره عالية كانت درجة الصراع عالية... فإذا أضفنا إلى ذلك أن حركة المجتمع دائبة ومستمرة ـ مهما كانت درجتهـاـ أمكننـا عند ذاك استمرارية التوغل في أعماق الفنان"
وان تقصي مساحة النقد الثقافي ومآلاته لدى الرصافي لما له من حضور طاغٍ ومؤثر في مسار حركية الشعر العراقي ومنذ بواكير نهضته الحديثة وهو معروف عبد الغني الرصافي الذي مثَّل افقاً خاصاً لتشكيل فاعلية ثقافية مغايرة، لا في حدود التجربة الشعرية في مختلف جوانب الوعي والتبشير بذائقة ثقافية مغايرة، لا تكتفي بالشعر وحده فهي تذهب بذلك إلى جوانب متعددة من الفنون والممارسات ذات النزوع المنتمي إلى قيم الثقافة وفاعليتها المؤثرة.
وقد درس الرصافي ما تلقاه من أوليات معرفية اتجه إلى طلب العلوم الدينية على يد واحد من علماء عصره الذي وجده فيه انشداداً إلى العلوم الدينية وتبتل في تقصيها، وزهد بما حوله من متع وانشغالات آنية، ذكرته بما كان عليه واحد من متصوفة بغداد المشهورين.
كانت تلك مرحلة لم تواصل حضورها وحدها في المراحل اللاحقة عند هذا الشاعر، ولم تستبد نهائياً بوعيه وانشغالاته والتأسيس الذهني الخاص الذي هيأته الأقدار ،إذ غادراها إلى حيث يشرع آفاقه المعرفية نحو اتساع من مجالات العلوم والنظر الفكري متعدد المصادر.
كان (الرصافي) قد غادر الدراسات الدينية نحو الاهتمام بالتيارات الفكرية الحديثة في منابعها المختلفة والمتصارعة، ليتأمل كثيراً من أفكارها وظواهرها العلمية في كتاباته وشعره ويسعى إلى تحديد رؤيته منها.
ويردد الرصافي:
يا مياهـا جرت بدجلـة تجـتاز مروراً بجانبي بغـداد
إن نفسي إلى الحقيقية عطشى أفتشفين غلة من صاد
وإذا كان تشخيص الحقيقة ممكناً في بعض الوقائع والمظاهر ذات الوجود المادي المحسوس والمتعين فيها ومن خلالها فإن ماعداها من ظواهر الكون وأفكار الحياة
والموت و تقلبات السلوك البشري ودوافعه ـ التي لاتستجيب ليقينية محض ـ هي ما يذهب بالشاعر إلى مغادرة الحقيقة، والانضواء في دوامة (الشك) الذي يبدو في تشكلاته تمثلاً لفلسفة (ديكارت) في البحث عن اليقين من خلال مطارحة الفكرة بما يدور في الذهن من تأملات غير جازمة في نظرها إليها، ليدخل كل منهما في مناط من الشك والتساؤل القلق.(1)

الخاتمة
 لم يحصل أي تغيير في شكل قصيدة الرصافي عدا بعض المحاولات المتواضعة ، وقد يُفسَّرُ هذا الأمر على أن الشعراء اهتموا بالمضمون ، ولم يبالوا بتغيير الشكل ، وحرفه عن مساره المرسوم له .
 استعمل الشاعر كل أدوات القص المعروفة من سردٍ ، وحادثةٍ ، وشخصيات ، وزمان ، ومكان ، وحوار ، إلى جانب استعمالهم بعض التقنيات السردية الحديثة مثل الإسترجاع ، والإستباق ، والخلاصة ، والحذف ، وغيرها ، ولكنهم لم يوفقوا كلَّ التوفيق ، ولعلَّ مردَّ ذلك يعودُ إلى أنَّ فنَّ القصة نفسه في أدبنا العربي كان في بداية تطوره ولم يظهر بشكلٍ واضحٍ في تلك الحقبة .
 استعمل الشاعر لغةً سهلةً مفهومةً لدى الجميع ، وقريبة من الحياة ، وكان استعمالهم هذه اللغة بسبب أنهم أرادوا أن يوصلوا أفكارهم إلى أكثر عدد ممكن من الناس ، وخصوصاً الطبقات المسحوقة في المجتمع ، مع استعمالهم بعض الألفاظ العامية ، مع تمكنهم من اللغة الفصحى .
 أدخل الشعراء في قصائدهم الألفاظ المعاصرة في عصرهم من مثل (الإحتلال ، الإنتداب، المعاهدات ،الدستور، التحرُّر ...إلخ) ، إلى جانب أنهم استعملوا لغةً سلسةً مفهومةً ، وبعيدة عن الغموض ، والتكلف إلا ما ندر .

الهوامش
- نقد ثقافي أم أدبي ، ص 162
- الخروج من التيه، سلسلة عالم المعرفة، ص351 .
- مصطفى الغلاييني ، دليل الناقد الأدبي، دار التراث العربي ، لبنان ، د.ت، ص 305. - الغذامي ،النقد الثقافي، ص 83-84.
- مسعود عمشوش ، "النقد الثقافي والنقد الأدبي" دراسة منشورة ،المجلة الثقافية، ع23، 2008، ص65
- عوض بن محمد القرني ، الحداثة في ميزان الإسلام" دار الفرات ، لبنان ، 2007، (ص 62-63).
د. علي عباس علوان. تطور الشعر العربي الحديث في العراق، ص 92.
علي حداد، الخطاب الآخرـ أبجدية الشاعر ناقداً، دمشق 2001م، ص115.



#ليث_كامل_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد الثقافي الاسس والمنطلقات (دراسة تطبيقية لنماذج من شعر ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ليث كامل الدليمي - النقد الثقافي الاسس والمنطلقات (دراسة تطبيقية لنماذج من شعر الرصافي)