أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رون جاكوب - سلافوي جيجك وأوكرانيا














المزيد.....

سلافوي جيجك وأوكرانيا


رون جاكوب

الحوار المتمدن-العدد: 7303 - 2022 / 7 / 8 - 11:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عليّ أن أكون صريحاً، لم أكن أرى سلافوي جيجك وغيره كأصحاب تحليل يساري حقيقي. نعم، يمكن لمغامرته الفلسفية أن تجعل القراءة ممتعة، حيث يقدّم المصطلحات الأكاديمية بطريقة سلسلة تمكّن المرء من استخلاص بعض المعاني منها. وبهذه الطريقة، بالنسبة لي، لن تحتوي الكتب التي تفضّل مطابع الجامعات ودور النشر اليساريّة نشرها أي أفكار جديدة.

يذكّرني تمثيل جيجك، حين شاهدته على «يوتيوب»، بشخصية المهرّج كراستي (Krusty the Clown) لو جعلتها تقدّم محاضرات جامعية. لقد انخفضت شعبيّة جيجك كثيراً في السنوات العشرين الماضية، حين كان أي قارئ ذو ميول يسارية ينظر حوله فيجد كتاباً جديداً لجيجك مطروحاً للبيع. بل إني شخصياً قمت بمراجعة أحد كتبه، لم يكن الكتاب سيئاً، لكن، وكما أشرت أعلاه، لم يطرح أي شيء مثير للدهشة.
رغم ذلك، ومنذ مدة، انخفض وميض جيجك في الأوساط ذات الميول اليساريّة. ولعل عدم الاهتمام هذا من قبل وسائل الإعلام، وكل من معجبيه وكذلك منتقديه، يعود إلى كتابته مقالاً هاجم فيه دعاة السلام وطالب فيه إلى تقوية «الناتو»، في العدد المؤرخ بـ21 حزيران 2022 لـ«الغارديان»، وهي إحدى صحف الإعلام الليبرالي السائد في بريطانيا. فمثل العديد من يسار أميركا وغرب أوروبا، ارتأى جيجك أن رد الفعل الوحيد على الأزمة الأوكرانية يكون عبر الدعم الكامل لحكومة كييف، مهما حصل. متجاوزاً تيّار يساريين آخرين تبنّوا الخطاب ذاته، لكنهم تمسّكوا بمعارضتهم لمشاركة الولايات المتحدة و«الناتو» بقوّاتهم البرّية والجوّية. تموضع جيجك مع جمهور «القتال حتى آخر أوكراني»، بدءاً من الليبراليين، مروراً بالنازيين، وصولاً إلى الكنيسة، وسائر الشرائح الأخرى المؤيّدة للحرب.


جمع جيجك في مقالته بين كل من نعوم تشومسكي وهنري كيسنجر لمجرّد أنهما يدعمان خيار المفاوضات بدلاً من الحرب. متجاهلاً عبر هذه المقارنة الاختلاف في تصريحيهما. فقد كان نزع تصريحيهما من سياقيهما النهج الوحيد الذي استطاع تبنيه. وفي المقالة ذاتها، وبعد مهاجمته دعاة السلام على طول النص، قدّم جيجك ادعاءً، لن يجرؤ عليه سوى أحد بغروره وعجرفته، حيث قال: «اليوم، لا يمكن لأحد أن يكون يساريّاً إن لم يقف خلف أوكرانيا بشكل لا لبس فيه». بعبارة أخرى، هو يدّعي أن النقاء الأخلاقي لليسار لا يكون إلا عبر دعم أي نسخة من حكومة كييف في حربها. في جملة أخرى، ينتقل جيجك من المحاججة ضد أي تسوية تفاوضية لتوسّع «الناتو»، وضد أي بديل عقلاني عمّا يمكن أن يتطوّر لحرب طويلة ومميتة، إلى تصفية وإبعاد شريحة واسعة من اليسار العالمي من الإدلاء بدلوها في نقاش الحرب. وعلى حد علمي، لم يقم أيّ يساري بإلغاء يساري آخر على خلفية الموقف من الأزمة الروسية- الأوكرانية، إلا أن جيجك جعل من هذا الإلغاء جوهر حجته.
كلامي هذا لا يعني أنني كنت أتأمّل المزيد ممّن يكسبون رزقهم بكونهم فلاسفة -أو مجرّد التظاهر بأنهم فلاسفة. فمنذ مدة طويلة أدركت أنه، ومهما بلغت كلماتهم من جمال، وحججهم من روعة، ومهاراتهم في مخاطبة الجمهور من جاذبية، إلا أنه، وفي نهاية المطاف، وعندما يجدّ الجد، لن يواجهوا التحدّيات بالشكل الذي يمثّله القول المنحوت على ضريح كارل ماركس: «لقد حاول الفلاسفة تفسير العالم بينما المطلوب هو تغييره». لطالما اعتبرت أعمال جيجك كنوع من التفسير، ولكن في ما يتعلّق بالتغيير، فقد بدا لي دائماً أن الشيء الوحيد الذي كان مهتماً حقاً بتغييره، هي أرقام المبالغ في حساباته المصرفية. رغم ذلك، فهذا ليس عذراً للمطالبة بدعم حكومة أوكرانيا الرأسمالية، والأدهى من ذلك، المطالبة بتقوية «الناتو». فحتى أكثر الفلاسفة تحجّراً، سيكون بمقدورهم فهم الواقع والأثر الذي ستنتجه دعوة كهذه، خصوصاً إن تم تطبيقها.


من باب الأمانة، فقد ناقش جيجك زلة ارتكبها جورج بوش أخيراً، حين وصف غزو العراق بأنه «غزو وحشي غير مبرر على الإطلاق»، في حين أنه كان يقصد أن يقول أوكرانيا. من هنا، قارن جيجك بين موسكو وواشنطن، معترفاً بوجود أوجه للتشابه بينهما. حتى أنه تطرّق لقضية جوليان أسانج، الذي فضح جرائم واشنطن في العراق (وغيرها من الأماكن)، ويواجه اليوم تسليمه للولايات المتحدة على إثر ذلك. في الإطار العام، تشترك الرؤية الإمبراطورية لموسكو مع رؤية واشنطن للهيمنة على العالم من ناحية الدافع. مع ذلك، فإن هذا التكافؤ بين الجانبين (وهو تكافؤ غير دقيق) لا يستدعي الطريقة التي أنهى فيها مقالته: «تقاتل أوكرانيا للحرّية حول العالم بما فيها حرّية الروس أنفسهم». عذراً سلافوي، لقد سمعت هراءً كهذا منذ كنت أرتدي الحفاضات. الاختلاف الوحيد هو أني كنت أسمعه من السياسيّين الغربيّين، وجنرالات البنتاغون، وأساقفة الكنسية الكاثوليكية، وقد كان خاطئاً حينها ولا يزال.

* كاتب وباحث أميركي



#رون_جاكوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلافوي جيجك وأوكرانيا


المزيد.....




- القضاء التونسي يصدر حكمه في جريمة قتل بشعة هزت البلاد عام 20 ...
- -بمنتهى الحزم-.. فرنسا تدين الهجوم على قافلة للصليب الأحمر ف ...
- خلافات بسبب تعيين قادة بالجيش الإسرائيلي
- تواصل الحراك الطلابي بعدة جامعات أمريكية
- هنغاريا: حضور عسكريي الناتو في أوكرانيا سيكون تخطيا للخطوط ا ...
- تركيا تعلق معاملاتها التجارية مع إسرائيل
- أويغور فرنسا يعتبرون زيارة الرئيس الصيني لباريس -صفعة- لهم
- البنتاغون يخصص 23.5 مليون دولار لشراء أسلحة لكييف ضد أجهزة ا ...
- وزارة العدل الأمريكية تتهم سيناتورا من حزب بايدن بتلقي رشوة ...
- صحيفة ألمانية تتحدث عن سلاح روسي جديد -فريد ومرعب-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رون جاكوب - سلافوي جيجك وأوكرانيا