أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رانيا لصوي - هل من وداع يليق..!














المزيد.....

هل من وداع يليق..!


رانيا لصوي

الحوار المتمدن-العدد: 7298 - 2022 / 7 / 3 - 14:04
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


للشتات ميزه وحيدة واحدة، كنا نسكن مخيم اليرموك، وفي مكتب الجبهة فيه نُسجت العلاقات والصداقات. سنين طويلة من الاغتراب عن أهل الأم والأب لم أعرف خاله ولا عمه، ولم اعرف أن في عالم موازي علاقات مختلفة عن تلك التي تسمى الرفاقية. لم اعرف بنات خالاتي ولكني عرفت الأخوّة التي تُبنى بعد موعد اجتماع حزبي نتجمع فيه نحن الاطفال في بيت احداهن، بينما أمي ورفيقاتها ملتزمات في اجتماعهن الحزبي. يكون معنا مثلا أحد الرفاق يخفف عنا ساعات قطع الكهرباء، ويبعد عنا أي خطر ممكن أن يكون.
ليس تعبيرا مجازيا مبالغ فيه إن سمعت من أكثر من عشر رفيقات أنني ابنتهن، وتشاركت الأخوة مع ابنائهم، لم تكن أمي مقصرة، ولكن كانت هي ورفيقاتها نوع مختلف من العلاقة الاختيارية، تفرغت احداهن عند انشغال الاخريات وحضنت ابناء الجميع..
سأبوح لكم بسر كلما التقيت الرفيقة ليلى خالد أذاعته بفخر وحنين لأيام مضت.. "اسألي امك ليش أخدت نقد سلبي..؟ وكيف الزمنا التنظيم بأن تنتهي الرفيقات أعمالهن الساعة الثامنة مساءً..!"
وأعيد رغبتي بالاستفسار عن السبب كما لو أنني أسمعها لأول مرة...
"احكيلي ليش..."
"كنا مع بعض الرفيقات عنا اجتماع، اجى ابوكِ قطع علينا الاجتماع.. لو سمحتي رفيقة ضروري تيجي معي...
وعندما ذهبت معه وجدتكم بالبيت أنتِ وأخوكِ نايمين على ضوء الشمعة التي تذوب وينتهي عمرها الافتراضي ولا تنتهي ساعات اجتماعنا... خايف عليكم تنحرقوا...
وتتابع الحديث، لما شفت هالمنظر انجنيت.. هالقد احنا ناسيين حالنا وأمك اخدت نقد سلبي واجتمعت بالرفاق وقررت أن يُراعى وضع الرفيقات جميعهم في الحزب.."
لم تكن أمي مهملة، بل كانت متفانية في نضالها من أجل تحقيق الفكرة، ولم تنظر الرفيقة ليلى لنا سوى بعين الأم الخائفة على اطفالها.. ولم أكن أقوى إلا على مناداتها بخالتي وشعور الأمومة يسكنني كما يشعر به بدر وبشار أبناء رحمها..
يوم أمس وفي مراسم تشييع الرفيقة وداد قمري، وجدت ليلى تبكي رفيقة دربها وهي لم تبكي او تُظهر دموعها على الأقل يوم وفاة رفيقها الحكيم! نعم بكت الصديقة والأخت ورفيقة الدرب وداد..
فما كان منك يا وداد ...؟
وداد قمري التي لم تنجب، وهي من فقدت جنينها في سجون النظام السعودي، لم تكن أقل عاطفة من الأخريات، منحتنا حبها أو ربما نحن من منحنها فرصة أمومتها.. انتقلت معنا الى الاردن بعد الإنفراجة الديمقراطية، أذكر أنها كانت تهاتفني: "تعالي الك أغراض (ملابس وأحذية) عندي بيجوا عليكِ.. "

كلما دخلت بيتها قالت: "البيت بيتك قومي اعمليلنا قهوة..."
وكلما تحدثنا نظرت لي تلك النظرة الفخورة وقالت لماما: "والله وكبروا الصغار يا انعام .."

كيف للإنسان أن يتجاوز أحلامه البشرية ويتكبر على غرائزه الفطرية، وأن يهب حياته للقضية ويفنى ذاته بصمت ويمضي..
كيف لنا أن نكون في وداع يليق أمام حجم الفقد الكبير...؟
كان لي شرف عظيم أن أكرّم الرفيقة والام وداد قمري في احتفالية متواضعة في آذار المرأة والأرض والأم من عام 2016، لم أكرمها بل أكرمتني بعظمتها وتواضعها واصرارها على العمل بصمت ..
هل من وداع يليق...!
في حضرة العظماء دائما ما نقف عاجزين، ليس تعبيرا لغويا سائدا، هو حق.. يحملون قضيتنا، يسكنون مسام الذاكرة، يفعلون فعلهم النضاليين بصمت، ويمضون..
كم كُنت حزينة في فقدانك خالتو وداد، لن تنتهي هذه المسيرة بتابوت، ولن تقفل روايات غسان.. ولن تكونِ فصلاً أخيراً .. بل حلم مستمر نعدك أن نحققه، ترافقنا روحك وتحلق معنا في سماء القدس محرره
مع السلامة يا مسك فايح .. يا أمي



#رانيا_لصوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قمة النقب وخطر السردية العربية
- ماذا بعد الثامن من آذار …
- اليوم العالمي للمرأة.. هل يمكن تحقيق العدالة للمرأة العربية؟
- عام على جائحة كورونا .. المرأة في تراجع
- جيل ما بعد أوسلو..واستعادة الطريق
- ثقافة التطوع في مواجهة ثقافة الاستهلاك
- التعبئة الشعبية ومفهوم المقاومة في مواجهة صفقة القرن


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - رانيا لصوي - هل من وداع يليق..!