أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي العطار - عقد مفقود














المزيد.....

عقد مفقود


علي العطار
باحث اجتماعي

(Ali Alattar)


الحوار المتمدن-العدد: 7289 - 2022 / 6 / 24 - 14:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الهويات الاجتماعية هي نتاج توازن وتناقض وتسوية مع الآخرين. والهوية الاجتماعية علائقية مرتبطة بالآخر ولا معنى لها من دونه، والناس تُعرِّف عن نفسها وفق علاقاتها مع غيرها، هذا ما تؤكده الدراسات والابحاث في "العقل والذات والمجتمع "، لذلك يُعدُّ منع الاختلاف تحت حجة التوافق من اهم اسباب فقر السياسة في المجتمعات الشرقية وانحدارها. وكل تغييب للتمايز والاختلاف يقود الى تجويف السياسة وتتفيهها وانحدارها الى اشكالها الاولية. كتب مونتسيكو في روح الشرائع سنة 1748... "بادئ ذي بدء، تفحصت البشر، وآمنت في هذا التنوع اللامتناهي للشرائع والعادات، وانهم لم يكونوا انتقائيين بنزواتهم فحسب، بل بعقل عميق ان لم يكن معقولا فهو على الاقل عقلاني دوما."

بعد زوال الامبراطورية العثمانية وانفراط عقدها الاداري الذي كان يربط كيانات امتدت من جنوب غرب اسيا وشمال افريقيا، قسم الشرق العربي الى دول "وطنية" بناء على الفهم المعاصر آنذاك، وظهر تناقض بين الانتماء التاريخي الذي بنت فيه "الخلافة" اطارا جمّد الوعي، وحفرت فيه أخدودا جامعا عرقل مرحلة الانتقال من حالة "التخلف" التي اصبحت مصطلح ذات معنى بعد الثورة الصناعية، الى الولاء المطلوب للوطن المنشود. هذا التناقض ادى الى ارتداد الافراد والجماعات وتمسكهم عمليا بانتمائاتهم العائلية، المذهبية، العشائرية، المناطقية، والمحلية... وتشكلت مجتمعات مرتدة، اعقبتها عقود من الفشل والتعثر في انجاز أو تطويرعقد اجتماعي يؤمن العبور الى مجتمع واحد موحد في اطار دولة جامعة مانعة لكل كيان، تتوائم مع التغيّرات الجوهرية التي حصلت. وغرقت هذه الكيانات في لجة "عقود افرادية" ممسوحة وممسوخة شوهت الاجتماع البشري وثبتته في وضعية تزامنت مع حرص شديد على تغييب القوانين الضرورية لانتظام الجماعات البشرية التي من دونها تبقى مجتمعاتٍ مكتومةَ القيد، ضائعةً في فوضى كيانية وفكرية غير خلاقة، وفي حالة تسيّب وتذرر، وفي بحث دائم عن هوية ضائعة! ساعد على تثبيت هذا الفشل واستمراريته، انتشار تشكيلات فكرية هجينة لم ترتقِ في عملها السياسي الى مستوى الفكر المؤسساتي، وحافظت على البنى الموجودة التي تحتاج اساسا لفكرة الفصل بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة بتعزيز مفهوم الدولتية.

الفصل بين السلطة والدولة شرط اولي لتطور المجتمع وتقدمه، وغياب هذا الشرط أبقى هذه الكيانات تراوح مكانها، متخلفة عن مواكبة التغيرات التي تجري بتعزيز ما هو قائم، متجلببة باثواب يسارية وقومية حينا من الدهر! واصولية وسلفية اكثر الاحيان. دفعت جموعها الى التواتر عن بعضها، بلا تضامن فيما بينها، محافظة على تغييب فكرة الدولة ـ المؤسسة، ومشاركة في انتاج عقل متحجر مغلق وجاهل، ورغم تحجرها وانغلاقها وجهالتها تتأفّف، ترغي وتزبد آناء الليل واطراف النهار، وما زالت في مسيرتها البائسة تتنطح لتفسير كل شيء نظريا بلا شيء عمليا، على طريقة الحكواتي، حريصة على استمرار البث وضخ وعود خلاصية، ممزوجة باحلام رومانسية منقطعة الصلة بالواقع، وفي حالة انكار دائم له، هذه الايديولوجيات التي قُوضت في مكان ولادتها ونشأتها وسقطت، ما زالت تتجدد في المجتمعات التي استوردتها فتحل ضيفا ثقيلا، وما بدلت تبديلا في طرائقها الممجوجة، بل تزكّيها معادلات فارغة من المحتوى من نوع جبهة الصمود والتصدي والرفض...

وبعد ما صدئت وتصدعت صخرة الصمود والتصدي وتحطمت، استمرت بقايا هذه الايديولوجيات تكرز بالحرب الدائمة نظريا، في الزمكان" المناسب، مدعومة بلازمة "المؤامرة" والظروف الدقيقة! ويغيب مع الاستخدام المتكرر لهذه اللازمة سؤال؛ متى تنتهي هذه المؤامرة والظروف الدقيقة التي تنمو معها اجيال، وتطوى فيها ايام تبدد العمر ولا تنتهي؟ وتتحول هذه "الدقيقة" الخالدة الى "عمر" من معتقدات راسخة، مسيجة باسوار مغلقة ودقيقة، كأنها حقيقة مطلقة، ومقفلة على اتباع يولدون ويترعرعون داخل هذه المنظومة الدقيقة ـ لا يطيقون العيش خارج اسوارها، وتمسي الايديولوجيا في زمن سقوطها التي هي لحظة ولادة للحقيقة، بدلا من ان تكون ولادة حقيقة تحرر الناس من التسلط، تصبح مادة لاذهانهم ومشاعرهم ويصيرون هم بالتالي مادة لها. وتنزوي ثقافة الحياة وتنتشر ثقافة العدم، وتنقلب المعادلة الطبيعية؛ تموت الحقيقة التي هي وجه اخر للحياة في سبيل نصرة العقيدة التي تمجد القوة التي تلتهم الضعيف. والويل للضعفاء الساهين عن الاقوياء المسيطرين الذين يرتكبون جميع الرذائل السياسية التي ليست بالضرورة رذائل اخلاقية، لكنهم ينتجون الرذائل الاخلاقية التي تصير بالضرورة رذائل سياسية.

ولكي يخضع البشر لنمط خاص من الحكم، ويستمر استثمار خضوعهم لا يكفي مجرد فرض شكل سياسي عليهم، بل لا بد ان يكون لديهم استعداد لهذا الشكل من الخضوع والاستثمار الذي يمارس عليهم كرذيلة سياسية، وطريقة الفاعل والمفعول في الفعل ورد الفعل، يتأتى كرذيلة سياسية واخلاقية، داعمة لهذا الشكل من الاستئثار، وهذا الاستعداد يظهر من اهتزاز الرؤية وازدواجيتها التي تسيطرعلى المفعول بهم لتحجب الرؤية عنهم ، ومنها تنطلق الرؤية القاضية بالحكم على ما هو كائن بما يجب ان يكون!

وان لم يكن البشر يشكلون اي مجتمع، وان كانوا يبتعدون عن، ويهربون من بعضهم البعض، وجب السؤال عن السبب. ولماذا يبقون منفصلين مع انهم يولدون جميعا مرتبطين بعضهم ببعض!؟ فالولد مع امه وابيه يشكل اسرة نووية، ومنها اسرة ممتدة، وكما يقول "التوسير"هذه مسببات المجتمع الذي يسبق نفسه دائما.



#علي_العطار (هاشتاغ)       Ali_Alattar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاوعي في الوعي
- التهديد النووي


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع اسرائيلي حيوي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علي العطار - عقد مفقود