أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي العطار - التهديد النووي















المزيد.....

التهديد النووي


علي العطار
باحث اجتماعي

(Ali Alattar)


الحوار المتمدن-العدد: 7228 - 2022 / 4 / 24 - 01:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان اعادة النظر في النظام العالمي الجديد ممكنة بدون مغامرات عسكرية وتهديدات جوفاء باستخدام اسلحة نووية هي اقرب الى الهلوسات التي تثير الهلع، فارغة من المعنى العسكري وممتلئة في آن معا ارهابًا سياسيًا وابتزازًا اقتصاديًا.

نشر معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن مضمون دراسة اجراها بعد انفجار محطة تشيرنوبل حول كمية السلاح النووي الموجودة في "الاتحاد السوفياتي" والولايات المتحدة الاميركية مبينا انها كافية لتدمير الكرة الارضية ست مرات. علما ان الدراسة آنذاك لم تشمل نادي الدول النووية ـ فرنسا، بريطانيا، الصين- ولم تتضمن احتمال انفجار المحطات والمفاعلات النووية المدنية في حال نشوب حرب. وانفجار مفاعل تشيرنوبل سنة 1986 شاهدٌ على حجم الكارثة التي وقعت نتيجة سيل من الاخطاء البشرية. والآن مع توسع نادي الدول النووية التي تمتلك محطات نووية مدنية وعسكرية، جاء تهديد الرئيس الروسي عندما أمر جنرالاته بوضع السلاح النووي في حالة تأهب ليثير حالتين: حالة من الذعر والفزع متولدة عن شخصية "بوتين" الاستبدادية حيث لا يثنيه شيء عن تنفيذ افكاره، مؤيَّدا من وزير دفاعه ورئيس مجلس أمنه القومي، وحالة من السخرية والاستهزاء يثيرها سؤال؛ من المنتصر بعد تنفيذ تهديده الاخرق باستخدام السلاح "النووي"؟! وهذا التهديد يعبر عن موجة من الغطرسة تجتاح القيصر الجديد، ومحاولة هروب الى الامام نتيجة فشله في تطويع اوكرانيا وتركيعها.

يرى "بوتين" العالم من فوهة بندقية وهو متربع فوق دبابة متكئا على صاروخ بالستي، لذا لم يستطع بناء اقتصاد يسمح لروسيا ان تكون قوة عظمى منافسة الا في مجال الصناعات العسكرية. وهذا التوجه يتلاءم مع فلسفة "القيصر" في الحكم، التي تكونت خلال عمله في الـ "كا جي بي" القائمة على رفض الاعتراف ان الفشل الاقتصادي كان من اهم اسباب انهيار الكتلة الشرقية. يظهر اندفاعه في تطوير صناعة الاسلحة، مهملا باقي القطاعات، في حجم الناتج القومي لروسيا الذي يتساوى مع اسبانيا وتتجاوزه ايطاليا، حيث يؤدّي هذا الاهتمام الى فرض سلطته واستمراريتها في التحكّم والسيطرة على الدولة ومفاصلها، واضعافِها في حكم الشعب فتلجأ الى العنف المفرط وكم الافواه لقمع اية معارضة. ومع تعديلات بوتين الدستورية التي ضمنت له الاستمرار في الحكم حتى سنة 2036 لم يعد باستطاعته التراجع في الحرب الاوكرانية لأن مستقبل نظامه السياسي سيهتز، فهو يريد الخروج منها منتصرا، لذا اطلق على ما يجرى "عملية عسكرية" دافعا الى تقسيم اوكرانيا عبر اتفاقية، يسعى ضمنا للوصول اليها، شبيهة باتفاقية "عدم الاعتداء" بين ستالين وهتلر التي قضت بتقسيم بولندا عشية الحرب العالمية الاخيرة، معلنا عبر هذه "الاتفاقية " المنشودة ان النظام العالمي دخل مرحلة جديدة، وانتهت القطبية الاحادية. وليس مستبعدا ان يلجأ الى تدمير مدن وبلدات اوكرانية ليزعم انه حقق الاهداف من "عمليته العسكرية" كي يتلقى دعما داخليا يحتاج اليه للاستمرار واعلان الانتصار "المزعوم" في ذكرى النصر في 9 ايار، مستغلا الشعور القومي للشعب الروسي وحنينه الى الاتحاد السوفياتي، عازفا على وتر ما احلى الرجوع اليه.

التطور والتقدم الحقيقي يتحقق عند سيادة العقل وسيطرته، حيث تكون القوة اداة من ادواته، وهذا ما تفتقده روسيا. أما في ظل سيطرة القوة التي تفرض على العقل ان يكون تابعا لها تحصل الكارثة التي يبشر بها الزعيم الروسي. يقول "مارك فينو" الخبير في مركز جنيف للسياسات الامنية: ان بعض الاسلحة النووية الموجودة هي بحكم الواقع جاهزة للاستعمال ويمكن اطلاقها خلال عشر دقائق. ويؤكد على وجود 12700 راس نووي في العالم اليوم، منهم 1600 رأس نووي جاهزة للإستخدام. ووفقا للعلماء لا توجد طريقة محددة لتقدير نتيجة تفجير رأس نووي واحد، لان هذه النتيجة ترجع الى عوامل متعددة، فقنبلة واحدة وزنها يقرب من 8 ميغا طن، وهي تقارب القنبلة التي قصفت بها مدينة "هيروشيما، تنتج حرارة قُدرت في محيط انفجارها بـ 300 الف درجة مئوية، وهذا الرقم هو 300 ضعف درجة الحرارة التي يتم بها حرق الجثث، حيث يتحلل الجسم البشري الى عناصره الاولية مثل الكربون... ان حربا نووية بين اميركا وروسيا مع وجود الكثير من "الرؤوس النووية" لديهما، ستغرق الارض في شتاء نووي خلال ايام.

يقول كارل بوبر: "ان اية حقيقة علمية ليست حقيقة لأن التجربة اثبتتها، وانما هي حقيقة لأننا لم نتوصل بعد الى اثبات عكسها". ساعد الارتفاع الحاد في اسعارالنفط والطاقة التي شهدها العالم بداية القرن الحالي في تحقيق وفرة مالية كبيرة لروسيا نمت معها طبقة من الاوليغارشية الجديدة التي بدأت، مع قيادة "بوتين"، تحاول استعادة وضع الدولة العظمى بتنشيط صناعتها العسكرية وتطويرها، وغزواتها تشي بذلك وتكشف الخلل الناتج عن اعتمادها اقتصادا رأسماليا بدائيا تديره اوليغارشية ظهرت لحظة انهيار نظام شمولي اثبت فشله في مواجهة نظام اقتصادي حر يسود ديمقراطيات غربية، قائم على اسس تداول السلطة، الحوكمة، وسيادة القانون، التي شكلت نموذجا جاذبا للدول التي استقلت وخرجت من دائرة الامبرطورية السوفياتية. وروسيا الطامحة الى لعب دور قيادي في عالم اليوم، تشكل نموذجا نابذا، اذ حولت سوريا الى خردة قديمة وحقل تجارب لسلاحها، وسلوكها هذا في اماكن سيطرتها، لا يعكس تطور اقتصادها بل يكشف عن قوتها الهائلة في التدمير وعجزها الدائم عن البناء والتغيير. ومؤتمرات "استانة" دليلٌ على فشل النظام الروسي السياسي في تشكيل نموذج يحتذى به. وما مرسوم دفع ثمن الوقود بالروبل ردا على العقوبات التي كبلت روسيا، الا دليلا آخر على عجز بوتين وعمق ازمته. لقد اخطأ في شنه حربا على اوكرانيا، وتهديده باستخدام السلاح النووي للبحث عن موقع مميز في النظام العالمي، وليس عن طريق بناء نظام اقتصاد متطور ينافس من يدعي انهم يستخفون بروسيا. وكلما طال امد الحرب ستفقد روسيا قدرتها على المنافسة، وستكون مضطرة الى الاعتماد على الصين، وبعض القوى الاقليمية.

ان عالما لا سبيل فيه لدى الناس الى تحقيق العدالة، ويفتقر الى محاسبة القادة والمسؤولين فيه عن الجرائم التي ترتكب بحق الجماعات والشعوب، هوعالم سيستمر طالما بقيَ الشعب أعمًى يُساق وراء قائد جموح يزعم الحرص على مصالح بلاده بتهديد العالم بازمات الغذاء والوقود، يقول سقراط: "لقد كنت رجلا نزيها، لذلك لم اصبح سياسيا".



#علي_العطار (هاشتاغ)       Ali_Alattar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي العطار - التهديد النووي