عن المقاومة والفتنة والأخلاق في إبعادها الاستراتيجية

بشار العيسى

الحوار المتمدن-العدد: 1675 - 2006 / 9 / 16 - 09:55
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

كان يحلو للصديق إلياس مرقص، في سنوات هجرتنا البيروتية ترديد الفكاهة السوداء : لو أنك أحضرت فلسطين على طبق إلى السيدين، نايف حواتمة، وجورج حبش، لرموها بحجة أنهما مناضلان لتحرير فلسطين.


في الجزء الأول من حديثه إلى السيد" غسان بن جدو" ،قناة الجزيرة القطرية، لم يكن السيد "حسن نصرا لله" الأمين العام لحزب الله، نفسه، أي " سماحة السيد حسن نصر الله" قائد المقاومة، الذي عودنا على مستوى من الخطاب يرقي إلى هامة الحدث وهو يدير معركة تنظيمه، ولبنان، في مواجهة الجيش الإسرائيلي.

نصر الله، الجديد، بعباءته الشفافة لم يكن شفافا كما عودنا، وكما يحلو له التفاخر، كان أشبه ما يكون بشطار المماحكات السياسية ممن لا تفتقدهم أروقة السياسة اللبنانية، للأسف. أن ما يحققه البعض في الحروب تذروه ذروه رياح حسابات الحقل والبيدر، ومن يغربل الناس عليه أن يتوقعهم ينخلونه.


طيلة أيام الحرب الإسرائيلية على لبنان لم أخف تعاطفي وإعجابي بالصمود الذي أثبت فيه الجسد العسكري لحزب الله أنه يؤرخ لشكل جديد ومتطور للصراع مع خصم أقوى، يمكن له أن يصبح مدرسة سياسية وعسكرية للشعوب التي تخوض نضالات عسكرية للتحرر. كما لا يغيب عن الذهن، تلك الحيوية التي تصدى فيها المجتمع اللبناني المقيم وذلك المغترب، لآلة الدمار الإسرائيلية ـ الأمريكية، والتي لم يكن مهيئا لها ومع ذلك ورغم خلافات الأطراف اللبنانية الكثيرة، عن وحول سلاح، وعسكر حزب الله، تحديدا، فأنهم كانوا المتراس الذي أسند إليه السيد حسن نصرا لله ومعه قيادته والعسكرية التي أثارت الحمية والإعجاب في أكثر من مكان في العالمين العربي والإسلامي، هذه الحمية وذلك الاحتضان هما اللذان ادخلا ،البنود السبعة، التي تمسكن حزب الله كثيرا لتدخل في بنية القرار 1701 بالشكل الذي تم والذي لم يكن بالتأكيد نتيجة هزيمة إسرائيل ولا نتيجة صمود حزب الله، وحده، وإنما محصلة نهائية لتلك الحيوية اللبنانية المتنوعة: التضامن الوطني العام، شبكة العلاقات الدولية اللبنانية، الحصانة المكتسبة من مآسي الحرب الأهلية وتاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي السابق بكثير على وجود حزب الله، فضلا عن الإدارة المتناغمة بين رئيسي الحكومة والبرلمان للمعركة السياسية والتي لم تقل ضراوة عن تلكم العسكرية.

ونحن نبدي إعجابنا بالصمود والتقنية العالية التي تصدى بها حزب الله للآلة الإسرائيلية العسكرية التي اعتادت واستسهلت التفنن في إذلال جيوش العرب ( وهو يعلم كما الجميع أن هذا البناء العسكري ما كان لولا الدعم الاستراتيجي الهائل والدعم المالي والعسكري الإيراني غير المحدود والمخطط في إطار الغطاء السوري المهيمن )، وكان إعجابي هذا مثار استهجان أكثر من صديق وذلك لتفارق قناعاتي والعقيدة السياسية والجهادية لحزب الله. إذ لا تخفي على أحد كما على السيد نصر الله، حقيقة أن " حزب الله " نشأ في حاضنة الحرس الثوري للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، على شكل انشقاق عن حركة أمل بمبادرة من الشيخ عباس الموسوي، في ظل الوجود العسكري السوري، الذي انسحب كعادته بهزيمة عسكرية ومعنوية من جبال " الباروك " المحصنة إلى البقاع ، أمام الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف1982، يومها، اتخذت حركة " أمل " موقف المتفرج المحايد من الاجتياح الإسرائيلي الذي دمر المخيمات الفلسطينية في صور وصيدا والضاحية الجنوبية لبيروت كما كان لمدينة بيروت وأهلها حصتهم، بغية تدمير الوجود الفلسطيني في لبنان، وتم لإسرائيل ما أرادت، ويعلم السيد حسن نصر الله وهو من الكوادر السابقة لحركة أمل ، ربما أوضح منا، المهمة التي أوكلها النظام السوري إلى حركة أمل‘ استكمال تصفية ما تبقى من الوجود الفلسطيني ( العرفاتي) بتدمير ما تبقى من برج البراجنة وما بقي من هياكل لصبرا وشاتيلا بعد المذبحة الإسرائيلية ـ القواتية الشهيرة.

ولا بد من التأكيد، لهذه الأسباب، بقي حزب الله خارج المصيدة اللبنانية الداخلية، فلم يتلوث بسبب توقيت وآلية نشوئه في الساحة الجنوبية للبنان، بجرائم الحرب الأهلية اللبنانية، كما أنه لم يتلوث بالدم الفلسطيني و لم يعرف عن الحزب ومقاتليه مفاسد وزعرنات الميليشيات ولئن كان البعض يقارب الحزب لجهة التصفيات التي طالت شخصيات شيعية علمانية ( حسين مروة ومهدي عامل ) وعمليات خطف الرعايا الأوربيين والأمريكيين. كما ولا يخفى على أحد، منذ ما قبل اتفاق الطائف، كيف تم ضبط إيقاع عمل الحزب وتمدمده في السيطرة على ساحة الجنوب الشيعي بتهميش كل الخصوم سياسيا واجتماعيا وعسكريا بالاتفاق السوري ـ الإيراني لجهة احتكار العمل الوطني المقاوم، لغايات استراتيجية، والذي تحت يافطته تحول حزب الله وسلاحه وعلاقاته وساحاته إلى مقدس لا يمس وغدا في ظل الهيمنة السورية وبالمال والدعم العسكري الإيراني إلى دولة غدت اكبر من الدولة اللبنانية وممثلا شبه وحيد بامتياز للطائفة الشيعية. لقد تمت سرقة المقاومة والساحة الجنوبية من أهل المقاومة الأقدمين ( الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الشيوعي ) بمعتقليهما وشهدائهما وجماهيرهما . كما تم بهذ الاحتكار المقدس تطييف المقاومة وتسليح الطائفة في الوقت الذي كانت اتفاقية الطائف بالهيمنة السورية تجرد الآخرين من سلاحهم ومن صوتهم.

لقد تم استثناء طائفة وعسكرها من استحقاقات قيام الدولة اللبنانية بحجة المهمة المقدسة " المقاومة ". هبة ربانية رعاها المفوضان الساميان ( غازي كنعان ورستم غزالة ) حرمت منها باقي الطوائف اللبنانية التي ما انفكت تريد إثارة المسألة بالاعتراض بالغمغمة كمن في فمه ماء .

بصمود عسكر حزب الله الاسطوري والتاريخي وباللغة التي أدار بها أمينه العام سياسة ميدانية تلاقت ومناخ الاحتضان الشعبي أصبح الأمل يحدو الكثيرين بإعادة العربة ( الميليشيا) إلى خلف الحصان ( الدولة)، يوم أسند الحزب: أمينه العام، ونوابه، ووزراءه في الحكومة السنيورية ال 14 آذارية، إلى السيد نبيه بري مهمة التفاوض باسم الحزب من اجل إيجاد مخرج لوقف الحرب، و إعادة الاعتبار لحركة أمل وسيدها الذي لم يبق بمنجى عن التهميش في الساحة الشيعية أمام مدحلة حزب الله العسكرية المالية، كما كان للاعتراف ـ بما يشبه الندم قبل أن ينقلب عليه ـ الذي أبداه السيد نصر الله من على شاشة التلفزيون عن انه لو توقع أن رد الفعل الإسرائيلي سيكون بهذا الحجم لما غامر بخطف الجنديين، وقعا زاد من الأمل، أقول تأملنا لعل حجم الدمار الحاصل والخطاب الهادىء والمتزن المتواضع الذي عودنا عليه السيد نصر الله، قد يكون بداية لسياسة جديدة باستعادة وعي الحدود الوطنية، أكثر لبنانية منها لغيرها وأكثر عقلانية وأشد خصوصية، فلبنان وشعبه وفي المقدمة شيعته يستحقون، بعد كل هذا الدمار وهذا التيه في صحارى الله استعادة الجميع لوعي تشتت خارج الحدود الإقليمية. خاصة وأن حلفاءه الإقليميين تركوه لمصيره وشعبه بالبحث عن فتات المقايضات الوقتية والعجز عن تفعيل المعاهدات الدفاعية المشتركة وصخب تلازم المسارين وأن أمن سوريا من أمن لبنان كما ظهر النظام السوري في الخطاب/ الاحتيال، الذي قفز به الرئيس السوري من بين الكراسي إلى المنصة محاولا سرقة تضحيات حزب الله وصموده المشرف، وتضحيات اللبنانيين دولة وشعبا شجرا وصخرا مدنا وضواحي في مهزلة رخيصة للمقايضة بهم رضا أمريكيا، وشفعة إسرائيلية، وفتنة داخلية.

أن ما دفعني إلى كتابة هذه المقدمة الاستطرادية ذلك الوجه الجديد الذي ظهر به سماحة السيد حسن نصر الله على أكثر من مستوى وفي أكثر من قضية، ليس في المحتوى بل حتى في الشكل، حين ظهر السيد نصر الله في لبوس قائد ميليشيا لم نتعود عليه يقايض واقعا بالأمر تهرب منه طويلا بغير واقعية. لقد خلع السيد قناع الحكيم المجاهد المتواضع الممثل لشعبه واستبدله بشطارة سياسية لا تليق به ولا بحركته لأنه لا يحتاجها ولئن أكثر السيد من ترديد مصطلحات مصلحة الامة والعدالة و الشفافية والأخلاق فأنه كان، وللأسف، يبطن غيرها، كان يجتهد اخفاء ما في نفسه دون كبير نجاح. لقد حضر الرجل المقاوم، للأسف في صورة رجل المساومات التي لا ترتقي حتى إلى المحاصصات الطائفية لجهة الإنصاف والعدالة، وكأنه تمسكن ليتمكن. لم بستطع إخفاء مناورته بشعار الوحدة الوطنية ستارا لتعطيل ماكينة دولة الوطن، لقد رفع شعارا نبيلا: الوحدة الوطنية، للحصول على فتنة الثلث المعطل، لعمل الحكومة التي هو جزء منها وفوضها علنا أمور الحرب والسلم. حين يقول: "قوى 14 آذار لا تريد ان نشكل نحن والتيار الوطني الحر والرئيس اميل لحود الثلث المعطل"، متسائلا: "ألا نشكل ثلث البلاد؟ أنا شريكك في الانتخابات ولكن أنت تريدني تابعا في الحكومة..." فهو شريك حين يريد وفي الحكومة حين يريد وفي المعارضة حين يريد. ويتابع السيد نصر الله: " ....... (يقولون) انا اقاتل لتعطيل المحكمة الدولية أو من اجل الملف النووي الإيراني. وطلعت الحرب من أول يوم إلى آخرها محوراً إيرانيا - سورياً أو تعطيلاً للمحكمة الدولية... هذا ظلم وتعنت وقمع وكذب ودجل. إلى متى نسكت؟ ...... يبدو أن قراءة الإخوان هي أن "حزب الله" خرج منهكاً وضعيفاً ومهزوماً... أغبياء "
لا نفهم هذه اللغة الجديدة لسماحة السيد حسن نصرالله، التي تعودنا عليها من اعلاميي الهيمنة السورية: جوزيف سماحة، ابراهيم الأمين شارل أيوب، فلماذا يستخدم لغتهم ويستعير تعابيرهم وهو المالك لذخيرة نهج البلاغة وخطابها! فما عدا مما بدا؟
ها هو اليوم يأتي بتهمة الخيانة لشركائه وبالتحديد تجريم رئيس حكومته بفقدان الأخلاق والمشاعر، وهو الذي حُمٌـل وزر سياسته التي ساهمت بحصتها في هذه الحرب التدميرية. ولا نعرف كيف تهيأ له اتهام الرجل الدمث والخلوق فؤاد السنيورة باللا أخلاق، ألأنه استقبل طوني بلير؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ وهو يعلم جيدا أن بلير رئيس دولة عظمى و سنيورة رئيس دولة صغيرة مدمرة مفتتة محاصَصَة، اضطـُر للقيام بمسؤوليته التاريخية إلى استقبال من هو أسوأ من بلير لإنقاذ الوطن وإنقاذ حزب الله والطائفة الشيعية من ورطة تسبب، هو، بها بالخطأ بالتقدير ، استقبل وزراء خارجية إيران وأمريكا وفرنسا والأمير القطري ووزراء الخارجية العرب ممن علاقة بعضهم بإسرائيل لا تختلف كثيرا عن بلير وآخرين اوربيين كثر .

لنترك الشأن اللبناني وهمومه لآخرين أبدى منا بهذه المسألة، ولنعد إلى تقييم الموقف الأخلاقي الذي عبر عنه السيد بالفم الملآن وهو يفاخر الآخرين، في قوى 14 شباط /آذار وحكومتهم، بتحالفه مع النظام السوري وليس الشعب أو الوطن السوري وعلمه كفاية عن الفارق الفاحش بين النظام السوري والشعب السوري، بالقول: أنا لا اخجل بتحالفاتي، هم يخجلون بها. فليجرؤ احد منهم على ذلك، الإسرائيليون قالوا في الحرب أن جهات في الحكومة اللبنانية " تتصل بنا وتقول بارك الله فيكم أكملوا". الجريء منهم فليقل بمن اتصل في إسرائيل. السفير الاميركي يدير البلاد اليوم وليس 14 شباط، ويتحدثون ليلاً ونهاراً عن ("حزب الله") الأداة السورية والأداة الإيرانية، طيب أنت أداة اميركية وانا أساويك بحالي".

ولنا أن نسأل السيد نصر الله تحت أية موجبات أخلاقية كان يستقبل مودعا المفوض السامي السوري رستم غزالة ويهدية بندقية منتصرة، ودماء اللبنانيين لم تجف من أقبية عنجر وأسرى وأمهات في الانتظار على طرفي الحدود من سوريا. ودماء رئيس وزراء لبنان وصديق حزب الله رفيق الحريري وزملائه مهدور في شوارع بيروت، كيف تم له تبرير ذلك وعشرات العائلات اللبنانية لم تعرف شيئا عن مصير أبنائها المختطفين في سوريا على مدى عشرات السنين، فضلا عن الشهداء والاعتداءات حتى على السيادة اللبنانية بمن فيهم حلفاءه اليوم الجنرال عون؟ أم أن لا اعتبار أخلاقيا لمشاعر الآخر اللبناني؟ أم أن الأسير اللبناني عند السلطة السورية كافر يلزمه الحد؟ أليست لهم أمهات وزوجات لهن مشاعر ثكلى؟

لقد تفاخر السيد بعلاقاته التحالفية مع النظامين الإيراني والسورية وهما النظامان لا يرقيان إلى ربع كعب الدولة اللبنانية المتمثلة بحكومة 14 آذار لجهة تمثيلها للوحدة الوطنية وانسجامها ومعايير الدولة الحديثة التي يحترم فيها حقوق المواطن والمواطنة ولجهة الديمقراطية المتعلق بالتمثيل الشعبي والاحتكام إلى صناديق الاقتراع . نظامان يخجل من وجودهما التاريخ لحجم الاستبداد والعسف والفساد والأيدي الملوثة بدماء شعبهما. هل سبر السيد نصر الله رأي الشعوب الإيرانية والسورية ونخبهما السياسية والثقافية؟ ألا يرى السيد أنه بهذا التحالف يحمل دماء شهدائه وزر مظالم هذين النظامين وهو الذي يتغنى بحقوق المظلومين والمستضعفين؟ لماذا يتجاهل السيد نصر الله حق الشعوب ومظالمها ويستلذ صحبة الحكام على عكس ما تقول به عقيدته؟

يأخذ سماحة السيد على خصومه تعاونهم مع الأجنبي فهل الإيراني عربي؟ وهل المظلومون في عربستان اسرائيليون أم تكفيريون؟ ويأخذ على خصومه شركاءه في الحكومة التعامل مع أمريكا والسفراء الأجانب الذي يتحكمون بلبنان ووزير الخارجية صلوخ من يكون؟. ألا يتذكر الانتقادات التي وجهها حليفه وزير خارجية إيران للحكومة اللبنانية في شروطها التفاوضية بخصوص وقف إطلاق النار بوقاحة مفوض سامي من بيروت وهي تقصف؟ ولا يتذكر وهو ما شاء الله يتمتع بذاكرة حية زياراته إلى دمشق يستدعونه إلى لقاء المسؤولين الإيرانيين في دمشق؟ من أين يستمد سماحة السيد الفخار من تحالفاته التي لا نجد لها مبررا في عقيدته الدينية أم أنها المصالح والملك والسلطة ؟

يأخذ السيد على الكثير من الدول الغربية وفي المقدمة منها أمريكا أنها قوى باغية استعمارية عدوانية لا تعرف حق الشعوب، وهم كذلك ومعهم إسرائيل التي تعتدي على الفلسطينيين ولبنان والعرب والمسلمين وهي كذلك، لكن لماذا يُغيـٌب السيد السجل الأسود لحلفائه؟ فالسجل الاستعماري و الاستبداد التعسفي والبغي بالاعتداء على المظلومين والمستضعفين من العرب والكرد والمسلمين لدى حليفيه لهو أشد قتامة مما في إسرائيل .

ففي اليوم الذي كان الرجل يفاخر بحلفائه ويقسـٌم الأخلاق على الناس متباهيا بالشفافية التي يتميز بها ، جل من لا يخطيء، كانت قوات حليفه الإيراني تقصف إقليم كردستان وبالتحديد " جبال قنديل " بالتناوب مع الجيش التركي، وتهجر آلاف العائلات الكردية الملتجئة، أصلا، بهذه المنطقة، من كردستان إيران منذ قيام عدالة "جمهوريت إسلامي" والتي يلزمها الكثير لتتساوى بالارتقاء إلى مصاف تلك الشنيعة إسرائيل على الأقل لجهة الأخلاق والشفافية لقد هجـٌر الاستبداد الإيراني للجمهورية الإسلامية وولاية الفقيه الملايين الكرد من أرضهم وبيوتهم ومزارعهم ووطنهم التاريخي بسياستين قومية شوفينية ودينية ومذهبية، و الكرد أيها السيد مسلمون مثلكم فكيف يحل عندك دمهم ومالهم وأرضهم، ومستضعفون مظلومون، كيف لا يثيرون عقيدتك؟ أم أن لك مكيالان كما لأمريكا التي تتهمها. بالأمس كنت تدين الكرد في العراق لأنه ربما كانت لهم علاقات بإسرائيل وتنال من إخوانك العرب في العراق، ممن يسمون أنفسهم مقاومة إسلامية، يحاربون أمريكا، باعتبارهم تكفيريين يوجب الجهاد ضدهم ـ ونفس الكلام كان يردده منذ ايام، حليفكم الخاتمي بالتحريض نفسه، ضدهم، ومن أمريكا ضد ممن يسمون بالمقاومة في العراق بتهمة التكفيريين.ولكن لم لم تجتهدوا بفيلق بدر، لجهة التعاون مع المحتل الأمريكي ومعها إيران، لجهة تسهيل الاحتلال الأمريكي للعراق ومعهم قطر وأميرها الذي بارك بطلـٌته البهية المربع الأمني لضاحيتكم الجنوبية وقاعدة عيديد والعلاقات المزمنة مع اسرائيل؟

أيها السيد أن الأمة الكردية آخر أمة ستحتاجها إسرائيل وأمريكا وستبقى آخر الأمم المظلومة لأنها تدفع ثمن جريمة صلاح الدين الأيوبي. ولا تملك حليفا استراتيجيا إقليميا مثل النظام الإيراني وأمواله. فاطمئن.

ألا يعلم السيد نصر الله أن في البلد/ الغابة، لحليفه بشار الأسد، ووالده، كان الشعب الكردي في سوريا ولا زال ضحية سياسات عنصرية استبدادية، وأن ألافا من خيرة النخب السورية طيلة سني تحالفكم غير المقدس كانوا ضحايا خطف وقتل واحتجاز عشرات السنين فضلا عن مواطنيكم من اللبنانيين، وفي سوريا أيها السيد يحكم القانون رقم 49 منذ العام 1980 بالإعدام على الأخوان المسلمين وهم أشقاء لكم مؤمنون بالله ورسوله والكتاب واليوم الآخر ، ألا يستدعي هذا أن تنصر أخيك المسلم ظالما أم مظلوما ؟ أم ماذا؟ لماذا لم نسمع يوما منكم موقفا ضد هذا القانون السيئ الصيت فهل يجوز قتل المسلم بغير حق؟ أليس هذا هو الدين أم أن لكم اجتهادا آخر؟. بالأمس قضى الشيخ المعمم مثلكم والذي لا يقل عنكم علما وتدينا، الشيخ " معشوق الخزنوي " في أقبية أجهزة مخابرات حليفكم النظام السوري، بجريمة المطالبة سلميا ـ بواجب الشرع ـ برفع الحيف عن قومه الكرد. ومدينة حماة التي دمرها نظام حليفكم في غمضة عين وهتك أعراض الحرائر المسلمات ألا، ألم، ولم؟ لم يستدع كل هذا منكم بأخلاقكم العالية لا أقول استنكارا فاليد التي فوق هي الأقوى والتي تطعم هي الأبدى، ولكن أما كان لكم أن تستتروا بإعلان تفاخركم بالتحالف مع أنظمة منحطة إلى هذا الدرك ألا نستحق بعض التعفف معنا؟ كرد سوريا وإيران والنخب السياسية المعارضة وشهداءالأخوان المسلمين والشيوعيين في سوريا والعرب في عربستان أيران وضحايا الزلازل وضحايا التهجير ومجاهدي خلق وفدائيي الشعب غيرهم من النخب والشعوب الإيرانية وأمهات الأطفال الذين بمئات الآلاف قادتهم ولاية الفقيه إلى حقول الألغام ـ في رقابهم مفاتيح الجنة ـ أثناء الحرب العراقية الأيرانية. هؤلاء الشهداء القاصرين الذين يعيش اليوم آباؤهم وإخوانهم، فضلا عن العسف الاستبدادي للنظام الثيوقراطي للملالي، يعيشون تحت حزام الفقر الذي تسببت به العقلية العسكرية التسلطية الحاكمة التي حولت إيران إلى معسكر من الفقر والمفاسد والقمع، تحاول تغطيته بالهيجان تحت شعار " يا لثارات الحسين " التي لا تسد جوعا ولا تكسي عريا ولا تسكن مهجرا.
شهادة:
".... طالب الدكتور مهران شهيدي احد مسؤولي مشروع إعادة بناء مدينة «بام» المدمرة وهو مشروع يموله عدد من رجال الأعمال الإيرانيين المقيمين في الخارج، طالب الحكومة الإيرانية بتخصيص خمس المبالغ التي قدمتها إلى «حزب الله» من أموال الشعب الإيراني لبناء ملاجئ للآلاف من أهالي بام لكي لا يقضون شتاءهم الثالث في الخيام.
وقال الدكتور شهيدي: إننا ندري جيدا بان السعودية وجارتها، قدمت او وضعت 400 مليون دولار تحت تصرف الحكومة الإيرانية إضافة إلى الملايين من الدولارات جاءت من مختلف البلدان الغربية والإسلامية بعد زلزال بام، ولا نعرف ماذا جرى لهذه الأموال، وما شاهدناه هو بيع الأدوية والمساعدات الإنسانية مثل الخيام والأغذية المعلبة في شوارع طهران من قبل البعض.
وقالت مصادر مطلعة، أن مظاهرات عفوية اندلعت في مراكز إسكان متضرري زلزال بام وفي بعض بلدات خوزستان بعد صلاة الجمعة، حيث أطلق الأهالي شعارات منددة بـ «حزب الله» والحكومة، ومطالبة ببناء بيوتهم المدمرة بدلا من التدخل في شؤون لبنان."

ألم يسمع بالمناضل " عماد شيحا " المجاهد الشيوعي الذي أمضى أكثر من ثلاثين سنة في سجون السلطة السورية؟ لأنه وإخوانه ـ قبلكم وحزبكم وحتى قبل نشوء نظامكم الإسلامي الأيراني ـ ارتكبوا جريمة مواجهة الحضور الأمريكي في دمشق. ثلاثين سنة في أسر نظام حافظ الأسد وإبنه، ،ألا تستحق في عرفكم مقارنة قداسة مشاعر أهلهم وأمهاتهم بأهلك، في ألا يأتي إلى دمشق والبسمة تعلو محياه البهية، يبارك بدماء شهدائه للنظامين السوري والإيراني جرائمهما بحق شعبنا وأهلنا وأمهاتنا ؟ أن السجون / المعتقلات في سوريا وإيران لهي أشد هولا وفحشا من معتقل الخيام بكثير، أم أن المعتقل في إسرائيل أسير ولدى حلفائكم مجرم، حتى ولو كان وليدا في بطن أمه؟

طيلة أيام حرب إسرائيل على لبنان لم يتوقف النظام السوري عن شحن مناضلي عر بستان إلى النظام الإيراني وكان آخرهم قبل أيام من حديث السيد نصر الله، حين سلمت كوادر أكاديمية إيرانية لاجئة في هولندا إلى السلطات الإيرانية وهم محكومون بالإعدام لأنهم صدقوكم أن سورية دولة ذات مباديء فوقعوا في مصيدة تحالفها الشيطاني مع إيران.
وأهل عر بستان، لا يجهل سماحة السيد، شيعة ولكنهم عرب فبأية مزامير يريد أن يشنف أذاننا وعيوننا عن شراسة حليفه الذي لا تهمه الأمة التي تتباهى بالدفاع عنها، ولا بتومان واحد.

أنها السلطة ، اذ لا يمكن إخفاء الغابة بالشجرة، وهي المصالح التي تعتلي المبادىء والقناعات، والمساومة التي تسخر العقيدة وهي العفة التي، تتمسكن لتتمكن، فلا أخلاق ولا شفافية بل دماء البسطاء وممتلكاتهم ودموع الأمهات والأرامل لا فرق بين أم وأم فلماذا أمه أعز عليه من أمهات شهداء السوريين ولماذا يفاخر بجرحه على جراح الآلاف بل الملايين من السوريين والإيرانيين من الكرد والعرب ممن تربوا أمام المعتقلات لحليفيه أم أنها ثارات الحسين ؟، وممن ستثار أيها السيد والأسرة الأموية اجتثت من الأساس من الشرش على أيدي أبناء العمومة العباسيين ؟ ألا ترى أن شعار" ثارات الحسين " هي الوجه الآخر لأولئك التكفيريين؟ والى أن تعلمنا ممن ستثأر لنا عليك حق الارتقاء بخطابك إلى حجم ونقاوة تضحيات شهداء حزبك، رفاقك، في مواجهة العدو الإسرائيلي ( وإذا كنا نقدس سلاحك فلأنك في مواجهة إسرائيل ولكن لكل الناس مقدساتها، دماؤها التي لا تعلو عليها أية قدسية كانت ) ونربأ بك أن ترميهم إلى متاهة الفتنة الداخلية ولنا عليك أن تستتر بمعاصي التحالف مع الأنظمة الفاسدة ، و تتباهى بها في مواجهة ضحايا النظامين، للحفاظ على نقاوة احترامنا لدماء شهدائك وتضحيات بلدك لبنان. لأن نظامك السوري الحليف أيها السيد، من أكثر الأنظمة تعاونا من السي آي إي لجهة استنطاق المعتقلين المسلمين بالنيابة لصالح الشيطان الأمريكي .

أن الكرد في سوريا وإيران، وكذلك العرب الإيرانيون، يعيشون حياة لهي أسوأ بما لا يقاس من معاناة إخوانهم الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي وأني لعلى قناعة أن ملايين الكرد في إيران وسوريا وتركيا تتمنى النعيم الذي يعيشه الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي البشع قياسا بحيواتهم، وأن النخب السياسية الوطنية المعارضة في سوريا وإيران يحلمون بالنعيم الإسرائيلي الذي يتنعم به السيد " عزمي بشارة : وحتى قادة حماس، ألا يستحق هؤلاء،من سماحتكم بعض الاحترام والكثير من العفاف، في أن تستتروا بالمعاصي .
في الأخير، والشيء بالشيء يذكر، ألا يحق لنا أن نطلب من السيد حسن نصر الله ونوابه ووزرائه في الحكومة اللبنانية أن يكونوا بمصداقية وشفافية وشجاعة الصحفي الإسرائيلي "يونتان شيم" في المقطع التالي:

"...... نحو 170 شخصا أغلبيتهم من جنود الجيش الإسرائيلي قُتلوا. الآلاف أصيبوا. أياد وأرجل وعيون ورؤوس وأدمغة. عشرات الآلاف الآخرين سيعانون حتي آخر عمرهم من الكوابيس الليلية الرهيبة وسيجدون صعوبة في العمل ويُدمرون علاقاتهم وحياة عائلاتهم إثر الصدمة النفسية التي ألمت بهم. 12 ألف شقة سكنية دُمرت. مليارات الشواقل ضاعت هباء، هذا ناهيك عن عشرات آلاف الدونمات المحروقة من الطبيعة والتي اشتعلت فيها النيران سُدي.
هذا هو الثمن الذي دفعته إسرائيل في معرض محاولتها لاستعادة جندييها الأسيرين في أيدي الأعداء. هذه هي الخلاصة الأخيرة، وهي العنوان في نفس الوقت. إسرائيل خرجت إلي حرب لبنان الثانية بسبب الجنديين اللذين حالفهما الحظ وبقيا علي قيد الحياة خلافا لبقية الجنود الذين قُتلوا ..........
.... أنتم تقولون أن هذه قيمة عليا ؟ القيمة بالعبرية تعني أيضا الثمن. ولقيمة إعادة الجنود بأي ثمن أعطيتم ثمنا يُقاس بدم الآخرين. هكذا هو الأمر عندما يديرون دولة وفق قيم قطرة الحليب.

#بشار_العيسى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات