أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زبيغنيف كوفالفسكي - الإمبريالية الروسية: من القيصرية حتى اليوم، مروراً بستالين















المزيد.....



الإمبريالية الروسية: من القيصرية حتى اليوم، مروراً بستالين


زبيغنيف كوفالفسكي

الحوار المتمدن-العدد: 7197 - 2022 / 3 / 21 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


زبيغنيف مارشين كوفالفسكي

نشر المقال في عدد شهر تشرين الثاني/نوفمبر (105) عام 2014 من النسخة البولندية لشهرية لوموند ديبلوماتيك ترجمه من البولندية محرر مجلة انبريكور يان مالفسكي

يقول سيرغي نيكولسكي، الفيلسوف الروسي المختص بالثقافة، إن أهم فكر للروس “منذ سقوط بيزنطيا حتى اليوم هو فكرة الإمبراطورية وأن تكون البلاد أمة امبريالية. لطالما علمنا أننا نعيش في بلد يتشكل تاريخه من سلسلة متواصلة من التوسع والغزوات والدفاع والضم والخسارات المؤقتة والفتوحات الجديدة. كانت فكرة الإمبراطورية من أثمن الأفكار في أيديولوجيتنا، وهذا ما أعلنّاه للدول الأخرى. من خلالها نفاجئ أو نفرح أو نرعب بقية العالم”.

يؤكد نيكولسكي أن الميزة الأولى والأكثر أهمية للامبراطورية كانت دوماً “زيادة التوسع الإقليمي لتحقيق المصالح الاقتصادية والسياسية بهدف تحقيق أهم مبادئ سياسة الدولة”. (1) كان هذا التوسع نتيجة للهيمنة الدائمة والساحقة للتطور الشامل والمكثف لروسيا: هيمنة الاستغلال المطلق للمنتجين المباشرين على استغلالهم النسبي، أي الاستغلال القائم على زيادة إنتاجية العمل.

كتب أحد أبرز المؤرخين البلاشفة ، ميخائيل بوكروفسكي: “سميت الامبراطورية الروسية “سجن الشعوب”. نحن نعلم اليوم أنها لم تكن فقط دولة آل رومانوف التي استحقت هذه التسمية”. لقد أُثبت أن دوقية موسكو الكبرى (1263-1547) وقيصرية روسيا (1547-1721) كانتا بالفعل “سجون للشعوب” وأن هذه الدول بنيت على جثث السكان الأصليين من غير الروس [inorodtsy – إينورودتسي/ غير سلافيين]. “من المشكوك فيه أن تدفق 80 بالمئة من دمائهم في عروق الروس العظام هو عزاء لمن نجوا. فقط الوقف الكامل للقمع الروسي العظيم بواسطة هذه القوة التي ناضلت ولا تزال تناضل ضد كل قمع. يمكن أن يكون نوعاً من أنواع التعويض عن كل معاناتهم.”(2) نشرت كلمات بوكروفسكي هذه عام 1933، بعد وفاته مباشرة وخلال فترة وجيزة بناء على طلب ستالين، في صيغة البلشفية التاريخية “روسيا- سجن الشعوب”، وجرى استبدال الكلمة الأولى بعبارة: القيصرية. ومن ثم همش النظام الستاليني عمل بوكروفسكي العلمي حيث وصفه تأريخاً لروسيا “مناهضاً للماركسية” (3).

“الامبريالية العسكرية-الإقطاعية”

على مر القرون، وحتى انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، عانت الشعوب التي احتلتها روسيا وضمتها إلى أراضيها من الهيمنة الامبريالية الروسية. كانت “الامبريالية العسكرية الإقطاعية” هي الأولى التي أعطاها لينين هذا الاسم. علينا مناقشة أسلوب الاستغلال السائد وقتها: إقطاعي أو لقاء جزية، أو حتى كما يفضل يوري سيمينوف أن يسميها “نمط إنتاج آسيوي” (4). أصبح هذا النقاش راهنياً في الأبحاث الحديثة التي أجراها ألكسندر إيتكند. وترتب ذلك على أن أنماط الاستغلال الاستعمارية هي التي سادت وقتها: “كانت الامبراطورية الروسية، في حدودها المترامية وأعماقها المظلمة نظاماً استعمارياً هائلاً”؛ “إمبراطورية استعمارية مثل بريطانيا العظمى أو النمسا ولكن كذلك في الوقت عينه منطقة مستعمرة مثل الكونغو والهند الغربية”. النقطة الأساسية هي أن “روسيا من خلال توسعها واستيعابها لمساحات هائلة للغاية، كانت تستعمر شعبها. لقد جرت عملية استعمارية داخلية، استعمار ثانوي لأراضيها”.

لهذا السبب، يشرح إيتكند: “يجب النظر إلى الامبريالية الروسية ليس فقط كسيرورة خارجية، إنما أيضاً كسيرورة داخلية”. (5) القنانة- التي جرى تنظيمها بواسطة القانون الصادر عام 1649- كانت ذات طابع استعماري تماماً كاستعباد السود في أميركا الشمالية، ولكنها كانت بيد كبار الفلاحين الروس وسواهم ممن اعتبرهم النظام القيصري “الروس”: أما الفلاحون فهم “الروس الصغار” (الأوكران) والبيلاروسيين. يلفت إيتكند النظر إلى واقع أنه حتى في روسيا العظمى، كانت انتفاضات الفلاحين ذات طابع مناهض للاستعمار وأن الحروب التي شنتها الإمبراطورية سحقت تلك الانتفاضات، كانت استعمارية. ومن المفارقات، أن المركز الإمبراطوري لروسيا كان في الوقت عينه محيطاً استعمارياً داخلياً، كان يقوم على الاضطهاد والاستغلال للجماهير الشعبية على نحو أشد من المناطق التي احتلها النظام وألحقها به.

عندما ظهرت “الامبراطورية الرأسمالية الحديثة” كتب لينين أن الامبراطورية القيصرية كانت “محاطة، إذا صح القول، بشبكة محكمة من العلاقات ما قبل الرأسمالية”- محكمة لدرجة أن “ما سيطر بشكل عام في روسيا كان “الامبريالية العسكرية الإقطاعية”. وبذلك كتب “يوجد في روسيا احتكار للقوة العسكرية، الأراضي شاسعة والظروف مؤاتية على نحو خاص لنهب الشعوب الأصلية غير الروسية، والصين وسواها، تكمل جزئياً احتكار رأس المال، وتستبدله جزئياً” (6) في الوقت عينه، باعتبارها امبريالية أقل تطوراً مقارنة مع القوى الست الكبرى، يجعل منها امبريالية فرعية. كما كتب تروتسكي: “هكذا كانت روسيا تدفع ثمن حقها بأن تكون حليفة للدول المتقدمة، وأن تستورد رؤوس الأموال وتدفع الفوائد، أي باختصار، الحق بأن تكون مستعمرة متميزة من مستعمرات حلفائها؛ ولكن في الوقت عينه، تحصل على الحق باضطهاد ونهب تركيا، وبلاد فارس، وغاليسيا، وبشكل عام الدول الأضعف، والأكثر تخلفاً منها. كانت امبريالية البرجوازية الروسية الملتبسة، بالعمق، ذات طابع وكالة في خدمة أعظم القوى العالمية” (7)

لا نزع للاستعمار من دون انفصال

لقد كانت الاحتكارات غير الاقتصادية القوية التي ذكرها لينين على وجه التحديد هي التي ضمنت استمرار الامبريالية الروسية بعد الإطاحة بالرأسمالية في روسيا خلال ثورة تشرين الأول/أكتوبر. وعلى العكس من تصريحات لينين السابقة القائلة إن معيار الثورة الاشتراكية سيكون استقلال المستعمرات، عنى ذلك المستعمرات التي لم تصلها الثورة الروسية، أو صُدَّت عنها، أو انفصلت عن روسيا. في العديد من المناطق المحيطة بروسيا، وَصَلَها توسع الثورة عن طريق “ثورة استعمارية” بقيادة المستعمرين والجنود الروس دون مشاركة الشعوب المضطهدة، أو حتى عن طريق الحفاظ على العلاقات الاستعمارية القائمة. هكذا كان وصف جورجي سافاروف لمجريات ثورة تركستان (8). في مكان آخر كان لها طابع الغزو العسكري، وسرعان ما صاغ بعض البلاشفة (ميخائيل توخاتشيفسكي) نظرية عسكرية عن “الثورة التي تشنّ من الخارج”. (9)

لقد كذّب تاريخ روسيا السوفياتية رأي البلاشفة، الذي أفاد أنه مع إزالة الرأسمالية، ستختفي علاقات الهيمنة الاستعمارية لشعوب على شعوب أخرى، وبالتالي يمكن، أو حتى ينبغي، أن تبقى هذه الشعوب في نفس الدولة. ينكر “الاقتصاد الامبريالي” حق الشعوب في تقرير المصير، والذي (انتقده لينين) انتشر بين البلاشفة الروس، كان تعبيراً واضحاً للغاية. في الواقع، ما حصل كان العكس تماماً: إن فصل الدولة عن شعب مضطهد هو شرط مسبق لتدمير العلاقات الاستعمارية، حتى لو لم يكن يضمن ذلك. كان، المناضل البلشفي في الثورة الأوكرانية، فاسيل تشاخراي، قد فهم الأمر بالفعل عام 1918، وتجادل علناً مع لينين بشأن هذا الموضوع (10). ثم فهم العديد من الشيوعيين غير الروس وخاصة زعيم ثورة التتار ميرزا سلطان غالييف، الذي كان أول شيوعي أقصي من الحياة السياسية العامة بأمر من ستالين، عام 1923، [ومن ثم أعدمه عام 1940].

في الواقع، إن الامبريالية القائمة على الاحتكارات غير الاقتصادية التي ذكرها لينين تعيد إنتاج ذاتها بشكل تلقائي دون أن يلاحظها أحد من نواح عديدة حتى عندما تفقد قاعدتها الرأسمالية على وجه التحديد. لذلك، كما أوضح تروتسكي في بداية الـ 1920ات إن “ستالين بات حاملاً للقمع القومي الروسي الكبير” وسرعان ما “ضَمَنَ هيمنة الامبريالية البيروقراطية [رأسمالية الدولة] الروسية العظمى”(11) مع إقامة النظام الستاليني، شهدنا عودة الهيمنة الامبريالية الروسية على كل هذه الشعوب، التي احتلتها واستعمرتها سابقاً، والتي بقيت داخل حدود الاتحاد السوفياتي، بحيث شكلت نصف عدد السكان، كما شملت الهيمنة مستعمرات جديدة: منغوليا وتوفا.

صعود الامبريالية البيروقراطية

ترافق ذلك مع القمع الأمني الدموي وصولاً إلى الإبادة الجماعية- الإبادة بالمجاعة المعروفة في أوكرانيا باسم هولودومور وفي كازاخستان باسم جاساندي أشارشيليك (1932-1933). قضى النظام الستاليني على الكوادر البلشفية والمثقفين وبدأ بعملية مكثفة للترويس. فرُحِّلت شعوب صغيرة بأكملها وأقليات قومية (الترحيل الأول طاول عام 1937 الكوريين الساكنين في أقصى الشرق). وانتشر الاستعمار الداخلي من جديد وكان “أفظع مثال على تلك الممارسات الغولاغ، والذي يمكن وصفه بالاستعمار الداخلي”(12). كما في عهد النظام القيصري، أدت هجرة الروس والسكان الناطقين بالروسية إلى مناطق الأطراف إلى تهدئة التوترات والأزمات الاجتماعية والاقتصادية في روسيا، مع ضمان استمرار ترويس الجمهوريات المحيطة. كان الريف الروسي كثيف السكان والفقراء ويعاني من المجاعة نتيجة عمليات التجميع القسرية، وكان يصدّر الريف بأعداد كبيرة أيدي عاملة نحو المراكز الصناعية التي أقيمت عند أطراف الاتحاد السوفياتي. في الوقت عينه، منعت السلطات النزوح الريفي إلى المدن للسكان المحليين (غير الروس).

أدى التقسيم الاستعماري للعمل إلى تشويه لا بل عرقلة التنمية، وتحويل المناطق الطرفية إلى مصادر للمواد الأولية ومناطق للزراعة الأحادية. رافق ذلك تقسيماً استعمارياً بين المدينة والريف، والعمل البدني والفكري، والمهرة وغير المهرة، والأجور الجيدة أو القليلة، وكذلك تقسيماً وتراتبية طبقية استعمارية بين بيروقراطية الدولة والطبقة العاملة والمجتمعات بأكملها. ضمنت هذه التقسيمات والتراتبية أن العناصر الروسية وتلك التي جرى ترويسها باتت تتمتع بمراكز اجتماعية متمايزة بما خص الوصول إلى المداخيل والمؤهلات والامتيازات والسلطة في الجمهوريات الطرفية. الاعتراف بـ”الروسية” الإثنية أو اللغوية تحت شكل “الأجور العامة والنفسية”- وهو مفهوم استعاده دافيد روديغر من دبليو. أي. ب. دو بوا وطبقه في دراساته عن البروليتاريا الأميركية البيضاء (13)- وأصبح وسيلة مهمة للسيطرة الإمبريالية الروسية، ولإقامة إمبريالية “روسية” داخل الطبقة العاملة السوفياتية كذلك.

خلال الحرب العالمية الثانية، كانت مشاركة البيروقراطية الستالينية في النضال من أجل تقسيم جديد للعالم امتداداً للسياسة الامبريالية المحلية. خلال الحرب وبعدها، استعاد الاتحاد السوفياتي الكثير مما خسرته روسيا بعد الثورة، وقد سيطر على أراضٍ جديدة. وتزايدت مساحته بمقدار 1،2 مليون كيلومتر مربع، وبلغت مساحته الإجمالية 22،4 مليون كلم مربع. بعد الحرب، تجاوزت مساحة الاتحاد السوفياتي مقدار 700 ألف كيلومتر مربع مساحة الامبراطورية القيصرية خلال نهاية أيامها، وكانت أصغر بمقدار 1،3 مليون كيلومتر مربع من مساحة هذه الإمبراطورية في عز توسعها- عام 1866، بعد احتلال تركستان وقبل بيع ألاسكا بقليل.

في النضال من أجل تقسيم جديد للعالم

في أوروبا، ضم الاتحاد السوفياتي المناطق الغربية من بيلاروسيا وأوكرانيا، وبودكارباتسكي وبيسارابيا، وليتوانيا ولاتفيا، واستونيا وجزءاً من شرقي بروسيا، وفنلندا، وفي آسيا التوفا وجزر كوريل الجنوبية. امتدت سيطرته على كل أوروبا الشرقية. كما اقترح الاتحاد السوفياتي أن تكون ليبيا تحت وصايته (22). كما حاول فرض سيطرته على المقاطعات الصينية الحدودية- سين-كيانغ وماندشوري. كما هو حال ضمّ شمالي إيران وتركيا الشرقية، مستغلاً التطلعات للتحرر وتوحيد العديد من الشعوب المحلية. بحسب المؤرخ الأذربيجاني جميل حسنلي، بدأت “الحرب الباردة” في آسيا وليس في أوروبا بدءاً من عام 1945. (14)

كتب، سكرتير تروتسكي والمؤرخ المستقبلي للمنطق الرياضي، جان فان هيجنورت: “ما إن تسمح الظروف السياسية، يتجلى الطابع الطفيلي للبيروقراطية في النهب الامبريالي”، وأضاف: “هل ظهور عناصر امبريالية يعني مراجعة النظرية التي تعتبر الاتحاد السوفياتي دولة عمالية منحطة [بيروقراطياً]؟ ليس بالضرورة. البيروقراطية السوفياتية تتغذى بشكل عام من خلال الاستيلاء على عمل الغير، والذي عرفنا منذ أمد بعيد بأنه متأصل في انحطاط الدولة العمالية. الامبريالية البيروقراطية ليست سوى الشكل الخاص لهذا التملك”. (15)

سرعان ما اقتنع الشيوعيون اليوغسلاف بأن موسكو “أرادت إخضاع اقتصاد يوغوسلافيا بالكامل وجعله مجرد مزوِّد لاقتصاد الاتحاد السوفياتي بالمواد الأولية، ما يؤدي إلى إبطاء التصنيع وتعطيل التنمية الاشتراكية للبلاد”.(16) كان على “الشركات المختلطة” السوفياتية-اليوغسلافية احتكار استغلال الموارد الطبيعية ليوغسلافيا التي تحتاجها الصناعة السوفياتية. كان التبادل التجاري غير المتكافئ بين البلدين لتأمين الأرباح الطائلة للاقتصاد السوفياتي على حساب الاقتصاد اليوغسلافي.

بعد انفصال يوغوسلافيا عن ستالين، قال جوزيب بروز تيتو إنه بدءا من اتفاقية ريبنتروب-مولوتوف (1939) وخاصة بعد مؤتمر “الكبار الثلاث” في طهران (1943)، شارك الاتحاد السوفياتي في تقسيم امبريالي للعالم و”تابع بكل وعي المسار التوسعي الامبريالي القيصري القديم”. كما أضاف إن “نظرية الشعب القائد في دولة متعددة القوميات” التي أعلنها ستالين “ما هي إلا تجسيد للإخضاع والاضطهاد القومي والنهب الاقتصادي للشعوب والبلدان الأخرى من الشعب الحاكم” (17). عام 1958، سخر ماو تسي تونغ خلال نقاشه مع خروتشوف: “كان هناك رجل اسمه ستالين، استولى على ميناء آرثر، وحوّل شينغيانغ وماندشوريا إلى شبه مستعمرات وشكّل أربع شركات مختلطة. تلك كانت أعماله الطيبة” (18).

الاتحاد السوفياتي على حافة الانهيار

اعتمدت الامبريالية البيروقراطية الروسية على الاحتكارات غير الاقتصادية القوية، التي عززها النظام الشمولي. لكن طابعها كان فقط غير اقتصادي. ونتيجة لذلك، كان واضحاً أنها ضعيفة للغاية أو غير قادرة على تنفيذ خطط ستالين لاستغلال البلدان التابعة في أوروبا الشرقية والمناطق الحدودية لجمهورية الصين الشعبية. في مواجهة المقاومة المتزايدة في هذه البلاد، اضطرت بيروقراطية الكرملين إلى التخلي عن “الشركات المختلطة” والتبادل التجاري غير المتكافئ والتقسيم الاستعماري للعمل التي كانت تفرضه. بعد خسارة يوغوسلافيا، منذ عام 1948، فقد الاتحاد السوفياتي تدريجياً سيطرته على الصين وبعض الدول الأخرى، الأمر الذي أدى إلى إضعاف سيطرته على الدول الأخرى.

حتى داخل الاتحاد السوفياتي، أثبتت الاحتكارات غير الاقتصادية أنها غير قادرة على ضمان الهيمنة الامبريالية طوال مدى طويل على الجمهوريات الطرفية. بدأ التصنيع والتمدين وتطوير التعليم بشكل عام بتحديث أطراف الاتحاد السوفياتي بالإضافة إلى “التأميم” المتزايد للطبقة العاملة، والمثقفين والبيروقراطية نفسها بالتغيير التدريجي في موازين القوى بين روسيا والجمهوريات الطرفية لصالح الأخيرة. فقد ضعفت هيمنة موسكو عليها. وأدت الأزمة المتزايدة للنظام إلى تسريع هذه العملية التي بدأت بتمزيق الاتحاد السوفياتي. لم تعد الإجراءات المضادة للسلطة المركزية- مثل الإطاحة بنظام بيترو شيليست في أوكرانيا (1972)، الذي اعتبره الكرملين “قومياً”- قادرة على قلب هذا المسار أو وقفه بشكل فعال.

خلال النصف الثاني من الـ 1970ات، حاول عالم الاجتماع السوفياتي فرانتس شيريغي النظر إلى الواقع السوفياتي مستنداً إلى “نظرية الطبقات لماركس، إلى جانب نظرية الأنظمة الاستعمارية”. وقد خلص إلى أن “الامتداد التدريجي للمثقفين والبيروقراطية (الموظفين) الوطنية في الجمهوريات غير الروسية، وتنامي الطبقة العاملة- باختصار، تشكُّل بنية اجتماعية أكثر تقدماً- سيؤدي إلى انفصال الجمهوريات الوطنية عن الاتحاد السوفياتي”. بعد سنوات قليلة، وبناءً على طلب السلطات العليا في الحزب الشيوعي السوفياتي، درس الوضع الاجتماعي للفرق الشبابية التي عبّأها الكومسمول [اتحاد منظمات الشباب السوفياتي] في كل الدولة من أجل بناء سكة الحديد الكبرى بايكال-أمور، التي كانت “بناء القرن”.

يخبرنا شيريغي: “لقد كنت مهتماً بالتناقضات التي اكتشفتها بين المعلومات المتعلقة بالتكوين الدولي لبناة السكة، والتي نشرت بقوة من قبل البروباغندا الرسمية، والمستوى العالي من التماثل الوطني لكتائب البناء [فرق العمل] التي وصلت”. كانت تتألف تقريباً بالكامل من عمال إثنيتهم أو لغتهم روسية. “ثم توصلت إلى خلاصة غير متوقعة هي أن الروس (والمتحدثين بالروسية) جرى إبعادهم عن الجمهوريات الوطنية”- أبعدوا من قبل ما يسمى بالجنسيات الاسمية، على سبيل المثال في كازاخستان من قبل الكازاخستانيين.

جرى تأكيد ذلك من خلال الأبحاث التي أجراها في اثنين من أحواض صناعة السفن الكبيرة في روسيا. “عرفت السلطة المركزية وشاركت في إعادة توطين الروس من خلال تمويل “أشغال كبيرة لتحقيق الصدمة”. وقد خلصت إلى أن الصناديق الاجتماعية في الجمهوريات الوطنية قد تضاءلت، وسجل نقص في الوظائف حتى لممثلي الجنسيات الاسمية حيث توفرت الضمانات الاجتماعية (دور حضانة، مراكز اصطياف، مصحات، وإمكانية الحصول على مسكن)؛ يمكن لمثل هذا الوضع أن يتسبب بنزاعات بين الإثنيات، لذا كانت السلطات “تعيد توطين” الشباب الروس في وطنهم. لذلك أدركتُ أن الاتحاد السوفياتي كان على وشك السقوط”. (19)

إمبراطورية عسكرية استعمارية

كانت أزمة النظام البيروقراطي السوفياتي والامبريالية الروسية ضخمة لدرجة أن الاتحاد السوفياتي انهار عام 1991، ليس بدون حرب عالمية، إنما حتى بدون حرب أهلية. خسرت روسيا الجمهوريات الطرفية بالكامل، لأن الجمهوريات 14 غير الروسية تركت الاتحاد وأعلنت الاستقلال- وكانت تتمتع كلها، بحسب الدستور السوفياتي، بهذا الحق. وهذا عنى خسارة أراضٍ لا سابق لها، مساحتها 5،3 مليون كلم مربع. ولكن كما لاحظ، العالم البارز الذي أسس المدرسة الروسية للجغرافيا النظرية، بوريس رودومان، حتى اليوم “روسيا هي إمبراطورية عسكرية استعمارية، تعيش على حساب هدر هائل للموارد البيولوجية والبشرية، بلد يقوم على التنمية المكثفة، حيث يعتبر استعمال الأرض الكثيف والهدر الشديد لها ظاهرة شائعة”. في هذا المجال، حتى بما يتعلق “بهجرة السكان، والعلاقات المتبادلة بين المجموعات الإثنية، وبين السكان والنازحين من مختلف المناطق، بين السلطات والشعب، تستمر “السمات الكلاسيكية” للاستعمار حية، كما في الماضي”.

بقيت روسيا دولة متعددة الإثنيات. فهي ضمت 21 جمهورية لشعوب غير روسية، وممتدة على حوالي 30 بالمئة من مساحتها. كتب رودومان: “في بلادنا لدينا مجموعة إثنية، تحمل اسمه وتعطيه لغته الرسمية، إضافة إلى عدد كبير من المجموعات الإثنية الأخرى؛ يتمتع البعض منها بحكم ذاتي قومي-إقليمي، ولكنهم لا يتمتعون بالحق بمغادرة هذا الاتحاد الفيدرالي الزائف، أي أنهم كانوا مرغمين على البقاء. أكثر فأكثر، جرى التشكيك بضرورة وجود وحدات إدارية متمايزة وفقاً للمعايير الإثنية؛ وبدأ مسار التصفية للمناطق المتمتعة بحكم ذاتي. كما أنه، لم يهاجر أي شخص غير روسي تقريباً للعيش في روسيا؛ هم لم يستقروا في دولة روسيا القائمة فعلياً- إنما على العكس كانت تلك الشعوب محتلة من هذه الدولة، ومطرودة إلى الخلف، أو جرى إبادتها بشكل جزئي، أو محرومة من دولها. في هذا السياق التاريخي، يجب النظر إلى الدول المتمتعة بحكم ذاتي أو حتى تلك المستقلة واقعياً أو اسمياً أنها تعويض أخلاقي للمجموعات الإثنية التي عانت من “صدمة الإخضاع”. في بلدنا لا تتمتع الشعوب الصغيرة بالحكم الذاتي، أو هي محرومة منه، وسرعان ما تختفي (مثل الفيبسيون والشورز). كانت المجموعات الإثنية، في بداية الحقبة السوفياتية، تتمتع في أغلب الحالات بالحكم الذاتي. وهي اليوم أقلية بسبب الاستعمار المرتبط بالاستيلاء على الموارد الطبيعية والأشغال الكبرى والتصنيع والعسكرة وتطوير “الأراضي القاحلة، وبناء المرافئ ومحطات الطاقة النووية في جمهوريات البلطيق… ليس فقط لأسباب اقتصادية، إنما أيضاً بهدف ترويس المناطق الحدودية في الاتحاد السوفياتي. بعد انهيار الاتحاد، أصبحت الصراعات العسكرية في القوقاز، التي باتت شعوبها رهينة للسياسة الامبريالية المعتمدة على مبدأ “فرق تسد”، حروباً نموذجية للحفاظ على المستعمرات في إمبراطورية مفككة. إن توسع دائرة نفوذها، من بينها اندماج أجزاء من الاتحاد السوفياتي السابق، هو اليوم من أولويات السياسة الخارجية الروسية. في القرنين الـ 18 والـ 19، في روسيا القيصرية، قدمت القبائل ولاءها وبالتالي باتت أراضيها روسية بشكل تلقائي، في روسيا الحالية أصبحت الدولة هي من توزع جوازات السفر الروسية لسكان الدول المحيطة…”(20)

عودة الامبريالية الرأسمالية

عادت الرأسمالية في روسيا بشكل جزئي واستبدلَت جزئياً الاحتكارات غير الاقتصادية، التي ضعفت واختطفت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، من خلال احتكار قوي لرأس المال المالي الملتحم بجهاز الدولة. بناء الامبريالية الروسية على هذا الأساس هو ظاهرة داخلية وخارجية، تعمل على جانبي الحدود الروسية، وتبدأ بالتحول من جديد. بنت السلطات الروسية شركات كبيرة تابعة للدولة، والتي تحتكر الاستعمار الداخلي لسيبيريا الشرقية والشرق الأقصى. هذه المناطق تحتوي على حقول نفط وثروات أخرى كبيرة. وللشركات امتيازات الوصول إلى أسواق عالمية جديدة في الصين وغربي الكرة الأرضية.

ومن المحتمل أن تشترك المنطقتان المذكورتان في مصير غربي سيبيريا. كتب الصحافي الروسي أرتيم أيفيموف منذ بضعة سنوات: “يحفتظ المركز الفيدرالي لنفسه تقريباً بكل عائدات النفط من غربي سيبيريا، ولا يعطي حتى تلك المنطقة المال لبناء طرق عادية، المصيبة، كما جرت العادة، ليس الاستعمار (colonisation) إنما الاستعمارية المباشرة (colonialisme)، لأن الاستغلال الاقتصادي وليس التخطيط والتنمية لتلك المنطقة هو هدف تلك الشركة، بشكل أساسي هذا الأمر مرده إلى أنه في البلاد، يهيمن الاستعمار على أعلى مستوى في الدولة. إن تشابه هذه الشركة مع الشركة البريطانية في الهند الشرقية وسواها من الشركات الأوروبية الأخرى في القرنين الـ17 والـ 19 هو واضح للغاية لدرجة قد تكون مضحكة”. (21)

قبل عام، كانت الانتفاضةُ الأوكرانية الهائلة في ميدان كييف، والتي توجت بإسقاط بنظام يانوكوفيتش، محاولةً من أوكرانيا للقطع النهائي مع العلاقة الاستعمارية التي ربطتها تاريخياً بروسيا. لا يمكن للإنسان أن يفهم الأزمة الأوكرانية الحالية- احتلال القرم والتمرد الانفصالي في الدونباس والعدوان الروسي على أوكرانيا- ما لم يفهم أن روسيا كانت وما زالت قوة امبريالية.

الهوامش:

1. S.A. Nikolski, « Rousskie kak imperski narod », Polititcheskaïa Kontseptologia n° 1, 2014, pp. 42-43.

2. M.N. Pokrovski, Istoritcheskaïa nauka i bor´ba klassov, Moscou-Leningrad : Sotsekizd, 1933, vol. I, s. 284.

3. A.M. Doubrovski, Istorik i vlast´, Briansk : Izd. Brianskogo Gosoudarstvennogo Universiteta, 2005, s. 238, 315-335.

4. Cf. J. Haldon, The State and the Tributary Mode of Production, London-New York : Verso, 1993 Iou.I. Semenov, Politarny (‘aziatski’) sposob proïzvodstva : Souchtchnost´ i mesto v istorii tchelovetchestva i Rossii, Moscou : Librokom 2011.

5. A. Etkind, Internal Colonization : Russian Imperial Experience, Cambridge – Malden : Polity Press, 2011, p. 24, 26, 250-251.

6. V.I. Lénine, Polnoe sobranie sotchineni, Moscou : Izd. Polititcheskoï Literatoury, 1969, 1973, vol. XXVI, p. 318 vol. XXVII, p. 378 vol. XXX, p. 174.

7. L. Trotsky, Histoire de la Révolution russe, Paris : Seuil, 1967, vol. I, p. 53.

8. G. Safarov, Kolonialnaïa revoloutsia : Opyt Turkestana, Moscou : Gosizdat, 1921.

9. M. Tukhatchevski, Voïna klassov, Moscou : Gosizdat, 1921, pp. 50-59. En anglais: M. Tukhachevsky, « Revolution from Without », New Left Review, n° 55, 1969.

10. S. Mazlakh, V. Shakhrai, On the Current Situation in the Ukraine, Ann Arbor : University of Michigan Press, 1970.

11. L. Trotsky, Staline, Saint-Pétersbourg : Lenizdat, 2007, vol. II, p. 189.

12. A. Etkind, D. Uffelmann, I. Koukouline (éds.), Tam, vnoutri : Praktiki vnoutrenneï kolonizacii v koultournoï istorii Rossii, Moscou : Novoïe Literatournoïe Obozreniie, 2012, p. 29.

13. Cf. D.R. Roediger, The Wages of Whiteness : Race and the Making of American Working Class, London-New York : Verso, 2007.

14. J. Hasanli, At the Dawn of the Cold War : The Soviet-American Crisis over Iranian Azerbaijan, 1941-1946, Lanham-New York : Rowman and Littlefield, 2006 idem, Stalin and the Turkish Crisis of the Cold War, 1945-1953, Lanham-New York : Lexington Books, 2011.

15. D. Logan [J. van Heijenoort], « The Eruption of Bureaucratic Imperialism », The New International, vol. XII, n° 3, 1946, pp. 74, 76.

16. V. Dedijer, Novi prilozi za biografiju Josipa Broza Tita, Rijeka : Liburnija, 1981, t. I, p. 434.

17. J. Broz Tito, « H kritiki stalinizma », Časopis za Kritiko Znanosti, Domišljijo in Novo Antropologijo, vol. VIII, n° 39/40, 1980, pp. 157-164, 172-185.

18. V.M. Zubok, « The Mao-Khrushchev Conversations, 31 July-3 August 1958 and 2 October 1959 », Cold War International History Project Bulletin, n° 12-13, 2001, p. 254.

19. B. Doktorov, « Cheregui F.E. : “Togda ïa prichel k vyvodou : SSSR stoït pered raspadom’ », Teleskop : Journal Sotsiologitcheskikh i Marketingovykh Issledovani, n° 5 (65), 2007, pp. 10-11.

20. B.B. Rodoman, « Vnoutrenny kolonializm v sovremennoï Rossii », in T.I. Zaslavskaïa (éd.), Kouda idet Rossia ? Sotsïalnaïa transformatsiïa postsovetskogo prostranstva, Moscou, Aspekt-Press, 1996, p. 94 idem, « Strana permanentnogo kolonializma », Zdravy Smysl, n° 1 (50), 2008/2009, p. 38.

21. A. Efimov, « Ost-Rossiïskaïa kompania », Lenta.ru, 23 avril 2012.

22. في اللغة القديمة، تلك المعتمدة في زمن عصبة الأمم، طالب الاتحاد السوفياتي بالحصول على انتداب على ليبيا.



#زبيغنيف_كوفالفسكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمبريالية الروسية: من القيصرية حتى اليوم، مروراً بستالين


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زبيغنيف كوفالفسكي - الإمبريالية الروسية: من القيصرية حتى اليوم، مروراً بستالين