أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ثامر عباس - الأستاذ الجامعي وإشكالية الولاء الوطني !














المزيد.....

الأستاذ الجامعي وإشكالية الولاء الوطني !


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7193 - 2022 / 3 / 17 - 11:34
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    





في ظل دولة تنازلت عن سلطتها للجماعات الطائفية وتخلت عن قوانينها للأعراف القبلية ، يغدو الخروج على كل ما يتعلق بالقيم الوطنية ، والتنصل من الروابط الاجتماعية ، والتحلل من الضوابط الأخلاقية مباحا"للجميع ، باستثناء المساس بمصالح تلك الطوائف والقبائل حتى ولو بالكلام الصريح أو المبطن ، فذلك يعني الاقتراب من منطقة الممنوعات والمحظورات والمحرمات ، التي من شأنها أن تورد صاحبها موارد التهلكة ! . وهو الأمر الذي يفضي بكل من يمتلك شعورا"وطنيا"ووازعا"أخلاقيا"ودافعا"إنسانيا"، الانزواء والركون إلى الصمت وتجنب الوقوع في المشاكل وإيثار فضيلة السلامة ، حتى ولو أدرك أن الساكت عن الحق شيطان أخرس ! .
وعلى قدر ما تعرض الأستاذة الجامعيين إلى الانتقادات والتعليقات – وأنا أحد الذين ساهموا بهذا النقد – على خلفية تورط البعض منهم بمواقف وسلوكيات لا تنسجم بتاتا"مع عظم رسالتهم وسمو مكانتهم وخطورة وظيفتهم ، بقدر ما أخضعوا للكثير من النواهي والمكاره التي قللت من شأنهم الاعتباري ، وقلصت من دورهم التربوي ، وأضعفت من تأثيرهم التنويري . وبما إن المصالح الوطنية العليا تتقاطع مع الأطماع الفئوية والحزبية السفلى ، فان الأستاذ الجامعي المسكون بالروح الوطنية والمهجوس بالهموم الاجتماعية ، والذي يحاول قدر المستطاع وضع امتيازات تحصيله العلمي واكتسابه المعرفي في خدمة القضايا العامة بدلا"من الخاصة ، لابد أن يعرّض نفسه لمكابدات ومعاناة (محنة) كون ولاؤه مظهّر لغايات وطنية / عراقية ، وليس لأحزاب عنصرية أو تكتلات طائفية أو تجمعات عشائرية . لاسيما وان مآرب هذه الأخيرة وأطماعها يدفعها للنظر إلى سلك التعليم الجامعي بمثابة المدخل لولوج أتباعها ومريديها (المؤدلجين) إلى عالم الامتيازات السياسة والاقتصادية ، بصرف النظر عن شروط الاستحقاق الدراسي والتفوق العلمي والولاء الوطني .
وحيث إن الدولة العراقية الكسيحة فوّضت مقدرات سلطتها واعتبارات هيبتها ، إلى تلك الأحزاب والتكتلات والتجمعات بحسب نظام المحاصصة العنصرية والطائفية ، الأمر الذي يجعلها صاحبة اليد الطولى والمقام المعلى ؛ لا في فرض من تريد من أتباعها للانخراط في التعليم الجامعي وإكمال أشواط نيلهم الشهادات العليا (ماجستير ودكتوراه) فحسب ، وإنما – وهنا الكارثة – إلزام العمادات على تأمين قبولهم وضمان استيعابهم بصرف النظر عن الكم والكيف ، حتى وان كانوا يفتقرون للحد الأدنى من الضوابط العلمية والشروط المعرفية المنصوص عليها في الأنظمة والقوانين ، وإلاّ فالويل لمن يبدي تحفظاته من الأستاذة على مثل هذه المهازل . إذ انه سيكون موضع شك وريبة لا يحسد عليهما ، لاسيما ما قد يترتب على ذلك من عواقب إن من حيث تقليص مسؤولياته ، أو تجريده من صلاحياته ، أو حرمانه من امتيازاته ، أو الحجر على مساهماته . وهكذا فهو أمام خيارين أحلاهما مرّ ؛ إما الرضوخ الإجباري والتعاطي مع هذه الحالات بلا امتعاض أو اعتراض ، أو التضحية بمبادئه وخسارة وظيفته والتفريط بامتيازاته ! . فهل هناك محنة أشدّ قسوة يمكن أن يمر بها إنسان ، لمجرد انحيازه الوطني وتمسكه باعتبارات شرف المهنة وأخلاقياتها ؟! .
والحقيقة إن ظاهرتي سوء الظن ب (وطنية) الأستاذ الجامعي العراقي ، فضلا"عن الطعن بجدارته العلمية ، لم تأتيان من الفراغ أو تنبعثان من العدم ، وإنما هي حصيلة تاريخ ونتيجة تجربة . فمنذ أمد بعيد ، كانت النخب (الدينية والثقافية) التي تبني لها علاقة مع رموز السلطة ، سواء عبر مبدأ (التخادم) بين السلطتين السياسية والمعرفية من جهة ، أو من خلال مبدأ (التقاسم) للأدوار والمنافع بينهما ، محل شك وازدراء من لدن جمهور (العامة) المضطهد والمستغل ، بالإضافة إلى البعض من جمهور (الخاصة) المبعدون عن دوائر الضوء والتأثير ، والمحرومون من العوائد المالية والموائد السلطانية التي غالبا"ما تلجأ إليها السلطات أمعانا" منها في إجراءات الإقصاء والتهميش : إما لأسباب سياسية تتعلق بضعف الانتماء للسلطة والولاء للدولة ، وإما لدوافع ترتبط بالاختلافات القومية / العنصرية ، والدينية / الطائفية ، والقبلية / العشائرية .
ولعلنا لا نذهب بعيدا"حين نعمد إلى الاستشهاد بتجربة السلطات العراقية حيال مواقفها من الأستاذ الجامعي ، سواء في زمن النظام السابق أو زمن النظام الحالي – لجهة تأطير انتمائه الحزبي وتظهير ولائه السياسي . إذ لم تكن (الوجاهة الاعتبارية) التي يحظى بها الأستاذ الجامعي تتأتى له بناء على قدراته العلمية ومساهماته المعرفية وخياراته الوطنية ، وإنما على أساس درجة ارتباطه بحزب السلطة الحاكمة ، ومستوى تمثيله لمصالح الجماعة المسيطرة . ولآن جميع الأنظمة السياسية التي توالت على حكم العراق ، كانت الدوافع الأصولية (الأولية) ، هي ما يحدد مواقفها ويؤطر إجراءاتها ويرسم سياساتها ، ليس فقط إزاء الأفراد والجماعات ممن ينتهجون نهج (المعارضة) السياسية و(المناكفة) الإيديولوجية فحسب ، وإنما حيال الأفراد والجماعات الذين يتبنون مواقف (الموالاة) في الحالة الأولى و(المماهاة) في الحالة الثانية أيضا"، وذلك من منطلق ضمان أمنها وتركيز سلطتها وديمومة بقائها .
ولأن أية سلطة سياسية لا تقوم لها قائمة من دون رصيد معقول من (الشرعية) الوطنية ، فهي بحاجة ماسة دائما"لتعزيز مظاهرها وتوفير عواملها ، ليس فقط عن طريق (القوة الخشنة) فحسب , بل وكذلك عن طريق (القوة الناعمة) التي تتمثل بمصادر (الثقافة) و(المعرفة) ، حيث يعتبر الأستاذ الجامعي أحد أبرز تلك المصادر وأهمها . ولذلك تبقى تلك السلطات حريصة كل الحرص على استقطاب واستيعاب جل عناصر هذه الشريحة (النخبوية) ، لاستثمار طاقاتها وتوظيف مهاراتها في هذا المجال الحيوي ، مع السعي لاستمالتها نحو تغليب انتمائها الفرعي وتفضيل ولائها التحتي . من هنا تبدأ إشكالية الأستاذ الجامعي بالتكون والتنامي ؛ (طرديا") مع محاولاته النأي عن تأثيرات وإغراءات السلطة الحاكمة من جهة ، و(عكسيا") مع محاولات تلميع صورته وتسليع خطابه أمام جمهور فاقد لثقته وزاهد بوجاهته ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمات المجتمع العراقي بين غياب (النقد) وانعدام (الوعي) التار ...
- المثقف العصامي والثقافة العصامية
- الدين والتضامن الاجتماعي : هل نحن بحاجة إلى ثورة عشرين أخرى ...
- غربلة الذاكرة التاريخية : قيود الماضي .. وحدود المستقبل


المزيد.....




- لأول مرة.. لبنان يحذر -حماس- من استخدام أراضيه لشن هجمات على ...
- انتشار قوات الأمن السورية في جرمانا بعد اتفاق مع وجهاء الدرو ...
- الجيش الأمريكي يتجه لتحديث أسلحته لأول مرة منذ الحرب الباردة ...
- العراق.. هروب نزلاء من سجن الحلة الإصلاحي في محافظة بابل وال ...
- مشروبات طبيعية تقلل التوتر والقلق
- هل تقبل إيران بإدمان استيراد اليورانيوم؟
- وقوع زلزال بقوة 7,5 درجة قبالة سواحل تشيلي وتحذير من تسونامي ...
- المجلس الأعلى للدفاع في لبنان يحذر حماس من تنفيذ -أعمال تمس ...
- غارة إسرائيلية على منطقة مجاورة للقصر الرئاسي بدمشق.. ما الذ ...
- من السجن إلى المنفى : قصة صحفية مصرية ناضلت من أجل الحرية


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - ثامر عباس - الأستاذ الجامعي وإشكالية الولاء الوطني !