أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معاذ جمايعي - جيلنا.. إلى أين؟














المزيد.....

جيلنا.. إلى أين؟


معاذ جمايعي

الحوار المتمدن-العدد: 7190 - 2022 / 3 / 14 - 09:04
المحور: الادب والفن
    


كنّا أطفالا سعداء، لا همّ لنا ولا شاغلة سوى اللّعب وأكل الحلويات... حتّى الثياب لا نهتمّ لها. فقط أمّهاتنا من يحرصن على نظافتنا واختيار اللّباس لنا.
كنّا جيلا سعيدا، يعيش كامل أيّامه بتفاصيلها الشيّقة والمثيرة. والإثارة لا تعدو إلاّ أن تكون شغبا ومشاكسة وبعض الشجارات الصبيانيّة.
كنّا جيلا يحترم الكبير، ويعطي للحيّ قداسته بكلّ تفاصيله وأجزائه، كلّ ركن، كلّ نهج، كلّ حائط، كلّ متجر... حتّى طموحاتنا كانت بسيطة.. أن ننجح في الدّراسة، ونكبر لنشتغل ونتزوّج ونكوّن أسرة، ولم لا نجمع المال ونرسل أمّهاتنا إلى الحجّ أو العمرة. فالأمّ مقدّسة بالنسبة لنا وفضلها كبير علينا، وأفضل ردِ للجميل إليها هو كسب رضائها وإرسالها إلى الحجّ.
كلّ شيء كان بسيطا وجميلا في عيوننا. حتّى الحبّ كان بسيطا وبتعبيرات بريئة وعفويّة.. وردة، قلم، كتاب، بطاقة بريديّة، قارورة عطر، كلّها أدوات تعبير صادقة ونابعة من القلب والوجدان.
لكن اليوم، جيلنا.. إلى أين؟ إلى أين تسير به العربة من دون الفرامل؟ إلى أين تأخذه الحياة؟ إلى أين يتّجه؟ على أيّ شاطئ سيستقر؟ كلّما حاول أحدنا سلك طريق إلاّ واصطدم بواقع صعب، قاس، مرّ، ومربك.
كبرنا مع مرور الزمن وصرنا شبابا.. شبابا غزى الشيب شعرنا، ولا تكاد تفرّق بين الواحد منّا وهو في مقتبل العمر، وبين الكهل والشيخ الهرم.
أضنتنا الحياة بقساوتها، كلّ شيء يمرّ بسرعة، حتى الزمن أصبح خائنا ويتحرك ضدنا. حين كنّا صغارا، ندعو الشمس ألا تعجّل بغروبها حتّى يتسنّى لنا اللّعب أكثر فترة زمنيّة، وكانت تستجيب لنا، فالمسكينة تغمرنا حبّا ودفئا. كنّا نسميها أمّ الأرض ونناديها: "يا أمّ الأرض تريّثي في مغيبك حتّى نسجّل هدفا في مرمى فريق حيّ البساتين المجاور لنا..." وكانت تستجيب في ابتسامة أصيل ذي شفاه حمراء ووجنتين ورديتين...
أمّا عن اليوم، فلا همّ له سوى القسوة علينا. يمرّ بسرعة ولا يترك لنا فرصة لركوب قطار الحظّ. فمن فاته القطار فاتته الحياة، القطار واحد فقط في كامل العمر وعليك أن تمتطيه وإلاّ أكملت السير على قدميك. أمّا عن القدمين فهما حافيتين، بمعنى أنّك تُجْرح ويُجْرح معهما قلبك. والأتعس من ذلك تُجْرح معهما نفسك البسيطة.. بسيطة لأنّها تربّت على البراءة والعفوية، ولكنّها تفاجأت بحياة مريرة. تمدّ لها يدك لتصافحها، فتمدّ لك فأسا لتحفر به حتفك دون كفن، فثمن الكفن لا يقدر عليه شبابنا، هو فقط في متناول خمسة عائلات في العالم وثلّة في وطننا. وماذا عن وطننا؟ هل نعيش في وطن؟ كلا.. لا أعتقد ذلك، فالوطن مثلما علّمونا في المدرسة هو الأم، وأمي أحنّ مخلوق على وجه الأرض، لا تأكل قبل أن نأكل، ولا تنام قبل أن ننام، ولا تلبس قبل أن نلبس. أمّا الذي يُسمّى بالوطن، فيأكل ولا يدع لنا ما نأكل، وينام ويتركنا مستيقظين على وقع آلامنا، ويلبس ويتركنا عراة، حفاة، مشرّدين بلا مأوى ولا مأمن... لا أضنّ أنّه يشبه أمّي، فأمّي ملاك يسير فوق الأرض، وما عدى ذلك فليست سوى شياطين تُحاربنا.
اليوم، لا أحد منّا قادر على تحقيق استقراره، ولا أحد منّا قادر على تحقيق طموحاته، ولا استقلاليته. فقط الجري في حلقة مفرغة، أو في دائرة مثل فأر "الهمتارو". أصبحت الحياة معقّدة مثل خيط السنّارة، كلّما حاولت فكّ العقدة، تشكّلت عقدة أخرى أكثر إحكاما.
يبدو أنّنا غير قادرين على الصيد... يبدو أنّنا غير قادرين على الحياة!
جيلنا.. إلى أين؟



#معاذ_جمايعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب وفق جدليّة البحر والسماء
- المقهور في زمن الكورونا
- دعاء في جنح الليل
- هل يستقيم حالنا؟ فيروس كورونا والحالة التونسية
- هل نحن أصدقاء حقا؟ واقع الصداقة في العالم الافتراضي
- رسالة إلى أمي


المزيد.....




- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معاذ جمايعي - جيلنا.. إلى أين؟