أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معاذ جمايعي - الحب وفق جدليّة البحر والسماء














المزيد.....

الحب وفق جدليّة البحر والسماء


معاذ جمايعي

الحوار المتمدن-العدد: 6747 - 2020 / 11 / 29 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


لم يكن الطقس ربيعا ولا صيفا، عندما ذهبنا إلى الشاطئ، بل كان شتاء يغشاه السحاب من فوقه وتؤثثه بعض قطرات المطر. كنت سعيدا برفقتها بشكل لا يوصف. نزلنا من السيارة، تقدّمنا رويدا رويدا، وفجأة تركت يدي واتجهت بخطوات مسرعة لتقف على حافة البحر.
أمّا أنا، توقفت في مكاني، بعيدا عنها أمتارا، أرمقها بنظرات وقد امتزج جمالها بجمال البحر. كانت واقفة مثل الطفلة الصغيرة، شغوفة وحالمة بغد أفضل وأجمل. البحر متّسع، وللبحر أسرار. قلبها متّسع، ولقلبها أسرار. شعرها يداعب كتفيها وساقيها تداعب الرمال في شموخ أمام أمواج البحر الهادئ.
لا أخفيكم سرا، بل حقيقة أعيشها بتكرار، كلّما أزور البحر برفقتها شتاء إلا ويهدئ ويستكين. ربّما لم ترحمها الحياة القاسية، لكنّ البحر كان بها رحيما. يعطي البحّار سمكا، ويعطي حبيبتي أملا. أملا بأن الحياة مهما قست وتعنّتت، تضل تحمل في طيّاتها طعم الحنان، لأن الحياة أم، والطبيعة أم، وحبيبتي أم، والأمّ عطاء كبير من المودّة والعاطفة.
تطلّعت إلى السماء، فوجدت السحب رسمت وجهها بكل دقّة وإتقان. هل هو خيالي الجامح الذي رسمها؟ أم رسالة ربّانية بأن حبيبتي مهما عرفت من ألم فهي في عناية الإله؟
فعلا كان وجهها في السماء، وأنا على بعد أمتار، أرمقها بنظرات حيرة وأردد في داخلي: لا تحزني يا غاليتي ولا تقرّي عينا، الأرض تفترش لك ورودا، والسماء ترسم وجهك، والبحر يصغي إليك تناجينه مناجاة العابد لربه... أطلقي العنان للحبّ وستجدينني دائما خلفك، سندا، دون هوادة. أحبي الحياة، ودفء العيش وكل ما هو جميل، بالحبّ تصعدين إلى السماء، وتمشين فوق الماء، وتصلين إلى أبعد الحدود. براءتك، طيبتك، عنفوانك، يضيفون طعما للحياة عندي ويزيدونني استبطانا للوجود. فعلا لا طعم للحياة دونك.
بحثت عن القليل من الشجاعة لأتقدم وأقف إلى جانبها في محاولة لمشاركتها أكثر فلسفة التعبير عن العواطف وما يجول بخلدي وإياها. لكنّ ساقي ثقلت، بل أردت ترك مساحة زمنيّة لها، لتفضي للبحر بما يجول بخاطرها.
فجأة همست إلى البحر في خجل قائلة: أنا أعلم يا بحر أنه يحبني بجنون، تارة حبيبة وطورا صديقة. دائما يبحث عني، في زوايا البيت، في زحمة الشارع، في الطريق، ويرسم وجهي في السماء، أحبه كثيرا لدرجة أني أهديته حياتي، غير أنّي لا أعرف كيف أصل لتحقيق معادلة الحبّ معه بالكثافة الوجدانية التي يبادرني بها، لكنّي أعده أمامك يا بحر، أن أفني بقيّة عمري في حبّه، الحبّ اجتهاد يا عزيزي البحر، وتضحية وخوض للغمار والصعاب، لا يعني دائما الجرح والألم، بل هو مسايرة للواقع، ومدارات للأيام بكلّ جزئياتها وتفاصيلها، وعيش كل ما هو جميل بما هو جميل.
أما عنّي، فقد نظرت إلى السماء وقلت: هل تعلمي يا سماء أنّ من يحبّ امرأة حقاّ، يعني أن يستمر في العيش بقية عمره بقلب متصوف، لا يتنفّس إلا عشقها، ويصبح أخرس وأصم، لا يستمع إلا لنبضات قلبه التي تخفق لرؤيتها، ويلعب دور الملك والفارس وقائد الجيوش الذي يقود العاشقين لفتح القلاع والحصون في كافة أرجاء العالم، مبشرا بميلاد زمن جديد، زمن العيش الأزلي. فالحبّ نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده.
هكذا، كنا نتبادل الوئام كل على طبيعته وتلقائيته. تبوح هي للبحر، وأبوح أنا للسماء، أحيانا في صمت، وأحيانا أخرى جهرا.
إلتفتت إليّ قائلة: -أكبر فيك صفة السند، دائما أجدك تقف خلف ظهري، إذ لا معنى للمرأة إن لم يسندها رجل، ولكن ليس أيّ رجل.
-فعلا ليس أيّ رجل، من أجل ذلك أقسمت على نفسي أن أكون سندك، إذ ليست لي ثقة في الرّجال، ولا أعتقد أنّ غيري قادر على حمايتك وإسعادك.
-الحياة لعبة مشتركة، وأنت تجيد لعب دورك بشكل جيّد، هنيئا لك بمرافقتي، فلا أحد قد تمكّن من إقناعي بضرورة مشاركته اللعبة إلا أنت.
-الذي يفوز أخيرا، يجمع الغنائم الكثيرة، وحبّك أنبل غنيمة جمعتها في حياتي. ولا يدخل الحب إلا من كان شجاعا وحليما، الحب للشجعان يا غاليتي.
-يبدو أنها بدأت تمطر، لنعد للمنزل.
-فعلا إنها تمطر منذ أن وصلنا، والوقت قد تأخر، لنعد للمنزل ونكمل الحوار على أنغام موسيقى هادئة.
-ماذا تقترح لنا كأغنية نسمعها يا عزيزي؟
- Caruso.



#معاذ_جمايعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقهور في زمن الكورونا
- دعاء في جنح الليل
- هل يستقيم حالنا؟ فيروس كورونا والحالة التونسية
- هل نحن أصدقاء حقا؟ واقع الصداقة في العالم الافتراضي
- رسالة إلى أمي


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - معاذ جمايعي - الحب وفق جدليّة البحر والسماء