أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى بنصالح - أزمة الحركة الطلابية المغربية من منظورنا















المزيد.....



أزمة الحركة الطلابية المغربية من منظورنا


مصطفى بنصالح

الحوار المتمدن-العدد: 7184 - 2022 / 3 / 8 - 15:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


وهو مقال يمكن اعتباره بمثابة رد وتفاعل مع ما صدر بجريدة "النهج الديمقراطي" تحت عنوان "المعرکة الطلابية الوطنية: بين مطرقة اللاتنظيم وسندان النظام المخزني" بقلم أيوب الحبراوي. مقال يلخـّص على ما يبدو وجهة نظر فصيلها الطلابي حول ما يجری وسط الساحة الجامعية، خلال هذه المرحلة الحساسة، والمتميزة بزحف النظام الواسع على أغلبية الحقوق والمكتسبات الطلابية، وفي مقدمتها المجانية والجودة، وجميع ما يتعلق بالحريات الديمقراطية، من حرمة مداسة باستمرار واعتقالات في صفوف الطلاب.. في ظروف تتفاقم فيها مشاكل التحصيل وتتراكم خلالها الملفات المطلبية، علاقة بجميع الكليات والمعاهد وعموم المؤسسات الجامعية.
والحقيقة أنني لا أريد أن أقسو على الرفيق أو أحرجه خلال هذه المرحلة الحرجة التي تقتضي التفاعل بين مجمل وجهات النظر المختلفة، لكنني صُدمت بمحتوى المقال لأنه من ألفه إلى ياءه عبّر بوضوح عن ضحالة الخطابات السائدة وسط الحرکة الطلابية، لتظل في مجملها إقصائية لا تؤمن في أعماقها بالوحدة وبمشروع الوحدة.
هاته الخطابات التي حوّلت الخلافات الطلابية إلى عداوات وعدوانية حتى، ولا تقيم أي اعتبار لوحدة المصير الطلابي المشترك عبر تبنّيها لمثل هذه اللهجات التي أجهد النفس صاحبها من بداية المقال إلى نهايته لتصفية الحساب مع فصائل "التوجه البيروقراطي" وکأنه مسخـّر خصيصا لهذه المهمّة المقدّسة لا غير.
والحال أن الفريقين معا والتوجهين معا، يمثلان وجهي العملة الواحدة في مجال التنظيم والأزمة التي يعيشها، علاقة بغياب الاتحاد وتقاليد الاتحاد، حتى أصبح من السهل على الجميع ادعاء ما یحلو له، ووصف نفسه بما یريد، ولو تناقض ذلك مع حقيقته وحجمه ودوره في الميدان.. إذ لا يمكن واعتمادا على المعطيات الميدانية الملموسة ألاّ يلتفت المرء لوجود تيار "البرنامج المرحلي" بمختلف مجموعاته وتوجهاته مهما يكن حجم الاختلاف مع هذا التیار، الذي يبقى تيارا طلابيا مناضلا عنيدا كافح وصمد لعشرات السنين دون هوادة، كطليعة و رأس رمح الحركة الطلابية التقدمية المناضلة، متحملا عبئ الضرب والجرح والتقتيل والملاحقات البوليسية والاعتقال والمحاكمة وعنف التيارات الإرهابية والظلامية والشوفینية..الخ دفاعا عن الجامعة وعن الحق في التعليم ومجانيته، وذودا عن الحريات الديمقراطية بالجامعة، بأن ظل مخلصا ومطالبا بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيین بمن فيهم الطلبة المناضلين.. إذ لا يمكن وبمجرد جرّة قلم ان نطعن في نضالية الرفاق انصار هذا التيار مهما قيل ويقال عنه.
فالمقال لا يرقى صراحة للمستوى النقدي الهادف لمعالجة الأزمة التي نعيشها في الجامعة، وتتخبط في تعقيداتها الحركة الطلابية المغربية التي يجب أن تنضج وتترفع عن مثل هذه الخطابات المعاكسة للوحدة، والتي لا تساعد على الحوار والنقاش الديمقراطي الهادف لتحقيق الوحدة والتنسيق النضالي وتجاوز الخلافات الثانوية. إذ تلزمنا تقاليد الاتحاد أن نتغاضى عن بعض الخلافات السياسية والمذهبية التي لا تؤثر على مطالبنا وعلى تصورنا للجامعة الدمقراطية التي نطمح لها ونسعى للمساهمة في تشيیدها.. نحن رفاق ولسنا أعداء.. هو صحيح أن هذا الفصيل كما هو الحال بالنسبة لجميع الفصائل أو أغلبها، يجهد النفس للحفاظ على هيمنته على جميع المواقع الجامعية الناشطة والمتشبثة بالإطار التاريخي العتيد إوطم، ليصبح بالتالي تیارا مزعجا لباقي الفصائل والمجموعات الأخرى المنافسة..
وبغض النظر عن هفوات أنصار هذا التيار والبعض من ممارساته المشينة والمناقضة لمبادئ أوطم وما يدّعيه أنصار الفصيل عن الديمقراطية والجماهيرية..الخ بالرغم من هذه الملاحظات التي تبقى قائمة ولا تستدعي العداء بحيث لم يتخلـّف قط مناضلو ومناضلات هذا الفصيل عن الدفاع عن مطالب الطلاب المادية والمعنوية، عبر تأطير وقيادة جميع المعارك الطلابية، بدءا بالسهر على تسجيل عموم الطلبة الراغبین في متابعة دراستهم بجامعة من الجامعات أو بشعبة من الشعب، وفق حد أدنى من الشروط الضرورية وحفظا لكرامة الطالب، من قبيل السكن والإطعام وجدولة الامتحانات بما يراعي مصلحة الطلبة واستعدادهم الكامل. إضافة لإشراف مناضلي هذا التيار الدائم والمنتظم على الأيام الثقافية والتوعوية المعرّفة بالاتحاد وبمبادئ الاتحاد الأربعة، دفاعا عن الهوية التقدمية لهذا الإطار، بحيث لم يتأخر الرفاق عن فضحهم الدائم لواقع الحريات الديمقراطية بالمغرب وأوضاع المرأة ومحنتها مع الدونية التي تعيشها وتعاني منها، لإعلان النضال من أجل تحررها.. دون أن يغفلوا القضية الفلسطينية قضيتنا الوطنية الأولى التي تستدعي المزيد من الدعم والمساندة على درب النضال من أجل تحرر هذا الشعب البطل عبر القضاء على الاستعمار والاستيطان والاحتلال الصهيوني، ولإقامة دولته الديمقراطية العلمانية فوق كامل ترابه الوطني في سياق الدعم المبدئي لكافة حركات التحرر الوطني.. وانسجاما مع خطنا التقدمي هذا، لا يتوانى الرفاق عن الانخراط الميداني والعملي إلى جانب جميع المعارك والحركات الاحتجاجية والاجتماعية المناضلة.. وهي حقيقة موضوعية لا يمكن إنكارها سوى جاحد أفــّاق..
فكل هذه التوطئة كانت ضرورية وإلزامية لأية وجهة نظر سياسية أو طلابية تتوخى الخروج من الأزمة، وحل معضلة الاتحاد وفق خارطة طريق وحدوية تساعد على بعثه عبر استيعاب وجهات النظر الطلابية "البيروقراطية" و"الديمقراطية الوحدوية" وما بين البينين.. في بوثقة واحدة اسمها وعنوانها الاتحاد، قادرة على متابعة جميع مشاكل الطلبة وخوض المعارك النضالية لحلـّها، ومؤهلة بقوة لصياغة البرنامج النضالي الموحد، الذي من المفروض أن تتوفر فيه مقومات الحد الأدنى بين جميع الفعاليات الطلابية الحالية من نضال الحركة الطلابية المغربية.
فإثبات الوجود النضالي لأي كان من التيارات لن يجدي نفعا بهكذا طرق ووسائل، بمعنى أنه لن ينجح في محاصرة التيارات المناضلة التي لها باع طويل في تنظيم وتأطير الطلبة والدفاع عن مصالحهم، إذ ليس من مهام أي تيار من التيارات الطلابية المناضلة، وفي هذه اللحظة بالذات اجتثاث هذا الفصيل أو محوه من الوجود، عبر تأليب المعارضين وحشد من هبّ ودبّ من الأصوات المجهولة الهوية والخلفية، وتشكيل معارضة وهمية لهذا الفصيل وكأننا وجدنا الحل لجميع مشاكل الحركة الطلابية.. والحال أننا بمثل هذه التصرفات لا تزيد سوى تعميق الأزمة ومراكمة الضغائن والأحقاد داخل الساحة الجامعية.
من جهتنا نحن كوجهة نظر طلابية تختلف صراحة مع هذا التيار في العديد من مواقفه وممارساته وتدابيره للنشاط الطلابي، وهي المفتقدة للديمقراطية كمنهاج وكرؤية وكأسلوب تنظيمي مضبب لا يرى سوى نفسه في الساحة الطلابية خاصة والمجتمعية عامة، دون أن نعاديه أو ندعو لعزله، الشيء الذي يلزمنا كما الجميع بالبحث عن مخرج لهذا الوضع المأزوم، عبر فتح نقاش جدّي ديمقراطي ووحدوي يطمح فعلا لحل أزمة الحركة الطلابية من جذرها بعيدا عن مثل هذه الحسابات الذاتية الثانوية والضيقة.. فنحن لا نشكك في نضالية أي من الفصائل الديمقراطية والتقدمية مهما بلغت درجة فعلها من التردد والتقاعس والانتظارية، فهي تناضل جميعها من أجل تعليم ديمقراطي شعبي جيد، ولا تتوانى عن الدفاع عن حرمة الجامعة وعن الحريّات الديمقراطية، عبر النضال والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين وإيقاف المتابعات والملاحقات في صفوف الطلبة المناضلين.. جميع التيارات والفصائل تعمل بجد من أجل التعريف بقضية المرأة ونصرتها من أجل تحررها وضمان مساواتها مع رفيقها الرجل، موظفة كامل جهودها من أجل نصرة القضية الفلسطينية ومن أجل مساندة النضالات الشعبية الجماهيرية في الداخل والخارج.. دون أن ننسى متابعتها عن قرب لمختلف النضالات الطلابية اليومية، المادية والمعنوية إذ أن الواقع ينطق ويؤيد بما لا يفسح المجال للشك والتشكيك في جدّية جميع الفصائل ومبدئيتها على هذا المستوى.. لكن وكيفما كان الحال فالشجرة ليس بمقدورها إخفاء الغابة، عبر عبر الإنزلاق نحو العفوية ومعانقتها كرد فعل على البيرقوقراطية، وليس على جميع البيروقراطيين، لتقديمها كمخرج وكحل لأزمة الحركة الطلابية.. إذ لا يمكننا الانتشاء والتباهي بتجاوز الحركة لهذه الفصائل "البيروقراطية"، لأنه تقدير كاذب وبدون أي معنى نضالي والحال أن جميع البيوت من زجاج، فحذار من رمي بعضها بالحجارة..
فالوعي الطلابي، وفي هذه المرحلة بالذات، يستلزم حدّا أدنى من النضج ومن التنظيم الذي يسمح بانخراط جميع الطاقات المناضلة في صفوفه. التنظيم الذي يجب أن يبقى وفيا للمكاسب التنظيمية التي ورثناها عن الاتحاد عوض الارتماء في أحضان العفوية والتنسيقات المحدودة والمؤقتة، التي لا أفق لها.. فدعوات العفوية والتولع بها، أصبحت خطيرة واستشراءها لا يبشر بالخير ومن ينادي بها لا يسعى صراحة لمصلحة الحركة الطلابية، بل يريد تعميق جراحها، استدامة للشتات والتسيب وليس الوحدة كما يدّعي الرفيق.. إذ يجب على جميع الفصائل الطلابية التقدمية أن تسعى دائما لنشر الوعي، وهيكلة الاتحاد، والانتصار على العفوية كتصور وكاختيار. لهذا لا يجب أن تعمينا خلافاتنا كفصائل تقدمية مناضلة حتى نتبنى العفوية ونعشقها ونعتبرها انتصارا على مجموعات "البرنامج المرحلي" الصامدة.
فما هكذا تكون المنافسة والكفاحية المبدئية أيها الرفيق.. إنه السقوط للدرك الأسفل والعميق، إنه الانحطاط الفكري والسياسي والتنظيمي لهكذا اختيارات ونظريات، حين يتمادى الرفيق والموقعين معه، في التحامل والتآمر على تيار طلابي مناضل لحساب تيار عفوي عريض، لحظي، وعديم الهوية، بل يمكن أن يكون معاديا للاتحاد ولتاريخ الاتحاد ولكافة وجهات النظر التقدمية والديمقراطية الناشطة بإوطم.. فحذار من اللعب بالنار، فدرب العفوية مسدود ومحفوف بالمخاطر، وهو اختيار يغري الجبناء والضعفاء والمتربصين بالاتحاد وبمكاسبه التنظيمية.. ولنا في تاريخ الاتحاد النضالي الكثير من العبر والتجارب العتية التي عجز خلالها النظام وذيوله القضاء على الحركة الطلابية التقدمية واتحادها إوطم، بدءا بقرار المنع القانوني 24 يناير 1973 للمنظمة، ومرورا بمعركة "الإصلاح الجامعي" لسنة 79 التي كادت أن تشطب إوطم وتمحي وجوده من الساحة الجامعية، لولا يقظة الطلاب وفطنة قياداتهم الميدانية ضمن تجربة المجالس القاعدية السرية التي نجحت في إحباط المخطط، ودافعت بشدة عن وحدانية ومشروعية المنظمة إوطم في تمثيل الطلبة في الداخل والخارج، وبمن فيهم الطلبة الجانب الذين يدرسون بالجامعة المغربية مؤدية ثمن ذلك غاليا، بخضوعها للاعتقال والاحتجاز بدون محاكمة لمدة ثلاث سنوات..! وانتهاء بفترة الحظر العملي المبطن الذي دشنه عمليا فشل المؤتمر الوطني السابع عشر، وهي الفترة التي امتدت لسنوات إلى الآن ونعاني مضاعفاتها، بعد أن تقهقر الاتحاد وتفكك خصوصا مع بروز وجهة نظر "البرنامج المرحلي" والتي فتحت الباب مشرعا للتسيب واللاتنظيم، تحت مبرر مناهضة البيروقراطية، لتسقط هذه الوجهة نظر نفسها في أبشع وأسوء صور البيروقراطية ونماذجها، التي مرّت على تجربة النضال الطلابي المغربي.
فلا ينبغي إذن، وتحت أي مبرر كان، الانتشاء بانتصار العفوية وبهزم مجموعات "البرنامج المرحلي".. فحذار مرة أخرى من المغامرة، فكيفما كان الحال تبقى هذه المجموعات أوطمية ومناضلة رغم اختلافاتنا العديدة مع تصورها ومواقفها وأساليبها في العمل، وهو عكس هذا التيار العفوي الذي من الممكن أن يصبح جارفا مستأصلا لجميع الأصوات التقدمية والديمقراطية داخل الجامعة، وبما فيها الاتحاد العتيد، إنه انزلاق انتهازي صريح بأن يتبنى المرء مثل هذه التصورات مقتفيا خطى معاركها المؤقتة والمحدودة، التي لا إستراتيجية لها ولا برنامج نضالي يضمن استمرارها.. إنك تخبط خبط عشواء أيها الرفيق، فما هكذا تعالج الهفوات والمنزلقات، إنك بحماسك هذا لا تفعل سوى تعميق الشتات والتشرذم، عوض النقد الوحدوي البناء الذي يجب أن يستحضر دائما الوحدة الطلابية التقدمية على أساس المنظومة العلمية والثابتة وحدة - نقد – وحدة، التي يجب أن تؤمن بالخلاف وتعدد وجهات النظر، دون إنكار أو تعطيل للصراع فيما بيننا، والذي يجب أن يبقى ديمقراطيا في شكله وفي مضمونه كمعطى موضوعي وجب الاعتراف به وتقديره، على اعتبار أن الفصائل الطلابية التقدمية جميعها، وبغض النظر عن مواقفها وتوجهاتها، مثلت وتمثل رأس الرمح المصوّب لقلب النظام التعليمي السائد وسط الجامعة، وبمثابة النخبة الواعية بحقيقة الجامعة المغربية، نخبة قادرة على صدّ هجمات النظام وكبح جماح سياسته التصفوية والطبقية، دفاعا عن مصالح الجماهير الطلابية وحقوقها، بما لا يبرر بتاتا المراهنة على العفوية كاتجاه وكاختيار.
فالحاجة الآن، وبخلاف ما دعا له الرفيق، هي لبرنامج نضالي موحد، وليس لمعركة طلابية وجب تفجيرها كرغبة ذاتية ملحّة.! لأن المعارك قائمة وجارية في جميع المؤسسات، معارك لا يمكن استثمارها في أي سياق وحدوي قد يساعد على بعث الاتحاد، وعلى تمتين هياكله. فبدون هياكل ووعي تنظيمي سليم يستلزم الانضباط والمحاسبة وانصياع الأقلية للأغلبية.. لن يتقدم مشروع البناء. البناء الصلب والمتين يكون من "فوق ومن تحت" والحال أن الأغلبية من الفصائل الطلابية، بما فيها فصيلك وجميع حلفائك الموقعين على البلاغ المزعوم، الظاهرين والمتستـّرين لا تملك شيئا في "التحت" قادرا على تعويض بيروقراطية "البرنامج المرحلي" ببيروقراطيتكم الناعمة واللطيفة.. إذ لا يخفى على أحد، أنه في جميع لحظات العفوية تنتعش التيارات الانتهازية وتنمو وتزدهر، مثلها مثل الأعشاب الضارة والمسمومة، حيث ينقض البعض من مكوناتها على الفرصة بنواجده، مدّعيا أن الجماهير المنتفضة والرافضة لا تمثل سوى رأيه المسكين المهضومة حقوقه في التعبير لسنوات خلت وحان الوقت لإرجاعها..!
وبالعودة لموضوع المعركة الطلابية الأخيرة مثلا، والتي شاركنا في جميع خطواتها مثلنا مثل باقي الفصائل الطلابية التقدمية الرافضة لجميع القرارات الوزارية الجائرة والمجحفة في حق الجماهير الطلابية.. لكننا وبالرغم من مجهودنا وكفاحنا الملموس، انهزمنا جميعا في آخر المطاف.. وبدون أن نتقدم في إنجاز مهامنا وفي معالجة أوضاعنا المادية والمعنوية والتنظيمية، بحيث مرّر القرار كما مرّرت أغلب القرارات الجائرة، واستفحلت وضعية الخرجين المعطلين، لتحرم أغلبيتهم الساحقة من حقها في الشغل لأبد الآبدين.. وتنفضح بالتالي الوعود الانتخابية عن التشغيل وعن 250 ألف فرصة لتشغيل العاطلين المعطلين..!
والنتيجة أن أوضاعنا بقيت على ما هو عليه، وهو الشيء الذي يحـُز في أنفسنا ويؤرقنا كمناضلين مصرّين على الكفاح والتـّحدي. فأمام هذه الهزائم المتتالية وأمام هذه الخطابات المنتشية بالعفوية وبانتصارها في بعض المواقع، لا بد من الرجوع للعقل والنضج والمبادئ لتشييد وحدة نضالية مع جميع الفصائل التاريخية والمناضلة، وبدعم من جميع الطاقات الطلابية المناضلة والديمقراطية، بعيدا عن الإقصاء والهيمنة والتغول.. وعدا هذا النهج، فلن يكون هناك من مخرج وستستمر الهزائم وستكتفي الفصائل بردود الأفعال وللسير في مؤخرات الحشود العفوية دون مردود نضالي يذكر.!
فهل هذا ما نرغب فيه أيها الرفاق، كلاّ ثم كلاّ.. وبشكل خاص أيها الرفاق الموقعون عن البلاغ.. فنحن ننتمي لحركة مناضلة تضم في صفوفها العديد من الفصائل الطلابية التقدمية المبدئية، بعضها على الأقل لا يبني انتصاراته على "هزائم" الآخرين مهما بلغت حدة الخلافات والصراعات.. فالبلاغ وما أدراك عن البلاغ الذي ادّعى مساندوه والموقعين عليه، بأنه سيفتح صفحة جديدة في تجربة الحركة الطلابية المغربية، يمكن أن تحل وضعية الشتات التي تعيشها وتعاني منها الحركة منذ أربعة عقود تقريبا، والعهدة على الراوي.! وهو تقدير ذاتي بعيد عن واقع الحركة وعن حال مكوناتها، أي بما فيها تلك الفصائل المهيمنة على الساحة الجامعة.
فبناء الوحدة الطلابية له مسار آخر حسب وجهة نظرنا المتواضعة إذ يكفي أن نذكّر الرفيق بمبادرة ندوة الأطر الوحدوية التي أقيمت بمراكش سنة 2010 والتي لم تستثنى من الحضور أي من الفصائل الطلابية التقدمية، يعني الفصائل التقدمية والديمقراطية ذات الإيديولوجية اليسارية الاشتراكية بشكل واضح وليس كما يدعو له الرفيق وحزب الرفيق، بأن تتم الوحدة المنشودة بعيدا عن أي التزام نظري إيديولوجي تجاه الجماهير الكادحة.. أشرفت على أشغالها أربعة منها بأن قدّمت رؤيتها لكل أزمة الحركة الطلابية مفسحة المجال للفصائل الأخرى، المترددة أو المقاطعة للندوة من أساسها، بغرض تقديم وجهة نظرها في الموضوع، ولشرح أسباب هذا التردد أو الرفض الكلّي والتام لهكذا مبادرات.
ولعلم الرفاق أنه بعد نهاية أشغال الندوة تشكلت لجنة لمتابعة خلاصاتها، دام وجودها أربعة سنوات على الأقل، دون أن نجد الصدى اللازم من لدن أنصار التوقيعات والبهرجة الإعلامية، الذين لا يقيمون اعتبارا لميزان القوى المائل بقوة تفقأ الأعين، لصالح النظام ومخططاته. ومن يعتقد بتغيير هذا الميلان في اللحظة الحالية وبهكذا شروط فهو واهم، ومُصر على الضحك على الذقون. فمصلحة الحركة الطلابية المادية والمعنوية تتطلب أقوى من هكذا حلول مؤقتة، ومنبهرة بمعركة عفوية عارمة، توقفت في بداية الطريق.. المصلحة تتطلب أساليب أرقى من البلاغات التلميعية، لأن الحركة محتاجة لمبادرات مسؤولة على شكل ندوة مراكش أو أرقى منها، بطريقة أوسع لتضم جميع الفصائل والفعاليات الطلابية الديمقراطية لأن ندوة مراكش استنفدت صراحة إمكانياتها وأدوارها، بأن أصبحت من الماضي. بحيث أصبح من اللازم على جميع "الديمقراطيين" و"الوحدويين" اللحاق بهكذا المسار إلى جانب الرفاق في فصيل "الطلبة الثوريين" و"الطلبة الماويين" و"القاعديين التقدميين" و"التوجه القاعدي".. إذ لم يعد هناك مبرر للغياب عن مثل هذه المبادرات الوحدوية الهادفة.
فلم تعد هناك من مبررات معقولة وموضوعية تدفع بأحد الفصائل للغياب عن مثل هذه المبادرات، حيث الباب مفتوح لتقديم وجهة النظر لتجاوز الأزمة التي تعيشها الحركة الطلابية على جميع المستويات النضالية، وبشكل خاص وضعها التنظيمي المتردّي.. ودون هذا لن تنفع وصفات "التوقيعات" ونظريات "أنا وحدي نضوي البلاد" على شكل أن "البرنامج المرحلي" هو برنامج الحركة الطلابية.! وهي صيحة إقصائية متطرفة تغلق باب الاجتهاد والصراع الديمقراطي في صفوف الحركة الطلابية التقدمية، ومن وسط فصائلها المتشبثة بعودة الاتحاد، للإبقاء على سيطرة وهيمنة هذا الفصيل على الساحة الجامعية أو على بعض من مواقعها المناضلة الصامدة.
فالأزمة التنظيمية التي تعيشها الحركة الطلابية المغربية باتت مرضا عضالا لم تنفع معه جميع الوصفات، "الديمقراطية" منها أو "البيروقراطية"، ليتبين بشكل ساطع أن لا أحد من هذه الفصائل يسعى حقيقة لحلحلة هذا الوضع التنظيمي المأزوم، ولتتضح بجلاء حقيقة المبادئ المتخفية والمتسترة وراء دعوات الوحدة، والديمقراطية، والنضال القاعدي، ومصلحة الجماهير.. وهي جميعها مجرد كليشيهات وليس إلاّ.! فعند الامتحان يُعز المرء أو يهان.
أما الجزء الثاني من المقال والذي حاول الرفيق خلاله جلد الذات، عبر إعطاء الانطباع عن اتزانه وطيبوبته الزائدة، إن لم نقل المصطنعة، بهدف في نفس يعقوب، عبر تقديم نقد ذاتي غريب وغير منسجم بالمرة مع منطلقاته المنبهرة بالعفوية. حيث التفت الرفيق فجأة "لبعض الإشكالات التي تعاني منها الحركة الطلابية والتي تتحمل مسؤوليتها فصائل التوجه الديمقراطي.. إذ كان من الممكن تحقيق قفزة نوعية في نضالات الحركة الطلابية لولا هذه الإشكالات المعيقة.!" هكذا إذن يكون الاجتهاد وإلاّ فلا.!
فالرفيق انصاع لخياله الواسع عبر الكلام عن كل شيء، وأي شيء، دون أن ينجح صراحة في الوصول لأصل الداء والمعضلة، أي مكمن الأزمة. ولم تشفع له سوى فلتة من فلتات اللسان "العفوية" والتي أشارت بكل وضوح عن مكمن الأزمة الحقيقي، التي تعاني منها غالبية الفصائل والتيارات والمجموعات، ألا وهو غياب التصور للنضال الطلابي ككل، وهو عين الحق.. ولو استقر عليه التحليل لأعفانا الرفيق من هذا الرد والنقد لأطروحات نحن في غنى عنها.
هذه النقطة التي يمكن اعتبارها أهم خلاصة ضمن تلك النقط الأربعة المذكورة، وعداها لا يمكن استنهاض القوى الطلابية والدفاع عن مصالحها وحمايتها في الظرفية الحالية التي تعاني من غياب الاتحاد المؤهل لتنظيم وتأطير الحركة الطلابية.. كان من المفروض أن تحظى بالتركيز اللازم باعتبارها مفتاح الأزمة. وتهميشها أو إهمالها أوقع الرفيق في حيص بيص، بين التقييم الموضوعي والتقييم الذاتي المهزوز، الذي لا يرى مخرجا لحل أزمة الحركة الطلابية المغربية إلاّ عبر محاصرة، ولِما لا القضاء النهائي على وجهة نظر الرفاق أنصار "البرنامج المرحلي".! ليتبيّن بجلاء وبالملموس محدودية المقال والخلط الذي وقع فيه، والذي عقـّد عليه الأمور ولم يساعده في التخلص من ذاتيته المفرطة والمقيتة، التي وضعته في موقع لا يحسد عليه وجها لوجه العديد من الأمور والإشكالات. حيث كان الأجدر بالرفيق أن يقدم تقييما صادقا وموضوعيا لمعركة جماهيرية لم تنجح في الوصول لأهدافها، بسبب من عجز منظّميها ومؤطّريها، وليس بغياب الجناح "البيروقراطي" منهم.! كان من اللازم أن نقوم بهذا التقييم الموضوعي الذي لا بد عليه أن يخدم مصالح الحركة الطلابية الآنية والإستراتيجية، ويساهم في معالجة أوضاعها التنظيمية المختلة التي لا تساعد على نجاح معركة من المعارك، كيفما كان طابعها، عوض الانجراف نحو المعالجات السطحية التي تعتبر أنصار "البرنامج المرحلي" أعداءا لها، وليس حلفاء محتملين.. فالادّعاء بأن فشل المعركة سببه هو وجود تيار "بيروقراطي" مهيمن على العديد من الكليات، هو ادّعاء خاطئ أريد به باطل وطمس للحقيقة التي لا يعلا عليها. وهي أن جميع الفصائل الطلابية أو أغلبيتها الساحقة تعادي الديمقراطية وترفضها ولا تأخذ بها لحظة اتخاذ قراراتها "الجماهيرية".. فهي فصائل بيروقراطية حتى النخاع، وبكل ما في الكلمة من معنى.. فهي ليست تيارات جماهيرية أو ديمقراطية أو قاعدية كما تدّعي ذلك.. تخرجت فعلا من صلب الحركة القاعدية واستنادا على تاريخها المشع الذي لم يفرط قط في مصداقيته الجماهيرية، التي ألزمته بإشراك الجماهير المناضلة في اتخاذ القرارات الحاسمة، من خلال التجمعات العامة خلال التحضير للانتخابات واختيار ممثلي اللائحة القاعدية، وفي ترشيح مندوبي المؤتمرات، وفي صياغة الأرضية المعبرة عن تصور الطلبة القاعديين لقيادة النضال الطلابي خلال مرحلة الحظر وما بعدها.. فأغلبية هذه التيارات انحرفت وتملصت من هذا الإرث النضالي العظيم، وأصبحت سجينة لطموحاتها في الهيمنة، والتسلط، وبسط النفوذ.. تخلـّت كليا عن المبادئ والالتزامات الأصلية "للنهج الديمقراطي القاعدي" الذي يُعدّ مرجعية يُتحدى بها في مجال النضال الطلابي، والجماهيري.
لم تعد الحركة القاعدية بجميع تياراتها، ملتزمة بمبادئها الديمقراطية والقاعدية الجماهيرية التي تشترط في ممارستها النضالية الإشراك في اتخاذ القرار، وتصحيحه، أو تعديله إذا لزم الأمر.. علاقة بمتطلبات النضال الطلابي اليومي.. لقد وقع الجميع في خلط غريب ورهيب، لا تقبل به التيارات الجذرية المبدئية والأصيلة التي تقدر مصلحة الجماهير وتعمل على الإنصات لتطلعاتها وعلى الأخذ بمقترحاتها وتوصياتها، والحال أننا بصدد الكلام عن قاعدة متعلمة ينقصها فقط التنظيم والتأطير السياسي لنضال الحركة.. أصبح الجميع يسابق الزمن لتكريس البيروقراطية وترهيب الأقليات بشتى الوسائل وإخفاء هذه الآفة المستفحلة، عبر الهروب إلى الأمام والسهر على تمجيد الشهداء، والاعتزاز بتجربتهم النضالية التي لا تشبه في شيء ما نعيشه الآن وسط الجامعات.! فليس المطلوب هو الاحتفاء بذكرى الشهداء، دون الالتفات لتاريخهم النضالي ولإسهامهم في بناء التجربة القاعدية من مواقع مختلفة، إن لم نقل نقيضة لكل ما يدّعونه الرفاق ويتغنون به الآن.. والحال أن هؤلاء الشهداء برزوا نتيجة لتصور طلابي مناضل، واضح، ونقيض للتيار البيروقراطي المهيمن على القرار الطلابي حينذاك.. الشيء الذي دفع بوجهة نظر البديلة بالانحياز للجماهير، ومعانقة مشاكلها وهمومها، عبر المدخل التنظيمي الذي وضعته في صلب اهتماماتها إلى الحد الذي ربطت فيه تجربتها واسمها بالقواعد وبالمجالس القاعدية كأنصار المجالس..الخ لم يتخلف هؤلاء الشهداء خلال تجربتهم النضالية عن الدفاع عن هذا التصور القاعدي البديل.. تصور عمل بصدق جنبا إلى جانب الجماهير الطلابية المناضلة، دون أن يقصيها أو يتعالى عليها، أو يقرر في مصيرها باسمها وفي غيابها.. كان تيارا قاعديا بالفعل، اسم على مسمى، لم يلتجئ للسرية إلاّ للضرورة المرتبطة بأوضاعه التنظيمية، وللوقاية من شباك المخابرات.. سعى خلال تجربته لبناء الاتحاد بناء صلبا قويا يحمي الجماهير الطلابية، ويقوّي من قدراتها الدفاعية، حماية لحرمة الجامعة، ودفاعا عن مكتسبات الحركة الطلابية، والسير قدما نحو إنجاز البرنامج الديمقراطي القاعدي، الذي أهملته وتخلت عنه أغلب مكونات الحركة القاعدية الحالية.. أما في مجال الارتباط بالجماهير الطلابية وبمصالحها، فقد كان متفوقا على الجميع، وعلى كل التجارب السابقة في تجربة الحركة الطلابية، يعني تجربتها الديمقراطية خلال المؤتمرين 13 و15، مجسدا تصوره الديمقراطي والجماهيري على الأرض، دون القفز عليه أو ضربه عرض الحائط.. لقد كان التيار القاعدي حينها مخلصا لأقصى حد لمبادئ الاتحاد، ومعارضا لمن يمس بها. كان ملتزما بالديمقراطية التي تدعو للوحدة وإشراك الجميع فصائل وجماهير مناضلة في تسيير الاتحاد.. وعمل بمبدأ الجماهيرية مرسخا البناء التنظيمي القاعدي الذي يسمح بإشراك الجماهير الطلابية في جميع قرارات الاتحاد، بناء على مبادئ المنظمة الثابتة، ومن ضمنها التقدمية المؤيدة والمساندة لجميع النضالات الجماهيرية عمال وفلاحين وتلاميذ ورجال تعليم.. بالإضافة لمساندته لجميع الحركات التحررية والمناهضة للإمبريالية والرجعية العربية والصهيونية كعدو للقضية الفلسطينية.. دون أن يمهل مبدأ الاستقلالية، الذي يعني فيما يعنيه، الاستقلال التام للمنظمة إوطم عن النظام، وعن الأحزاب وجميع المنظمات السياسية.. في تسيير أشغالها، وفي اختيار ممثليها، وفي صياغة برامجها النضالية.. وهو عكس ما تدعو له الآن بعض التيارات الشمولية التي تمادت في تسلطها، مدّعية وبدون خجل، أن برنامجها هو برنامج الحركة والاتحاد بدون منازع.! دون أن نلمح في الميدان بديلا لهذه الترهات.. فعدا الجلد والانتقادات المستمرة لهذا "التيار البيروقراطي" ظلت الأصوات المناهضة والمعارضة له، تزعق وتنوح دون القدرة على تقديم البديل البرنامجي، بتصوره التنظيمي القابل للتفعيل، وبقدراته على استيعاب جمهور الطلاب المناضل والهائل، وإشراكه في هياكل الاتحاد وداخل مجالس المناضلين.
لقد طفح الكيل، بعد أن نجح النظام في تمريرات أغلب مخططاته الجهمنية. والجماهير الطلابية بحاجة ماسة لمن يقودها وينظم صفوفها لاتخاذ الرد المطلوب وبالمستوى المطلوب، الذي يتجاوز بكثير المعارك المطلبية البسيطة.
فالحركة الطلابية المغربية بحاجة لاتحاد طلابي مناضل ومنظم ومهيكل، ينهي عهد التسيب والفوضى والتحكم البيروقراطي.. الشيء الذي يتطلب مجهودا أقوى وأكبر لإقناع جميع الفصائل والفعاليات الطلابية، بأهمية الانخراط في هذا المشروع، عوض الخبط العشوائي والضرب في الحائط.. إذ هناك مثل شعبي شهير ومعبّر، مفاده أن الانطلاقة الخاطئة تفضي بالضرورة لنتائج كارثية، لسبب بسيط أن صاحبنا الذي ينطبق عليه هذا المثل، "من خيمته خرج مائلا وآيلا للسقوط".
فمن يدعو للوحدة، ويدّعي بميله لخط الوحدة، وكذلك مبدئيته في محاربة التوجه البيروقراطي وسط الحركة الطلابية.. فيجب عليه أن يرقى لمستوى أعلى من النضج، ويعترف بجميع مكونات الحركة، صغيرها وكبيرها، دون أن يتأخر عن تقديم مشروعه كحد أدنى مؤهل في هذه اللحظة لاستيعاب جميع المكونات والفعاليات الطلابية، التقدمية والديمقراطية. هذا المقترح الذي يجب أن يبقى ساريا المفعول لفترة معينة، أي خارج ضغط الميدان وواجب الانخراط في جميع المعارك الطلابية المطلبية.. لأنه يهدف لإقامة اتفاق طويل الأمد بين مجموعة من الأصوات والتيارات الطلابية، أعربت في أكثر من مناسبة على استعدادها وانخراطها في معارضة النظام ومناهضة سياسته التعليمية والجامعية، بالرغم من تناقضاتها واختلافاتها في أمور كثيرة، سياسية وفكرية، مرتبطة بنظرتها للحركة الطلابية ودورها في الصراع والنضال المجتمعي ومشروع التغيير..الخ.
ومن جهتنا كوجهة نظر مناضلة ووحدوية ساهمنا بقوة وحماس إلى جانب الرفاق في صياغة مشروع وحدوي كان أساس ندوة مراكش التاريخية، التي سبقتها نقاشات ومشاورات مع أقطاب وزعماء العديد من التيارات الطلابية المناضلة مثل فصيل الطلبة القاعديين ومختلف مجموعات "البرنامج المرحلي" بكل من وجدة وفاس ومكناس و"تيار الخيار الديمقراطي القاعدي" و"اليسار الديمقراطي".. الذين تخلـّفوا جميعا عن الحضور للمساهمة في هذه الندوة الطلابية، التي كان الغرض من عقدها هو تدعيم خط الوحدة، وبالبحث عن خارطة طريق مؤهلة لإعادة بناء الاتحاد على أساس برنامج حد أدنى متوافق عليه.. كان الغياب صادما وغريبا عن التقاليد الديمقراطية التي تستلزم الجرأة والوضوح في هكذا مواقف.. فقد تخلـّفت الفصائل عن المشاركة لكنها أرسلت من يتكلم باسمها ليس لتقديم الرأي والدفاع عنه، بل للإعلان بعدم جواز مثل هذه اللقاءات التي يلزمها الحضور الجماهيري.! والحال أن فضاء اللقاء كان مفتوحا في وجه عموم الطلبة، ولم يمنع أي أحد، من الحضور، وسمح للجميع بإدلاء الرأي، في جو من الاحترام والديمقراطية وحرية التعبير..الخ
نجحت الندوة وتعهد المناضلون بمواصلة المشوار الوحدوي، بأن أفرزت لجنة لمتابعة خلاصات الندوة متوفقة في إنجاز بعض الأنشطة المشتركة من قبيل الأيام الثقافية المشتركة والموحدة في الزمان، إضافة للوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان، التي خلـّدت ذكرى 23 مارس، ذكرى انتفاضة الطلاب والتلاميذ بالبيضاء سنة 65، وهو إنجاز نضالي عظيم قدم الدرس لجميع البيروقراطيين والغوغائيين والمترددين.. تجربة ميدانية تستحق التقييم، وتستحق كذلك بأن تصبح مرجعية معتمدة لمواصلة المشوار الوحدوي البنـّأء، بعيدا عن أية نظرة إقصائية وأي منظور يكون هدفه محاصرة أو استئصال تيار من التيارات التقدمية المناضلة، كيفما كانت اختياراته السياسية والفكرية.. فمستقبل الحركة لا يبنى على المؤامرات والبلاغات والتنسيقات المتسرعة، لأن التنسيقات أنواع، منها تلك المحدودة والمؤقتة، المرتبطة بمهمة محددة، كإدارة معركة ما أو إضراب ما.. ومنها التنسيقات ذات الأهداف التنظيمية الإستراتيجية، كمثلا هيكلة الحركة الطلابية وصياغة برنامجها النضالي الموحد، وإعادة بناء الاتحاد بما ينسجم مع مبادئه الأربعة التي لا تقصي من صفوفه الإصلاحي ولا التحريفي ولا الفوضوي ولا اليسراوي المغامر..
فعبر التاريخ النضالي لمنظمة إوطم، توفر الطلبة بالإضافة للجنة تنفيذية ولجنة إدارية، قياديتين، على لجنة تنسيق وطنية تتشكل من فروع المنظمة، والتي تتشكل هي الأخرى من ممثلين عن كل كلية أو مؤسسة جامعية.. حيث كان الإضراب الوطني 9 دجنبر 1981 آخر قرار وإنجاز أشرفت عليه التنسيقة، أو مجلس التنسيق الوطني في إطار الاتحاد الوطني لطبة المغرب. والذي كان يتطلب الانضباط والالتزام لقرارات ممثلي الطلبة المنتخبين علنيا وجماهيريا وديمقراطيا.
ففي اعتقادنا وتأسيسا على هذا التراث النضالي المشع. فإن اللحظة التي نعيشها تستوجب، وتماشيا مع هذا الحراك الذي استنفد إمكانياته النضالية لفرض التراجع عن تلك القرارات الجائرة، عقد ندوات داخلية بين ممثلي جميع وجهات النظر الطلابية التقدمية والمعارضة للأوضاع التعليمية والجامعية القائمة، بقصد إبداء الرأي وتقديم وجهة نظرهم حول طبيعة المرحلة، وحول أوضاع الجامعة وظروف التحصيل، والبرنامج النضالي الكفيل بالإشراف على معالجة الأوضاع لمصلحة الجماهير الطلابية، وتدارس الكيفية الناجعة والقادرة على تدبير المعارك وإدارتها.. الشيء الذي يلزمنا وبغض النظر عن قناعاتنا الفكرية والسياسية، تسطير هذا البرنامج النضالي وإشهاره لعموم الجماهير الطلابية قصد النقاش والتعديل والإقناع.. حتى نتقدم وننتصر على هذه الأوضاع المتأزمة. إذ لا بد من التأكيد وللمرة الألف، بأن نجاحنا في إنجاز هذا البرنامج، يستوجب هو الآخر التوفر على آلية تنظيمية ديمقراطية، وجماهيرية على أوسع نطاق، تستوعب جميع الطاقات والفعاليات.. ألية متوافق عليها، تستدعي المسؤولية والانضباط، وسيادة رأي الأغلبية، ومع احترام رأي الأقلية الذي لا بد أن يسمح له بحقه في التعبير، داخل التجمعات والملتقيات الطلابية الجماهيرية.. ودون هذا لن نتقدم، ولن نقوى على خوض المعارك المُجدية والمؤهلة لنيل المطالب وتحصين المكتسبات.. هذه الآليات التي يجب أن تستفيد من رصيد الاتحاد وأشكاله التنظيمية القاعدية، والتنسيقية، والقيادية التنفيذية.. والتي من واجبها الأخذ بعين الاعتبار التحولات الجديدة الطارئة على جسم الحركة الطلابية بعد ظهور التيارات الرجعية الظلامية، والتيارات الأمازيغية، والتيارات الصحراوية.. في الساحة الجامعية.! يجب إعادة بناء الاتحاد على أساس مبادئ واضحة ومخطط يغلق الباب في وجه جميع المتربصين به والراغبين في عرقلة مساره النضالي وخطه الديمقراطي والتقدمي والجماهيري. أما تدبير المعارك، كما ذكرنا وأكدنا على ذلك، يبقى محكوما بطبيعة كل معركة على حدة، والتي يجب أن تراعي طبيعة المتدخلين والمعنيين بالمعركة في لحظتها وزمانها، حيث لا يمكن تقديم التوجيهات لمعركة انقضت ووضعت أوزارها.. إذ لا يعقل وخلال هذه المرحلة بالذات، والتي تميزت بمعركة بطولية طويلة الأمد والنفس، أن نقترح برنامجا نضاليا بهذه الرداءة والضيق، المسجون بالعداء لتيار طلابي مناضل، عيبه الوحيد هو بيروقراطيته الزائدة، التي تفوق بكثير بيروقراطية تيار الرفيق والتيارات الحليفة الموقعة إلى جانبه على البلاغ العجيب والغريب.
ولنكتفي أخيرا بهذا القدر من الملاحظات وأملنا كبير في وحدة الحركة الطلابية التقدمية على أرضية صلبة، حتى لا يفوتنا القطار، حيث لا داعي للتباكي والبحث عن الضحية لتبرير عجزنا وتخلفنا عن مهامنا.. فالوحدة المطلوبة خلال هذه الفترة من حياتنا الطلابية، ويجب أن تبنى وتوطد بعيدا عن الاستئصال والاقصاء، والصيد في الماء العكر.. يجب أن تكون ناضجة ومسؤولة لسد هذا الفراغ التنظيمي الذي نعاني منه، ولننتصر على عجونا وقصورنا في التعامل مع جميع الحركات الاحتجاجية الطلابية، التي تتطلب الرد الواعي والسريع، الجماعي والوطني، على قرارات وزارية تتجاوز بكثير أسوار كلية من الكليات أو جامعة من الجامعات.. فالحذر كل الحذر أيها الرفاق فالهجوم كاسح ومستمر، والمكتسبات تضيع ولن ينفع معها الصياح والزعيق.. والنقاش يبقى مفتوحا.. أكيد، أكيد.. ونذكر بأن مضمون المقال ولهجته، يختلف كليا عمّا ورد بافتتاحية عدد الجريدة 4458 "الحركة الطلابية المغربية وأزمة التعليم بالمغرب" والذي يوحي أننا أمام أكثر من تصور داخل الحزب الواحد.. فقليل من المسؤولية يفي بالغرض ويوضح الأمور..

فبراير 2022



#مصطفى_بنصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وفاءا لشهداء الطلبة القاعديين
- عن مناهضة التطبيع وسبل التضامن مع الشعب الفلسطيني
- بناء الاتحاد الطلابي إوطم مهمة نضالية وليست صفقة حزبية..
- صيحة لا معنى لها طبقيا
- 24 يناير التاريخ والذكرى
- التفاتة محتشمة صوب الفقراء
- انتفاضة طلابية تستحق الإشادة والدعم اللازمين
- التذكير بشهداء الطلبة القاعديين واجب نضالي أكيد
- حيُّوا -النضال المستمر-.. والصيد في الماء العكر!
- رسالة إلى -رفيق- حول مهامنا النضالية والتنظيمية وسط الحركة ا ...
- أزمة النضال الطلابي وأسطورة -البرنامج المرحلي-
- عن مهام الحركة الطلابية المغربية وفي نقد أسطورة -البرنامج ال ...
- عودة لموضوع النضال الطلابي وأسطورة -البرنامج المرحلي-
- رأي في بعض الإشكاليات النظرية ذات الارتباط بالحركة الطلابية
- مسيرة احتجاجية موضوعها مقر..
- خيانة للشهداء وللتاريخ المشرق للاتحاد
- الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والمعركة بالنيابة للدفاع عن مقره ...
- من شعار -العنف الثوري- إلى شعار -الإنكار الثوري- الصريح!
- في جذور العنف وسط الساحة الطلابية المغربية
- بعيدا عن الديمقراطية.. وعدوا للقاعدية.. وضد شيماء!


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى بنصالح - أزمة الحركة الطلابية المغربية من منظورنا