أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فيصل بلوش - هل تورطت روسيا في اوكرانيا ؟















المزيد.....

هل تورطت روسيا في اوكرانيا ؟


فيصل بلوش

الحوار المتمدن-العدد: 7178 - 2022 / 3 / 2 - 08:59
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إنها طبيعة الحرب، تلك الحالة التي لا يمكنك فيها التربص من خندقٍ تابث وضيّق أو الرهان على حيّز زمني ميّت، لإلقاء القبض على تصورٍ مُعين لمساراتها ومُنحنيات تداعياتها وحجم آثارها ولا حتى التكهّنَ بعُمرها ولا بمساحة رُقعتها المكانية، خصوصا حينما يتعلق الأمر بتعقيدات صراع مركّب تتداخل فيه عناصر التاريخ بالجغرافيا السياسية وبالأطراف الدولية والمؤسساتية المتعددة، وتتنوع فيه وسائل البطش والخنق وأدوات والتهديد والردع، الشرعية منها وغير الشرعية.

ستة أيام وخمسة ليالٍ هي المسافة الزمنية التي قطعتها موسكو في زحفها الناري نحو عاصمة القرار الاوكرانية، أو بالأحرى هي المدة الزمنية التي صمدَتْ خلالها كْييف في تصدٍّ لجميع محاولات الآلة الروسية لتوقيع إنجازٍ عسكري تُعزّزَ به مخططاتها الامن - قومية و الجيوساسية، هي محطات وأشواط عدة تتخللت فسحةَ عجنِ بوتين للحظة السوفياتية في إتجاه كْييف عبْر محاور برية و مسارات جوية من الشرق والجنوب والشمال، حيث لكل شوط من هذه الرحلة العسكرية درجاتها من الأرباح ومخلفاتها من الخسائر مع تمرين " وإن كانت تضيق الاولى لحدِّ الآن لتتّسع للثانية فيما يتعلق بالسّعي الحثيث للآلة العسكرية لتنزيل مخططات الكريملين المرسومة وتتبيث حمايتها في حال تحقيقها، لعلها تكون الحدَّ الفاصل مابين الشرق والغرب أو لعلها تكون ملفات للمساومة أو للتفاوض من موقع المنتصر.

زحفٌ روسي بدا في لحظاته الاولى، وكأنه الاجتياح المِفصلي والحاسم لصالح الاتحاد الروسي في معركته الامنية والجيوساسية مع الغرب، حيث بدتْ المعركة بأسلوبها الخاطف والصادم مُربكا في بدايتها لصناع القرار السياسي والعسكري الاوكراني والاوروبي والدولي، و كذا بالسرعة الخاطفة التي إخترق بها الزحف الروسي أوكرانيا من شرقها وجنوبها وشمالها وصولا إلى تطويق كييف عسكريا ودعوة بوتين لإنقلاب عسكري ضد النظام السياسي الاوكراني، وما واكب شبكة هذه العمليات من تلويح وتهويل إعلامي تمحور بالأساس حول حجم الحشد للقوة المفرطة الروسية في مقابل ترقب دولي للحظة الصفر.

إلا أن عوامل متشابكة عِدة لعِبتْ أدوراها في كبح وثيرة الآلة العسكرية الروسية ودفعها لإنعطافةِ وإنحسار المسار الذي خطّته والذي كانت تراهن فيه على عامليْ الصدمة والمفاجأة لإختراق العاصمة الأوكرانية وإحتلال مؤسساتها الرسمية الدستورية وما يلي ذلك من سيناريو إنتزاع فلاديمير زيلينسكي كسلطة منتحبة وتنصيب محلها أطراف اوكرانية موالية لموسكو إن وُجِدتْ لتُصدر البيان رقم واحد لتغيير السلطة بكييف.

فقد لعبتْ لحظة خروج الرئيس الاوكراني زيلنسكي في اليوم الثاني من الاجتياح بإطلالة وبخطاب مُنكسر ومندّد بحالة الضعف والهوان التي اتسمت بها المواقف الغربية المستخفّة بالتهديد الروسي و ضعف المبادرات الدولية، وتلويحه بإقتراب إنهيار كييف وترقُّب لحظة إزهاق روح اوكرانيا في قبضة المطحنة الروسية في أي لحظة، وتحذيره من أن أوكرانيا ستكون مجرّد معبرٍ للآلة العسكرية الروسية في اتجاه باقي مكونات الجسم الاوربي.

شكّل المشهد الدرامي الذي أخرجه الرئيس الاوكراني بعناية حينما خاطب زعماء العالم بتحذير أخير لأوروبا والولايات المتحدةمن مغبّة الاستمرار في خُدلان اوكرانيا، كان بمثابة الصّعقة التي أيقضتْ الوعي القومي و الهاجس الامني الاوروبي الرسمي ووحّدت ضميره الجمعي في إنتفاضة لليقضة والتعبئة لتأمين القيم الاوروبية مما يتهددها في القيم السياسية وفي واقع الجغرافيا السياسية.

حالة إستنفار غربي رسمي وبإجماع ومن دون تردد او تحفظ يضخُّ حُزمة قرارات صارمة وعقوباتٍ نوعية جديرة بإلحاق الأذى الردْعي والعقابي بالكريملن ومؤسساته وعزلها عن شبكة العلاقات الدولية والمالية، وبحصار روسيا من مختلف الجهات التي تُضيق الخناق على أنظمتها الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية، موازاة مع حراكٍ مجتمعي مدني دولي مندِّد ضد التدخل الروسي ،إضافة لحجم المساعدات العسكرية والمالية والانسانية المتواصلة التي تحضى بها اوكرانيا من لدن المجتمع الدولي.

هي تطورات على مستوى المواقف الدولية الرسمية المنددة بالعدوان الروسي وعلى مستوى التعاطف العالمي المتسع مع أوكرانيا، تتعزز ببُروز تجانس قوي لم يكن في حسابات الروس كما لم يكن متوقعا من لدن مكونات دول اوروبا، والمتمثل في العلاقة الوطيدة مابين السلطة السياسية المجتمع باوكرانيا، مع بروز وحدة وتكامل وتضافر جهود في مواجهتهما للإختراق الروسي من دون تسجيل أي انشقاق او انكسار في بنية النظام السياسي للدولة بمؤسساته خصوصا منها العسكرية والامنية، أو خروج فصيل إجتماعي أو تيار سياسي مرحبٍ بالآلة الروسية التي دخلت على خلفية أنها آلة تحرير، وكذا حرص الرئيس الاوكراني في إطلالاته المنتظمة ميدانيا بالضهور بالزي العسكري لضخَّ العزيمة وروح المقاومة الشعبية لدى الاوكرانيين، مما جعل إلتفاف الشعب حول القيادة السياسية تُربك حسابات الروسي وتؤخر تقدمه، كما كانت حافزا جدليا للمترددين من دول اوروبا لتملك الشجاعة والحسم في الخيارات التي تتحمل المزيد من التردد أو التأجيل.

قد تكشف هذه المقدّمات أن إعتماد العقل الروسي في زحفه نحو كييف على نية التسلل بالمكشوف لإختطاف كييف من دون مقاومة أو معارك، وعلى الثقة الزائدة أو على ضخ منسوب كمي ونوعي هائل من العتاد في شكل الاستعراضي تقدّمت فيه القوافل العسكرية الروسية عبر المدن الاوكرانية بكل أريحية وبدون تغطية جوية أو استخباراتية، بدا وكأن العقل العسكري الروسي توقَّع أن تُحضى آلياته بالترحاب الشعبي الاوكراني وبالورود والزغاريد، إلا أن تلقِّيهِ للزجاجات الحارقة "المولوتوف " وتلقِّيهِ لخسائر فادحة جراء المقاومة الاوكرانية وما لحِق ذلك من إرتدادات مُربكة، أصاب عملية التوغل بالبطئ والإعاقة وعجّل بكبح عجلات الدبابات وشلّ لمعنويات العناصر العسكرية الروسية التي تكبدت الخسائر مابين قتيل وأسيير، وعاملا محافزا للمقاومة الاوكرانية النظامية منها والشعبية، وبمعنويات التحدي والاصرار على مواصلة التصدي للغزو الروسي، تلك التي اتّسمت بها خرجات الرئيس الاوكراني والتي ساهمت في بلورة معالم الشخصية القومية الاوكرانية في عز الأزمة التي تهدد المرتكزات الأساسية للدولة الاوكرانية بخياراتها السياسية وتوجهاتها الاقليمية والدولية.

هذا التحول المتقدم والمتصاعد في خيارات مُكونات الجسم الاوروبي ومعهم و.م.أ في تحالفٍ موحد تجاه ازمة أوكرانيا شكلت عناصرَ ضخّ وامداد ساهمت بقسط في إنعطافٍ منحى المعركة العسكرية التمهيدية بمختلف نقاط المواجهة العسكرية في الجغرافيا الاوكرانية في إتجاهات ارْبكت حسابات الآلة العسكرية الروسية وقلَّصت من وثيرة تقدمها، ليتأكد أنه مهما بلغ خيار حشد القوة الروسية بمختلف أصنافها البرية والجوية، تظل طبيعة الممانعة المحلية ومستواها لدى صاحب الأرض تُعد من ضمن المحددات التي تتحكم في مفاصل وخلاصات العسكرية ونتائجها.

فهل إستفاقت موسكو في جولتها الأفتتاحية العسكرية لاوكرانيا، من أن إختبار فرضية الحج الروسي لأوكرانيا هو بمثابة حج لإحدى المقاطعات السوفياتية، هي فرضية خاطئة، و خطأ فادح في تقدير متاعب الافتتاح وتغاض عن توقع المآلات؟ أم أن طبيعة الضرورة العسكرية لإختبار الارض المعادية يقتضي منهجا معينا في المناورة؟

طبيعة الأهداف الجيوسياسية لهذا الاجتياح العسكري، قد لا تؤخذ فيه بعين الاعتبار السياسي وحتى العسكري تلك الأعراض الجانبية على اعتبار أن العمليات العسكرية تظل مجرد أدوات لتنزيل الفكرة السياسية، بالتالي مزيد من الاندفاع والتوغل أكثر بمعادلة كسر العظام في مواجهة المنتظم و المجتمع الدوليين.



#فيصل_بلوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القديسة كورونا ومأزق النظام العالمي
- الإنتفاضة اللبنانية : من ضد من : ولماذا الآن ؟
- حينما يبحث التائه عن منطقة آمنة
- 8 مارس،مدخل لقراءة مغايرة لوضعية المرأة


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - فيصل بلوش - هل تورطت روسيا في اوكرانيا ؟