أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم محمود - ما هو أبعد من العلم العراقي















المزيد.....

ما هو أبعد من العلم العراقي


ابراهيم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 1665 - 2006 / 9 / 6 - 09:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سأكون إلى جانب الذين يحرصون على وحدة العراق، من خلال التشديد على علم يشير إلى المكونات القومية للعراقيين جميعاً، مثلما أؤيد الذين يحرصون على العلم الكردي دون العراقي .
ما هو مثار راهناً، عن العلم العراقي المنزَل من على البنايات أو المؤسسات الحكومية في كردستان العراق، ومن قبل الذين يقولون لا لعراق مجزَّأ، نعم لعراق موحد، يستدعي أكثر من نقاش هادىء، من حوار مع موحدي العراق رغم عنف أهله ومن يسيّر هذا العنف بصور شتى، ومع مجزئي العراق رغم وجود حدود لا تلغي العراق في حقيقة أمره، إلا من يعيشون وسواساً.
ثمة سؤال يُطرَح هنا: لماذا هذا النفير والاستنفار من الموقف المتخذ في كردستان العراق من العلم العراقي، فيما إذا كان علماً عراقياً حقاً، وليس علم العهد البعثي الصدامي البائد؟
هل حقاً ثمة حرص على العراق وأهله؟ أي عراق هو المنادى به هنا، وأي استتنفار بغيض في هذا المنادى، على طريقة : وامعتصماه، والذي يعادل راهناً، وفي المجمل : واصداماه، واعفلقاه، واحجاجاه العروبي المتأسلم.....؟!
مضى على سقوط النظام سنوات ثلاث، ويعلم الجميع دون استثناء أن العلم الذي نشاهده الآن، وبعبارة خفاقة، لا علاقة لها بحقيقتها( الله أكبر)، وبخط يد طاغية عراقي عروبي، وليس سواه، هو صدام حسين، لم تسلم أمة في الجوار منه، أو شعب، بدون استثناء من سوريا إلى إيران المتفرسة إلى الكويت ... الخ، لا بل أُجهِز على مجمل الدول العربية بأنظمتها العتيدة، إما في أن تكون شريكتها في سفك وسفح دماء العراقيين وإزهاق أرواحهم في حروب الداخل والخارج، بصورة مباشرة وغير مباشرة، بالتأكيد والتأييد( تواطؤ الأنظمة العربية أو صمتها، فيما كان يجري في العراق لأمد طويل)، أوباستجرار أعداد كثيرة من العقائديين المسواقين، إلى الجحيم العراقي الصدامي لحماية النظام المؤيَّد ممن يجد فيه متراساً لـه، وتبريراً للتدخل في المنطقة أيضاً( كل الدول التي لديها مطامع ذات نزوع امبريالي)، أو حجة للبقاء أكثر( الأنظمة المجاورة طبعاً)، حيث لم يبخل الفلسطينيون والسودانيون والمغاربة والأردنيون والموريتانيون.. في رفد الجيش العراقي العروبي العقائدي الصدامي وجهازه المخابراتي الاستخباراتي بالمدد، ضداً على العراقيين، ممن ذاقوا الأمرين: القتل والتعذيب في سجوان النظام ومعتقلاته، والمعاناة الثقيلة الوطء في ظله: سنة وشيعة وصابئة، أو عرباً وكرداً وآشوريين وتركماناً ... الخ.
أو لا يشكل إقصاء العلم العراقي( الصدامي تحديداً)، استجابة لرغبات العراقيين جميعاً، أو إفصاحاً عن بداية جديدة للعراقيين جميعاً، وليس للكرد وحدهم؟
لماذا هذا السخط والصخب والاستنفارالمريب، والمادة 12 من الدستور العراقي الجديد تنص على ضرورة وضع علم عراقي وشعار جديد ونشيد وطني مختلف، كل ذلك تعبيراً عن مكونات الشعب العراقي، وليس استجابة للكرد( المتصهينين) كما يبرع في ذلك القومجية العرب وممن يسمون أنفسهم بـ( تجمع الماركسيين اللينينيين الثوريين العراقييين) في مادة باسمهم منشورة في موقع ( الحوار المتمدن) الالكتروني ،في 5 أيلول 2006؟
لماذا اليأس والسخط من علم 14 تموز، 1958، وهو علم لم يصممه الكرد( الانفصاليون- العملاء للامبريالية، الدخلاء على المنطقة)، كما يذهب في ذلك كثيرا،ً الحريصون بلسانهم على وحدة العراق وأمة العراق هذه المرة، ولكنهم أشد الناس سعياً إلى جعل العراق دون اسمه من خلال تسيير شؤونه بسلطة: بلطة قومجية عروبية أو حتى شيعوية متفرسة في الصميم، أو بدافع آخر، من قبل هذا أو ذاك، حرصاً على ذاته، وذهاب ريحه...؟
العراق الذي في الجوار: عراق الرصافي، وجواد علي، والجواهري، وجواد سليم، والسياب ، وبلند الحيدري، وهادي العلوي،وسركون بولص، وفالح عبدالجبار، ومنذر الفضل، وعدنان حسين، وهاشم العقابي... الذي لطالما أحببت فيه تاريخه المتعدد الأطياف، تاريخه الميزوبوتامي، تاريخه المديد بشعرائه ومؤرخيه وكتابه وفنانيه ممن حرصوا على روعة الانسان الموحَّد له فيه، والذي لطالما آلمني تمزقه، ومن كان يسوسه ببعض منه : قومجي النسب ، عروبي العلامة، وأنا في جواره، لا مجال هنا للحديث عما يجب القيام به، إزاء ما يجري الآن من مجازر ومذابح عراقية – عراقية غالباً، لا يمكن هنا نسيان أو تناسي ( أخوة صدام، أو ربعه داخل العراق وخارجه) ، في استمرار حالات القتل المروعة واليومية هذه، إنما يمكن التمعين في حمام الدم المسفوك يومياً، باعتباره نتاج تاريخ أنظمة ارتأت أن تبقي العراق دون أهله دون تاريخه الفعلي العام، وليكون صدام حتى اللحظة جزار العراقيين الأكبر وحتى الآن، وإن كان الكرد هم الذين سيقوا قرابين أكثر عدداً، إلى مسالخ نظامه في ربوع العراق الموبوءة.
الذين كانوا مع العروبية بصفتها الروح المطلقة لحقيقة العراق تاريخاً وجغرافية( أي جغرافية، وقد تغيرت كثيراً، وخصوصاً في الثلث الأول من القرن الفائت؟)، ومع البعثية باعتبارها التجسيد الحي للروح تلك، داخل العراق وخارجه، حتى من قبل من استجابوا لرنين الدينار العراقي المدمى، في موريتانيا التي استحالت شبحاً جعرافياً، وسواها، وحتى اللحظة، يتحملون مسؤولية إراقة الدم العراقي، لا بل تكون ( الأنفال) وقبلها حلبجة، خطيئة أخلاقية كبرى، يمكن تحميل مسؤوليتها كل هؤلاء الذين يبكون العراق بعد صدام، مثلما هللوا له، وهو ممثَّل به صدامياً.
وفي إطار ( الشيء بالشيء يُذكَر)، إن ما حدث في لبنان مؤخراً من خراب ودمار وقتل لا يمكن غفرانه، وقد كتبت عن ذلك في حينه، كما هو الحال في فلسطين، ولكن مقارنة مع ما جرى في العراق، وفي كردستان العراق، وما يتعرض لـه الكرد من ضيم جغرافي وتاريخي وقومي وانساني هنا وهناك، تبدو المقارنة واهنة جداً على الصعيد الأخلاقي.
لم يبق كاتب عربي ومن يعتبر نفسه عربياً لغاية في نفسه، أو من تعرَّب، حتى من الدرجة العاشرة ، أو فنان، حتى لو كان مبتدئاً، أو باحث أو مفكر، أو سياسي، أو رجل دين، أوحتى مسؤول حزبي عربي...إلا واحتج وتظاهر وجاهر وتجاهر بأعلى صوته، حول أن ما يجري في لبنان جريمة لا تغتفر، ولكن كان هناك صمت تجاه ما جرى بصدد حلبجة والأنفال، لا بل كان تحسين ومدح وإكبار للفعل الصدامي، كما هو الآن بالنسبة للذين يحاولون الدفاع عن صدام واعتباره بطلاً عربياً، فتكون محاكمته هي محاكمة الذهنية العربية العروبية عبر تاريخها الطويل، لا بل تعرية الذين يؤكدون الصدامية في نفوسهم وسلوكهم هنا وهناك، ومكاشفة التاريخ الفعلي لهم، حتى ممن ذاقوا المر أحياناً على يديه وأيدي أزلامه في محيطنا، تأكيداً للمقولة المروعة: مع ابن عمه حتى وهو في طغيانه، وليس مع الغريب حتى وهو في عدله...!
في الحالة هذه، يمكن القول: إن حقيقة النظام الصدامي العروبي ملموسة في الزنازين التي خلفها وراءه، مرفقة بمشاهد الخراب والدمار لعموم العراق ، وكردستان بصورة أفظع. ابحثوا عن كتاب مثاليين لهذا النظام على أرض الواقع، تلتقوا بأسماء من مثل : مصطفى البكري، ومحمد المسفر،ومعن بشور، وعبدالباري عطوان...الخ.
نعم، سقط النظام العملي الصدامي، ولكن النظام الفكري والمعتقدي في شمولية سطوته وطاغوتيته بنطفته الصدامية، لا زال مشهوداً هنا وهناك.
تكمن المشكلة فيما يجري، في اعتبار الكل حصيلة أجزائه، وحقيقته، وأن المعتبر جزءاً لا شأن له إلا بكله، كما هو الكردي : الجزء، مقارنة بالعربي : الكل، رغم أن التاريخ القديم عموماً والحاضر والمعاصر أكثر، يبرزمدى نفاذ وانتشار الإرهاب الرسمي من خلال أجهزة الدولة العروبية: البعثية العفلقية، والذهنيةالإيديولوجية التي تشرّع لها وتؤبدها، وأن النظام الذي سقط أوجد مسبقاً القوى التي تستنسخه بطرق شتى في أذهان من يعتبرون أنفسهم ممثلي الكل.
لقد كان كانط يؤكد على أنه إذا كانت سعادة البشرية تكمن في قتل طفل واحد، لأعد هذا العمل لا أخلاقياً . وهنا أي لا أخلاقية تتبدى ، حين الحديث ينصب على آلاف الضحايا وعذابات الأهلين كرداً وغيرهم، من قبل من كانوا يديرون ويوجهون دفة السلطة صدامياً، أو باسم صدام، ومن يتحدثون باسمها الآن؟
إن الحديث عن العلم العراقي والندب عليه، لا يُعمَّم هنا، بقدر ما ينحسر شأنه في نفوس الذين لا زالوا يعتبرون أنفسهم حقيقة( خير أمة) بأضيق معنى، وباسم الله يكون التمثيل بالآخرين: الكردي هنا خصوصاً، حين يسمي نفسه كردياً، وحين يحمل ما يشير إلى جانب من الكردية فيه: ثالوثه اللوني، وحين يموقع اسمه كردياً، كما هو جار ٍ هنا وهناك.
لا يهمني فيما إذا كنت كردياً أو سواه، لا يهمني فيما إذا كان الذي أتعامل معه، عربياً أو فرنسياً، أو تركياً ، أو غيرهم، ما يهمني حتى اللحظة، هوأن أكون في مستوى انسانيتي التي أوُسَم بها، أن أحيي في المؤسسة التي تمثلني حقيقة، قانونها الذي يشملني مثلما يشمل غيري، أن تكون لغتي، مثلما يكون انتمائي القومي والمذهبي والحزبي، في الاعتبار الأخير، طالما أن الذي يقيّمني لا ينطلق من أي اعتبار من هذه الاعتبارات، ما يهمني هو أن انسانية الآخر تتقدم على كرديتي أو قوميتي تحديداً، ومذهبي وانتمائي الفكري، بالقدر الذي أتلمس فيها مساحة تكفيني للتنفس والتحرك دون منغصات، وأن ليس للعلم، أو أي رمز آخر، القيمة المعتبرة، إلا بالقدر الذي يقلل أويزيد من وزني الاعتباري أو شأني اليومي، أو موقعي الفكري والأدبي، أو حقيقتي الاجتماعي.
ما يهمني هو أنني كردي كاحتياط، هو ملاذي الذي لا مفر منه، وهروبي السعيد، عندما أُذَم باسمه، وأنني على استعداد، في أن أنحّي جانباً،كل ما يبعدني عن خصوصيتي الانسانية، مهما كانت النتائج باهظة التكاليف. تكون حرية المرء في الحدود التي يعلَم الآخرون بميزة فيه، مثلما يستمد قوة من ميزة تعمق في انسانيته، وتبقي الاختلاف الأمثل علامة مجتمعية فارقة.



#ابراهيم_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف الكردي المشعوذ
- ثرثرة مفلس
- الصراع الكردي - الكردي: رؤية أدبية، عبر ترجمة فصل من رواية : ...
- مستقرات السرد في الرواية - رومانس المكان-: هيثم حسين في رواي ...
- قلبي على لبنان
- - Mijabad رواية أوديسا الشاعر الكردي- المقام الشعري في رواية ...
- نقد العقل القدري الكردي
- مكائد الأمكنة: حسين حبش وشعرية المكان
- أعلام الكرد الخفاقة
- موسم الهجرة الطويل إلى جنوب كردستان
- الكردي مؤرّخاً
- الدوغماتيكي رغم أنفه
- -النقلة باعتبارها تمرداً في الأدب: سليم بركات في روايته الجد ...
- أهي نهاية المرأة ؟
- منغّصات الترجمة
- الكردي الرشيد: رشيد كرد
- مغزل الكردي
- هل يصلح الرمز الديني موضوعاً للسخرية؟
- الدولة العشائرية الموقَّرة
- دولة قوية دون شعبها


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم محمود - ما هو أبعد من العلم العراقي