أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مليكة بنضهر - عندما نفقد دور الثقافة؟














المزيد.....

عندما نفقد دور الثقافة؟


مليكة بنضهر

الحوار المتمدن-العدد: 7159 - 2022 / 2 / 11 - 19:55
المحور: الصحافة والاعلام
    


تعتبر كلمة الثقافة من بين إحدى الكلمات الأكثر تعقيدا في اللغة الإنجليزية بحسب رايموند وليامز، إلا أن ثمة مجموعة من التعريفات الحديثة باعتبارها -أي الثقافة- تعني "تهذيب النفس" أو "الفن والحضارة" أو مجموعة القيم والأفكار لأفراد في مجتمع ما، وهي جلها تلتقي ربما مع ما قاله قبل ذلك، مالك بن نبي، حينما قال :"إن الثقافة هي مجموعة القيم التي يكتسبها الفرد في بيئته ومحيط".
المثقف هو الذي يؤمن بدروه التنويري في المجتمع ويُبرِز المشكلات الكُبرى التي تواجهه، لأن مسألة كشف المستور عن القضايا ليست بالأمر اليسير ولا يستطيع أي كان حلها فالمثقف يلعب دوراً أساسياً في ذلك. فبحسب أنطونيو غرامشي، فإن المثقف الذي لا يتحسس آلام شعبه لا يستحق لقب المثقف.
المثقف اليس الذي يرهق مسامع الناس بالمفاهيم الرنانة التي تجري على اللسان باستمرار ان كان بين ذوي الاختصاص ، وحتى وإن كانت موجهة لعامة الناس فهي استعراض للعضلات، وسقوط المثقف في هكذا فخ يؤدي إلى أن يقبع وراء تلال من الكتب وبالتالي لا يمكنه الإلمام بكل جوانب الحياة ومواكبة تفاعلاتها مع الناس وحيث كما يقال أن المثقفون بيننا قليلون والمتعلمون هم كثر فإن وليم شكسبير يؤكد أن المثقف وحده يعيد النظر في نفسه كل يوم، ويعيد النظر في علاقته مع العالم ومع الأشياء كلما تغير شيء في حياته.
فالمثقف الحقيقي هو الذي يتصف بالشجاعة الفكرية والأدبية ويقتحم التابوهات، ولا يعتمد الفكر الجاهز بل يعتمد التمحيص والتحري، ويراعي الموضوعية فيلتزم بقراءة الناقد لا بقراءة المتلقي العادي حيث لا يسقط ضحية للبديهيات بل ينحى الى التغيير.
ومحمد عابد الجابري في سرده لدور المثقف الناقد ينظر إليه بكونه الطليعي حامل الشعلة التي تكشف المسار لـ"الجماهير"، وبكونه الأعمق ثقافة ودراية بالمآلات الكبرى للمجتمعات والمصالح الأنانية لنخبها الحاكمة. المثقف هو قلب العملية التنويرية والتعريفية بالاختلالات البنيوية التي تحتاج إلى معرفته العميقة وذكائه ثم شجاعته لكشفها وفضحها وحشد الجماهير ضدها وضد المنتفعين بها. ويتبقى أمامنا المثقف الناقد المطلوب وجوده إنسانيّاً وعربيّاً لأنه يعتمد النقد والابستمولوجيا على حساب الإيديولوجيا حتى لو كان متمثلاً لإحداها.
إن مخاضات الربيع العربي بينت عن أزمة ثقافية وجودية تجلت في صورة المثقف الذي يعيش حالة فراغ قيمي وأخلاقي، يسقطه منذ الوهلة الأولى في تبني شعارات وايديولوجيات مسرطنة لم تكن إلا مضللة ولم تساهم ولا تساهم أيضا إلا في تشويه الواقع وبالتالي تغذية التناقضات التي لا حصر لها، وكما يقول عالم الاجتماع المصري عبد الوهاب المسيري أن: المثقف الذي لا يترجم فكره إلى فعل لا يستحق لقب المثقف" والاختبار الواقعي للمثقف ينبني على مدى إيمانه بتنظير نضالاته الفكرية بحسب إنسانيته وحريته وكرامته.
إن الثقافة صناعة لمساحات من الحضارة والتي بإمكانها بناء الإنسان والسماح له بالارتقاء نحو الإنسانية، وحالات السقوط تلك تكشف بالملموس مدى زيف النخب وانتهازيتها، وحالة العزلة التي تعيشها بعيدا عن هموم الشارع وقضاياه، وفي المقابل كشفت هذه الأزمة عن هذا السقوط الأخلاقي والتنميط وحالات الاستقطاب التي زجت بمعظم المثقفين في أثونها، يعني بكل بساطة أن «الثقافة الجادة»، تختلف بين الناس و بين الأزمنة وبين فئات المجتمع، وأن فكرة الثقافات الجادة في عمقها فكرة سلطوية بالأساس لأنها تتم بشكل ممنهج ومؤسسي: في المدارس وفي الجامعات وفي إلخ…وبالتالي ما من جدة في الثقافة في المطلق.
وعالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة، يشير إلى أن ما يهيمن في أشكال الصراع هو الصراع الثقافي، وقد تناول هذا الموضوع أيضاً الباحث الأمريكي صاموئيل هنتجتون في كتابه "صراع الحضارات"، والذي أثار جدلاً واسعاً حول مفاهيم الحضارة الكونية والعلاقة بين القوة والثقافة، فهو يرى أن التمييز بين الشعوب لا يستند إلى المعطيات السياسية والإيديولوجية فقط، بل أن المقياس الثقافي هو الأهم وكلما تراكمت المعارف يزداد استيعاب الثروة الثقافية استيعاباً إيجابيا يواكب متطلبات العصر ويحقق بالتالي الانتقال نحو آليات اشتغال تسمو وتعلو على كل شيء.
ذة.مليكة بنضهر
11/02/2022



#مليكة_بنضهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما نفقد دور الثقافة؟


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - مليكة بنضهر - عندما نفقد دور الثقافة؟